ترامب: سنساعد سكان غزة “الجائعين” في الحصول على الغذاء، لكن حماس “تجعل الأمر مستحيلا”
الرئيس الأمريكي يقول إن سكان غزة "يتعرضون لسوء المعاملة" من قبل حماس، في وقت تعمل فيه إسرائيل على آلية مساعدات جديدة لمنع الاستيلاء عليها؛ بن غفير: المساعدة الوحيدة لغزة يجب أن تكون في الهجرة الطوعية

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين إن إدارته ستساعد في إيصال الغذاء إلى “الجائعين” في قطاع غزة وسط حصار إسرائيلي على دخول المساعدات دام أكثر من شهرين، لكنه أضاف أن حركة حماس تجعل ذلك “مستحيلا” عبر تحويل المساعدات الإنسانية لمقاتليها.
وقال ترامب للصحفيين خلال فعالية في البيت الأبيض: “سنساعد سكان غزة في الحصول على بعض الغذاء. الناس يتضورون جوعا، وسنساعدهم في الحصول على الطعام”.
ويدعي المسؤولون الإسرائيليون حتى الآن إن سكان غزة لا يعانون من المجاعة، وأن كمية المساعدات التي دخلت خلال هدنة استمرت ستة أسابيع كانت كافية لإعالة القطاع لفترة طويلة، رغم ادعائهم، على غرار ترامب، أن حماس تسرق المساعدات.
لكن بيانات وشهادات من داخل القطاع تشير إلى تفاقم أزمة الجوع وارتفاع معدلات سوء التغذية، بينما تعمل الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ نظام جديد لتوزيع المساعدات يهدف إلى منع استيلاء حماس عليها. وقالت منظمات إغاثة دولية اطّلعت على المبادرة الأحد إنها لن تتعاون معها، معتبرة أنها لا تعالج الأزمة الإنسانية بالشكل المناسب.
وقال ترامب: “الكثير من الناس يجعلون الوضع سيئًا جدًا. حماس تجعل الأمر مستحيلًا لأنها تأخذ كل ما يُدخل”.
وأضاف أن الفلسطينيين في غزة “يتعرضون لسوء المعاملة من قبل حماس”.

تتضمن الخطط الإسرائيلية لهجوم كبير ضد حماس، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن قبل انتهاء زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة الأسبوع المقبل، نقل السكان المدنيين الفلسطينيين نحو جنوب القطاع، ومهاجمة حماس، ومنع التنظيم من السيطرة على المساعدات الإنسانية، بحسب ما قاله مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإسرائيلية يوم الإثنين.
وأوضح المسؤول أن “الحصار” على دخول المساعدات الإنسانية سيستمر، و”لاحقًا فقط، بعد بدء النشاط العملياتي والإخلاء الواسع للسكان نحو الجنوب، سيتم تنفيذ خطة إنسانية”.
وأضاف أن الخطة تشمل تولي الجيش الإسرائيلي الأمن في منطقة في رفح جنوب محور موراغ الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، فيما تتولى شركات مدنية توزيع المساعدات على المدنيين الفلسطينيين. وأشار إلى أن من يدخلون “المنطقة المعقمة” في رفح سيخضعون لفحص أمني من قبل الجيش لمنع تسرب المساعدات إلى حماس.
وتقضي خطة إصلاح نظام إيصال المساعدات، التي أُقرت من قبل الحكومة مساء الأحد والتي كانت “تايمز أوف إسرائيل” أول من أورد تفاصيلها يوم الجمعة، بابتعاد الجيش عن نموذج التوزيع بالجملة والتخزين المركزي، واللجوء بدلا من ذلك إلى قيام منظمات دولية ومتعاقدين أمنيين خاصين بتسليم صناديق غذاء مباشرة إلى العائلات في غزة
ووفقا لمسؤولين إسرائيليين وعرب مطلعين على الخطة، فلن يشارك الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في عملية التوزيع، في ظل اعتراض رئيس الأركان الفريق إيال زمير؛ لكن الجنود سيتولون تأمين الحماية الخارجية للمتعاقدين الخاصين والمنظمات الدولية المكلفين بتوزيع المساعدات.
وأعلنت الأمم المتحدة في بيان الأحد أنها لن تشارك في الخطة بصيغتها الحالية، معتبرة أنها تنتهك مبادئها الأساسية.

وبحسب مذكرة صادرة عن هيئة “كوغات” المسؤولة عن تنسيق إدخال المساعدات إلى غزة، واطلعت عليها وكالة أسوشيتد برس، فإن جميع المساعدات ستدخل من معبر كرم أبو سالم، على متن نحو 60 شاحنة يوميا، وستوزع مباشرة على الناس. ويُذكر أنه قبل الحرب، كانت نحو 500 شاحنة تدخل غزة يوميا.
وأشارت المذكرة إلى أن تكنولوجيا التعرف على الوجوه ستُستخدم للتعرف على الفلسطينيين في مراكز اللوجستيات، كما سيتم إرسال رسائل نصية لإبلاغ الناس في المنطقة بموعد ومكان تسلّم المساعدات.
ولم ترد “كوغات” على طلب للتعليق فورًا.
وبعد إعلان إسرائيل نيتها فرض مزيد من السيطرة على توزيع المساعدات في غزة، أرسل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) رسالة إلكترونية إلى منظمات الإغاثة يحثّها على رفض أي “قيود قمعية على العمل الإنساني”.
وقالت الرسالة، التي ضدرت الإثنين واطلعت عليها وكالة أسوشيتد برس، إن هناك بالفعل آليات قائمة لضمان عدم الاستيلاء على المساعدات.
وكان المكتب قد قال سابقا إن الخطة ستترك أجزاءً كبيرة من السكان، بمن فيهم الفئات الأكثر ضعفا، من دون إمدادات. وقال أن الخطة “تبدو وكأنها مصممة لتكريس السيطرة على المواد الأساسية كأداة ضغط – ضمن استراتيجية عسكرية”.
وفي وقت سابق، أكد الأمين العام للمجلس النروجي للاجئين أن اقتراح الحكومة الإسرائيلية توزيع المساعدات الإنسانية في غزة على مراكز خاضعة لسيطرة الجيش “تخالف بشكل جوهري المبادئ الإنسانية”.
وقال يان إيغلاند لوكالة فرانس برس: “لا يمكننا ولن نفعل شيئا يخالف بشكل جوهري المبادئ الإنسانية”، مشيرا إلى أن “وكالات الأمم المتحدة وجميع المنظمات الإنسانية الدولية الأخرى رفضت هذا الاقتراح المقدم من مجلس الوزراء الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي”.

واعتبر رئيس المنظمة النروجية أن الحكومة الإسرائيلية “تريد عسكرة المساعدات والتلاعب بها وتسييسها من خلال عدم السماح بوصولها سوى إلى بعض المراكز في الجنوب، وهو نهج يتيح السيطرة على الناس ويجعل من المستحيل التحرك”.
وأضاف أن هذا “سيجبر الناس على الانتقال للحصول على المساعدات، مما سيطيل أمد المجاعة بين السكان المدنيين. لذلك، لن نشارك في هذا”.
وتابع “إذا حاول أحد الجانبين السيطرة على المساعدات المخصصة للمدنيين في الجانب الآخر والتلاعب بها وتقنينها، فهذا يتعارض مع جميع قيمنا”.
من جهته، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي كان العضو الوحيد في الحكومة الذي صوّت ضد خطة المساعدات، إن “المساعدة الوحيدة التي ينبغي أن تدخل إلى غزة هي من أجل الهجرة الطوعية، لتمكينهم من مغادرة القطاع طوعًا”.
وأضاف خلال اجتماع كتلة حزبه “عوتسما يهوديت” في الكنيست: “ما دام لدينا رهائن في الأنفاق، لا أفهم هذا النقاش أصلًا”.

وقال: “حتى عودة الرهائن، يجب ألّا يتلقى العدو أي طعام، أو كهرباء، أو أي شكل من أشكال المساعدة، لا من الجيش ولا من المجتمع المدني”.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 52,500 فلسطيني قُتلوا منذ اندلاع الحرب في غزة نتيجة هجوم 7 أكتوبر 2023.
ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، وهي لا تُميز بين المقاتلين والمدنيين. وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 20 ألف مقاتل حتى يناير، إضافة إلى 1600 مسلح داخل إسرائيل خلال هجوم حماس.
وقد شهد هجوم حماس اقتحام آلاف المسلحين جنوب إسرائيل، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأُسر 251 شخصا نُقلوا إلى غزة، لا يزال 58 منهم محتجزين، بينهم ما لا يقل عن 35 يُعتقد أنهم قُتلوا، إضافة إلى رفات جندي قُتل في القطاع عام 2014.
وقد بلغ عدد قتلى الجيش الإسرائيلي في الهجوم البري ضد حماس والعمليات العسكرية على حدود غزة 416.
ساهمت نوريت يوحنان في إعداد هذا التقرير