بعد فشل جميع المحادثات، تحدي رمضان يبدأ الليلة
الخلافات تشتد بين السنوار في غزة وقيادة حماس في الخارج؛ لا يمكن سد الفجوات بين شقي حماس في المحادثات مع إسرائيل؛ مسألة العملية في رفح فقط تضاعف التوترات المتصاعدة في شهر رمضان

أصدر مكتب رئيس الوزراء أمس إعلانا استثنائيا بعد اللقاء الذي عقد الجمعة بين رئيس “الموساد” دافيد بارنياع ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز. وجاء في البيان أن “حماس تتمسك بموقفها بشكل يدل على عدم اهتمامها بالصفقة وسعيها إلى إشعال المنطقة خلال شهر رمضان على حساب السكان الفلسطينيين في قطاع غزة”.
وعادة ما تبقى هذه المحادثات سرية، بالأساس لإبقاء الأبواب بين الوسطاء والأطراف مفتوحة. وكان هدف اجتماع يوم الجمعة هو أن يكون محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق قصير الأجل قبل شهر رمضان – وهو اتفاق يسعى في المقام الأول لاسترضاء الوسطاء الثلاثة، الولايات المتحدة وقطر ومصر، كل منهم لأسبابه الخاصة.
لكن كان من الواضح في نهاية الحديث أن هذا الهدف طموح للغاية، خاصة في ظل الخلافات العميقة بين يحيى السنوار في قطاع غزة وقيادة حماس في الخارج. هناك فجوات بين شقي حماس لا يمكن حلها مع إسرائيل.
السنوار، بحسب مسؤولين أمنيين إسرائيليين، يريد القتال في قطاع غزة والإضطرابات في الحرم القدسي، على أمل أن تمتد هذه الأحداث إلى الضفة الغربية ومن ثم إلى المجتمع العربي في إسرائيل.
وبحسب تقرير المؤسسة الأمنية في الاجتماع الحاسم قبل رمضان مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، فالسنوار يعتبر شهر رمضان فرصته الأخيرة لتوحيد الجبهات، بعد فشله في ذلك في 7 أكتوبر.
وأكد التقرير أن السنوار يحاول إشعال التوترات الدينية في الصراع، وأن هذه ورقته الأخيرة نظرا لوضعه في القطاع. وزعم إنه يعتقد إن هذه هي الطريقة الوحيدة لجعل إسرائيل تواجه جبهة كبرى أخرى في الضفة الغربية وتوحيد العالم الإسلامي.
ولتجنب إثارة التوترات الدينية قدر الإمكان، كانت توصية الشاباك حادة وواضحة: عدم الانصياع لمطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالحد من دخول المواطنين العرب إلى الحرم القدسي خلال العيد.
السيناريو الذي يخشى منه الجميع هو تكرار رمضان 2021، عندما تم توقيف الحافلات التي كانت تقل المصلين العرب من مواطني إسرائيل إلى الحرم القدسي على الطريق رقم 1، وبدأ ركاب الحافلات بالسير على الطريق المؤدي إلى القدس.
وهذا أيضا هو سبب اللقاء غير العادي الذي عقده رئيس الشاباك رونين بار الأسبوع الماضي في مكتبه مع قادة المجتمع العربي. وللتوضيح، لم يسبق إلا لعدد قليل من السياسيين الإسرائيليين زيارة غرفة استقبال رئيس الشاباك.
واقتنع نتنياهو بهذه الحجج، بعد أن فهم الصورة المعقدة للوضع، وخاصة ثمن التدهور الأمني السريع في الضفة الغربية. وقد وصف مسؤول أمني كبير هذا السيناريو بأنه “نهاية الحرب في غزة وفي الشمال”، حيث سيتعين على الجيش الإسرائيلي نقل قوات كبيرة من هاتين الجبهتين إلى الضفة الغربية.
وقال مصدر أمني لزمان إسرائيل أن “هناك نصف مليون مواطن إسرائيلي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) يتحركون عبر شوارع مشتركة مع 3 ملايين فلسطيني. وهذا احتكاك يومي خطير للغاية، خاصة إذا كان هناك تصعيد. أي خطأ صغير يمكن أن يشعل انتفاضة ثالثة، تعني تدفق قوات كبيرة إلى المنطقة. ووفقا لتجارب الماضي، هذا وحده يمكنه تهدئة موجات الإرهاب”.
وتضم القيادة المركزية حاليا 23 كتيبة بالإضافة إلى عدة وحدات خاصة. وهذا مشابه للحال قبل 7 أكتوبر. ولكن بالإضافة إلى القوات النظامية، ترك الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 5000 جندي احتياط من نظام الدفاع الإقليمي للمستوطنات، من أجل تعزيز قواته قدر الإمكان في حالة تصعيد الأوضاع. التخطيط في الوقت الحالي هو ألا يتم إطلاق سراحهم من خدمة الاحتياط إلا بعد شهر رمضان، على افتراض وأمل أن يمر بهدوء.
ومسألة العملية في رفح فقط تزيد الطين بلة. بالنسبة للجيش الإسرائيلي، السؤال ليس إذا سيتم تنفيذ عملية في رفح – ولكن متى سيتم تنفيذها، والخطط العملياتية تسير على قدم وساق. وأعلن الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية عن وضع رئيس الأركان ورئيس الشاباك ونائبه وقائد القيادة الجنوبية الخطط لمواصلة العملية في قطاع غزة.
بالنسبة لإسرائيل، لا يتم التفاوض على رفح، أي أن إسرائيل ليست مستعدة لمناقشة تنفيذ العملية أم لا. المرونة الوحيدة التي يمكن الحديث عنها هي مسألة التوقيت. نظرا إلى أنه لا يزال على الجيش إنجاز بعض المهام في منطقة خان يونس، إضافة إلى التقدير بأن إخلاء السكان من رفح إلى الشمال ستستغرق أسبوعين على الأقل، فيبدو أنه من المفترض تأجيل العملية إلى ما بعد رمضان.

هذا التأجيل يشكل ورقة ضغط لإسرائيل في المفاوضات مع مصر بشكل رئيسي. القتال على الحدود مع مصر ستشكل ضربة في القاهرة وخارجها. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يريد تجنب هذه المشاهد؛ وبعد رمضان سيكون من الأسهل له التعامل معها.
البدء في بناء الرصيف البحري الذي أعلن عنه رئيس الولايات المتحدة جو بايدن خلال شهر رمضان أمر غير مستبعد. إسرائيل لم تعترض على ذلك، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية المدنيين في غزة دون تدخل إسرائيلي.
لكن هناك مشكلة: الرئيس بايدن يطالب إسرائيل بحراسة هذا الرصيف. وحتى الآن ليس من الواضح أين سيتم إنشاؤه وكيف ستقوم إسرائيل في حراسته.
ولم يتم تطوير فكرة توصيل المواد الغذائية من قبرص إلى الشاطئ من دون رصيف، رغم أن وزير الخارجية السابق إيلي كوهين ذهب إلى قبرص لفحصها وحصل على موافقة القيادة الأمنية والأميركيين. لكن إسرائيل تأخرت في تنفيذ هذه الخطة، وحصلت على رصيف بدلا من ذلك.
والآن يجب أن نأمل أن يكون الميناء المؤقت فعلا مؤقت، وإلا فستضطر إسرائيل إلى حراسته بشكل دائم، وهو بالضبط ما تحاول تجنبه. والشيء نفسه ينطبق على اليوم التالي: بدون المبادرة، سيتم فرض الحل علينا.