إسرائيل في حالة حرب - اليوم 533

بحث

تحقيق الشاباك: كان من الممكن منع أحداث السابع من أكتوبر لو تصرفنا بشكل مختلف

تقرير جهاز الأمن يلقي باللوم إلى حد كبير على هيئات أخرى، ويشير إلى تقسيم غير واضح للمسؤوليات بينه وبين الجيش الإسرائيلي وسياسات الحكومة الدفاعية تجاه غزة

فلسطينيون يقتحمون الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي بين إسرائيل وغزة أثناء غزو حماس لجنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. (Reuters/Mohammed Fayq Abu Mostafa)
فلسطينيون يقتحمون الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي بين إسرائيل وغزة أثناء غزو حماس لجنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. (Reuters/Mohammed Fayq Abu Mostafa)

نشر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) الثلاثاء ملخصًا لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، حيث اعترف رئيس الجهاز رونين بار بأنه لو تصرف الشاباك بشكل مختلف “لكان من الممكن تجنب المذبحة”.

ورغم أن التحقيق توصل إلى وجود إخفاقات داخلية خطيرة، إلا أنه أشار في الأغلب إلى عناصر خارجية.

وتضمنت الإخفاقات السياسية والأمنية الأكبر التي أشار إليها التقرير تقسيماً غير واضح للمسؤوليات بين الشاباك والجيش الإسرائيلي، وسياسة الحكومة الدفاعية بشكل مبالغ به فيما يتصل بغزة على مر السنين، وأن جهاز الشاباك غير ملائم لمواجهة عدو يشبه الجيش مثل حماس.

وقد أجريت التحقيقات ــ التي جاءت في أعقاب تحقيقات الجيش الإسرائيلي في إخفاقاته المحيطة بالهجوم ــ داخليا من قبل كل وحدة من وحدات الشاباك وفريق خارجي من كبار موظفي الوكالة السابقين وغيرهم من الخبراء، الذين قدموا سلسلة من النتائج والاستنتاجات والتوصيات.

وقال جهاز الأمن إن العديد من النتائج لا تزال سرية، لأنها يمكن أن تكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية يستخدمها الشاباك.

وتوصل التحقيق إلى أن الشاباك فشل في توفير تحذير من الهجوم واسع النطاق الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، حيث لم تؤدي الإشارات التحذيرية التي تلقاها الشاباك ليلة السادس من أكتوبر إلى اتخاذ إجراءات كبرى.

وتشمل المؤشرات قيام عناصر حماس في غزة بتفعيل 45 شريحة هاتف إسرائيلية بين عشية وضحاها، وهي مسألة تم تداولها على نطاق واسع، ولكن لم يتم تأكيد عدد الشرائح الدقيق حتى هذا التقرير.

مسلحون من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في طريقهم لعبور السياج الحدودي بين إسرائيل وغزة من خان يونس خلال الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر 2023. (Said Khatib/ AFP/ File)

في صباح السابع من أكتوبر، غزا نحو 5000 مسلح بقيادة حركة حماس جنوب إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.

ورغم أن فريقا صغيرا من ضباط النخبة من الشاباك والشرطة الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم تمكن من المساهمة في القتال، إلا أنهم لم يتمكنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنته حماس.

وأشار التحقيق إلى عدة أسباب تتعلق بالمهنية والإدارة، والتي ساهمت في الفشل.

وقال الشاباك أنه “تم فحص الإخفاقات التنظيمية بدقة وتم تعلم الدروس منها وما زلنا نتعلم منها”.

وبالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن الشاباك لم يقلل من خطورة حماس، بل على العكس، حيث كان لدى الجهاز “فهم عميق للتهديد، وكان لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد وخاصة قادة حماس”.

لماذا لم يحذر الشاباك من الهجوم؟

تم تقديم عدة أسباب لعدم إصدار الشاباك أي نحذير من الهجوم واسع النطاق الذي شنته حماس:

  • خطط حماس للغزو البري، والتي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تعرف باسم “أسوار أريحا”، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى عدة سنوات، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش والشاباك.
  • تقسيم غير واضح للمسؤوليات بين الجيش والشاباك حول الهيئة المسؤولة عن تقديم تحذيرًا من الحرب، في ظل تحول حماس من تنظيم مسلح إلى قوة عسكرية كاملة.
  • كان تركيز جهاز الشاباك منصبا على إحباط الهجمات، ولم تكن أساليبه ملائمة لمواجهة عدو يتصرف كجيش.

    فلسطينيون يتجهون نحو معبر ناحال عوز الحدودي مع إسرائيل، شرقي مدينة غزة، 7 أكتوبر 2023 (MAHMUD HAMS / AFP)
  • خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في “التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات”، فضلاً عن عدم اتباع العمليات للبروتوكول المعتاد، وعدم وجود “اندماج” مع الاستخبارات العسكرية.
  • كانت هناك فجوات في عمل آليات الرقابة على الاستخبارات.
  • كان التقييم هو أن حماس تحاول إثارة التوتر في الضفة الغربية، ولا تسعى إلى ذلك في قطاع غزة.
  • كان لدى الشاباك “فهم خاطئ” لقوة السياج الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.
  • لم يتم التشكيك في نوايا حماس المزعومة بشكل كافٍ خلال التقييمات.
  • قلة المعلومات المتوفرة نسبيا، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، وخاصة حرية العمل المستقل للشاباك. وقال جهاز الأمن إن العملية الاستخباراتية الفاشلة التي نفذها الجيش في خان يونس عام 2018 زادت من صعوبة تجنيد مصادر استخباراتية بشرية في غزة.

    فلسطينيون على الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي مع غزة خلال الهجوم بقيادة حماس على جنوب إسرائيل، 7 أكتوبر، 2023. (Reuters/Mohammed Fayq Abu Mostafa)

كيف تمكنت حماس من بناء قواتها

توصل تحقيق الشاباك إلى عدة أسباب مكنت حماس من حشد قواتها لتنفيذ هجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم:

  • كانت السياسة الإسرائيلية تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات الهدوء، الأمر الذي مكن حماس من بناء قوة هائلة.
  • تدفق الأموال من قطر إلى غزة وتسليمها للجناح العسكري لحركة حماس.
  • التآكل المستمر لقدرة الردع الإسرائيلية.
  • محاولة التعامل مع حركة مسلحة بالاعتماد على الإجراءات الاستخبارية والدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.
  • العوامل التي دفعت حماس إلى اتخاذ قرارها بتنفيذ الهجوم تشمل الثقل التراكمي للانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، ومعاملة الأسرى الفلسطينيين، والاعتقاد بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.
عناصر منظمة “زاكا” في مركز الطب الشرعي في قاعدة شورى العسكرية بالقرب من الرملة، حيث وصلت مئات جثامين ضحايا هجوم حماس. 13 أكتوبر 2023. (Nati Shohat/Flash90)

وفي بيان مصاحب، قال رئيس الشاباك رونين بار إن جهاز الأمن “لم يمنع مذبحة السابع من أكتوبر” و”بصفتي رئيسا للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي”.

وأضاف: “كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز الشاباك بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم – سواء على المستوى المهني أو الإداري – لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقعناه من أنفسنا، أو الذي توقعه الجمهور منا”.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هرتسي هاليفي (وسط الصورة) في مركز قيادة المخصص لإطلاق سراح الرهائن لدى حماس، في 25 يناير 2025، إلى جانب رئيس الموساد دافيد برنياع (يسار)، ورئيس الشاباك رونين بار (الثاني من اليسار)، والمسؤول عن ملف الرهائن اللواء (احتياط) نيتسان ألون (الثاني من اليمين)، واللواء (احتياط) يوآف مردخاي (يمين). كما يتواجد في الغرفة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء شلومي بيندر والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اللواء رومان غوفمان. (Israel Defense Forces)

وقال إن “التحقيق يظهر أن الشاباك لم يقلل من خطورة عدونا، بل على العكس، فقد أخذ زمام المبادرة، وسعى إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا”.

وأضاف بار أن التحقيق الحقيقي في هذه الإخفاقات يتطلب تحقيقا أوسع نطاقا يتضمن أيضا الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

وقال إن “الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة النطاق من الوضوح والحقيقة. لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الجهاز، بل وأيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، كجزء من الدروس المستفادة وكفرصة للتغيير الشامل. لكن الأمر يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في التواصل السياسي-الأمني، وإلا فإن الإخفاقات قد تعود في المستقبل”.

وأضاف: “أعتقد أن هذه المنظمة قوية ومستقرة ومتواضعة وقيمها أكثر مهنية مما كانت عليه عشية المذبحة”.

وفي مقدمة التقرير، كتب بار: “تم تقديم هذه الوثيقة إلى الجمهور ولعناصر الشاباك من أجل ضمان عدم تكرار الحدث مرة أخرى”.

وأضاف أن “تقرير الشاباك كتب برأس منحني أمام أولئك الذين أخذت حياتهم، وأولئك الذين أصيبوا في الجسد والروح، وأولئك الذين سُلبت حريتهم، والذين اختطفوا واحتجزوا بقسوة، وأولئك الذين تحمل عائلاتهم وأصدقاؤهم آلامهم وصعوباتهم معهم، وأولئك الذين أجبروا على ترك منازلهم”.

“نحن ملتزمون بإصلاح ما هو ضروري من أجل منع تكرار الكوارث الإضافية قدر الإمكان”.

اقرأ المزيد عن