ترامب يعلن إنسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران
مشيرا إلى المعلومات الإستخباراتية الإسرائيلية، الرئيس الأمريكي ينتقد بحدة الاتفاق ’المعيب’ ويتعهد بفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على طهران
واشنطن – أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران يوم الثلاثاء، منفذا بذلك أحد وعوده خلال الحملة الإنتخابية ومتحديا حلفاءه الأوروبيين الذين طالبوه بالبقاء بالاتفاق الذي قالت وكالات دولية إن إيران ممتثلة له.
في خطاب مرتقب ألقاه من غرفة الاستقبال الدبلوماسية في البيت الأبيض، انتقد ترامب بحدة الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل اليه في عهد سلفه باراك أوباما واصفا إياه بال”معيب” وبأنه غير قادر على كبح السلوك الإيراني أو وقف سعي الجمهورية الإسلامية لتطوير برنامج نووي.
وقال ترامب “أعلن اليوم عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران”، مضيفا أن إدارته ستقوم “بوضع أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية”.
وجاءت تصريحاته قبل الموعد الذي حدده هو في 12 مايو للانسحاب من الاتفاق، وهو الموعد الذي من المفترض أن يقوم به الرئيس بتجديد المصادقة على رفع العقوبات عن إيران كما تنص خطة العمل المشتركة، وهو الاسم الرسمي للاتفاق النووي.
وشدد ترامب على أن العقوبات ستُطبق أيضا على دولة أخرى تقوم بالتعامل مع إيران، ما يعني أنه سيكون بإمكان الولايات المتحدة فرض عقوبات على أقرب حلفائها الأوروبيين. وقال ترامب “لن تكون أمريكا رهينة للابتزاز النووي”.
وقال أيضا إن خطوته المثيرة للجدل هي مؤشر على أن “الولايات المتحدة لن تقوم بتوجيه تهديدات فارغة بعد اليوم”، وأضاف “عندما أقدم وعودا، أوفي بها”.
في شهر يناير، صادق ترامب على الاستمرار في رفع العقوبات للمرة الثالثة في رئاسته، لكنه قال إنه لن يقوم بهذا الإجراء مرة أخرى ما لم يعدل الكونغرس وحلفاؤه الأوروبيون الاتفاقية.
منذ ذلك الحين، سعى المفاوضون الدوليون من دون نجاح يُذكر إلى إدخال تغييرات على الاتفاق، في حين رفضت طهران أدخال أي تعديلات على بنوده.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، مارس قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا ضغوطا على الرئيس الأمريكي لإقناعه بعدم الانسحاب من الاتفاق، في حين قام رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو بحملة دؤوبة للتقليل من مصداقية الاتفاق.
في الأسبوع الماضي، قدم نتنياهو عرض “باوربوينت” شرح فيه تفاصيل مجموعة من الوثائق نجح الموساد في الحصول عليها حول محاولات إيران السرية لتطوير ترسانة نووية. الرئيس ترامب قال إن الوثائق التي عرضها نتنياهو تثبت أنه كان “محقا 100 بالمئة” في شكوكه وكراهيته للاتفاق.
ولطالما وصف ترامب خطة العمل الشاملة المشتركة بأنها “أسوا صفقة تم التفاوض عليها” وبأنها رمز للضعف الأمريكي.
ولمح ترامب قبل ساعات من إعلانه إلى نيته التراجع عن ما يُعتبر واحدا من الانجازات الرئيسية لإدارة أوباما في السياسة الخارجية.
في رد على تقارير ذكرت مؤخرا أن وزير الخارجية السابق جون كيري التقى مؤخرا بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في محاولة لانقاذ الاتفاق، غرد ترامب: “لا يمكن لجون كيري تقبل فكرة أنه كانت لديها فرصة وأفسدها! ابتعد عن المفاوضات يا جون، فإنت تضر بلدك!”
وقال أعضاء في إدارة أوباما كانوا ساعدوا في إبرام الاتفاق الدولي لصحافيين قبل خطاب ترامب، الذي كان من المتوقع أن يعلن فيه عن انسحابه من الاتفاق، إن عواقب الانسحاب قد تكون وخيمة.
وقالت ويندي شيرمان، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية خلال فترة أوباما والتي كانت كبيرة المفاوضين الأمريكيين في المفاوضات على الاتفاق “يمكن أن تبدأ إيران بطريق عودتها إلى الحصول على سلاح نووي”، وأضافت “يرفع ذلك من خطر صراع في الشرق الأوسط، ويمكن أن يعرض قواتنا للخطر في كل مكان، ويضع أيضا الأمريكيين المحتجزين لدى إيران في خطر أكبر، وسيضعف تحالفنا مع أوروبا، وكذلك مع روسيا والصين، المهمة في المفاوضات مع كوريا الشمالية. هذه أزمة يثيرها ترامب بنفسه”.
في خطابه، قال ترامب “كان من الممكن بسهولة التوصل إلى اتفاق بنّاء في ذلك الوقت، لكن ذلك لم يحدث”، مضيفا أن الاتفاق الذي تلى ذلك سبب “حرجا كبيرا لي كمواطن ولجميع مواطني الولايات المتحدة”.
وكما فعل في الماضي، انتقد ترامب بنود الغروب في الاتفاق، التي تسمح بنفاذ صلاحية بعد القيود المفروضة على برنامج إيران النووي بعد فترة من الزمن، معتبرا أنها غير مقبولة. إلا أنه قال يوم الثلاثاء أن هذه البنود قادت إيران إلى “الحافة النووية” وبأنه “إذا سمحت لهذا الاتفاق بالبقاء، سيكون هناك قريبا سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط”.
وقال أيضا أن الاتفاق هو اتفاق يسمح لإيران باجتياز العتبة النووية، ولا يمنعها من ذلك.
وقال “من الواضح لي أنه لا يمكننا منع قنبلة نووية إيرانية في إطار البنية المتعفنة والفاسدة للاتفاق الحالي”، وأضاف أن “الاتفاق مع إيران معيب بجوهره. إذا لم نفعل شيئا، نعرف بالضبط ما سيحدث”.
وراى ترامب أن إيران سترغب في نهاية المطاف بإعادة التفاوض على اتفاق آخر يلبي مطالبه – وهو ما قالت إيران إنها لن تفعله. “الحقيقة هي أنهم سيرغبون في التوصل إلى اتفاق جديد ودائم”، كما قال.
وحذر أنتوني بلينكين، وهو نائب سابق لوزير الخارجية في إدارة أوباما، من أن الخطوة ستمنح المتشددين في إيران عذرا لاستئناف سعيهم للحصول على أسلحة نووية، “ولكن من دون أن يكون هناك تحالف عالمي موحدة لصدهم، أو مفتشين على الأرض لكشفهم”، كما قال مضيفا أن ذلك يعني “أننا سنصل إلى نقطة سيكون فيها علينا العيش مع سلاح نووي إيراني أو الدخول في صراع”.
كما تكهن أيضا بأنه في حال قررت إيران وأوروبا التمسك بالاتفاق، على الرغم من رفض ترامب تجديد المصادقة على رفع العقوبات، فإن ذلك “سيجبر الإدارة في وقت ما على فرض عقوبات على أقرب حلفائنا لمنعهم من التعامل مع إيران”.
وأضاف “لذلك نحن على مسار تصادمي في اتجاهين”.