بعد مرور قرابة 6 أشهر من الحرب، عائلات الرهائن الإسرائيليين تنضم إلى المسيرات المناهضة للحكومة
"لن نلتقي هنا مرة أخرى"، يقول والد إحدى المختطفات في المظاهرة التي أقيمت في ساحة المخطوفين في تل أبيب؛ عشرات الآلاف في احتجاجات في جميع أنحاء إسرائيل؛ اعتقال أكثر من عشرة أشخاص في اشتباكات مع الشرطة
خرج عشرات آلاف الإسرائيليين في احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء إسرائيل مساء السبت، حيث اتخذت المظاهرات الأسبوعية التي تنظمها عائلات الرهائن في تل أبيب منعطفا دراماتيكيا بعد أن دعا المتحدثون الحاضرين إلى “النزول إلى الشوارع” والانضمام إلى المتظاهرين المناهضين للحكومة في قلب المدينة، معلنين كما يبدو عن وقف الفصل بين المظاهرتين.
وقال إيلي ألباغ، والد الرهينة ليري ألباغ المحتجزة لدى حماس، أنه لن تكون هناك احتجاجات منفصلة أخرى في ساحة المخطوفين أمام متحف تل أبيب للفنون.
وقال: “هذا هو السبت الأخير الذي سنكون فيه هنا. لن نلتقي هنا بعد الآن، سنكون في الشوارع… هذه هي اللحظة التي نطفئ فيها الأضواء”.
الضوء الوحيد الذي بقي على خشبة المسرح جاء من شاشة عملاقة تحمل رسالة إلى المتظاهرين في ساحة المخطوفين: “تعالوا معنا إلى بيغن [الشارع] وشارع ديزنغوف لجعل صيحاتنا مسموعة. كلهم الآن!”
وقال المتحدث باسم منتدى عائلات المخطوفين والمفقودين، حاييم روبنشتاين، على منصة X بعد وقت قصير من الإعلان من على المنصة: “لقد انتهت المسيرات، وبدأت الاحتجاجات للتو”.
Tens of thousands of Israelis are demonstrating in Tel Aviv tonight, calling on Netanyahu to do more to release the hostages held by Hamas in Gaza. This is the biggest demonstration since October 7 pic.twitter.com/Qs9cWUYcts
— Barak Ravid (@BarakRavid) March 30, 2024
كما تم تسجيل اشتباكات مع الشرطة في القدس، حيث اقتحم حوالي 200 متظاهر مجموعة من حواجز الشرطة للتظاهر على بعد حوالي 90 مترا من مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في “شارع غزة”، وفي قيسارية حيث اعتقلت الشرطة متظاهرين الذين أغلقوا الطرق بالقرب من مقر إقامة نتنياهو الخاص ورددوا هتافات تطالبه بالاستقالة.
وتجمع المتظاهرون أيضا في سديروت وأور عكيفا وبئر السبع، في أعقاب البيان العلني لأفراد عائلة الرهائن الذين وصفوا رئيس الوزراء بأنه “عقبة أمام التوصل إلى اتفاق” لإطلاق سراح الرهائن.
وكانت الاحتجاجات من بين أكبر الاحتجاجات منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، مع هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، ما زال حوالي 130 منهم في غزة، وليس جميعهم على قيد الحياة.
وتعثرت الجهود الرامية إلى التوصل إلى صفقة رهائن ثانية، بعد الصفقة التي أُبرمت في نوفمبر وتم فيها إطلاق سراح 105 رهائن، ولكن لم يتم إلغاؤها.
ووصفت عيناف زانغاوكر، والدة متان زانغاوكر المحتجز لدى حماس، طريقة تعامل نتنياهو مع قضية الرهائن بأنها “غير مفهومة وإجرامية”، في خطاب ألقته ليل السبت في القدس.
وقالت: “رئيس الوزراء نتنياهو، بعد أن تخليت عن عائلاتنا في 7 أكتوبر، وبعد 176 يوما لم تتوصل فيها إلى صفقة [لإعادتهم]، ولأنك منخرط بشكل مستمر في نسف الصفقة، فقد أدركنا أنك أنت العائق أمام الصفقة. أنت العائق. أنت من يقف بيننا وبين عودة أحبائنا إلى الوطن”.
وتعهدت قائلة: “من الآن سنعمل على استبدالك على الفور. لقد خلصنا إلى أن هذه هي أسرع طريقة للتوصل إلى اتفاق… سوف نتظاهر ونطالب بالإطاحة بك. سوف نلاحقك علنا”.
بعد تفرق المظاهرة المناهضة للحكومة في شارع كابلان في تل أبيب ومغادرة المشاركين في احتجاج عائلات الرهائن ساحة المخطوفين، تجمعت حشود من المتظاهرين من كلا الحدثين في شارع بيغن القريب، حيث كانت حركة “إخوة وأخوات في السلاح”، وهي مجموعة جنود احتياط وكانت من بين قادة الاحتجاجات المناهضة لخطة الإصلاح القضائي العام الماضي، ودعوا إلى إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وكان هناك تواجد كبير للشرطة في جميع أنحاء المنطقة، حيث تم وضع حواجز في أجزاء كبيرة من شارعي بيغن وكابلان، بالإضافة إلى بعض المخارج المؤدية إلى طريق أيالون السريع لمنع المتظاهرين من إغلاق هذا الطريق.
وكما حدث في الأسابيع السابقة، أشعل المتظاهرون النيران على الطريق، بينما حاولت الشرطة إطفاءها. ولوح العديد من المتظاهرين بالمشاعل، رمزا لمحنة الرهائن.
استخدم المنظمون الجسر فوق شارع بيغن كمنصة مؤقتة تحدث منها أفراد عائلات الرهائن الواحد تلو الآخر، بخطابات ذات لهجة قتالية أكثر مما كانت عليه في الأسابيع السابقة.
وأكدت هداس كالديرون، التي تم إطلاق سراح ابنيها من غزة بينما لا يزال والدهما عوفر كالديرون هناك، أمام الحشد الموجود في الأسفل أنه تم إطلاق سراح ابنيها فقط من خلال المفاوضات وأنه يجب التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح بقية الرهائن.
وتحدث يهودا كوهين، والد نمرود كوهين، الجندي الذي تم احتجازه كرهينة في 7 أكتوبر، بعد كالديرون، قائلا أنه تحدث مع نتنياهو هذا الأسبوع كجزء من مجموعة أكبر من أهالي الجنود الإسرائيليين المختطفين، وسأله عن الثمن الذي ستكون إسرائيل على استعداد لدفعه لإعادة ابنه، وأنه لم يتلق أي جواب.
وأضاف أنه إذا لم يتمكن نتنياهو من إعادة نجله إلى الوطن، فينبغي عليه الاستقالة وترك المهمة لشخص آخر.
في وقت مبكر من الاحتجاج في شارع بيغن، أعلن قائد الشرطة منشيه منصور أن المظاهرة من أجل المطالبة بصفقة رهائن غير قانونية وحث المتظاهرين على التفرق، مما أدى إلى سلسلة من المناوشات بين المتظاهرين والشرطة. على الرغم من أن هذا يحدث أسبوعيا، إلا أن الإعلان في ليالي السبت السابقة جاء في مرحلة متأخرة أكثر.
كما تمكنت مجموعة من المتظاهرين من إغلاق جزء من طريق أيالون السريع وساروا جنوبا قبل أن تتمكن الشرطة من تفريقهم بخراطيم المياه.
وقالت الشرطة إنها اعتقلت 16 شخصا في تل أبيب وفرضت غرامات على تسعة بسبب الاضطرابات وعرقلة حركة المرور.
“لقد نفدت الأعذار”
قبل أن تُطفأ الأنوار في ساحة المخطوفين، تحدثت اثنتان من الرهائن السابقين الذين تم إطلاق سراحهم خلال اتفاق الهدنة في نوفمبر، بلهجة شديدة عن سلوك نتنياهو، مما يمثل تغييرا في لهجة مظاهرات منتدى عائلات المخطوفين والمفقودين التي حاول فيها المتحدثون – حتى هذا الأسبوع – الامتناع عن الإدانة العلنية للحكومة الحالية.
ودعت أفيفا سيغل، التي لا يزال زوجها كيث سيغل في الأسر، نتنياهو وأعضاء آخرين في الحكومة إلى التوقف عن التعامل مع المفاوضات بشأن الرهائن “كما لو كانت لعبة أطفال”.
وقالت من على المنصة: “لا يمكنك إعادة الوفد من قطر دون اتفاق”، في إشارة إلى المفاوضات غير المباشرة الجارية بين إسرائيل وحماس في الدوحة.
وتابعت: “هل تسمعني يا بيبي؟ لا أعرف ما إذا كان زوجي على قيد الحياة. توقف عن الحديث عن النصر، توقف عن الحديث عن الضغط العسكري. لن ينجح شيء. لم ينجح شيء حتى الآن. إنهم يموتون هناك كل يوم”.
وانضمت راز بن عامي، الرهينة المفرج عنها والتي تم إطلاق سراحها أيضا في نوفمبر الماضي ولا يزال زوجها رهينة أيضا في غزة، إلى سيغل في حث الحكومة على التوصل إلى اتفاق مع حماس.
وقالت بن عامي في المظاهرة الأسبوعية لمنتدى عائلات المخطوفين والمفقودين في ساحة المخطوفين في تل أبيب: “لن يصمدوا [الرهائن] هناك، ولا يمكن لأحد أن يصمد أمام ما يمرون به. صدقوني”.
ودعت شيرا ألباغ، والدة الرهينة ليري، المتظاهرين إلى خوض النضال “ضد اللامبالاة ودعما للحياة”.
وقالت: “مر 176 يوما لم أغض فيها الطرف عن الأفكار والخوف مما تمر به ليري والمختطفون الآخرون. شعب إسرائيل لن ينسى أو يسامح أي شخص يمنع التوصل إلى اتفاق يعيدهم [الرهائن] إلينا. وبعد 176 يوما و4224 ساعة انتهت الأعذار”.
“زيادة الضغط” على نتنياهو
في الاحتجاج الأسبوعي في القدس، قال أودي غورين، ابن عم تال حيمي الذي قُتل أثناء دفاعه عن كيبوتس نير يتسحاق في 7 أكتوبر، إن الطفل الجديد لابن عمه على وشك أن يولد.
وقال: “استمعوا إلي، سيعودون إلى الوطن، حتى آخر واحد منهم. علينا أن نتأكد من حدوث ذلك في أسرع وقت ممكن”، وقرأ أسماء الرهائن مضيفا “يا بيبي، اسمع، أنت محق، النصر في أيدينا، فلتنتصر دولة إسرائيل وتعيد الرهائن إلى الوطن”.
وفي قيساريا، قالت متظاهرة محلية تدعى حانا زيسيل لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن المظاهرات تهدف إلى “زيادة الضغط عليه [نتنياهو] حتى يذهب إلى انتخابات جديدة”.
وبدأ عاموس مالكا، الرئيس الأسبق لشعبة المخابرات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، فقرة المتحدثين في المظاهرة بخطاب اتهم فيه نتنياهو بـ “التخلي عن الرهائن” الذين تحتجزهم حماس في غزة.
وقال مالكا: “لو عرفت العائلات مدى صغر الفجوة، التي يرفض نتنياهو سدها” في المفاوضات مع حماس، “لانفجرت”، مضيفا “وهذا دليل آخر على عدم أهليته لشغل المنصب”.
متحدثا لتايمز أوف إسرائيل، أوضح مالكا، وهو من قادة حركة الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو، أن “الإخفاقات التي سبقت 7 أكتوبر يشاركها الكثيرون، عبر مجتمعي الدفاع والمؤسسة. ولكن ما حدث منذ ذلك الحين” – هذا يقع على عاتق نتنياهو.