ترامب يعين صهره الأمريكي من أصل لبناني مستشارا رفيعا لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط
مسعد بولس تربطه علاقات مع أطراف مؤيدة ومناهضة لحزب الله في لبنان، ومن المتوقع أن يعمل مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لتوسيع اتفاقيات إبراهيم وإنهاء الحروب في المنطقة
قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يوم الأحد إنه اختار رجل الأعمال الأمريكي اللبناني مسعد بولس مستشارا رفيعا لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط.
نجل بولس، مايكل، متزوج من تيفاني ابنة ترامب. ولعب رجل الأعمال والمحامي دورا أساسيا في توسيع نطاق دعم ترامب بين الأمريكيين العرب والمسلمين في انتخابات الشهر الماضي، مرددا تعهد زعيم الحزب الجمهوري بإنهاء الحروب في غزة ولبنان.
ومن المرجح أن يعمل بولس إلى جانب ستيف ويتكوف، الذي عينه ترامب الشهر الماضي مبعوثا خاصا له إلى الشرق الأوسط.
وقال مصدر مطلع على الأمر لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن ويتكوف سيتعامل بشكل مباشر أكثر مع إسرائيل، في حين سيكون بولس رجل ترامب في الدول العربية. خلال حملته الانتخابية وعد الرئيس بتوسيع “اتفاقيات إبراهيم” التي توسط فيها في نهاية فترة ولايته الأولى، والتي شهدت تطبيع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب العلاقات مع إسرائيل.
وعمل بولس أيضا كقناة اتصال بين ترامب ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث قام بتسليم رسالة كتبها الأخير إلى المرشح الجمهوري آنذاك يدين فيها محاولة اغتياله في شهر يوليو. وأعاد ترامب الرسالة إلى عباس مع مذكرة أعرب فيها عن شكره.
ثم التقى بولس بعباس شخصيا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، وفي وقت سابق من هذا الشهر، قام بتنسيق أول مكالمة هاتفية بين الزعيمين منذ أكثر من سبع سنوات، هنأ خلالها عباس ترامب على فوزه في الانتخابات.
وفي منشور على منصة Truth Social للإعلان عن اختياره، وصف ترامب بولس بأنه “قائد يحظى باحترام كبير في عالم الأعمال، ويتمتع بخبرة واسعة على الساحة الدولية”.
وتابع ترامب: “لقد كان مناصرا منذ فترة طويلة لقيم الجمهوريين والمحافظين، وكان مصدر قوة لحملتي، وكان له دور فعال في بناء تحالفات جديدة هائلة مع الجالية العربية الأمريكية. إن مسعد هو صانع صفقات ومؤيد ثابت للسلام في الشرق الأوسط”.
وهذه هي المرة الثانية في الأيام القليلة الماضية التي يختار فيها ترامب أحد أصهاره لمنصب في إدارته.
وأعلن ترامب عن اختياره قطب العقارات تشارلز كوشنر، والد جاريد كوشنر زوج ابنة ترامب، ليشغل منصب السفير الأمريكي لدى فرنسا.
وفي الأشهر القليلة الماضية، أطلق بولس حملة لصالح ترامب بهدف حشد دعم الأمريكيين اللبنانيين والعرب رغم تأييد الولايات المتحدة للحملة العسكرية الإسرائيلية على جماعة حزب الله اللبنانية.
ويتمتع بولس بجذور قوية في كل من الولايات المتحدة ولبنان.
وكان والده وجده من الشخصيات البارزة في السياسة اللبنانية بينما كان حماه من الداعمين الرئيسيين لحركة التيار الوطني الحر، وهي حزب مسيحي متحالف مع حزب الله.
وفي نوفمبر 2022، تزوج مايكل بولس، نجل مسعد بولس، وتيفاني ترامب في حفل كبير في منتجع ترامب مار الاجو في فلوريدا، بعد خطبتهما في حديقة الورود بالبيت الأبيض خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
وقالت ثلاثة مصادر تحدثت مع بولس في الأشهر القليلة الماضية إنه كان يتواصل مع أطراف من مختلف أطياف المشهد السياسي اللبناني متعدد الأقطاب، وهي خطوة نادرة في بلد يعاني من انقسامات عميقة بين الفصائل على مدار عقود.
وأضافت أن اللافت للنظر بصفة خاصة هو قدرته على الحفاظ على العلاقات مع حزب الله، وهي جماعة شيعية مدعومة من إيران تشغل عددا كبيرا من المقاعد البرلمانية ولها وزراء في الحكومة اللبنانية.
ولدى بولس علاقة صداقة مع سليمان طوني فرنجية، الحليف المسيحي لحزب الله ومرشحه للرئاسة اللبنانية. وذكرت المصادر أن بولس على تواصل أيضا مع حزب القوات اللبنانية، وهو فصيل مسيحي مناهض بشدة لحزب الله، كما أن له علاقات مع مشرعين مستقلين.
وقال أرون لوند، الباحث في مؤسسة “سينشري فاونديشن” للأبحاث، إن بولس لديه فرصة جيدة للتأثير في سياسة ترامب في الشرق الأوسط، بعدما نهض بدور صغير لكنه مؤثر في توسيع قاعدة دعم ترامب بين الناخبين العرب الأمريكيين والمسلمين خلال الحملة الانتخابية.
وذكر لوند “بولس، من خلال ماضيه السياسي في لبنان، لا يبدو أنه يمتلك رؤية واضحة أو خطة جيوستراتيجية كبرى، لكنه يظهر طموحا سياسيا وهو من بين شبكة من الحلفاء الذين قد يبدون استثناء ملفتا ضمن دائرة ترامب”.
وُلد بولس، الملياردير الذي له علاقات تجارية واسعة في نيجيريا، في لبنان لكنه انتقل إلى تكساس في سن المراهقة، والتحق بجامعة هيوستن، وحصل على شهادة في القانون وعلى الجنسية الأمريكية.
وقال مسؤولون وداعمون لحملة ترامب لرويترز إن من ضمن أسباب فوز ترامب في الانتخابات بولاية ميشيجان مساهمة بولس في جذب بعض الناخبين من بين 300 ألف أمريكي من أصول عربية ومسلمة في الولاية، الذين كان يدعمون بايدن بشكل كبير في 2020 لكنهم عارضوا سياساته المتعلقة بإسرائيل وغزة ولبنان.
وقال رابيل شوهدري، المؤسس المشارك لمجموعة “موسلمز فور ترامب” (مسلمون من أجل ترامب) “نهض بولس بدور كبير في الوصول إلى الناخبين المسلمين”.
ومنذ سبتمبر أيلول، بدأت حملة ترامب بعقد اجتماعات أسبوعية، سواء مباشرة أو افتراضية عبر تطبيق زووم، مع العديد من زعماء المجتمع المدني ورجال الأعمال من الأمريكيين العرب والمسلمين.
وأمضى بولس أسابيع في ميشيجان وبنسلفانيا وولايات أخرى تضم أعدادا كبيرة من الأمريكيين العرب والمسلمين، مؤكدا خلال لقاءات خاصة استغل فيها علاقاته برجال أعمال أمريكيين من أصل لبناني أن ترامب ملتزم بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط.
وقال بولس لرويترز في مقابلة قصيرة بعد الانتخابات إن حملة ترامب أنفقت عشرات الملايين من الدولارات على الجهود المبذولة لحشد الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين.
وحصل ترامب على تأييد أئمة مسلمين ورئيس بلدية هامتراميك المسلم، وهي بلدة قرب ديترويت وتضم عددا كبيرا من السكان الأمريكيين العرب، بالإضافة إلى الجالية البنجلادشية الكبيرة، وسعى لخطب ود الأمريكيين من أصول عراقية وألبانية وآخرين.
ورغم أن الأحداث في لبنان كان لها دورا، فإن الاقتصاد شكل عاملا أيضا. وقال بولس إن العرب والمسلمين المحافظين كانوا قلقين بشأن ما اعتبروه “أيديولوجية اليسار المتطرف” التي يتبناها الديمقراطيون، بما في ذلك دعم حقوق المتحولين جنسيا.
قد يحصل بولس بدوره الجديد على النفوذ السياسي الذي لم يستطع تحقيقه في لبنان. وقالت مصادر في لبنان إن بولس خاض انتخابات برلمانية قصيرة في عام 2018 مع مرشحين موالين لحزب الله، لكنه لم يتحالف بشكل ثابت مع أي حزب بعينه.
وينحدر بولس من عائلة أرثوذكسية يونانية، وهو ما يحد من فرص تقلده دورا أكبر من مستوى عضوية البرلمان في الحكومة اللبنانية. ولا يتولى منصب الرئيس، أكبر منصب مسيحي في البلاد، إلا الكاثوليك الموارنة.
وقال أحد المصادر إن بولس لم يزر لبنان في السنوات الأربع الماضية على الرغم من اعتياده زيارة البلاد من حين لآخر.