إسرائيل في حالة حرب - اليوم 502

بحث

ترامب يسعى للاستفادة من نجاح صفقة الرهائن بينما يستعد لأداء اليمين الدستورية

بعد أن ساعد تدخله في التوصل إلى اتفاق كان بعيد المنال لعدة أشهر، يواجه الرئيس الأمريكي المنتخب تحديًا أكبر في الحفاظ على وقف إطلاق النار بعد المرحلة الأولى

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في تجمع جماهيري حاشد في "كابيتال وان أرينا" في واشنطن العاصمة، 19 يناير 2025، قبل يوم من حفل تنصيبه. (Jim WATSON / AFP)
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في تجمع جماهيري حاشد في "كابيتال وان أرينا" في واشنطن العاصمة، 19 يناير 2025، قبل يوم من حفل تنصيبه. (Jim WATSON / AFP)

يبدو أن دونالد ترامب عازم على الاستفادة من نجاح اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة الذي ساعد في التوصل إليه حتى قبل توليه منصبه، عندما يؤدي اليمين الدستورية كالرئيس الـ47 للولايات المتحدة يوم الاثنين.

وهدد ترامب بـ”الجحيم” في الشرق الأوسط إذا لم تتم إعادة الرهائن بحلول موعد تنصيبه في 20 يناير. وفي حين وجه التهديد علناً إلى حماس، فإن مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أوضح خلال اجتماعه في 11 يناير مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن التهديد موجه إليه أيضاً، حيث طالب رئيس الوزراء بتقديم التنازلات اللازمة لتحقيق الاتفاق.

ويعتقد مسؤولون عرب مطلعون على المفاوضات أن الضغط كان حاسما في تحقيق الانفراجة التي أدت إلى الاتفاق، وفقا لتقرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل الذي شاركه ترامب بنفسه في وقت لاحق.

ولكن على الرغم من صعوبة إتمام الاتفاق ــ أكثر من سبعة أشهر بعد لأن كشف عنه الرئيس الأميركي جو بايدن لأول مرة ــ فإن الحفاظ على الاتفاق بعد المرحلة الأولى قد يكون التحدي الأكبر، نظرا للضغوط التي يواجهها نتنياهو لاستئناف الحرب لضمان عدم عودة حماس إلى السيطرة على غزة.

أظهر استطلاع للرأي بثته هيئة الإذاعة العامة “كان” يوم الجمعة أن 65% من الجمهور، وحتى أغلبية ناخبي الائتلاف، يؤيدون المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي بدأت يوم الأحد وستشهد إطلاق سراح 33 رهينة على مدى ستة أسابيع. ويؤيد 55% من الناخبين الالتزام بالاتفاق خلال مراحله الثلاث، الأمر الذي يتطلب من إسرائيل الموافقة على وقف إطلاق نار دائم في نهاية المرحلة الثانية. ولكن قالت أغلبية ناخبي الائتلاف (46%) إن إسرائيل يجب أن تستأنف القتال بعد المرحلة الأولى.

وقد أصر نتنياهو على مواصلة الحرب حتى تحقق إسرائيل هدفها المتمثل في تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية. وإذا نجحت القدس من إقناع حماس بالتنازل عن السيطرة على غزة بالكامل في المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية من الاتفاق، والتي من المقرر أن تبدأ في الثالث من فبراير، فقد أشار نتنياهو إلى أنه سيكون مستعداً لإنهاء الحرب. ولكن يبدو هذا السيناريو مستبعدا، وفي حال ترفض حماس الاستسلام، زعم رئيس الوزراء أنه تلقى تأكيدات من الرئيس الأميركي المنتخب بأن إسرائيل سوف تكون قادرة على استئناف القتال.

رومي غونين تلتقي بعائلتها في مستشفى تل هشومير في رمات غان، 19 يناير، 2025. (Maayan Toaf/GPO)

إشارات مختلطة

لكن يبدو أن ترامب وفريقه يرسلون إشارات متضاربة بشأن ما إذا كانوا سيدعمون هذه الخطوة أم لا.

وذكر ترامب أنه قال لنتنياهو خلال مكالمة الأسبوع الماضي: “استمر في فعل ما يجب عليك فعله”.

ولكنه أضاف بعد ذلك: “يجب أن ينتهي هذا الأمر. نحن نريد أن ينتهي”.

وقال مستشار الأمن القومي الجديد لترامب مايك والتز الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل إذا احتاجت إلى إعادة دخول غزة.

ولكن بعد يومين، ورد أنه أبلغ مجموعة من عائلات الرهائن أن الإدارة القادمة سوف تتأكد من تنفيذ المراحل الثلاث لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

وأعربت العائلات التي حضرت الاجتماع يوم السبت عن قلقها إزاء تعليقات وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الأخيرة، حيث قال إنه تلقى تأكيدات من نتنياهو بأن إسرائيل ستستأنف القتال بعد المرحلة الأولى، حسبما ذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي.

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الكنيست، القدس، في 31 ديسمبر 2024. (Chaim Goldberg/Flash90)

وهدد سموتريتش بإسقاط الحكومة إذا لم ينفذ نتنياهو تعهده.

وقد امتنع الوزير اليميني المتطرف عن القيام بذلك خلال المرحلة الأولى، مما يعطي نتنياهو مساحة مؤقتة للتنفس، ولكن قد يضطر رئيس الوزراء إلى الاختيار بين تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين، أو الحفاظ على حكومته.

“لحظات كثيرة من الإحباط”

ولقد ألمحت إدارة بايدن المنتهية ولايتها إلى أن رئيس الوزراء قد يختار الخيار الأخير.

وأشار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الجمعة إلى أن نتنياهو كان يقول شيئًا في المحادثات الخاصة مع إدارة بايدن ثم غالبًا ما يناقض نفسه بعد ذلك أمام جماهير أخرى من أجل ضمان بقاء حكومته.

وسُئل بلينكين خلال مقابلة مع مجلة النيويوركر عما إذا كان نتنياهو صادقا في مراسلاته مع الولايات المتحدة.

“في لحظة تلك المحادثات، نعم”، أجاب بلينكين ضاحكًا.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن (يسار) يلتقي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس، 19 أغسطس، 2024. (David Azagury/US Embassy Israel)

وأوضح بلينكن أن نتنياهو “يتصرف على عدة مستويات على أساس ما سيوصله إلى الغد ويحافظ على تماسك ائتلافه. قد يقول لي شيئًا ما، ثم اعتمادًا على الجمهور الذي يخاطبه بعد ذلك، ربما يتخذ الأمر منعطفًا مختلفًا بعض الشيء”.

وأضاف “هناك لحظات كثيرة من الإحباط… لكن عليك أن تبقي عينك على الهدف”.

تأثير ترامب

لقد دعمت إدارة بايدن تكثيف إسرائيل لحربها ضد إيران ووكلائها، الأمر الذي ساعد في عزل حماس وخلق الظروف الملائمة لصفقة الرهائن، ولكن لا يمكن تجاهل دور ترامب المفصلي في التوصل إلى الصفقة – الصفقة ذاتها التي فشل بايدن في إتمامها لعدة أشهر.

وقال ترامب في تجمع جماهيري في واشنطن يوم الأحد: “ما كان من الممكن أن يتحقق اتفاق وقف إطلاق النار الأسطوري دون انتصارنا التاريخي في نوفمبر”.

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يرقص بينما تؤدي فرقة Village People أغنية “YMCA” في تجمع جماهيري قبل تنصيب الرئيس، 19 يناير 2025، في واشنطن. (AP Photo/Alex Brandon)

وقال المسؤولون العرب الذين تحدثوا مع صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن ويتكوف نجح في التأثير على نتنياهو في اجتماعهما الوحيد أكثر مما نجح بايدن في التأثير عليه في محادثات لا حصر لها على مدار العام الماضي.

لكن هذا الضغط كان قادما فقط من ترامب وويتكوف، اللذان على الرغم من تعاطفهما الشديد مع إسرائيل، فدعمهما ليس أيديولوجياً.

لقد خاض ترامب حملته الانتخابية على أساس إنهاء الحرب، وأخبر نتنياهو بذلك سرا عندما التقيا في يوليو، وفاز بدعم عدد حاسم من الأميركيين العرب على هذا الأساس. ويبدو أن ويتكوف أيضا عازم على اتباع نهج أكثر توازنا، نظرا لتكليفه بتوسيع اتفاقيات إبراهيم، مما يتطلب إنهاء حرب غزة بشكل دائم وخلق أفق سياسي لا رجعة فيه للفلسطينيين.

وقال ويتكوف في تجمع حاشد في واشنطن العاصمة يوم الأحد: “اتفاقيات إبراهيم ليست مجرد اتفاقيات. إنها مخطط لمستقبل حيث السلام ليس استثنائيا، بل متوقعا”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلتقي مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في مكتبه في القدس، 11 يناير، 2025. (Prime Minister’s Office Spokesperson)

وذكرت شبكة إن بي سي نيوز يوم السبت أن ويتكوف يفكر في زيارة غزة، في إطار عمله على الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الناشئ الذي بدأ يوم الأحد.

وقال مسؤول انتقالي في الإدارة الجديدة لشبكة إن بي سي، “تذكروا، هناك الكثير من الناس، المتطرفين، المتعصبين، ليس فقط من جانب حماس، بل من الجناح اليميني في الجانب الإسرائيلي، الذين لديهم حوافز لنسف هذه الصفقة بأكملها”، موجها انتقادا نادرا لإسرائيل من مسؤول في إدارة ترامب، وإن كان مجهولا. “إذا لم نساعد سكان غزة، إذا لم نجعل حياتهم أفضل، إذا لم نمنحهم شعورا بالأمل، فسوف يكون هناك تمرد”.

ولكن ابتداءً من 20 يناير، سوف يكون ترامب محاطًا بمجموعة كبيرة من المساعدين الأكثر دعمًا إيديولوجيًا لإسرائيل، بما في ذلك والتز، والمرشح لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، والمرشح لمنصب السفير لدى إسرائيل مايك هاكابي، والمرشح لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث.

كان جميعهم صريحين للغاية في دعمهم لنتنياهو ومن المرجح أن يكونوا على استعداد لدعم أي قرار يتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي. من ناحية أخرى، أشار ترامب منذ فوزه بترشيح الحزب الجمهوري إلى دفء العلاقات مع رئيس الوزراء، ولكنه انتقد رئيس الوزراء بعد ولايته الأخيرة لتهنئته لبايدن على الفوز في انتخابات 2020، واتهمه بالانسحاب من عملية اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وأشار إلى أنه يشكل عقبة أكبر أمام السلام من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

شكوك ترامب الظاهرة اتجاه نتنياهو وقدرته المثبتة على الضغط عليه بنجاح عند الحاجة تشير إلى أن الرئيس الأمريكي السابع والأربعين سيكون أقل تقبلا من سلفه إذا استمر رئيس الوزراء في رفض دور السلطة الفلسطينية في حكم غزة مع رفضه تقديم أي بديل آخر لحكم حماس.

وعلى الرغم من دخول مجموعة كبيرة من المستشارين المؤيدين لإسرائيل إلى دائرة صنع القرار، والتي كانت تقتصر خلال الأسابيع الماضية على ترامب وويتكوف، فقد وضع الأخير نفسه على رأس الهرم بعد تحقيق صفقة الرهائن.

المستثمر العقاري ستيف ويتكوف يخاطب تجمع النصر للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في Capital One Arena في 19 يناير 2025 في واشنطن العاصمة. (SCOTT OLSON / GETTY IMAGES NORTH AMERICA / Getty Images via AFP)

وشكر ترامب ويتكوف علناً خلال التجمع مساء الأحد، حيث أشاد بمهاراته التفاوضية، معززًا بذلك نفوذ المستثمر العقاري في المنطقة.

ومن جانبه، أكد ويتكوف أن الفضل كله يعود لترامب.

وقال ويتكوف إن “التحديات التي نواجهها لا تزال كبيرة، ولكن الفرص كبيرة أيضا. وتحت قيادتك، السيد الرئيس، سنواصل توسيع دائرة السلام وتعزيز الشراكات وتعزيز الرخاء في مختلف أنحاء العالم”.

وذكرت شبكة سي بي إس نيوز أن ترامب لديه “هوس شديد” بالفوز بجائزة نوبل للسلام. وقال مساعد لترامب لم يكشف عن اسمه للشبكة إن الاهتمام بالجائزة عاد للظهور مع سعيه لإتمام صفقة الرهائن.

ويعتقد أن الحفاظ على وقف إطلاق النار بعد مرحلته الأولى سوف يعزز فرص فوز ترامب بالجائزة.

تجمع في “ناشيونال مول” بالقرب من نصب واشنطن التذكاري، يدعو الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى إعادة جميع الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة، 19 يناير 2025، في واشنطن. (AP Photo/Julio Cortez)

وقال والتز ومساعدون آخرون لترامب أيضًا إن الولايات المتحدة تريد استخدام وقف إطلاق النار في غزة كحجر أساس لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، والتوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد.

وطالبت الرياض بإنشاء مسار محدد زمنياً لا رجعة فيه نحو إقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما رفضه نتنياهو مراراً وتكراراً.

وقد يكون رئيس الوزراء، الذي رضخ للضغوط الأمريكية حتى عندما كان ترامب رئيسا منتخبا فقط، أكثر عرضة للضغوط عندما يعود ترامب إلى البيت الأبيض.

وقال ترامب يوم السبت: “لقد حققت إدارتنا القادمة كل هذا في الشرق الأوسط، في أقل من ثلاثة أشهر، دون أن نتولى الرئاسة – لقد حققنا أكثر … مما حققوه في أربع سنوات في الرئاسة”، واضعًا بذلك معيارًا عاليًا للسنوات الأربع القادمة.

اقرأ المزيد عن