ترشيحات ترامب تمهد الطريق لصدام جديد بين مؤيدي الضم ومؤيدي التطبيع
يعود الرئيس الأمريكي المنتخب إلى البيت الأبيض مع خطط لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، لكن المروجون لضم الضفة الغربية ما زالوا يصرون على القيام بذلك على مدى السنوات الأربع المقبلة
احتفل زعماء المستوطنين بفوز دونالد ترامب في الانتخابات، حيث رأوا في صعوده فرصة لإسرائيل لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
“أدعو رئيس الوزراء وحكومة إسرائيل إلى توسيع البناء على الفور في جميع أنحاء يهودا والسامرة مع تطبيق السيادة على نصف مليون يهودي يعيشون هنا”، قال يوحاي دمري، رئيس مجلس هار حفرون الإقليمي في جنوب الضفة الغربية.
وأضاف يوسي داغان رئيس مجلس السامرة الإقليمي في شمال الضفة الغربية “أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فرصة تاريخية… لإلغاء جميع أوامر تجميد البناء وربما نتمكن أخيرًا من تطبيق السيادة [على الضفة الغربية]”.
هذه التصريحات صدرت بعد فوز ترامب بالانتخابات الأولى في عام 2016.
وشهدت السنوات الأربع التالية توسيعا غير مسبوقا في بناء المستوطنات. ولكن تم تعليق الجهود الرامية إلى ضم تلك المستوطنات نتيجة لتوسط إدارة ترامب في اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، حيث وافقت الإمارات العربية المتحدة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل تعليق إسرائيل لخطط الضم لمدة أربع سنوات.
ومع عودة ترامب إلى منصبه عند انتهاء هذه المهلة، أنصار الضم واثقون مرة أخرى في أن وقتهم قد حان.
توقع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن يكون عام 2025 “عام السيادة في يهودا والسامرة”، وأعلن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن الآن هو “وقت السيادة، وقت النصر الكامل، وقت تشريع قانون عقوبة الإعدام للإرهابيين”، والعديد من التشريعات الأخرى التي رأى أن ترامب لن يعارضها.
وقد تعزز موقف اليمين المتطرف عندما اختار ترامب حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي ليكون سفيره لدى إسرائيل، في أحد ترشيحاته الأولى في الأسبوع الذي أعقب الانتخابات. وقال هاكابي، وهو مناصر قديم لحركة الاستيطان، الشهر الماضي إن ترامب قد يدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية.
ولكنه أضاف تحذيرا مهما “أنا لن أصنع السياسة، بل سأنفذ سياسة الرئيس”.
ولم يعلق ترامب على قضية الضم، لكنه أوضح أنه يرغب في استئناف عمله على اتفاقيات إبراهيم. وقال في مقابلة أجريت معه في أكتوبر “إذا فزت، فسوف يكون ذلك في رأس الأولويات”.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ترامب أن والد صهره مسعد بولس سيشغل منصب مستشاره الأول للشؤون العربية والشرق الأوسط. وسيعمل رجل الأعمال اللبناني الأمريكي مع مبعوث ترامب الآخر إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لدفع اتفاقيات إبراهيم إلى الأمام؛ وسيعطي بولس الأولوية للعلاقات مع الدول العربية، بينما سيعمل ويتكوف بشكل أكثر مباشرة مع إسرائيل، وفقًا لما ذكره مصدر مطلع على الأمر لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وفي مقابلة مع صحيفة “لوبوان” الفرنسية يوم الأربعاء، قال بولس إن إدارة ترامب ستبدأ بالتركيز على التوصل إلى اتفاق مع المملكة السعودية. وأضاف “لأننا نعلم جيدًا، وقد قال الرئيس ذلك، أنه بمجرد التوصل إلى اتفاق مع السعودية وإسرائيل، ستكون هناك اثنتي عشرة دولة عربية على الأقل مستعدة على الفور لاتباع نفس النهج”.
وسعت إدارة بايدن إلى التوسط في هذه الصفقة، لكنها تعثرت في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر والحرب التي أعقبته في غزة. وقد علقت الرياض المفاوضات وتطالب الآن بإقامة دولة فلسطينية بدلا من الخطوات الأكثر تواضعًا لتعزيز احتمالات حل الدولتين التي طالبت بها قبل.
وحتى لو تراجعت الرياض عن هذا الطلب عند عودة ترامب إلى منصبه، قال مسؤولان عربيان لتايمز أوف إسرائيل إن الرياض لن تقبل بأقل من الالتزام الذي تلقته الإمارات من إسرائيل في عام 2020 بخصوص الضم.
وأكد بولس أن القضية الفلسطينية ستكون جزءاً من المفاوضات الأميركية مع السعودية.
وقال بولس لصحيفة لوبوان “أعتقد أن قضية خريطة الطريق التي من شأنها أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية تشكل جزءاً مهماً من المناقشات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية… ولكن من المهم أن نتذكر أن المملكة العربية السعودية لا تطالب بإنشاء دولة فلسطينية اليوم. بل إنها تطلب برؤية وخريطة طريق تؤدي لذلك – هذا كل شيء”.
وأشار بعد ذلك إلى خطة ترامب للسلام لعام 2020، والتي تتضمن أيضًا إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف، مما يشير إلى أن الرئيس المنتخب لا يزال يؤيد ذلك.
وقال مبعوث ترامب السابق لإيران بريان هوك، الذي يقود فريق انتقال السلطة في وزارة الخارجية، ذلك في مقابلة أجريت معه الشهر الماضي، رغم أنه أقر بأن شهية إسرائيل لحل الدولتين قد تضاءلت منذ السابع من أكتوبر.
وقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطة مع بعض التحفظات بعد ظهوره إلى جانب ترامب في البيت الأبيض للكشف عن الاقتراح، في حين أبدى زعماء المستوطنين غضبهم إزاء تضمين الخطة لخارطة طريق نحو إقامة دولة فلسطينية.
وكانت السلطة الفلسطينية أسرع في رفض مقترح ترامب، الذي عرض كنقطة انطلاق للمفاوضات خريطة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بكل مستوطناتها بينما تقدم للفلسطينيين عاصمة خارج القدس.
وقال مسؤول فلسطيني لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن رام الله “تعلمت دروسها” بشأن كيفية العمل مع إدارة ترامب بعد قطع العلاقات في عام 2017 في أعقاب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال المسؤول الفلسطيني إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس استأنف الاتصالات مع ترامب، وأجرى الزعيما مكالمة “دافئة للغاية” الشهر الماضي.
وردا على سؤال عما إذا كان عباس مستعدًا لقبول خطة ترامب للسلام كنقطة انطلاق للمفاوضات، لم يستبعد المسؤول الفلسطيني هذا الاحتمال.
وحذر أحد المسؤولين العرب من أن الرفض قد يدفع الإدارة المقبلة إلى المضي قدمًا في صفقة تطبيع مع سعودية لا تقدم الكثير للفلسطينيين، واستجابة ترامب لدعوات مساعديه لدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية.
وفيما يتعلق بما إذا كان ترامب سيعطي الأولوية لاتفاق التطبيع مع السعودية بدلا من ضم إسرائيل للضفة الغربية، أقر الدبلوماسي العربي بأنلا يعلم.
وأضاف أن “الناس يحاولون تحليل كل تعيين، ولكن في نهاية المطاف، سيكون الرئيس ترامب هو الذي يتخذ القرار، ولا يمكن توقع” قراراته.
وردا على سؤال عما إذا كانت إدارة ترامب ستدعم الضم، قال بولس لصحيفة لوبوان إنه لم يتم تحديد السياسة بشأن هذه المسألة، وأضاف “ما أستطيع أن أقوله هو أنه اعتبارًا من 20 يناير، ستكون هناك سياسة واضحة للغاية ومحددة للغاية بشأن هذا الموضوع، والتي سيتعين علينا جميعًا احترامها”.