السلطات التركية تعتقل 7 مواطنين يشتبه في تجسسهم على فلسطينيين لصالح الموساد
أفادت صحيفة موالية للحكومة أن محققين أتراك خاصين راقبوا طلاب ومغتربين، مما وفر لإسرائيل المعلومات اللازمة لشن "حملات تشهير" ضدهم
اعتقلت القوات التركية عدة مواطنين هذا الأسبوع للاشتباه في قيامهم بالتجسس على فلسطينيين في البلاد بأمر من إسرائيل، وفقا لوسائل إعلام تركية.
ذكرت صحيفة “ديلي صباح”، وهي صحيفة يومية مقربة من الحكومة، يوم الأربعاء أن جهاز المخابرات الوطني التركي وشرطة اسطنبول أوقفوا 44 شخصا، مع اعتقال سبعة منهم.
ومن بين المشتبه بهم محاضر جامعي ورجل معروف بالأحرف الأولى I.Y، والذي أسس جمعية للمحققين الخاصين الأتراك في عام 2007، بحسب التقرير.
لم يتم القبض على أي إسرائيلي في القضية، التي تأتي في الوقت الذي يعيد فيه البلدان إحياء العلاقات الفاترة منذ فترة طويلة.
وكانت السلطات تحقق مع المشتبه بهم – وهم محققون أتراك خاصون – لمراقبة الفلسطينيين الذين يدرسون في تركيا، بما في ذلك بعض الطلاب في المجالات المتعلقة بالأمن وإنتاج الأسلحة. ويُزعم أن المشتبه بهم نقلوا معلومات إلى وكالة التجسس الإسرائيلية الموساد.
وبحسب صحيفة “ديلي صباح”، قال المشتبه بهم للمحققين إن المعلومات التي قدموها سمحت للموساد بشن حملات تشهير على الإنترنت ضد المغتربين والطلاب الفلسطينيين.
ولا تزال السلطات تبحث عن 13 مشتبها به آخر.
وامتنعت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن التعليق على التقرير.
وقال حاي إيتان كوهين ياناروجاك، الباحث التركي في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن “هذه هي العلاقات الجديدة المتناقضة. بينما نرى من ناحية مسؤولين أتراكًا يقفون أمام الكاميرا بجانب المسؤولين الإسرائيليين والعلم الإسرائيلي، في الوقت نفسه تذكرني الاعتقالات الأخيرة بتصريحات وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو الأخيرة حول عدم التخلي عن الفلسطينيين”.
وخلال العام الماضي، أعلن جاويش أوغلو، الحليف المقرب للرئيس رجب طيب إردوغان، مرارًا وتكرارًا أن دعم أنقرة الصريح لدولة فلسطينية لن يتأثر بتحسين العلاقات مع إسرائيل.
في مايو 2018، استدعت تركيا سفيرها وطلبت من سفير إسرائيل المغادرة احتجاجًا على رد إسرائيل على أعمال الشغب على حدود غزة، والتي قُتل فيها عشرات الفلسطينيين.
وفي أغسطس من هذا العام، أعلنت إسرائيل وتركيا تجديدا كاملا للعلاقات الدبلوماسية. وقال جاويش أوغلو في ذلك الوقت إن عودة السفراء “مهمة لتحسين العلاقات الثنائية… كما قلنا دائما، سنواصل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين”.
وقال كوهين إن “ما نراه هو أن السلطات التركية تحمي الفلسطينيين الذين يعيشون في تركيا. هذه رسالة واضحة جدا لإسرائيل، أن التطبيع لا يعني أنه يمكنكم العمل ضد الفلسطينيين داخل الأراضي التركية”.
ونقطة الخلاف الرئيسية المعلقة بين القوتين الإقليميتين هي مكتب حماس في اسطنبول، الذي تصر أنقرة على أنه لا يتعامل إلا مع الأنشطة السياسية. وتتهم إسرائيل حماس باستخدام مركزها في تركيا لتوجيه هجمات وطالبت علانية بإغلاق المكتب.
وقالت سفيرة إسرائيل في تركيا إيريت ليليان لتايمز أوف إسرائيل في أغسطس: “إنه لا يزال هناك، ويشكل عقبة كبيرة”.
وفي أكتوبر 2021، نشرت صحيفة “ديلي صباح” مقال شبيه. وتم تنفيذ سلسلة من الاعتقالات في أعقاب عملية للمخابرات التركية استغرقت عام وشملت حوالي 200 ضابط استخبارات تركي تعقبوا 15 جاسوسا مزعوما لصالح الموساد.
وذكر التقرير إن المشتبه بهم، الذين ورد أنهم من أصول عربية، عملوا في مجموعات من ثلاثة أشخاص. والتقى البعض مع عملاء الموساد في كرواتيا وسويسرا، حيث تم تبادل المعلومات. كما تلقوا أوامر في العاصمة الرومانية بوخارست ونيروبي في كينيا. وذكرت الصحيفة أن المجموعات الخمس عملت في مناطق مختلفة من البلاد.
ونفى عضو الكنيست رام بن باراك، النائب السابق لمدير الموساد ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع القوية في الكنيست، في ذلك الوقت أن يكون أي من الرجال الخمسة عشر عملاء للموساد.
وكانت إسرائيل حليفا إقليميا لتركيا منذ فترة طويلة، قبل اقتحام كوماندوز للجيش الإسرائيلي عام 2010 سفينة “مافي مرمرة” المتوجهة إلى غزة، وهي جزء من قافلة بحرية هدفت لخرق الحصار، وأسفرت عن مقتل 10 نشطاء أتراك بعد مهاجمتهم لجنود إسرائيليين صعدوا على متن السفينة.
وعلى الرغم من الاعتذار الرسمي لرئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو، قام إردوغان باتهام اسرائيل بـ”الحفاظ على روح هتلر حية” خلال عملية الدرع الواقي في يوليو 2014.
وعلى الرغم من التحسن المعتدل في العلاقات، سحبت الدولتان سفرائهما بعد أن وجه إردوغان تهم “إرهاب الدولة” و”الإبادة الجماعية” لإسرائيل عندما قُتل عشرات الفلسطينيين في أعمال شغب في غزة في 14 مايو 2018، وهو يوم تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المثيرة للجدل لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
ووسط إشارات دبلوماسية تشير إلى سغي إردوغان إلى تحقيق انفراج مع إسرائيل، زار الرئيس إسحاق هرتسوغ أنقرة في رحلة رسمية في مارس، وتم الترحيب به في العاصمة بموكب عسكري كامل.
من المحتمل أن إردوغان كان يسعى إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل لتقليل العزلة السياسية والاقتصادية المتزايدة لتركيا. وتراجعت العملة التركية في السنوات الأخيرة، مما ترك البلاد في حالة اضطراب اقتصادي، مع انتخابات مقررة لعام 2023.
كما ظهر التنسيق المتجدد بين إسرائيل وتركيا بعد أن عملت قوات الأمن من كلا البلدين معًا لمنع مؤامرة اغتيال إيرانية على الأراضي التركية في يوليو. وقامت القوات التركية بتعقب واعتقال العملاء الإيرانيين أثناء محاولتهم خطف وقتل سياح إسرائيليين في اسطنبول في هجوم انتقامي على اغتيال إسرائيل المزعوم لشخصية عسكرية إيرانية رفيعة المستوى في مايو.
وقد يهدف إردوغان إلى استخدام العلاقات المتجددة كنقطة انطلاق في مساعيه لتطوير خط أنابيب غاز يسمح لإسرائيل نقل الغاز الطبيعي مباشرة إلى تركيا للمعالجة في محاولة لتقليل اعتماد تركيا على الغاز الروسي.