بلينكن: هجوم حماس والهجوم الإسرائيلي الذي أعقبه يثيران مخاوف بشأن حقوق الإنسان
كبير الدبلوماسيين الأمريكييين ينفي وجود "معايير مزدوجة" في تقييم الإدعاءات ضد إسرائيل، ويرفض المقارنات بين الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس والغزو الروسي لأوكرانيا
قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن هجوم حماس في 7 أكتوبر والحرب اللاحقة التي شنتها إسرائيل لهزيمة الحركة الفلسطينية هي من بين القضايا التي تناولها تقرير وزارة الخارجية بشأن حقوق الإنسان لعام 2023 والذي تم الكشف عنه يوم الاثنين.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي للكشف عن التقرير إن “هجمات حماس المروعة على إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي والخسائر الفادحة في أرواح المدنيين في غزة بينما تمارس إسرائيل حقها في ضمان عدم تكرار تلك الهجمات مرة أخرى، أثارت مخاوف بشأن حقوق الإنسان”.
وأضاف بلينكن “إننا نواصل العمل كل يوم لإنهاء القتال، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس والجماعات الأخرى، ودعم القانون الإنساني الدولي، ومنع المزيد من المعاناة، وتمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر سلما وأمنًا للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”.
ويبدأ الفصل من تقرير حقوق الإنسان بشأن إسرائيل بتسليط الضوء على الهجوم واسع النطاق الذي شنته حماس والجهاد الإسلامي وجماعات أخرى في 7 أكتوبر، والذي أدى إلى “مقتل ما يقدر بنحو 1200 شخص، وإصابة أكثر من 5400 واختطاف 253 رهينة”.
“ردت إسرائيل بعملية عسكرية متواصلة وواسعة النطاق في غزة، أدت إلى مقتل أكثر من 21 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 56 ألف بحلول نهاية العام، وتشريد الغالبية العظمى من الفلسطينيين في غزة، وأدت إلى أزمة إنسانية حادة. كان للنزاع المستمر تأثير سلبي كبير على حالة حقوق الإنسان في البلاد”، ورد في التقرير.
وامتنعت وزارة الخارجية عن الكشف عن مصدرها لعدد القتلى الفلسطينيين في حرب غزة عام 2023، لكن يبدو أنها تعتمد على أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس، والتي لم يتم التحقق منها بشكل مستقل وتشمل حوالي 13 ألف من مسلحي حماس تقول إسرائيل إنها قتلتهم في المعركة. وتقول إسرائيل أيضًا إنها قتلت حوالي 1000 مسلح داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
ونفى بلينكن أن إدارة بايدن توظف معايير مزدوجة في فحص مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان ضد إسرائيل، ردا على أسئلة من الصحفيين عما إذا كانت واشنطن تسعى إلى التعتيم على مثل هذه الاتهامات فقط عندما يتعلق الأمر بالدولة اليهودية.
وقال بلينكن “هل لدينا معايير مزدوجة مع إسرائيل؟ الجواب هو لا”.
وأضاف الوزير “كما يوضح هذا التقرير، فإننا نطبق نفس المعيار على الجميع، وهذا لا يتغير إذا كانت الدولة المعنية خصمًا أو منافسًا أو صديقًا أو حليفًا”.
وكرر بلينكن أن التحقيق الأمريكي في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان من قبل إسرائيل في حربها ضد حماس في غزة “مستمرة”.
ومع اعترافه بأن مثل هذه التحقيقات تستغرق وقتًا، أشار بلينكن إلى أن الولايات المتحدة لا تتردد في التواصل مع السلطات الإسرائيلية للحصول على توضيح فوري بشأن الانتهاكات المزعومة عند حدوثها.
ورفض بلينكن المقارنة التي أجراها الصحفيون بين السرعة التي ردت بها الولايات المتحدة على انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة من قبل روسيا في أوكرانيا، ومماطلتها في التحقيق في الجرائم الإسرائيلية المزعومة في غزة.
“الحالة في أوكرانيا مختلفة تماما عما هي عليه في غزة. والأوكرانيون ليسوا بأي حال من الأحوال هدفاً مشروعاً كما هو حال حماس في غزة. [حماس أيضًا] تختبئ بين المدنيين، وتختبئ داخل المباني السكنية والمساجد والمستشفيات وتحتها”.
“في حالة أوكرانيا، عندما انسحبت القوات الروسية من بوتشا، تمكنا من رؤية ما حدث بوضوح شديد. كل حالة من هذه الحالات مختلفة”.
وشدد بلينكن أيضًا على أن إسرائيل أظهرت القدرة على التحقيق مع نفسها عندما تظهر مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان. “هذا ما يفصل الديمقراطيات عن الدول الأخرى – القدرة، والرغبة، والتصميم على النظر إلى نفسها”.
وأضاف “حسب فهمي لديهم العديد من التحقيقات المفتوحة بناءً على التقارير عن مزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان”.
وردا على سؤال عما إذا كان سيعلن عن القرار الأمريكي بإدراج كتيبة “نيتساح يهودا” في القائمة السوداء بسبب انتهاكاتها المزعومة لحقوق الإنسان، قال بلينكن إنه سيتم إصدار إعلان حول هذا الأمر في الأيام المقبلة.
وكانت إدارة بايدن قد خططت في الأصل للإعلان يوم الاثنين عن قرار حظر استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية لتزويد كتيبة “نيتساح يهودا” التابعة للجيش الإسرائيلي بالأسلحة بسبب انتهاكات حقوقية مزعومة ضد الفلسطينيين، حسبما قال مسؤول أمريكي لتايمز أوف إسرائيل.
وقال المسؤول الأمريكي إنه كان من المفترض أن يتم الإعلان عن ذلك بالتوازي مع إصدار تقرير حقوق الإنسان، لكن الإدارة قررت تأجيل إصدار الإعلان بينما تسعى إلى توضيح رسائلها بشأن القرار في ظل المعارضة الإسرائيلية الضخمة.
وفي ظل خطط الولايات المتحدة لفرض عقوبات على “نيتساح يهودا”، التقى وزير الدفاع يوآف غالانت بقوات الوحدة على حدود غزة في وقت سابق من يوم الاثنين.
وقال غالانت لقوات الوحدة، بحسب مكتبه، إن “مؤسسة الدفاع بأكملها، الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل تدعمكم، تقدركم وتعززكم في عملياتكم لحماية دولة إسرائيل”.
وتم نشر الوحدة، المكونة من قوميين متدينين والتابعة للواء كفير، في منطقة بيت حانون خلال الحرب، بعد أشهر على الحدود السورية. وكانت تتمركز في السابق في الضفة الغربية، حيث تورطت في العديد من الحوادث المرتبطة بالتطرف اليميني والعنف ضد الفلسطينيين. وقد تم نقلها إلى الحدود السورية بعد سيل من الاتهامات.
وقال غالانت “تحدث الأخطاء أينما كان هناك نشاط عسكري ويجب ألا تحدث… لكن حقيقة أن جنديًا واحدًا أو اثنين أو [عدة] جنود ارتكبوا خطأ ما، لا ينبغي أن يشوه سمعة الكتيبة [بكاملها]”. وأضاف أنه في مثل هذه الحالات، يتم “التعامل” مع الجنود.
وأضاف غالانت “لن يعلمنا أحد في العالم ما هي الأخلاق وما هي المعايير”.
وأشار تقرير وزارة الخارجية لعام 2023 إلى “قضايا حقوق الإنسان خطيرة”، بما في ذلك “تقارير موثوقة” عن عمليات قتل تعسفي أو غير القانوني والاختفاء القسري والتعذيب والاعتقالات غير المبررة للصحفيين، من بين أمور أخرى خلال الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت بعض الخطوات الموثوقة لتحديد ومعاقبة المسؤولين المتورطين في تلك الانتهاكات المزعومة.
ونفت إسرائيل الاتهامات بأنها تتسبب عمدا في معاناة إنسانية في القطاع. وتنفي استهداف المدنيين عمدا، وتتهم حماس باستخدام المباني السكنية للاحتماء.
وقد أبلغت جماعات حقوقية عن العديد من حوادث تعرض المدنيين للأذى خلال الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي على غزة، كما دقت ناقوس الخطر بشأن تصاعد العنف في الضفة الغربية، لكن إدارة بايدن تقول إنها لم تجد أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي.
وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار لحليفتها القديمة. وانتقد الديمقراطيون التقدميون والجماعات الأمريكية العربية دعم إدارة بايدن الثابت لإسرائيل، والذي يزعمون أنه يوفر لها إحساسًا بالإفلات من العقاب.
لكن هذا الشهر، هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن لأول مرة بفرض شروط على الدعم لإسرائيل، وأصر على اتخاذ خطوات ملموسة لحماية عمال الإغاثة والمدنيين.
ساهمت وكالة رويترز في إعداد هذا التقرير.