بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة تقول إن موقف بايدن بشأن عملية رفح “واضح وثابت”
التصريح المقتضب يأتي في الوقت الذي يبدو فيه أن البيت الأبيض يخفف من معارضته لتوغل إسرائيلي في رفح، مشيرا إلى أن القدس تأخذ المخاوف الأمريكية في الاعتبار
ردا على حكم محكمة العدل الدولية يوم الجمعة بشأن العملية الإسرائيلية في مدينة رفح بجنوب غزة، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: “لقد كنا واضحين وثابتين بشأن موقفنا حول رفح”، دون الخوض في تفاصيل.
وقد دعا حكم محكمة العدل الدولية المهم، ولكن المبهم إلى حد ما، إسرائيل إلى وقف العمليات العسكرية في رفح التي من شأنها أن تهدد بتدمير السكان المدنيين الذين يحتمون هناك. وبحسب تفسير أربعة قضاة، فإن الأمر محدود، ويأمر إسرائيل بعدم انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في رفح، وليس وقف عملياتها العسكرية هناك تماما.
وقد أعلنت الإدارة الأمريكية مرارا أنها تعارض هجوما إسرائيليا كبيرا في رفح، حيث أوقف الرئيس الأمريكي جو بايدن شحنة من القنابل بسبب مخاوف من أن إسرائيل قد تستخدمها كجزء من العملية، في حين قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان هذا الأسبوع إن أنشطة الجيش الإسرائيلي لم تصل إلى المستوى الذي حذرت منه واشنطن.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أكد موقف بايدن بشأن “عملية كبيرة في رفح” عندما تحدث مع الوزير في كابينت الحرب بيني غانتس يوم الجمعة.
وصدر البيان بعد قرار محكمة العدل الدولية بشأن رفح.
ولم يصدر بيان فوري عن مكتب غانتس.
وكان المسؤولون الأمريكيون، الذين مارسوا الضغط على إسرائيل، قد أشاروا إلى أن عملية كبيرة في رفح هي خط أحمر من شأنه أن يقوض المفاوضات المتوقفة بشأن اتفاق لإعادة الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، وستدفع بايدن إلى تجميد ارسال الأسلحة إلى إسرائيل.
لكن يبدو أن لهجة البيت الأبيض قد شهدت تحولا ملحوظا هذا الأسبوع بعد عودة سوليفان من زيارة لإسرائيل، حيث قال أنه تم إطلاعه على “تحسينات” في الخطة الإسرائيلية للقضاء على حماس في رفح.
خلال محادثات سوليفان مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين خلال الرحلة، تناول الجانب الإسرائيلي العديد من مخاوف بايدن بشأن الخطط حول رفح، وفقا لمسؤول كبير في الإدارة طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة الحساسة.
وقال المسؤول إن الإدارة الأمريكية لم تصل إلى حد إعطاء الضوء الأخضر للخطة الإسرائيلية، لكن الخطط المعدلة التي عرضها المسؤولون الإسرائيليون تشير إلى أنهم يأخذون مخاوف بايدن على محمل الجد.
وبدا أن إسرائيل تواصل عملياتها في أرجاء غزة يوم السبت.
وأفاد شهود عيان فلسطينيون أن اسرائيل شنت غارات جوية في قطاع غزة فجر اليوم السبت، بما في ذلك في رفح.
واستمرت الاشتباكات بين الجنود الإسرائيليين ومسلحي حماس.
وأفاد شهود فلسطينيون وطواقم وكالة “فرانس برس” بغارات إسرائيلية في رفح ومدينة دير البلح وسط القطاع.
ولم يصدر تعليق فوري عن الجيش الإسرائيلي.
يوم الجمعة، ذهبت محكمة العدل الدولية إلى أبعد من الولايات المتحدة، حيث أمرت إسرائيل بوقف العمليات العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة التي من شأنها أن تهدد بتدمير السكان المدنيين الذين يحتمون هناك.
وجاء في الحكم “يجب على إسرائيل أن توقف على الفور هجومها العسكري، وأي عمل آخر في محافظة رفح، والذي قد يلحق بالمجموعة الفلسطينية في غزة ظروفا قد تؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا”.
تمت الموافقة على الأمر بأغلبية 13 صوتا مقابل صوتين من قبل قضاة المحكمة، مع معارضة نائبة رئيس المحكمة الأوغندية جوليا سيبوتيندي والقاضي الخاص أهارون باراك من إسرائيل.
وفقا لتفسير سيبوتيندي وباراك وقاضيين آخرين في المحكمة، فإن حكم المحكمة لم يكن أمرا مباشرا وشاملا بوقف عملية رفح، بل كان أمرا محدودا يأمر إسرائيل بعدم انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في تلك الحملة العسكرية. غير أن القاضي الخامس من بين خمسة قضاة كتبوا آراء أو إعلانات منفصلة مصاحبة للحكم، وهو القاضي الجنوب أفريقي ديري تلادي، اتخذ وجهة نظر معاكسة، مجادلا بأن الحكم، “بعبارات صريحة، أمر دولة إسرائيل بوقف هجومها في رفح”.
وبينما يقرأ البعض القرار على أنه أمر شامل بوقف الهجوم، يبدو أن الصياغة تتضمن بعض الشروط التي من شأنها أن تسمح لإسرائيل بمواصلة عملياتها في رفح طالما أنها تضمن أن ظروف الفلسطينيين الذين يحتمون هناك لا تتدهور إلى درجة تهدد بدمارهم الشامل. ومن الجدير بالذكر أنه تم إجلاء ما يقرب من مليون من أصل 1.4 مليون فلسطيني لجأوا إلى رفح بالفعل، وسط أوامر الجيش الإسرائيلي بذلك.
في قرار يوم الجمعة، قال قضاة المحكمة الجنائية الدولية مرة أخرى إن قلقهم الأساسي فيما يتعلق بالتزامات إسرائيل بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والتي بموجبها رفعت جنوب أفريقيا دعواها ضد إسرائيل إلى المحكمة، هو أن تخلق إسرائيل ظروف حياة تهدف إلى تدمير السكان الفلسطينيين في غزة.
في جميع الأحكام الأربعة التي أصدرتها المحكمة ضد إسرائيل ابتداء من 26 يناير، أوضحت المحكمة أن ما يجعل إسرائيل عرضة في الأساس لادعاءات الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية هو البند الصريح في المادة الثانية. هذا البند ينص على أن أحد أشكال الإبادة الجماعية هو “إخضاع الجماعة [القومية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية]، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا”.
وجاء في حكم المحكمة يوم الجمعة أن المخاوف التي عبرت عنها في قرارها في شهر فبراير، عندما طلبت جنوب أفريقيا لأول مرة من المحكمة أمر إسرائيل بعدم غزو رفح، “قد تحققت، وأن الوضع الإنساني يمكن وصفه الآن بأنه كارثي”.
وقالت إن التطورات في رفح، مع إجلاء مئات الآلاف من الفلسطينيين من المدينة، “خطيرة بشكل استثنائي”، وأنها “غير مقتنعة” بأن جهود الإخلاء الإسرائيلية وغيرها من التدابير المتخذة لحماية المدنيين في غزة “كافية للتخفيف من المخاطر الهائلة التي يتعرض لها السكان الفلسطينيون نتيجة للهجوم العسكري في رفح”.
وإلى جانب أوامرها المتعلقة بالعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، أمرت المحكمة إسرائيل أيضا بـ”إبقاء” معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة مفتوحا للسماح “بتقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع دون عوائق” إلى المنطقة.
وتم إغلاق معبر رفح منذ أن أطلق الجيش الإسرائيلي عملية في وقت سابق من هذا الشهر للسيطرة على جانب غزة من المعبر.
وتتهم إسرائيل مصر برفض إعادة فتح المعبر لأن القاهرة لا ترغب بذلك طالما أن الجيش الإسرائيلي يدير الجانب الآخر من المعبر، وتجد إسرائيل صعوبة في العثور على هيئة أخرى لإدارة المعبر.
يؤكد الجيش الإسرائيلي أن رفح هي آخر معقل رئيسي لحركة حماس في غزة، وحيث تتمركز أربع من كتائب الحركة.
تعتقد إسرائيل أن قادة حماس والعديد من نشطاء الحركة يختبئون في رفح، وأن عددا غير محدد من الرهائن الـ 121 المتبقين الذين تم اختطافهم خلال الفظائع التي قادتها حماس في 7 أكتوبر محتجزون في المدينة. وتقول إسرائيل إنها لا تملك خيارا سوى تنفيذ عملية في المدينة للقضاء على كتائب حماس هناك ومع تهريب الأسلحة والأموال إلى داخل غزة.