بلينكن يحذر كابينت الحرب من أنه قد لا يكون أمام إسرائيل أشهر للإطاحة بحماس – تقرير
وزير الخارجية الأمريكية الزائر يقول إن على إسرائيل تغيير الطريقة التي تقاتل بها في غزة، وبذل المزيد لحماية المدنيين وإقامة مناطق آمنة، قائلا إن المشاهد من شمال غزة لا يمكن أن تتكرر في جنوبه
حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كابينت الحرب الإسرائيلي يوم الخميس من أنه من غير المرجح أن يكون أمام إسرائيل أشهر لشن حرب ضد حركة حماس في غزة، مع تصاعد الضغوط المحلية والدولية على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لوضع حد للقتال، حسبما قال مسؤول إسرائيلي.
كان هذا التحذير واحدا من عدة تحذيرات التي أعرب عنها كبير الدبلوماسيين الأمريكيين خلال اجتماعه مع كابينت الحرب وفي اجتماعات منفصلة مع كبار المسؤولين، والتي تضمنت أيضا تحذير إسرائيل من السماح بنفس القدر من الموت والترحيل للسكان في جنوب غزة بمجرد تحول القتال إلى هناك من شمال غزة.
خلال جلسة كابينت الحرب يوم الخميس، أفادت تقارير أن الوزراء رفضوا بعض المخاوف التي أعرب عنها بلينكن بشأن كيفية استمرار إسرائيل في الحملة العسكرية، قائلين إن الجيش الإسرائيلي يتبع قوانين الحرب ويتخذ خطوات لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
وقال المسؤول الإسرائيلي إنه في مرحلة ما من الاجتماع، أشار وزير الدفاع يوآف غالانت إلى أن الجمهور الإسرائيلي متحد وراء هدف تفكيك حماس، حتى لو استغرق الأمر أشهرا.
ورد بلينكن بأنه غير متأكد مما إذا كانت إسرائيل ستحصل على الدعم الدولي لمواصلة القتال لفترة طويلة بنفس الشدة التي شوهدت قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ قبل أسبوع، وفقا للمسؤول.
بحسب تقرير لأخبار القناة 12، فإن الجدول الزمني الذي أعطاه وزير الخارجية الأمريكي منح إسرائيل “أسابيع” لتكون قادرة على مواصلة القتال في الوتيرة الحالية.
تعكس تعليقات بلينكن التي وردت في التقرير القلق المتزايد في الولايات المتحدة بشأن الطريقة التي نفذت بها إسرائيل الحرب، والتي أسفرت عن مشاهد دمار واسع النطاق في أجزاء من القطاع ومخاوف من كارثة إنسانية هائلة، مع ترك الآلاف بلا مأوى وجائعين ومعرضين للأمراض.
خلال مؤتمر صحفي مساء الخميس لخص فيه اجتماعاته في إسرائيل، قال الوزير إنه أبلغ القادة الإسرائيليين أنه سيكون عليهم تغيير الطريقة التي يقاتلون بها في غزة.
وقال بلينكن: “لقد شددت على ضرورة – بالنسبة للولايات المتحدة – ألا تتكرر الخسائر الفادحة في أرواح المدنيين والنزوح بالحجم الذي رأيناه في شمال غزة في الجنوب”.
وقال بلينكن إنه أبلغ القادة الإسرائيليين أنه يجب على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لكيفية الحفاظ على سلامة المدنيين قبل استئناف حملته العسكرية، بما في ذلك إقامة مناطق آمنة.
“لقد أوضحت أنه قبل أن تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية الكبيرة، يجب عليها أن تضع خططا إنسانية لحماية المدنيين تقلل من وقوع المزيد من الضحايا في صفوف الفلسطينيين الأبرياء. وهذا يعني اتخاذ خطوات أكثر فعالية لحماية أرواح المدنيين، بما في ذلك تحديد مناطق وأماكن في جنوب ووسط غزة بشكل واضح ودقيق حيث يمكن أن يكونوا آمنين وبعيدين عن خط النار”، كما قال.
وقال أيضا أنه يجب على إسرائيل تجنب حدوث المزيد من النزوح الجماعي للفلسطينيين؛ وتجنب استهداف “البنية التحتية الحيوية” مثل محطات توليد الطاقة في المستشفيات ومحطات معالجة المياه؛ والسماح بالعودة النهائية للفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة.
وأضاف: “يجب ألا يكون هناك نزوح داخلي دائم”.
وقد تم طرح كل من هذه النقاط من قبل مسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم في الأسابيع الأخيرة، ولكن يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي يتم ذكرها فيها بشكل رسمي في أحدث دليل لتكثيف الإدارة الأمريكية ضغوطها على إسرائيل.
في مواجهة المشكلة المعقدة المتمثلة في هزيمة حماس في القطاع الفلسطيني المزدحم حيث تترسخ حماس، قام المخططون العسكريون الإسرائيليون بتقسيم القطاع إلى قسمين، حيث أرسلوا المدنيين جنوبا بينما ركزوا حملتهم في الشمال، مع خطط كما يبدو لنقل المدنيين لاحقا شمالا وتكرار تلك العملية في جنوب غزة.
ويقول كبار ضباط الجيش الإسرائيلي إن تكتيكات الجيش الإسرائيلي في شمال غزة تضمنت تشجيع غير المقاتلين على الإخلاء لمدة أسابيع، ثم قصف المناطق المستهدفة بكثافة من الجو، قبل أن تتحرك القوات البرية من مبنى إلى آخر. وقد خلف ذلك دمارا هائلا، كما يقرون، ولكنه كان ضروريا لمعالجة المخاوف من أن كل مبنى تقريبا كان مفخخا ويحتوي على ممرات تؤدي إلى أنفاق تحت الأرض كان مسلحو حماس يخرجون منها أو يستعدون للخروج منها.
ويدرس الجيش المزيد من الاستخدام الجراحي للقوات البرية في أجزاء من جنوب غزة، لكنه يعتقد أيضا أن استخدام نهج شمال غزة عند التعامل مع معاقل حماس في الجنوب يمكن أن يكون حاسما في تجنب وقوع إصابات واسعة النطاق في صفوف جنوده.
وأقر بلينكن خلال المؤتمر الصحفي بأن التعديلات التي تطلب الولايات المتحدة من الجيش الإسرائيلي اتخاذها في قتاله صعبة بسبب استخدام حماس للمدنيين كدروع بشرية، لكنه أصر على أن إسرائيل لا تزال ملزمة بتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين.
وأضاف أن “إسرائيل تمتلك أحد أكثر الجيوش تطورا في العالم” وبالتالي فهي قادرة على العمل ضمن قوانين الحرب.
وقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبقية أعضاء كابينت الحرب وافقوا على النهج الذي دفعت به الولايات المتحدة لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.
كما قال إن هناك حاجة أيضا إلى تسريع كبير في إيصال المساعدات الإنسانية من أجل منع الأزمة من التدهور أكثر، في حين أشار إلى أن كمية المساعدات التي تدخل القطاع ارتفعت “بشكل كبير”.
الرحلة إلى إسرائيل كانت الرابعة التي يقوم بها بلينكن منذ 7 أكتوبر، عندما اندلعت الحرب في أعقاب هجوم حماس الذي تسلل خلاله 3000 مسلح إلى البلدات في جنوب إسرائيل، وقاموا بقتل 1200 شخص – معظمهم من المدنيين واختطاف حوالي 240 رهينة.
بالإضافة إلى القمة مع كابينت الحرب، عقد بلينكن أيضا اجتماعات منفصلة مع نتنياهو، والرئيس يتسحاق هرتسوغ، وغالانت، والوزير في كابينت الحرب بيني غانتس، وزعيم المعارضة يائير لبيد.
وجاءت الاجتماعات في اليوم الأخير من الهدنة التي تم تمديدها مرتين لمدة أسبوع والتي دعمها بلينكن للسماح بالإفراج عن الرهائن ووصول المساعدات الإنسانية إلى المزيد من أجزاء القطاع المحاصر. في حين أن الولايات المتحدة لا تدعم وقفا دائما لإطلاق النار، فقد حثت على مواصلة الهدنة حيث يتعرض بايدن لضغوط كبيرة من الجناح اليساري المتطرف للحزب الديمقراطي وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وخارجه لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل بسبب ارتفاع عدد القتلى في غزة.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 15,000 فلسطيني لقوا حتفهم، على الرغم من أن هذه الأرقام لا تفرق بين المدنيين والمقاتلين، وتشمل الفلسطينيين الذين قُتلوا جراء إطلاق صواريخ خاطئة من داخل غزة.
وفي واشنطن، أوضح البيت الأبيض أنه سيدعم إسرائيل عسكريا عندما تقرر القدس استئناف عملية الجيش الإسرائيلي في غزة.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي منفصل يوم الخميس: “ما زلنا نعتقد أن لإسرائيل الحق والمسؤولية في ملاحقة حماس. لقد قالوا بكل وضوح أنه عندما تنتهي هذه الهدن، فإنهم يعتزمون العودة إلى القتال. وبينما يتخذون هذا القرار، سيستمرون في الحصول على الدعم من الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأدوات والقدرات وأنظمة الأسلحة التي يحتاجون إليها بالإضافة إلى المشورة ووجهات النظر التي يمكننا تقديمها فيما يتعلق بحرب المدن”.
وأوضح كيربي أن الولايات المتحدة تدعم تمديدات إضافية للهدنة الإنسانية المستمرة، مع إجراء المفاوضات لتمديد آخر. وقال إن التهدئة تسمح بخروج الرهائن من القطاع ودخول المزيد من المساعدات إلى القطاع.
ومع ذلك، قال كيربي إن الولايات المتحدة لا تدعم وقف إطلاق النار الدائم، والذي تقول واشنطن وإسرائيل إنه سيسمح باستمرار التهديد الذي تشكله حماس.
بالإضافة إلى تصعيد لهجته فيما يتعلق بالحاجة إلى حماية المدنيين في غزة، قال بلينكن إنه ناقش أيضا الحاجة إلى التخطيط لمن سيحكم غزة بعد الحرب.
وتدفع الولايات المتحدة من أجل استلام سلطة فلسطينية “متجددة” تحكم في نهاية المطاف في قطاع غزة والضفة الغربية بعد توحيدهما، رغم أن نتنياهو رفض هذا الاقتراح.
وقال بلينكن إنه سيتعين على رام الله الخضوع لإصلاحات والتخلص من الفساد وتعزيز الصحافة الحرة حتى يكون بالإمكان أن “تتجدد”.
خلال الاجتماع مع كابينت الحرب، ورد أن بلينكن طالب نتنياهو باقتراح بدائل لحكم السلطة الفلسطينية بدلا من مجرد رفض ما يعتقد الكثيرون في المجتمع الدولي أنه الخيار الواقعي الوحيد لغزة ما بعد الحرب.
وقال بلينكن لنتنياهو في أقوال تم تسريبها للقناة 12 إن “أفضل طريقة لقتل فكرة هي تقديم فكرة أفضل. البلدان الأخرى في المنطقة تريد أن تعرف ما الذي تخططون له”.
كانت هناك لحظة صمت في الغرفة قبل أن يرد نتنياهو قائلا: “طالما أنا جالس على هذا الكرسي، فإن السلطة الفلسطينية، التي تدعم الإرهاب وتعلمه وتموله، لن تحكم غزة في اليوم الذي يلي حماس”.
خلال لقائه مع نتنياهو، أثار بلينكن مرة أخرى ضرورة أن تتخذ إسرائيل “خطوات فورية لمحاسبة المتطرفين المستوطنين على عنفهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية”، وفقا للبيان الأمريكي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، هدد بايدن بإصدار حظر على منح تأشيرات دخول للمستوطنين العنيفين، الذين تقول منظمات حقوق الإنسان إن هجماتهم أدت إلى فرار ما يقرب من 1000 فلسطيني من أراضيهم.
وقال بلينكن للصحافيين إنه أثار “مخاوف واشنطن العميقة” بشأن تصاعد عنف المستوطنين المتطرفين، بالإضافة إلى مقترحات من عدة وزراء متشددين لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
وقال: “لقد أوضحت توقعاتنا بشأن معالجة هذه القضايا”.
ودعا إلى اتخاذ خطوات “لتحسين حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بطرق فورية وملموسة”، مضيفا أنه ينبغي تزويدهم بمسار حقيقي نحو إقامة الدولة.
ولم يشر بيان صار عن مكتب نتنياهو إلى عنف المستوطنين أو حل الدولتين، لكنه سلط الضوء بدلا من ذلك على هجوم دام وقع قبل ساعات حيث فتح مسلحان فلسطينيان النار على مارة عند مدخل القدس، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص. وتبنت حماس الهجوم.
وجاء في البيان: “هذه حماس ذاتها التي نفذت المجزرة الرهيبة في 7 أكتوبر، نفس حماس التي تحاول قتلنا في كل مكان. قلت له: أقسمنا، وأقسمت أن نقضي على حماس. لن يوقفنا شيء”.
وقال نتنياهو: “سنواصل هذه الحرب حتى نحقق الأهداف الثلاثة – إطلاق سراح جميع رهائننا، القضاء على حماس بشكل كامل، وضمان ألا تشكل غزة مثل هذا التهديد مرة أخرى”.
لقاء محمود عباس
كما أدان بلينكن عنف المستوطنين خلال لقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الضفة الغربية يوم الخميس.
وقال بلينكن لعباس إن الولايات المتحدة “ستواصل الإصرار على المساءلة الكاملة للمسؤولين” عن العنف ضد الفلسطينيين، والذي زاد بشكل كبير منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، وفقا لبيان وزارة الخارجية الأمريكية.
وقالت الولايات المتحدة إن الرجلين ناقشا “الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات لتحسين أمن وحرية الفلسطينيين في الضفة الغربية” خلال اجتماع في رام الله.
كما أثار بلينكن مسألة الجهود الأمريكية لتسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”، أكد عباس على ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وتجنيب المدنيين القصف وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وقالت “وفا” إن عباس سلم بلينكن أيضا “ملفا شاملا يوثق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس”.
وسيختتم بلينكن جولته في الشرق الأوسط بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الجمعة، حيث سيناقش الوضع في غزة مع القادة العرب المجتمعين في دبي لحضور مؤتمر تغير المناخ COP28.