بن غفير يقف وبيده وقود أمام شرارة الأقصى
المؤسسة الأمنية تسعى إلى تجنب التصعيد المحتمل في الحرم القدسي خلال شهر رمضان والسماح للفلسطينيين الإسرائيليين بالزيارة دون قيود، وهذا يتطلب تحييد بن غفير
الانفجار في الحرم القدسي لم يكن سوى مسألة وقت: تقرير دانا فايس الليلة الماضية في أخبار القناة 12، والذي أفاد أن كابينت الحرب سحب من وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير الصلاحيات المتعلقة بزيارة المسلمين للحرم القدسي في شهر رمضان، أشعل القضية الحساسة حتى قبل أن تطأ قدم مصلي واحد المسجد الأقصى.
في الأيام الأخيرة، أكد المسؤولون الأمنيون أن قضية الحرم القدسي، التي أصبحت أكثر حساسة من أي وقت مضى هذا العام، لا يمكن أن تبقى خاضعة لقرارات بن غفير السياسية، ويجب التعامل معها بنظرة واسعة تشمل جميع الأطراف – وخاصة ذوي الخبرة.
ألمح مسؤول أمني كبير تحدث أمس مع موقع زمان إسرائيل العبري التابع لتايمز أوف إسرائيل إلى أن شؤون الحرم القدسي ستدار بحكم الأمر الواقع بالكامل على يد المؤسسة الأمنية الخاضعة لإشراف كابينت الحرب. وبحسب المصدر، ستكون هناك قيود مشددة فيما يتعلق بهوية المصلين في الحرم القدسي، ولكن سيتم النظر في تخفيف القيود باستمرار بحسب الأوضاع.
وتتمثل السياسة المشار إليها في إجراء تقييم للأوضاع في نهاية كل يوم صلاة من قبل جميع الأطراف – شرطة إسرائيل، الشاباك والجيش الإسرائيلي – ومن ثم تحديد عدد وهوية المصلين الذين سيدخلون الحرم في اليوم التالي. والهدف من هذه الخطوة هو إنشاء سياسة مرنة، تسمح – في الأيام الهادئة – بتخفيف القيود المفروضة على المصلين.
وهذا يلغي مبدأ القيود الصارمة على عدد المصلين الذي يصر عليه بن غفير. ومن المفترض أن تؤثر التخفيفات أو التشديدات للقيود على عدد المصلين وأعمارهم. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم فرض هذه القيود على الفلسطينيين من الضفة الغربية فقط، وليس على المواطنين العرب في إسرائيل، الذين على الأرجح ألا يخضعوا لأي قيود، باستثناء القيود على عدد المصلين لإعتبارات السلامة.
بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل الحفاظ على الهدوء في المسجد الأقصى، ستبدأ الشرطة الإسرائيلية والشاباك الأسبوع المقبل في التعامل مع المتطرفين الذين عادة ما يثيرون التوترات. ولم يستبعد المسؤول الذي تحدثنا إليه احتمال لجوء إسرائيل أيضا إلى استخدام الاعتقالات الإدارية، لكن هذه ستعتبر الملاذ الأخير. وسيكون تسلسل الإجراءات على النحو التالي: محادثات تحذيرية، يليها الإبعاد من القدس، والاعتقال الإداري في نهاية المطاف فقط.
وخيار آخر يتم النظر فيه كجزء من سياسة المرونة هو تغيير تركيبة المصلين بشكل يومي. وفي الأيام التي يعم فيها الهدوء، سيتم زيادة حصة المصلين الداخلين من الضفة الغربية – على حساب الإسرائيليين أحيانا – بما يتناسب مع القيوود على عدد المصلين في الحرم. وقال مسؤول أمني مطلع على تفاصيل الخطة لزمان إسرائيل “المبدأ التوجيهي هو عدم فتح جبهة أخرى”.
وعادة ما تذكر هذه الأمور في سياق فرض قيود على المصلين المسلمين، ولكنها تذكر هذا العام في سياق معاكس تماما، وذلك لتسهيل دخول الحرم قدر الإمكان، وخاصة للفلسطينيين الإسرائيليين.
المؤسسة الأمنية لا تقول ذلك صراحة، لكن حقيقة عدم تكرار أحداث “حارس الجدران” عام 2021 في المجتمع العربي في إسرائيل تتطلب ردا إيجابيا من السلطات للحفاظ على هذا التوجه.
ومن المفترض أن تناقش الحكومة الموسعة الأسبوع المقبل السياسة المتبعة خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان. وسارع بن غفير الليلة الماضية إلى مطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برفض علني لتقرير دانا فايس، وقال:
“أتوقع من رئيس الوزراء أن ينفي التقرير الذي يفيد بأنه، فيما يتعلق بقضية جبل الهيكل، قرر اتباع مفهوم بيني غانتس القائل بأن السلام يتحقق بالخضوع للإرهاب، وحول نيته نقل صلاحيات وزير الأمن القومي إلى كابينت المفهوم”.
ويبدو أن بن غفير لا يسعى لتوضيحات سياسية فحسب، بل يريد (خاصة) إذلال رئيس الوزراء، كما فعل بعد نشر التقرير الخاطئ عن تسليم 1500 بندقية للسلطة الفلسطينية. واضطر نتنياهو حينها إلى نفي التقارير بنفسه لتجنب الأزمة السياسية الذي هدد بن غفير بإحداثها في الائتلاف.
هذه رسالة ممتازة لقاعدة بن غفير: فهو يحمي المصالح في الحرم القدسي بينما رئيس الوزراء ينجر خلف “كابينت المفهوم”، كما يسمي كابينت الحرب.
رمضان عام 2024 يشكل اختبارا آخرا للعلاقة بين نتنياهو وبن غفير. هنا أيضا، كما هو الحال في صياغة صفقة الرهائن، يجب على رئيس الوزراء أن يتخذ القرارات كقائد، وليس كسياسي.
نتنياهو يعرف احتمالات انفجار الحرم القدسي، وبالتالي سيتعين عليه الاختيار بين الانصياع لنزوات وزير مبتدئ يمكن أن تكون كارثية على المستوى الاستراتيجي، أو للمؤسسة الأمنية وكابينت الحرب.