بينما يحث العالم حماس على قبول الاقتراح الأخير بشأن غزة، الحركة تشير إلى احتمال الرفض
قادة الحركة يواصلون الإصرار على أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يضمن إنهاء الحرب؛ في مذكرة للفصائل الفلسطينية، حماس تتهم إسرائيل بتغيير عرض بايدن
تزايدت المؤشرات يوم الخميس على أن حماس تعتزم رفض الاقتراح الإسرائيلي الأخير لاتفاق لإطلاق سراح الرهائن وهدنة في غزة، حيث كرر المسؤولون في الحركة إصرارهم على أن أي اتفاق يجب أن يضمن إنهاء الحرب، وهو مطلب رفضته إسرائيل مرارا وتكرارا.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن المحادثات التي يشارك فيها وسطاء قطريون ومصريون وأمريكيون بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار لا تزال جارية يوم الخميس لكنها لم تظهر أي علامات على تحقيق انفراجة.
بدأت المفاوضات يوم الأربعاء، عندما التقى رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ويليام بيرنز مع مسؤولين كبار من قطر ومصر في الدوحة لمناقشة اقتراح أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن دعمه له في الأسبوع الماضي. ووصف بايدن الخطة المكونة من ثلاث مراحل بأنها مبادرة إسرائيلية.
وقالت المصادر المصرية إن المحادثات في قطر تهدف إلى إيجاد صيغة يمكن أن تطمئن حماس بشأن مطالبتها بضمانات بأن يؤدي الاتفاق إلى وقف كامل للأعمال القتالية في قطاع غزة وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
وقالت إسرائيل إنها سترفض الموافقة على مثل هذه الضمانات.
وقال المسؤول الكبير في حركة حماس، سامي أبو زهري، يوم الخميس لوكالة “رويترز” إنه بينما ترحب الحركة بما “ورد على لسان بايدن” فإن حماس رأت ورفضت مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يستند إلى أحدث اقتراح يتعلق بعرض وقف إطلاق النار الإسرائيلي.
وقال “الوثيقة (الأمريكية)… ليس فيها أي إشارة إلى وقف العدوان والانسحاب”.
وأضاف “المقترح الإسرائيلي بيحكي عن مفاوضات مفتوحة بلا سقف وعن مرحلة يستعيد فيها الاحتلال أسراه ثم يستمر في الحرب. لقد أخبرنا الوسطاء أن هذه الورقة غير مقبولة”.
وذكر أبو زهري أن حماس ملتزمة بمقترحها الذي قدمته في الخامس من مايو والقائم على احتفاظ الحركة بسيطرتها على القطاع وإطلاق سراح عدد قليل جدا من الرهائن مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين – وهي خطة سارعت إسرائيل إلى رفضها.
يوم الأربعاء وزعت حماس وثيقة لجماعات فلسطينية أخرى ترفض فيها الاقتراح الإسرائيلي الأخير، حسبما ذكرت قناة “الشرق” الإخبارية السعودية.
بحسب حماس فإن الورقة الإسرائيلية “مختلفة جوهريا” عن الاقتراح الذي أعلن عنه بايدن يوم الجمعة.
وتقول الوثيقة إن الورقة الإسرائيلية “لا تضمن وقفا دائما لإطلاق النار”، وتسمح للطرف الإسرائيلي بالحصول على “الشريحة التي تهمه من الأسرى، ثم يستأنف حرب الإبادة ضد شعبنا”.
في سعيه لكسر الجمود الطويل في المفاوضات، أعلن بايدن الأسبوع الماضي عن بعض تفاصيل الاقتراح الإسرائيلي الأخير، وهي خطوة فاجأت إسرائيل إلى حد كبير.
بحسب “الشرق”، قالت حماس في المذكرة إنها رحبت بداية باقتراح بايدن “لأنه يوفر الأسس اللازمة للوصول إلى اتفاق يحقق الوقف الدائم لإطلاق النار، وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع، وتدفق كميات كبيرة من المساعدات، وعودة النازحين، وإعادة الإعمار، وتبادل الأسرى”.
وأضافت الحركة أنها مستعدة لقبول أي اتفاق يضمن تلك المطالب، ولن تقبل أي اتفاق “لا ينص صراحة على وقف إطلاق النار الدائم”.
كما أصرت على أن يضمن بايدن قبول إسرائيل للشروط المنصوص عليها في خطابه في البيت الأبيض.
وقد أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرارا على أنه لن يقبل أي صفقة رهائن تمنع إسرائيل من استكمال هدفها الحربي المتمثل في القضاء على حماس، التي قادت هجوم 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل الذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 251 آخرين ونقلهم إلى غزة.
ولقد صادق كابينت الحرب الذي يترأسه نتنياهو على اقتراح لصفقة رهائن من شأنه أن ينهي الحرب إذا تم تطبيقه بالكامل، على الرغم من أن رئيس الوزراء يؤكد بعبارات لا لبس فيها أنها ستسمح لإسرائيل بتحقيق أهداف الحرب التي وضعتها– بما في ذلك الإطاحة بحماس – قبل ذلك.
ألغى نتنياهو اجتماعين لكابينت الحرب ومجلس الأمن القومي كان من المقرر عقدهما مساء الخميس، حسبما قال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء ل”تايمز أوف إسرائيل”، دون تقديم تفسير.
يوم الأربعاء، قالت مصادر في حماس لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية إن “إسرائيل تتلاعب”.
وأضافت المصادر “تريد [إسرائيل] هدنة مؤقتة، ثم ستستأنف الحرب (…) إنهم يستخدمون نصوصا غامضة وقابلة للتفسير والتأويل”.
ودعا زعماء الدول التي لديها مواطنون محتجزون في غزة يوم الخميس حماس إلى الموافقة على الاقتراح الذي أعلنه بايدن.
وقال قادة العالم في بيان “ليس هناك وقت لنضيعه. ندعو حماس إلى إبرام هذا الاتفاق، الذي تبدي إسرائيل استعدادها للمضي قدما فيه، والبدء بعملية إطلاق سراح مواطنينا”.
وجاء في الرسالة التي وقّعها زعماء الولايات المتحدة، والأرجنتين، والنمسا، والبرازيل، وبلغاريا، وكندا، وكولومبيا، والدنمارك، وفرنسا، وألمانيا، و بولندا، والبرتغال، ورومانيا، وصربيا، وإسبانيا، وتايلاند، وبريطانيا: “لقد حان الوقت لإنهاء الحرب وهذا الاتفاق هو نقطة البداية الضرورية”.
يوم الأربعاء، قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن المفاوضات مع حماس “لن تتم إلا تحت إطلاق النار”.
وأضاف “نحن في عملية سنواصل فيها إنهاك العدو”.
في غضون ذلك، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بيان الأربعاء أن الحركة ستتعامل “بجدية وإيجابية” مع أي اتفاق لوقف إطلاق النار يرتكز على وقف كامل للحرب وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.
لقد وضعت الولايات المتحدة الكرة في ملعب حماس، من خلال تسليط الضوء مرارا وتكرارا على أن العرض الإسرائيلي يكاد يكون مطابقا للاقتراح الأخير الذي قدمته الحركة.
وأضاف فريق التفاوض الإسرائيلي بقيادة رئيس الموساد دافيد برنياع – الذي تم منحه التفويض من قبل نتنياهو ولكنه سعى مرارا وتكرارا إلى توسيع مجال المناورة من أجل تأمين صفقة – بندا جديدا إلى اقتراحه الأخير يهدف إلى كسر الجمود.
الاقتراح قائم على هدنة تستمر لمدة ستة أسابيع في المرحلة الأولى يتم خلالها إطلاق سراح من تبقى من الرهائن على قيد الحياة من النساء والمسنين والمرضى. خلال هذه المرحلة أيضا، سيجري الطرفان محادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار. ينص البند الإضافي على أن المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار يمكن أن تمتد إلى ما بعد الأسابيع الستة المخصصة في البداية إذا كانت المفاوضات من أجل وقف دائم لإطلاق النار مستمرة بحسن نية.
وظل هذا البند مبهما بطريقة كان الوسطاء يأملون أن ترضي الجانبين بما يكفي لحملهم على الأقل على الموافقة على المرحلة الأولى من الصفقة.
وقد ألقت الولايات المتحدة بثقلها وراء هذا الاقتراح الإسرائيلي، فأرسلت رئيس وكالة المخابرات المركزية بيرنز ومنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى المنطقة لمحاولة إتمام الصفقة.
والتقى بيرنز الأربعاء في الدوحة برئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل. التقى الوسيطان الأخيران بعد ذلك مع وفد من حماس للضغط أكثر على الحركة لقبول الاقتراح الإسرائيلي، حسبما قال مسؤول مطلع على الأمر ل”تايمز أوف إسرائيل”.
وفي الوقت نفسه، وصل ماكغورك الى القاهرة لعقد اجتماعات إضافية مع المسؤولين المصريين لنفس الهدف على جدول الأعمال. وقد كُلفت قطر ومصر بمهمة جلب حماس إلى طاولة المفاوضات، حيث تتمتع الدوحة بقدرة التأثير على زعماء حماس في الخارج، الذين تستضيفهم على أراضيها، في حين تتمتع مصر بنفوذ على قيادة حماس في غزة بسبب حدودهما المشتركة.
وقال المسؤول إن الوسطاء يتوقعون أن تقبل حماس اسميا الاقتراح الإسرائيلي بينما ستضع سلسلة من التحفظات التي ستؤدي إلى إطالة أمد المحادثات.
وذكر مسؤول إسرائيلي إن كابينت الحرب الإسرائيلي اجتمع مساء الأربعاء وناقش الاتفاق بشكل أكبر، لكنه قرر تأجيل إرسال فريقه المفاوض إلى الدوحة حتى تقدم حماس ردها على الاقتراح.
ويُعتقد أن 120 رهينة اختطفتهم حماس في 7 أكتوبر ما زالوا في غزة. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل 41 من الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، مستندا إلى معلومات استخباراتية ونتائج حصلت عليها القوات العاملة في غزة.
ساهم في هذا التقرير إيمانويل فابيان وجيكوب ماغيد.