بلينكن يتصل بنتنياهو وعباس وسط محادثات التطبيع مع الرياض بوساطة أمريكية
وزير الخارجية الأمريكية يناقش إيران واتفاقيات إبراهيم والقضية الفلسطينية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ ويناقش التوترات في الضفة الغربية والجهود المبذولة للحفاظ على آفاق حل الدولتين مع رئيس السلطة الفلسطينية

أجرى وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن مكالمتين هاتفيتين مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال ساعات من بعضهما البعض هذا الأسبوع، في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على التوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، والذي تأمل الإدارة الأمريكية أيضا استخدامه كنقطة انطلاق من أجل تعزيز حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال مؤتمر صحفي عُقد لاحقا بالبيت الأبيض إنه في حين أن مكالمتي بلينكن مع نتنياهو وعباس كانتا أكثر من مجرد مكالمة روتينية، إلا أنهما “لا تنذران بأي اختراق أو إجراء وشيك فيما يتعلق بمسألة التطبيع”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن تحدث مع عباس يوم الاثنين ومع نتنياهو يوم الثلاثاء، ولم يقدم سوى القليل من التفاصيل الجوهرية فيما يتعلق بمحتوى أي من المحادثتين.
كما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن ناقش خلال الاتصال مع نتنياهو تعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية و”توسيع التكامل الإقليمي لإسرائيل ومواجهة التهديدات التي تشكلها إيران” والقضية الفلسطينية.
وأضاف البيان الأمريكي أن بلينكن “أكد دعم الولايات المتحدة للسياسات التي تضمن الحرية والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”، في تكرار لخط استخدمه المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في كل بيان عام يصدرونه بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
ولم يتضمن البيان على وجه الخصوص إشارة إلى دعم الولايات المتحدة لحل الدولتين، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل أصر خلال مؤتمر صحفي لاحق على أنه “لا يوجد أي تغيير على الإطلاق في السياسة” وأن الإدارة لا تزال تدعم إطار العمل.

ولم يصدر مكتب نتنياهو على الفور بيانا بشأن المكالمة، التي جاءت بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض قرار بايدن ترشيح وزير الخزانة الأمريكي الأسبق جاك لو سفيرا مقبلا لدى إسرائيل.
ويأتي ترشيح لو في فترة حساسة بشكل خاص في العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية، حيث تهدف حكومة نتنياهو إلى المضي قدما في إصلاحها القضائي المثير للجدل إلى حد كبير على الرغم من المناشدات المتكررة من واشنطن بألا يتم المضي قدما بمثل هذه الإصلاحات بعيدة المدى إلا بدعم الاجماع، وهو ما يرفضه الائتلاف المتشدد بشدة.
وإذا تمت الموافقة على تعيينه، فسيتم تكليف لو أيضا بكبح جهود الحكومة الإسرائيلية لتوسيع تواجد المستوطنين في الضفة الغربية، بالإضافة إلى سياساتها المتشددة تجاه الفلسطينيين على نطاق أوسع، والتي تزامنت مع العام الأكثر دموية في الصراع منذ الانتفاضة الثانية.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن “أعرب في المكالمة مع عباس عن قلقه المستمر بشأن العنف المستمر في الضفة الغربية”.
وأضاف البيان الأمريكي أن بلينكن “أعاد التأكيد على دعم الولايات المتحدة لإجراءات تعزيز الحرية والأمن وتحسين جودة الحياة للشعب الفلسطيني”، مشددا على “دعمه لحل الدولتين ومعارضته للإجراءات التي تهدد قدرته على البقاء”.
وبالمثل، سلط البيان الصادر عن مكتب عباس الضوء على نقاط الحوار التي تستخدمها السلطة الفلسطينية منذ فترة طويلة، حيث استنكرت عمليات الجيش الإسرائيلي في البلدات الفلسطينية، وعنف المستوطنين وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية التي تعيق احتمالات التوصل إلى حل الدولتين.
وحث رئيس السلطة الفلسطينية بلينكن مرة أخرى على دعم مسعى رام الله للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؛ وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، التي كانت بمثابة البعثة الفعلية للفلسطينيين؛ والسماح للفلسطينيين بإعادة فتح مكتبهم الدبلوماسي في واشنطن؛ وإلغاء القانون الأمريكي الذي تم سنه في 1987 ويعتبر منظمة التحرير الفلسطينية والمنظمات التابعة لها منظمة إرهابية؛ واستئناف المساعدات المباشرة لرام الله.

وقد أثار مسؤولون فلسطينيون العديد من هذه الطلبات في محادثات مع نظرائهم الأمريكيين والسعوديين في سياق المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، حسبما قال مسؤول أمريكي ومسؤول فلسطيني لـ”تايمز أوف إسرائيل” في الأسبوع الماضي.
وقال المسؤولون إن هذه الإجراءات هي من نوع الخطوات “التي لا رجعة فيها” التي تسعى إليها السلطة الفلسطينية من خلال عملية التطبيع.
السعودية مستعدة للتخلي عن موقفها العلني الذي طالما تمسكت به ضد التطبيع مع إسرائيل في غياب حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكن لا يزال من غير المتوقع أن توافق الرياض على اتفاقية مع القدس لا تتضمن تقدما كبيرا نحو السيادة الفلسطينية، وفقا لمسؤولين مطلعين على الأمر.
وبدلا من مقاطعة العملية كما فعلت في مفاوضات التطبيع السابقة، تعمل رام الله مع الأطراف المعنية، بهدف الاستفادة من صفقة محتملة من أجل تعزيز جهودها لإقامة دولة.
ويتوجه وفد فلسطيني بقيادة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إلى الرياض هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع مسؤولين سعوديين حول هذه المسألة. ستتزامن الزيارة مع زيارة يقوم بها وفد أمريكي بقيادة منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، الذين سيجتمعون مع نظرائهم السعوديين لمناقشة اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
وقال سوليفان يوم الثلاثاء إن ماكغورك والشيخ ووفديهما سيجتمعون أيضا أثناء وجودهم في الرياض.

والتقى ماكغورك في وقت سابق من يوم الثلاثاء في واشنطن مع زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لبيد، الذي أعرب عن معارضته لسماح الولايات المتحدة للسعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء إن الوفد الأمريكي سيناقش “مجموعة من المسائل الإقليمية والثنائية” وأصر على أن هذه كانت “زيارة مقررة منذ فترة طويلة”.
كما قال باتيل إن ماكغورك سيزور البحرين في إطار الإعداد لزيارة ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة القريبة إلى واشنطن.
وستتوجه ليف إلى عمّان ومن ثم القدس لإطلاع المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين على محادثاتها في السعودية، حسبما قال مسؤول إسرائيلي لتايمز أوف إسرائيل يوم الاثنين.
ساهم في هذا التقرير جيانلوكا باكياني.