بلينكن يجري جولة في الشرق الأوسط وسط تصعيد للعنف بين إسرائيل والفلسطينيين
جولة المسؤول الأميركي التي بدأت في العاصمة المصرية ستقوده إلى القدس ورام الله الإثنين والثلاثاء كانت مقررة منذ فترة طويلة وتتزامن مع تدهور شديد ومفاجئ في الوضع الأمني
أ ف ب – استهل وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن جولته في الشرق الاوسط بزيارة القاهرة الاحد على وقع تصعيد كبير في أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ساعيا لاستخدام نفوذ الولايات المتحدة لمحاولة خفض حدّة التوتر.
من المقرر أن يلتقي خلال زيارته الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره المصري سامح شكري لبحث آخر تطورات النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقام بلينكن بزيارة الجامعة الأميركية بوسط القاهرة حيث التقى مجموعة من الناشطين الشباب، وقال: “من المهم بالنسبة الينا ليس فقط أن تتشارك الحكومات، ولكن أيضا إشراك جميع شرائح المجتمع وخصوصا الجيل الصاعد”، في اشارة إلى الشباب.
وجولة المسؤول الأميركي التي بدأت بالقاهرة وستقوده إلى القدس ورام الله الإثنين والثلاثاء، كانت مقررة منذ فترة طويلة وتتزامن مع تدهور شديد ومفاجئ في الوضع الأمني منذ بضعة أيام.
وأوقع هجوم قرب كنيس في القدس الشرقية الجمعة سبعة قتلى، فيما شن الجيش الإسرائيلي غارات في اليوم ذاته على غزة ردا على إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ في اتجاه إسرائيل من القطاع.
وكانت إسرائيل نفذت الخميس عملية عسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية قُتل فيها تسعة فلسطينيين، وهو العدد الأكبر من القتلى في عملية واحدة منذ سنوات طويلة.
ويوم الأحد توفي فلسطيني متأثرا بجروح أصيب بها الخميس لترتفع بذلك حصيلة العملية إلى عشرة قتلى في جنين.
وشهدت القدس يوم السبت هجوما جديدا حين فتح فتى فلسطيني عمره 13 عاما النار وأصاب إسرائيليا وابنه بجروح، قبل أن يصاب بدوره على أيدي إسرائيليين “يحملون سلاحا مرخصا”، وفق السلطات الإسرائيلية، ويتم توقيفه.
وتواصل العنف الليلة الماضية وهذا الصباح، مع إحراق مستوطنين مركبة ومنزلا لفلسطينيين في قرية ترمسعيا شمال مدينة رام الله، وفق السكان الفلسطينيين، بينما قتل حراس مستوطنة كدوميم الإسرائيلية صباح الأحد فلسطينيا قال الجيش أنه كان “مسلحا بمسدس”.
ويعتزم بلينكن في محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التشديد على ضرورة “اتخاذ تدابير عاجلة لخفض التصعيد”، حسب ما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل الجمعة، بعدما دانت واشنطن الهجوم في القدس.
وفي مقابلة أجرتها معه قناة “العربية” السعودية، قال بلينكن إن “الاهم في المستقبل القريب هو محاولة إرساء بعض الهدوء”، وفق بيان للخارجية الأميركية.
غير أن هامش المناورة المتاح لوزير الخارجية يبدو محصورا ضمن حدود الدعوات إلى الهدوء في وقت يبدو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في طريق مسدود.
ويقول الباحث آرون ديفيد ميلر، المفاوض الأميركي السابق والخبير في معهد كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن، “أعتقد أن أفضل ما يمكن للأميركيين التوصل إليه هو أن يستقر الوضع لتفادي تكرار مايو 2021″، في إشارة إلى الحرب في قطاع غزة.
ويرى الخبير في معهد واشنطن غيث العمري أن زيارة بلينكن “لا تشير إلى أي تغيير في الموقف الأميركي حيال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني”، لكنه توقّع ألا تكون “المحادثات (مع محمود عباس) مريحة”.
سلسلة زيارات
تشير زيارة بلينكن لإسرائيل إلى عزم واشنطن على استئناف العلاقات سريعا مع نتنياهو الذي عاد إلى السلطة على رأس حكومة هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
وكانت علاقات نتنياهو مع إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن متوترة وخصوصا في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لكن من المتوقع أن يساهم الجمود الحالي في مفاوضات إحياء اتفاق 2015 في تقريب المواقف.
وسبق لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان أن زار إسرائيل ليؤكد لنتنياهو دعم الولايات المتحدة.
ويقول ميلر: “لم يسبق أن رأيت هذا العدد من الزيارات على مثل هذا المستوى الرفيع في أي إدارة… هذا غير مسبوق”، مشيرا إلى احتمال قيام نتنياهو بزيارة للبيت الأبيض يجري التحضير لها اعتبارا من فبراير.
ويقول الخبير ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن: “يبدو كأنهم يُغرقون المنطقة”، لافتا إلى أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز زار المنطقة مؤخرا.
وسيشدد بلينكن على “أهمية الحفاظ على الوضع القائم التاريخي” في الحرم القدسي في القدس.
وكان وزير الأمن إيتمار بن غفير، أحد أبرز وجوه اليمين المتطرف الإسرائيلي، قد أثار موجة تنديد دولية بدخوله باحة المسجد الأقصى مطلع الشهر.
كما ستتناول محادثات بلينكن “اتفاقات ابراهام” التي تم التوصل إليها في 2020 برعاية أميركية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية عدة، ويأمل نتنياهو أن تنضم السعودية إليها.
وإلى جانب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، سيبحث بلينكن في القاهرة مجموعة من القضايا الإقليمية، بينها الوضع في ليبيا والسودان.
وفي المقابلة مع قناة “العربية” شدد بلينكن على أن الانتخابات في ليبيا هي “الخطوة التالية الأكثر أهمية” للبلاد.
وتعد مصر حليف إستراتيجي للولايات المتحدة ومن كبار المستفيدين من المساعدة العسكرية الأميركية، رغم المخاوف التي تبديها واشنطن بشأن وضع حقوق الإنسان والحقوق الأساسية في هذا البلد.
وفي هذا السياق، يلتقي بلينكن في القاهرة أطرافا من المجتمع المدني وناشطين حقوقيين، حسب ما أفادت المسؤولة في وزارة الخارجية باربرا ليف.