تجميد مشروع قانون حصانة أفراد الأمن بعد تحذير المستشارة القضائية من احتمال تعريضهم للملاحقة القضائية في الخارج
وزير الشرطة يتهم بهاراف-ميارا بـ"معارضة" التشريع الذي يركز على الجنود "بشكل تلقائي"، والليكود يؤجل الدفع بمشروع القانون قدما لمدة أسبوع
تم تأجيل الخطط للدفع قدما باقتراح لمنح عناصر الأمن الإسرائيليين الحصانة من الملاحقة القضائية على أفعالهم خلال أنشطة عملياتية لمدة أسبوع، بعد أن حذرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا من أن مشروع القانون من شأنه تعريض أفراد أجهزة الأمن للملاحقة القضائية في الخارج ويشكل مخاطر جسيمة على العلاقة بين الجمهور الإسرائيلي وسلطات إنفاذ القانون.
وكان من المقرر أن يُطرح مشروع القانون، الذي قدمه عضو الكنيست تسفيكا فوغل من حزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف، وهو جنرال سابق في الجيش الإسرائيلي، على لجنة وزارية في وقت لاحق من اليوم لتحديد ما إذا كان سيحظى بدعم الإئتلاف الحاكم. بعد أن أصدرت بهاراف-ميارا رأيها، تم تعليق مشروع القانون حتى الأسبوع المقبل.
وحذرت المستشارة القضائية من أن “هذا الاقتراح يعرقل بشكل كبير واجب التحقيق في شبهات الاستخدام غير القانوني أو غير اللائق للقوة، وهو واجب يشكل جزءا من حماية سيادة القانون وحقوق الإنسان في دولة إسرائيل”.
وحذر منتقدون من أن التشريع قد يعرض أفراد الأمن للمحاكمة في الخارج، بما في ذلك في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إذا لم يعد المجتمع الدولي يعتبر أن إسرائيل تمتلك جهازا قضائيا داخليا معقولا للتعامل مع الاتهامات.
ويأتي الجدل بشأن مشروع القانون الذي قدمه النائب فوغل في الوقت الذي يدفع فيه الإئتلاف الحاكم بخطة مثيرة للجدل لإلغاء الضوابط القضائية على السلطة السياسية، وهي خطوة منفصلة يحذر منتقدوها من أنها قد تعرض هي أيضا أفراد الأمن والسياسيين للملاحقة القضائية في المحافل الدولية، إذا تم تقويض سيادة القانون الإسرائيلية.
وكررت المستشارة القضائية للحكومة هذه الحجج في رسالة وجهتها الأحد للجنة الوزارية للتشريع.
وكتبت “قد يأتي تطبيق الحصانة بخطر كبير على الجمهور وعلى دولة إسرائيل، وقد يكون له تداعيات بعيدة المدى على طريقة عمل النظام في إسرائيل، في العلاقة بين الفرد وممثلين مختلفين للحكومة”.
وأضافت بهاراف-ميارا “يُشكل الاقتراح أيضا خطرا على أفراد قوات الأمن أنفسهم، الذين سيكونون عرضة للتحقيق والملاحقة الجنائية في الخارج، فضلا عن مخاطر أكبر على حياتهم وسلامة أجسادهم كجزء من أنشطتهم العملياتية”.
وأشارت إلى أن إسرائيل طورت آليات “لتحقيق التوازن بين التحديات التي تميز النشاط العملياتي وأهمية واجب التحقيق في حالات الاستخدام غير القانوني أو غير اللائق للقوة من قبل قوات الأمن”.
وكتبت أن “الحصانة، كما هو مقترح، تغير بشكل جذري نقطة التوازن، وبالتالي تؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان والمصالح الأساسية الأخرى”، مضيفة أنها ليست “الأداة المناسبة لحماية هذه المصالح الهامة”.
سيضمن مشروع القانون للجنود وأفراد الشرطة وموظفي جهاز الأمن العام “الشاباك” وحرس الكنيست ومتطوعي الحرس الوطني وقوات أمن أخرى حصانة جنائية شاملة “لأعمال في سياق تنفيذ الواجبات، أثناء الأنشطة العملياتية، أو ضد أعمال الإرهاب”.
لا يقتصر الإجراء على منع الملاحقة الجنائية فحسب، بل سيحمي أيضا قوات الأمن من الاستجواب، لكن الحصانة لن تكون بأثر رجعي.
ومع ذلك، فإن مشروع القانون ينشئ آلية لتجريد الحصانة عن الأفعال التي يُحكم عليها بأنها “خبيثة أو سيئة النية”.
في إشارة إلى هذا البند، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يشرف على الشرطة ويقود حزب فوغل، إن مشروع القانون هذا “لا يحمي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة عمدا”.
إلا أن بهاراف-ميارا رأت أن اللجنة التي يقترحها مشروع القانون والتي ستُمنح صلاحية تجريد الحصانة لن تتمتع بخبرة قانونية لدراسة الحالات وتحديد ما إذا كان تم ارتكاب جريمة. “من هنا فإن الاقتراح لن يحقق توازنا بين الحاجة إلى دعم قوات الأمن واستغلال الحصانة لارتكاب أعمال غير مشروعة”، كما قالت.
واتهم بن غفير المستشارة القضائية بمعارضتها “بشكل تلقائي” لما أسماه “مبادرة من أجل جنود جيش الدفاع وضد عدونا”، كما تعهد بمواصلة الدفع بمشروع القانون قانون، وقد قلص تصميمه المهلة المخطط لها لتجميد مشروع القانون من شهر، كما طلب حزب “الليكود”، إلى أسبوع واحد فقط.
على الرغم من أن مصدرا مقربا من فوغل قال إن رأي المستشارة القضائية للحكومة كان قويا لدرجة أنه لا يتوقع أن يتم تمرير مشروع القانون في نهاية المطاف تحت إشرافها، إلا أن عوتسما يهوديت نفى وجود قرار نهائي بتجميده.
تم تضمين التشريع في الاتفاقات الإئتلافية لتشكيل الحكومة.
وتنص الملاحظات التفسيرية لمشروع القانون، المقترح في يناير، على أن الغرض منه هو “السماح لقوات الأمن بتنفيذ مهامها دون خوف” من المقاضاة. ويزعم مشروع القانون أن “جنود جيش الدفاع أصبحوا مشلولين في أداء مهامهم بسبب الخوف” من أن يتم تقديمهم للمحاكمة.
وبالمثل، حذر منتقدو الإصلاح القانوني الذي تقترحه الحكومة من أن الجهود المبذولة لتقييد سلطة محكمة العدل العليا ستنزع شرعية الدولة على الساحة الدولية.
وعارضت بهاراف-ميارا الإصلاح القضائي المخطط له، ودخلت في صدام مع نتنياهو بشأن ما إذا كان بإمكانه إشراك نفسه في التشريع المطلوب أم لا بسبب تضارب المصالح المزعوم نظرا لحاكمته الجارية في تهم فساد، وعارضت تشريعا لتخفيف القيود المفروضة على التبرعات للمشرعين، وحذرت من أن مشروع قانون يحد من الظروف التي يمكن بموجبها عزل رئيس الوزراء من منصبه سيخلق “ثقبا قانونيا أسود”.
في الشهر الماضي، بدا أن وزير العدل ياريف ليفين يهدد بإقالة بهاراف-ميارا في المستقبل، في الوقت الذي تجد الحكومة المتشددة نفسها باستمرار على خلاف مع أكبر ممثليها القانونيين.
وفي الشهر الماضي أيضا، قال العشرات من طياري سلاح الجو الإسرائيلي إنهم لن يلتحقوا بعد الآن بالخدمة أو لن يحضروا التدريبات احتجاجا على الخطة القضائية. وفقا للقناة 12، أعرب الطيارون، وهم جنود احتياط يواصلون أداء الخدمة الفعلية، لقائد سلاح الجو الإسرائيلي تومر بار عن مخاوفهم من أن سلوك الحكومة المتشدد قد يعرضهم للملاحقة القضائية من قبل هيئات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت هناك محاولات لتمرير مشاريع قوانين مماثلة على مر السنين، لكن الكنيست لم يوافق عليها.
وتدفع الحكومة بالفعل بتشريعات أخرى مثيرة للجدل تتعلق بالأمن، مثل عقوبة الإعدام لمنفذي الهجمات الذين يقتلون إسرائيليين.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل