بلينكن يتوجه إلى الشرق الأوسط لإجراء محادثات مع إسرائيل والحلفاء العرب حول “المرحلة التالية” من الحرب
سيزور وزير الخارجية الأمريكي عدة دول في المنطقة، وسيضغط على إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين والسماح لسكان غزة بالعودة إلى منازلهم في شمال القطاع، مع تصاعد التوترات بعد اغتيال صالح العاروري
يتوجه وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى الشرق الأوسط يوم الخميس لإجراء سلسلة من المشاورات وسط تصاعد المخاوف من اتساع الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي أكبر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر إن بلينكن سيزور تركيا واليونان والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية وإسرائيل والضفة الغربية ومصر. وستكون هذه هي الرحلة الرابعة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ أن أدى هجوم حماس في 7 أكتوبر إلى اندلاع الحرب في غزة.
وكان من المقرر أن يصل بلينكن إلى إسرائيل في نهاية هذا الأسبوع، ولكن أعلن يوم الثلاثاء عن تأجيل الزيارة إلى أوائل الأسبوع المقبل.
وقال ميلر للصحفيين يوم الخميس إن بلينكن سيناقش في إسرائيل “الانتقال إلى المرحلة التالية” من الحرب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن ذلك سيستلزم على وجه التحديد “تمكين الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم وأحيائهم مع تراجع القتال”.
ومنعت إسرائيل حتى الآن الفلسطينيين من الوصول إلى شمال غزة، التي أمرت بإخلائها في الأيام الأولى من الحرب، بحجة أن مقاتلين من حماس وفصائل مسلحة أخرى ما زالوا في تلك المناطق. ويمثل تصريح ميلر تكثيفا تدريجيا للدعوات الأمريكية لإسرائيل للسماح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة حيث دمرت العديد من المنازل في القتال.
وقدم وزير الدفاع يوآف غالانت يوم الخميس خطة لغزة ما بعد الحرب، قال فيها أنه لن يُسمح لسكان شمال غزة بالعودة إلى منازلهم حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن الذين احتجزتهم الفصائل الفلسطينية.
وبحسب ميلر، فإن بلينكن سيدفع الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ “إجراءات فورية لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة بشكل كبير”. وكانت نحو 500 شاحنة بضائع تدخل غزة يوميا قبل الحرب. وانخفض هذا الرقم إلى متوسط أقل من 100 يوميا، باستثناء سبعة أيام الهدنة في أواخر نوفمبر التي شهدت دخول 200 شاحنة مساعدات إلى غزة كل يوم.
ووافقت إسرائيل في أعقاب الضغوط الأمريكية على إعادة فتح معبر كرم أبو سالم الشهر الماضي، مما سمح للمساعدات بدخول غزة مباشرة من إسرائيل لأول مرة، إلى جانب المساعدات الداخلة عبر معبر رفح المصري.
وبحسب ما ورد، تدرس إسرائيل سلسلة من المبادرات الإضافية التي تهدف إلى الحفاظ على الدعم الأمريكي للحرب.
وأضاف ميلر أن بلينكن سيناقش مع نظرائه الإسرائيليين خطوات ملموسة للتخفيف من الخسائر في صفوف المدنيين في غزة، مؤكدا مجددا أن عدد الضحايا المدنيين مرتفع للغاية. ومع ذلك، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي للصحفيين في مؤتمر صحفي يوم الخميس إن الولايات المتحدة “لم تر أي شيء من شأنه أن يقنعنا بأننا بحاجة إلى اتباع نهج مختلف فيما يتعلق بمحاولة مساعدة إسرائيل”، على الرغم من ارتفاع عدد الضحايا المدنيين.
وقال ميلر إن بلينكن سيتحدث أيضًا مع المسؤولين الإسرائيليين حول “الحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لخفض التوترات في الضفة الغربية”، بينما تواصل الولايات المتحدة الضغط على اسرائيل فيما يتعلق بعنف المستوطنين وتسليم عشرات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب التابعة إلى السلطة الفلسطينية.
وقال ميلر إن تأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين، ومن بينهم مواطنون أمريكيون في غزة، سيكون على رأس جدول أعمال بلينكن خلال رحلته، مؤكدا أن الوزير لن يرتاح حتى يتم إطلاق سراحهم جميعا.
وسيواصل بلينكن تعزيز الجهود الأمريكية لمنع الصراع في غزة من الانتشار إلى جبهات أخرى و”سيناقش خطوات محددة يمكن للأطراف اتخاذها، بما في ذلك طرق استخدام نفوذهم الاقليمي لتجنب التصعيد”.
وقال ميلر إن بلينكن سيثير في إطار المحادثات ضرورة اتخاذ خطوات لردع هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وسيستغل الوزير اجتماعاته لحث جميع الأطراف على اتخاذ خطوات لضمان حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتعزيز منطقة أكثر تكاملا، “بما في ذلك آلية مستدامة لإعادة الإعمار والحكم بقيادة فلسطينية للضفة الغربية وقطاع غزة الموحدين”، قال ميلر.
“لا نتوقع أن تكون كل محادثة في هذه الرحلة سهلة. من الواضح أن هناك قضايا صعبة تواجه المنطقة وأن خيارات صعبة أمامها، لكن الوزير يعتقد أن من مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية قيادة الجهود الدبلوماسية لمواجهة تلك التحديات بشكل مباشر، وهو مستعد للقيام بذلك في الأيام القادمة”، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية.
وتأتي زيارة بلينكن للشرق الأوسط بعد أقل من ثلاثة أيام من مقتل قائد حماس صالح العاروري في غارة جوية إسرائيلية مزعومة في بيروت، وبعد يوم واحد من انفجارين مزدوجين أسفرا عن مقتل العشرات في مراسم تذكارية للجنرال في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وقد أثار كلا الحادثين مخاوف من اتساع الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي. وهدد زعيم حزب الله اللبناني المدعوم من إيران حسن نصر الله في أعقاب مقتل العاروري بشن الحرب على إسرائيل، التي ألقى باللوم عليها في عملية الاغتيال، والتي وصفها بأنها “جريمة كبرى وخطيرة لا يمكننا أن نسكت عنها”.
لكن أكدت الولايات المتحدة وإسرائيل أن الغارة الإسرائيلية المزعومة استهدفت فقط مسؤولي حماس في لبنان، وتوقع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مات ميلر يوم الأربعاء أن قلق واشنطن من تصاعد الصراع لم يتزايد في أعقاب مقتل العاروري.
وألقى العديد من المسؤولين الإيرانيين غير الرفيعين باللوم على “الصهاينة في التفجيرات التي وقعت في مراسم ذكرى سليماني، على الرغم من إعلان جماعة الدولة الإسلامية، والتي تعارض النظام الشيعي في إيران، في وقت لاحق مسؤوليتها عن التفجيرات”.
والتقى المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكستين، الذي تم إرساله إلى الشرق الأوسط في محاولة لتهدئة التوترات بعد اغتيال العاروري، مع غالانت يوم الخميس لمناقشة إمكانية التوصل إلى تفاهمات دبلوماسية مع حزب الله من شأنها أن تسمح لنحو 80 ألف نازح من سكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.
وفي وقت سابق من يوم الخميس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل إلى الامتناع عن التصعيد “خاصة في لبنان”، وهو محمية فرنسية سابقة، لا تزال فرنسا منخرطة في شؤونه الداخلية بشكل كبير. وناقش بلينكن في اليوم السابق جهود وقف التصعيد مع نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا.