بعد مرور 15 عاما من التحذيرات، تبقى التوترات مع المستوطنين في الضفة الغربية مشكلة جنرالات القيادة المركزية
الخطاب الذي ألقاه اللواء يهودا فوكس هذا الأسبوع يشبه الخطاب الذي ألقاه اللواء غادي شامني عام 2009، حيث حذر شامني من "العناصر التي تسعى إلى الإضرار بأسس الديمقراطية وإرهابنا"، وطلب "إدانة العناصر اليمينية المتطرفة" في الضفة الغربية
كارميلا ميناشي، المراسلة العسكرية المخضرمة للقناة “ب”، تكرر عبارتها كلما تلتقي بضباط في القيادة المركزية “عندما تتحدث إلى المستوطنين، اعتبر ذلك بيانا صحفيا”. لقد سمعتها تقول هذه الجملة في العديد من مراسم تغير القادة في القيادة.
ومن المرجح أن الجنرال يهودا فوكس تعلم ذلك بسرعة عندما تولى منصب قائد القيادة المركزية قبل ثلاث سنوات. لقد أدرك أن في منطقته قوة إضافية يجب أن يأخذها بعين الاعتبار في كل تقييم وقبل اتخاذ أي قرار. قوة سياسية، تأتي في بعض الأحيان من أعلى مستوى ممكن.
أحد الأمثلة على هذه الضغوط هو بؤرة حوميش الاستيطانية. نصب المستوطنون هناك عددا من الخيام، اثنتان منها على أرض فلسطينية خاصة. طلب الجنرال فوكس إجلاءهم، ولكن في كل مرة تلقى اوامر بالانتظار.
في إحدى الليالي، وصلت شاحنات تحمل منازل نقالة ورافعة ضخمة إلى حاجز عيلي، حيث اوقفهم الجنود. وتبين بعد فحص سريع أن الشاحنات لم تحصل على موافقة القائد.
وبين عشية وضحاها بدأ الضغط للسماح بنصب المنازل، لكن القادة الميدانيين لم يستسلموا وطالبوا بتقديم موافقة خطية. وغني عن القول أن الموافقة لم تصل، وعادت الشاحنات من حيث أتت.
منذ بداية العام، ترافق فوكس إجراءات أمنية مشددة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. لقد سمع عن التهديدات ضده من الشاباك، وبحسب المعلومات فقد صدر ضده “دين روديف” (أهدر دمه بحسب الشريعة اليهودية)، وهو إجراء يؤخذ على محمل الجد بعد مقتل اسحق رابين.
ونادرا ما تحدث فوكس عن التهديدات الموجهة إليه. وكان في كل محادثاتي معه حريصا جدا على تجنب المستوى الشخصي وكيفية تعامله مع الواقع المعقد لحكومة يمينية كاملة، ووجود وزير في وزارة الدفاع المسؤول عن المستوطنات ويدعو علنا إلى محو حوارة، ووزير أمن قومي بنفسه مجرم وكان من “شاب التلال”.
وكما كان متوقعا، أثار خطاب وداع فوكس يوم الاثنين الجدل. ولكن هذا ليس جديدا. الجنرال غادي شامني، الذي واجه متظاهرين متدينين بالقرب من الكنيس الذي كان يصلي فيه في رعوت، وجه تحذيرات مماثلة عندما ترك القيادة في عام 2009:
“يجب التنديد العلني بالعناصر اليمينية المتطرفة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) والتعامل معها دون أي تسامح. لسوء الحظ، فإننا نشهد في الكثير من الأحيان ظواهر مرفوضة متمثلة بالضغط على القادة وعائلاتهم لمحاولة ثنيهم عن اتخاذ القرارات الصحيحة. هذا إلى جانب ظاهرة الاعتداء على الجنود وأفراد الشرطة والموظفين الحكوميين الذين يقومون بمهامهم ويعملون بلا كلل من أجل أمن دولة إسرائيل وسلامة مواطنيها”.
أوجه التشابه بين خطاب شامني قبل 15 عاما وخطاب فوكس هذا الأسبوع لا تنتهي عند هذا الحد.
شامني عام 2009 قال:
“من تجربتي، أقول أنه لا توجد طريقة أخرى للتعامل مع تلك العناصر التي تسعى إلى الإضرار بأسس الديمقراطية وإرهابنا سوى إدانتها علنا وعدم التسامح معها مطلقا، مع تقديم الدعم المطلق للقادة الذين اتبعوا الطريق الصحيح وأدوا واجبهم بأمانة”.
فوكس عام 2024 قال:
“للأسف، في الأشهر الماضية وكذلك في الأسبوع الماضي، أطلت الجريمة القومية برأسها، وتحت غطاء الحرب والرغبة في الانتقام، زرعت الفوضى والرعب في نفوس السكان الفلسطينيين الذين لم يشكلوا أي تهديد. لسوء الحظ، لم تر القيادة المحلية والقيادة الروحية في أغلبها التهديد كما رأيناه. لقد تم ردعهم وهم لا يجدون القوة ليخرجوا إلى العلن ويعملوا بحسب القيم اليهودية التي يربون أبنائهم في ضوءها”.
يحذر الجنرالان بفارق عقد ونصف من نفس الظاهرة – البعض قد يسميها فقدان السيطرة، والبعض قد يسميها غض الطرف، والبعض الآخر قد يسميها خطرا على الديمقراطية. والبعض يسميها الصهيونية.
وقال ضابط خدم في عهد فوكس لصحيفة “زمان يسرائيل” أن الجرائم القومية ثقلت عليه في العام الماضي. وتعرض فوكس في كثير من الحالات لهجمات من قيادة المستوطنين، لكنه نادرا ما شارك ذلك مع من حوله. ورغم أنه لم يقل ذلك، يبدو أنه أصيب بخيبة أمل في كثير من الأحيان من رد فعل قيادة المستوطنين على الخطوات التي اتخذها.
فوكس هو أول لواء يوافق على دمج عناصر أمنية في البؤر الاستيطانية غير القانونية لحماية المستوطنين. وعزز نظام الدفاع في المنطقة من 1300 جندي إلى 8000 جندي ووافق على خطط تفصيلية لشوارع التفافية كانت عالقة في الماضي. ولكنه تعرض مع ذلك لهجوم مستمر.
إحدى أبرز الحالات وقعت في بداية الحرب. التقى فوكس حينها سرا بقيادة الحاخامات في الضفة الغربية وطلب مساعدتهم في تهدئة النفوس من أجل كبح جماح شباب التلال وهجمات تدفيع الثمن. وفي محادثة مع أحد الضباط بعد اللقاء تحدث عن أجواء ممتازة وتفهم للوضع من جانب الحاخامات.
لكن تم تسريب عقد اللقاء، بما في ذلك حضور ممثل للشاباك فيه، وأضيفت معلومات كاذبة إلى المنشورات بأن فوكس تلقى توبيخا من الحاخامات. كانت خيبة أمله في هذه القضية كبيرة، وشعر أن الحاخامات انضغطوا في اعقاب تسريب اللقاء وخلقوا صورة زائفة عن أجواء عدائية.
ينهي فوكس مسيرته في الجيش الإسرائيلي بعد ما يقارب من أربعة عقود. وقد منحه منصبه الأخير شهرة إعلامية كبيرة، ولكن قد يقول البعض إنه أحبطه أيضا.
وقد نقل هذا الأسبوع القيادة إلى الجنرال آفي بيلوت، وهو من المستوطنين، ونشأ في مستوطنة عيلي. سيكون من المثير أن نرى كيف سيعامله المستوطنون، وكيف سيعاملهم بدوره.