تبني قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة بأغلبية ساحقة في الأمم المتحدة
استنكرت القدس موافقة الجمعية العامة على المبادرة الأردنية "الجديرة بالازدراء" التي لا تذكر حماس، وتتعهد يتحقيق هدفها المتمثل بالإطاحة بالحركة
صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة يوم الجمعة على قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة دون ذكر حركة حماس أبدا، مما أثار الإشادات من الحركة الإسلامية والإدانات من إسرائيل.
ودعا القرار إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح جميع المدنيين، وحماية المدنيين والمؤسسات الدولية، وضمان الدخول الآمن للمساعدات الإنسانية إلى القطاع.
والمبادرة ليست ملزمة، لكنها سلطت الضوء على الدعم الدولي الساحق للفلسطينيين وسط الحملة العسكرية الإسرائيلية ردا على هجوم حماس في 7 أكتوبر.
ورفضت إسرائيل الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة، قائلة إنها ملتزمة بإسقاط حماس لمنع هجوم ضخم آخر مثل الهجوم الذي وقع قبل ثلاثة أسابيع، عندما قُتل أكثر من 1400 إسرائيلي. كما احتجز مسلحون من غزة أيضا حوالي 230 شخصا كرهائن في القطاع، وأطلقوا سراح أربعة منهم منذ ذلك الحين.
وقد رفضت الولايات المتحدة أيضاً الدعوات لوقف إطلاق النار، معتبرة أن ذلك سيكون بمثابة انتصار لحماس، لكنها بدأت تقترح النظر في “وقفات إنسانية” للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة ولضمان المرور الآمن للمدنيين الذين يسعون إلى الفرار من المناطق التي يقصفها الجيش الإسرائيلي بشكل مكثف في حملته الجوية في أنحاء القطاع.
وتصر إسرائيل على أنها تستهدف فقط البنية التحتية لحماس ومسلحيها، لكن يعتقد أن العديد من المدنيين كانوا من بين القتلى. وتدعي وزارة الصحة في غزة أن ما يقارب من 7000 فلسطيني قتلوا من قبل إسرائيل، ولكن لا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، وهي تشمل أيضا المسلحين الفلسطينيين الذين قتلوا أثناء معارك مع الجيش الإسرائيلي وكذلك المدنيين الذين قُتلوا “نتيجة صواريخ طائشة أطلقتها الجماعات المسلحة”.
وصوتت 120 دولة لصالح القرار غير الملزم الذي قدمه الأردن، في حين صوتت ضده 14 دولة فقط – الولايات المتحدة، النمسا، كرواتيا، تشيكيا، فيجي، غواتيمالا، المجر، إسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا، ناورو، بابوا غينيا الجديدة، باراجواي وتونجا.
وامتنعت 45 دولة عن التصويت، بما في ذلك أستراليا، كندا، فنلندا، ألمانيا، اليونان، الهند، العراق، إيطاليا، اليابان، هولندا، بولندا، كوريا الجنوبية، السويد، تونس، أوكرانيا، والمملكة المتحدة.
وسعت كندا إلى إضافة تعديل إلى القرار ليشمل إدانة حماس، وأيد الاقتراح أغلبية الأعضاء، لكنه لم يحصل على أغلبية الثلثين اللازمة لاعتماده. وصوتت 88 دولة لصالح التعديل، وعارضته 55 دولة وامتنعت 33 دولة عن التصويت.
ووصف سفير الأردن لدى الأمم المتحدة التعديل بأنه محاولة “لغسل” “الفظائع” الإسرائيلية في غزة.
وأثار التصويت غضب إسرائيل، حيث أدان وزير الخارجية إيلي كوهين القرار “الجدير بالازدراء” وأصر على أن “إسرائيل تعتزم القضاء على حماس تماما كما تعامل العالم مع النازيين وداعش”.
ورفض السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان القرار بغضب، قائلا إن إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها.
وقال إردان: “هذا يوم أسود للأمم المتحدة وللبشرية”، متعهدا بأن إسرائيل ستستخدم “كل الوسائل” في القتال ضد حماس.
“اليوم هو اليوم الذي سيُعتبر عارًا. لقد شهدنا جميعا أن الأمم المتحدة لم تعد تتمتع ولو بذرة واحدة من الشرعية أو الأهمية”.
ورحبت حماس بالقرار ودعت إلى تنفيذه فورا، بما في ذلك البند الذي يدعو إلى دخول الوقود والمواد الإغاثية للمدنيين إلى قطاع غزة.
كما رحبت وزارة الخارجية التابعة للسلطة الفلسطينية المنافسة بالقرار، قائلة إنه مع وصول الحملة الإسرائيلية “إلى ذروة جديدة من الوحشية”، هناك “موقف دولي قوي يرفض العدوان الإسرائيلي المختل”.
وفي كلمة ألقتها قبل التصويت، انتقدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد القرار الأردني لعدم ذكر حماس.
وقالت توماس-غرينفيلد: “من الصادم أن هذا القرار لا يذكر مرتكبي هجمات 7 أكتوبر الإرهابية: حماس”.
وأشارت أيضا إلى أن القرار لا يتضمن كلمة “رهائن”، لكنه “يدعو إلى الإفراج الفوري عن جميع المدنيين، مطالبًا الحفاظ على سلامتهم ومعاملتهم بشكل إنساني بما يتوافق مع القانون الدولي”.
وأوضحت المبعوثة الأمريكية أنه لا يزال يتعين حماية المدنيين الفلسطينيين وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، على الرغم من أن إدارة بايدن لا تدعم وقف إطلاق النار.
ثم سلطت الضوء على قضية مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، الذي قُتلت زوجته وطفلاه وحفيده في غارة جوية إسرائيلية في وقت سابق من هذا الأسبوع.
“لا يجب أن نتجاهل آلام ومعاناة أشخاص مثل وائل الدحدوح… قلبي ينفطر على وائل. قلبي ينفطر على الجميع – جميع المدنيين الأبرياء المحاصرين في هذه الأزمة”، قالت.
وحظي سفير باكستان لدى الأمم المتحدة منير أكرم بتصفيقا حارا عندما قال إن مشروع القرار الذي صاغته الدول العربية لم يدين إسرائيل أو يذكرها كما لم يذكر أي طرف آخر. وقال أنه “إذا كانت كندا منصفة حقاً، فإنها ستوافق إما على إدانة الجميع – كلا الجانبين المذنبين بارتكاب جرائم – أو عدم إدانة أياً منهما كما فعلنا”.
وخلال اليوم الأول من مناقشة القرار الخميس، أيد كل المتحدثين تقريبا مشروع القرار الأردني، باستثناء إردان الذي قال أمام الجمعية: “وقف إطلاق النار يعني منح حماس الوقت لإعادة تسليح نفسها، حتى يتمكنوا من ذبحنا مرة أخرى”.
وعرض إردان مقطع فيديو لمسلح من حماس يحاول قطع رأس عامل تايلاندي باستخدام مجرفة خلال هجوم 7 أكتوبر، في خطاب تم استقباله بصمت.
إلا أن نظيره الفلسطيني رياض منصور حظي بتصفيق حار عندما أنهى كلمته، مما أبرز المزاج العالمي السائد في الوقت الحالي.
وقال منصور: “إذا لم توقفوه من أجل كل من قتلوا، أوقفوه من أجل كل من لا يزال بإمكاننا إنقاذ حياتهم”.
ساهمت وكالات في إعداد هذا التقرير