بلينكين يزور السعودية لإعادة بناء العلاقات المتوترة وتعزيز التطبيع مع إسرائيل
يناقش الدبلوماسي الأمريكي الكبير توسيع اتفاقيات إبراهيم مع محمد بن سلمان في جدة، وسيسافر إلى الرياض لحضور حدث لمجلس التعاون الخليجي؛ مسؤول بوزارة الخارجية: هناك قدر هائل من العمل الذي نحاول القيام به
جدة، المملكة العربية السعودية – وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء في رحلة لتعزيز العلاقات المتوترة مع المملكة الغنية بالنفط في الوقت الذي تقيم فيه حليف الولايات المتحدة علاقات أوثق مع خصوم واشنطن.
وستركز زيارة بلينكين التي تستغرق ثلاثة أيام أيضًا على الجهود لإنهاء النزاعات في السودان واليمن، والمعركة المشتركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وعلاقات العالم العربي مع إسرائيل.
التقى بلينكين بالزعيم الفعلي للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، حيث قالت وزارة الخارجية إنهما ناقشا “التزامهما المشترك بتعزيز الاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه”.
وأضاف البيان: “شدد الوزير أيضًا على أن علاقتنا الثنائية تتعزز بالتقدم في مجال حقوق الإنسان”.
كما ناقش بلينكين وبن سلمان إمكانية تطبيع السعودية للعلاقات مع إسرائيل، بحسب ما قاله مسؤول أمريكي لتايمز أوف إسرائيل، مضيفًا أن الاثنين اتفقا على مواصلة المحادثات بشأن هذه المسألة في المستقبل.
وأشار بيان سعودي إلى الاجتماع لكنه لم يقدم تفاصيل.
ويتوجه بلينكين إلى الرياض الأربعاء لحضور اجتماع مجلس التعاون الخليجي.
وتأتي رحلته في وقت يشهد تحالفات متغيرة بسرعة في الشرق الأوسط، تتمحور حول التقارب الذي توسطت فيه الصين بين القوى الإقليمية الكبرى السعودية وإيران في مارس.
وتغيير تاريخي آخر شهد دعوة الرئيس السوري بشار الأسد للعودة إلى جامعة الدول العربية الشهر الماضي للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية التي استمرت 12 عامًا والتي حظيت فيها حكومته بدعم روسيا وإيران.
وقال دانيال بينايم، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية المعني بشؤون شبه الجزيرة العربية، قبل زيارة بلينكين: “هناك قدر هائل من العمل الذي نحاول القيام به”.
وأضاف: “نحن نركز على أجندة إيجابية هنا والقدر الكبير من العمل الذي يمكن أن تقوم به بلداننا معًا”.
أسعار الطاقة
هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها بلينكين منذ احياء المملكة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، التي يعتبرها الغرب منبوذة بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل وتورطها في صراعات إقليمية.
وأعربت الولايات المتحدة عن دعم حذر للصفقة التي تم إبرامها في الصين، القوة الصاعدة التي تنشر نفوذها في الشرق الأوسط.
وتوترت العلاقات الأمريكية السعودية، التي تركزت على مدى عقود حول الطاقة والدفاع، بشدة في أعقاب مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في 2018 على يد عملاء سعوديين في قنصلية المملكة في اسطنبول.
كما أثير غضب واشنطن عندما رفضت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، المساعدة في خفض أسعار الطاقة المرتفعة بعد هجوم روسيا على أوكرانيا في فبراير من العام الماضي.
وحث نشطاء حقوقيون، بمن فيهم عبد الله القحطاني، المواطن الأمريكي الذي سُجن والده محمد القحطاني لمدة 10 سنوات بعد تأسيس مجموعة حقوق مدنية في السعودية وما زال مجهول المصير، بلينكن على إثارة مخاوفهم.
“عليه أن يطرح حالة والدي. هل هو على قيد الحياة؟ هل يتعرض للتعذيب؟ لا نعرف”، قال عبد الله القحطاني في مؤتمر صحفي افتراضي.
كما استضاف بن سلمان (37 عامًا)، الذي شق طريق مستقل في السياسة الخارجية، الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يوم الاثنين.
وأعادت إيران، العدو اللدود للولايات المتحدة وإسرائيل لعقود، فتح سفارتها في المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء بعد إغلاق دام سبع سنوات.
ومع ذلك، لا تزال العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية وثيقة، لا سيما في مجال الدفاع: لطالما وفرت واشنطن الدولة العربية السنية الحماية الأمنية من إيران الشيعية، وتشتري الرياض أسلحة أمريكية متطورة.
العلاقات مع إسرائيل
لقد تعاون الدبلوماسيون الأمريكيون والسعوديون بشكل وثيق في الجهود المبذولة للتوسط في وقف دائم لإطلاق النار في حرب السودان التي اندلعت قبل ثمانية أسابيع، ولكن دون جدوى حتى الآن، وكانت المساعدة السعودية حاسمة في إجلاء آلاف الأجانب من منطقة الحرب.
وينخرط الحليفان أيضًا في المعركة المستمرة ضد “داعش”، الجماعة الجهادية التي فقدت كل مناطق نفوذها في الشرق الأوسط لكنها تنشط بشكل متزايد في أجزاء من إفريقيا.
كما يتم مناقشة الجهود لإنهاء الصراع في اليمن، حيث يقدم التحالف الذي تقوده السعودية منذ فترة طويلة دعمًا عسكريًا للحكومة في القتال ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وتأمل الولايات المتحدة أيضًا أن توافق السعودية في نهاية المطاف على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي أقامت بالفعل علاقات مع العديد من الدول العربية الأخرى بموجب اتفاقات إبراهيم التي تمت بوساطة إدارة دونالد ترامب، بما في ذلك الحليف الوثيق البحرين.
عشية زيارته للسعودية يوم الاثنين، كرر بلينكين أن “للولايات المتحدة مصلحة أمن قومي حقيقية في تعزيز التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية”.
وقال إن واشنطن “ليس لديها أوهام” بإمكانية القيام بذلك بسرعة أو بسهولة، لكنه شدد على أننا “نظل ملتزمين بالعمل نحو تلك النتيجة”.
وفي حديثه أمام اجتماع لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) في واشنطن صباح الإثنين، أشاد بلينكن بالعلاقة القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقال إن واشنطن تعمل على تعزيز أمنها وأمن إسرائيل “من خلال العمل على تعزيز علاقات إسرائيل مع جيرانها، من أجل تعزيز هدفنا المتمثل في الاندماج الإقليمي وخفض التصعيد”.
وقال بلينكين: “إن تعزيز اندماج إسرائيل في المنطقة يساهم في خلق منطقة أكثر استقرارًا، وأكثر أمنًا، وازدهارًا – وإسرائيل أكثر أمنًا”.
ويُعتقد أن السعودية تسعى للحصول على العديد من التنازلات الكبيرة من الولايات المتحدة مقابل التطبيع مع إسرائيل.
وقال دبلوماسي كبير في الشرق الأوسط لتابمز اوف إسرائيل إن الرياض طلبت من الولايات المتحدة الموافقة على تطويرها لبرنامج نووي مدني، والموافقة على توسيع كبير للعلاقات الدفاعية، بما في ذلك نظام ضمانات لمنع الإدارات المستقبلية من الانسحاب من صفقات الأسلحة التي تم توقيعها بالفعل.
كما أوضح المسؤولون السعوديون لإدارة بايدن أن أي اتفاق مع إسرائيل يجب أن يتضمن بادرة كبرى للفلسطينيين، حسبما قال مسؤول أمريكي كبير لتايمز أوف إسرائيل في مايو.
ساهمت وكالات في إعداد هذا التقرير.