بن غفير ومتظاهرون يخططون لتنظيم صلاتين متضادتين في ميدان ديزنغوف مثيرين انتقادات واسعة
سياسيون من اليمين، من ضمنهم رئيس الوزراء، يحضون على خفض ألسنة اللهب بعد المواجهات في يوم الغفران، ولبيد يحث الناشطين على البقاء بعيدا؛ رئيس البلدية يهدد بمنع أنشطة منظمة "روش يهودي" في المستقبل
قال نشطاء من معسكرين خصمين يوم الثلاثاء إنهم يعتزمون إقامة طقوس صلاة في ميدان ديزنغوف في تل أبيب هذا الأسبوع، وسط تداعيات مستمرة في أعقاب مواجهات اندلعت هناك في يوم الغفران بين نشطاء علمانيين وأشخاص تجمعوا هناك للصلاة.
وأثار إعلان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عن نيته هو وأعضاء آخرين من حزبه اليميني المتطرف “عوتسما يهوديت” بالصلاة في الميدان بعد ظهر الخميس، انتقادات من قبل أعضاء بارزين في كتلته اليمينية. كما أثار حدث صلاة مضاد تنظمه حركة “قوة كابلان” وحركات احتجاجية أخرى انتقادات داخلية حيث سعت الأصوات على جانبي الانقسام الديني والسياسي إلى تخفيف التوترات.
في الوقت نفسه، هددت بلدية تل أبيب بوقف السماح لمنظمة “روش يهودي”، المجموعة الأرثوذكسية التي نظمت صلاة يوم الغفران، التي تحولت إلى احتجاجات صاخبة ومواجهات غاضبة في يوم يعتبره معظم اليهود الإسرائيليين مقدسا.
وينظر البعض إلى هذه الأحداث على أنها دليل جديد على التأثير الممتد للصراع المجتمعي الذي أطلق له الإصلاح القضائي الذي تدفع به الحكومة العنان، والذي امتد إلى مجالات متعددة من الحياة وتداخل مع رؤى متباينة لطابع البلاد.
واندلعت مواجهات يوم الغفران مساء الأحد ويوم الاثنين بعد أن حاول المنظمون الحفاظ على الفصل بين الرجال والنساء أثناء الصلاة وفقا لمتطلبات الشريعة اليهودية الأرثوذكسية.
منعت بلدية تل أبيب المنظمين من “روش يهودي” من وضع حاجز كما فعلت في صلوات سابقة تنظمها في الشوارع منذ عام 2020. وأكدت المحكمة العليا حق البلدية في ذلك في حكم على الالتماس الذي قدمه المنظمون .
قامت منظمة “روش يهودي”، وهي منظمة غير ربحية تقول إنها تشجع التزام اليهود بشكل أكبر بالهلاخاه، بتركيب إطار من الخيزران تتدلى منه الأعلام الإسرائيلية من الجانب العلوي، والذي قالت إنه يلتزم بالهالاخاه دون انتهاك قواعد المدينة.
وكتب رئيس بلدية تل أبيب رون حولدئي على فيسبوك أن الإطار ينتهك القانون، وبينما لم تقم الشرطة بإزالة إطار الخيزران، قام المتظاهرون الغاضبون بسحبه وتحطيمه بينما تبادل الجانبان العبارات الغاضبة.
يوم الثلاثاء، أرسلت البلدية لـ”روش يهودي” رسالة تحدد فيها الانتهاكات المزعومة للتصريح الذي مُنح للمنظمة لتنظيم صلاة يوم الغفران، وأضافت أنها “تدرس” عدم السماح بمنح تصاريح لطلبات “روش يهودي” لتنظيم أنشطة في المستقبل، حسبما ذكرت أخبار القناة 12.
يوم الثلاثاء، قال بن غفير في مقطع فيديو نشره على منصة X: “أقول لهؤلاء الفوضويين الذين حاولوا طرد المصلين في يوم الغفران – أنا وأصدقائي من عوتسما يهوديت قادمون يوم الخميس إلى نفس المكان، دعونا نراكم تحاولون طردنا”.
في رد ظاهري، أعلنت عدة مجموعات تنظم بانتظام احتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية أنها ستنظم أيضا صلاة في ميدان ديزنغوف عند غروب الشمس يوم الخميس.
وكُتب في إعلان للحدث الذي شاركته عدة حركات احتجاجية، من ضمنهما “قوة كابلان” و “وبناء بديل”، على وسائل التواصل الاجتماعي “صلاة جماعية في ميدان ديزنغوف من أجل الديمقراطية ووحدة إسرائيل”. وجاء في الإعلان أن الصلاة لن تتضمن فصلا بين الجنسين.
وانتقدت شخصيات بارزة متعددة من الأوساط الصهيونية المتدينة التي يتبع لها بن غفير نيته لإقامة صلاة جماعية.
وقال سيمحا روتمان، وهو مشرع من حزب “الصهيونية المتدينة” اليميني المتطرف وأحد كبار المشرفين على الإصلاح القضائي للحكومة، تصرفات بن غفير بأنها “غير مرغوب فيها”.
وكتب روتمان على منصة X “إن الرد على الأقلية التقدمية المتطرفة والصاخبة التي لا تريد دولة يهودية هنا لا يتم من خلال استفزاز مضاد من شأنه أن يزيد من تأجيج الكراهية”.
وقال رئيس “الصهيونية المتدينة” بتسلئيل سموتريتش إن بن غفير “يقع في شرك قوة كابلان”، مضيفا “هذا ليس الوقت لاستفزازات لا داعي لها”، حسبما أفادت القناة 12.
ودعاء أوهاد طال، وهو مشرع آخر من حزب “الصهيونية المتدينة”، بن غفير إلى إلغاء الحدث. وكتب طال على منصة X “لا ينبغي أن تكون الصلاة ساحة معركة، نقطة”.
في حين أطلق كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعيم المعارضة يائير لبيد تصريحات تدين المتظاهرين العلمانيين والجماعة الدينية تباعا، ليلة الاثنين، بدا يوم الثلاثاء أن كلاهما يسعى إلى تخفيف حدة الاحتكاك.
وقال نتنياهو في بيان وزعه “الليكود”، أنه “بعد ما حدث في تل أبيب، الأهم هو خفض حدة التوتر. لذلك أتوقع من جميع القادة التصرف بمسؤولية”. ولم يذكر البيان بن غفير بالاسم.
ودعا لبيد الجمهور إلى تجاهل صلاة بن غفير. وكتب على فيسبوك “أحث الجميع على تجاهل ’صلاة’ بن غفير يوم الخميس في الميدان. اتركوه وشأنه هناك. لا توجد عقوبة أكبر من هذه بالنسبة له”.
وكتب لبيد أيضا في نفس المنشور أن “المشاهد التي رأيناها في ميدان ديزنغوف يجب ألا تكرر نفسها. أحد الأشياء التي يرمز إليها يوم الغفران هو تحمل المسؤولية. إذا فقط قلتم ’هم بدأوا ذلك’، فإن يوم الغفران ليس كفارة”.
كما سعى يسرائيل زعيرا، وهو مؤسس مجموعة “روش يهودي”، إلى النأي بنفسه عن بن غفير، الذي يُعتبر على نطاق واسع مثيرا للجدل وله ميل إلى الأعمال التي تهدف إلى اجتذاب انتباه الإعلام.
وقال زعيرا لـ”تايمز أوف إسرائيل” يوم الثلاثاء “يبدو أن الأمر يربطنا ببن غفير، في حين أن ذلك غير صحيح على الإطلاق”، مضيفا “نحن لا ننظم صلوات كموقف سياسي. هذا ليس أسلوبنا ونحن لا نتفق مع ذلك”.
وأفادت صحيفة “هآرتس” أن رئيس بلدية تل أبيب، رون حولدئي، أصدر تعليماته للشرطة للتأكد من أن صلاة بن غفير لا تتضمن فصلا بين الجنسين.
عندما سُئل عن خطة بن غفير، قال الحاخام يوفال شيرلو، وهو حاخام أرثوذكسي معاصر ومؤثر يرأس مدرسة “أوروت شاؤول” الدينية في تل أبيب، إنه “دائما ضد استخدام الصلاة كأداة سياسية”.
كما انتقد سياسيون يهود متشددون في ائتلاف نتنياهو بن غفير لسعيه لتسجيل نقاط سياسية من خلال الصلاة.
كما أثارت خطة “قوة كابلان” وغيرها من الحركات المناهضة للحكومة لتحويل الاحتجاج ضد بن غفير إلى صلاة، انتقادات من علمانيين.
وقالت شوهام سميث، وهي مؤلفة تعارض الفصل بين الجنسين في الصلاة والحدث الذي يخطط له بن غفير، لتايمز أوف إسرائيل: “حقيقة أن قوة كابلان وآخرين بحاجة إلى تسمية احتجاجهم بالصلاة، هي محو للذات وأجد صعوبة في مشاهدتها”.
وكتب إلناتان فايسرت، وهو محاضر في التوراة والشرق الأدنى القديم في الجامعة العبرية، على فيسبوك: “أعزائي المحتجين، أنتم تفقدون رخامتكم ويتم جركم إلى الموقف الأكثر سخافة والأكثر نفاقا الذي يمكن تخيله”.
ترافقت الاحتجاجات على صلاة يوم الغفران إلى حد كبير مع مخاوف الناشطين من أن برنامج الحكومة للإصلاح القضائي سيؤدي إلى تقليص الحريات الدينية وزيادة تقبل الإكراه الأرثوذكسي في المجال العام. ومن شأن هذا الإصلاح أن يضعف بشكل كبير قدرة المحاكم على منع التشريعات والسياسات التي يُزعم أنها لا تتماشى مع القيم الديمقراطية الغربية بشأن الحريات الدينية، من بين أمور أخرى.
ويقول مؤيدو الإصلاح إنه يعزز المبادئ الديمقراطية من خلال منح المزيد من السلطة لمسؤولين يخضعون للمساءلة على حساب النخبة العلمانية التي يقولون إنها تهيمن على السلطة القضائية والبيروقراطية التي لا تمثل الأغلبية بشكل كاف.