بلينكن: الولايات المتحدة ستحكم على الحكومة الإسرائيلية القادمة على أساس السياسات وليس الشخصيات
وزير الخارجية الأمريكي يقول لمنظمة جي ستريت أن تثبيط الأطراف عن عدم اتخاذ خطوات تضر بآفاق حل لدولتين غير كاف، وسط تكهنات بأن الولايات المتحدة لن تعمل مع الوزراء من اليمين المتطرف
واشنطن – قال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن يوم الأحد إن إدارة بايدن ستحكم على الحكومة الإسرائيلية المتشددة القادمة على أساس السياسات التي تنفذها وليس الأفراد المقرر أن يشغلوا مناصب عليا في الائتلاف المقبل.
وقال بلينكن في الخطاب الرئيسي في المؤتمر السنوي لمنظمة “جي ستريت” الحمائمية في واشنطن: “سنقيس الحكومة من خلال السياسات والإجراءات، وليس الشخصيات الفردية. سنلتزم بالمعايير التي وضعناها في علاقتنا على مدى العقود العديدة الماضية. وسنتحدث بصدق واحترام مع أصدقائنا الإسرائيليين كما ينبغي دائما للشركاء أن يفعلوا”.
تأتي التصريحات وسط تكهنات بأن مسؤولي بايدن لن يتعاملوا مع بعض أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الناشئة، مثل رئيس “الصهيونية المتدينة” بتسلئيل سموتريتش، الذي من المقرر أن يصبح وزيرا للمالية، ورئيس “عوتسما يهوديت” إيتمار بن غفير، الذي من المتوقع أن يصبح وزير الأمن القومي. ولقد رفض السفير الأمريكي في إسرائيل توم نايدس أن يقول خلال مقابلة الأسبوع الماضي ما إذا كان سيجتمع مع بن غفير.
انتهز بلينكن الفرصة مرة أخرى لتهنئة رئيس الوزراء المفترض بنيامين نتنياهو – مما أثار همسا مسموعا من بين عدد من الحاضرين في المؤتمر الذين زاد عددهم عن 1000 – ورحب بالتزامه بقيادة حكومة “ستعمل على حد تعبيره لصالح جميع السكان في دولة إسرائيل دون استثناء “.
وأضاف بلينكن: “سنواصل الإعراب عن دعمنا للمبادئ الديمقراطية الأساسية، بما في ذلك احترام حقوق مجتمع الميم وإدارة العدالة على قدم المساواة لجميع مواطني إسرائيل”. وصفق الحشد عند الإشارة الواضحة إلى خطة نتنياهو لتعيين آفي ماعوز، رئيس حزب “نوعم” المعادي للمثليين، والذي تعهد بمنع موكب الفخر للمثليين في القدس بصفته نائب وزير يملك صلاحيات على برامج تعليم مختلفة.
في حين أن بلينكن قوبل بترحيب حار من الجمهور، يشعر نشطاء جي ستريت بإحباط متزايد من إدارة بايدن بشأن ما يعتبره الكثيرون منهم رفضها ممارسة ضغط كبير على إسرائيل وتوبيخها بشأن سياساتها تجاه الفلسطينيين.
وبدا أن وزير الخارجية، في بعض الأحيان، يقر بهذا الإحباط.
وقال بلينكين: “نحن نعلم أنه في هذه اللحظة تبدو آفاق حل الدولتين بعيدة – وقد يكون هذا تلطيفا للواقع”.
وجدد معارضة الإدارة لإجراءات أحادية الجانب من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية. “سنواصل أيضا معارضة صريحة لأي أعمال تقوض آفاق حل الدولتين، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التوسع الاستيطاني، والتحركات نحو ضم الضفة الغربية، وتشويش الوضع التاريخي الراهن للأماكن المقدسة، وهدم المنازل، والإخلاء والتحريض على العنف”.
وأوضح بلينكن وسط تصفيق حار “إن مجرد ثني الطرفين عن اتخاذ خطوات تقوض احتمالات قيام دولتين غير كاف، لأن الحقيقة هي أن الفلسطينيين والإسرائيليين لا يتمتعون اليوم بإجراءات متساوية من الحرية أو الأمن أو الفرص”.
جزء كبير من خطاب بلينكن كان بمثابة مراجعة لسياسات إدارة بايدن بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي يرى معظم المحللين أنها لم يتم منحه الأولوية، حيث أن مجال تحقيق التقدم نحو حل آخذ بالتقلص.
وأشاد بلينكن بالمساعدة الأمنية الأمريكية لإسرائيل، وقوبلت إشادته هذه أيضا بأصوات تهامس لدى الجزء التقدمي نفسه من الحضور.
وأعرب عن تضامنه مع الشعب الأوكراني ومع المحتجين على النظام في طهران، بينما أصر على أن الحل الدبلوماسي لبرنامج إيران النووي لا يزال هو الخيار المفضل. وأكد الوزير مجددا أن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”، في الوقت الذي تواصل فيه إيران التقدم نحو سلاح نووي وأن “فترة الاختراق” قد “اختُصرت إلى أسابيع قليلة فقط”.
وانتقل بلينكن للتحدث عن الوضع الدبلوماسي لإسرائيل، حيث رفض حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) المناهضة لإسرائيل، إلى جانب الجهود المبذولة لاستهداف إسرائيل في الأمم المتحدة.
وسلط الضوء على توسط الإدارة في اتفاقية الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان ومبادلة جزيرة بين مصر والسعودية والتي نتج عنها موافقة الرياض على فتح أجوائها أمام الطائرات الإسرائيلية.
كما أعاد بلينكن التأكيد على التزام الإدارة الأمريكية بتوسيع وتعزيز “اتفاقيات إبراهيم”، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من جيرانها العرب.
لكنه أوضح وسط تصفيق الجمهور أن هذه الاتفاقيات “ليست بديلا عن بناء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وأشار إلى أنه يمكن للولايات المتحدة والدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل الاستفادة من الاتفاقات لتحسين سبل عيش الفلسطينيين. وتشير الإمارات إلى أن اتفاقها دفع نتنياهو إلى الالتزام بالامتناع عن ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، بينما تشارك المغرب في جهود لتوسيع ساعات عمل معبر “اللنبي” (الملك حسين) بين الضفة الغربية والأردن، حيث يعاني المشاة الفلسطينيون من طوابير طويلة ورسوم مختلفة.
وقال بلينكين إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعاد أيضا استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية واستأنف مساعدات بمئات الملايين من الدولارات للفلسطينيين، بينما يعارض في الوقت نفسه سياسة رام الله المتمثلة في دفع رواتب للأسرى الأمنيين وعائلات منفذي الهجمات. كما دعا السلطة الفلسطينية إلى دفع إصلاحات لمكافحة الفساد، ووصفها بأنها ضرورية لتحقيق سلام دائم.
في الوقت نفسه، أشار بلينكين إلى الخطوات التي شجعت الولايات المتحدة إسرائيل على اتخاذها، مثل الموافقة على منح آلاف تصاريح العمل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإضفاء الشرعية على وضع الإقامة لآلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية، وزيادة إمدادات المياه إلى غزة بنسبة 40%.
وقال رئيس “جي ستريت”، جيريمي بن عامي، للصحفيين في وقت لاحق ذلك إنه يقدر تصريحات الوزير، لكنه قال إن مجموعته ستحكم على الإدارة من خلال كيفية عملها على الدفع بحل الدولتين قدما.
وقال إن المجموعة تتوقع عودة السياسة الأمريكية بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى ما كانت عليه على الأقل قبل عام 2017، وهو ما يعني التراجع عن سياسات عهد ترامب التي ألغت التمييز بين إسرائيل ومستوطنات الضفة الغربية، وإعادة فتح بعثة دبلوماسية تخدم الفلسطينيين في القدس ومكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. خلال حملته الانتخابية تعهد بايدن بإعادة فتح هذين المكتبين، لكنه لم يفعل ذلك بعد، بسبب معارضة للخطوة في كلتا العاصمتين.