إسرائيل في حالة حرب - اليوم 648

بحث

بعد سنوات من التحضير، إسرائيل تطلق هجومًا واسعًا ضد إيران وبرنامجها النووي

سلاح الجو الإسرائيلي ينفذ عدة موجات من الغارات؛ انفجارات في مواقع نووية وفي طهران، مع تأكيد مقتل قائد الحرس الثوري؛ رئيس الوزراء يقول إن العملية "ستستمر ما دامت الحاجة قائمة"؛ إسرائيل تستعد للرد الإيراني

تصاعد الدخان بعد انفجار في طهران، إيران، 13 يونيو 2025. (Vahid Salemi/AP)
تصاعد الدخان بعد انفجار في طهران، إيران، 13 يونيو 2025. (Vahid Salemi/AP)

وصلت عقود من التحذيرات الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني والتحضيرات للعمل العسكري لإحباطه ذروتها فجر يوم الجمعة، مع إطلاق الدولة اليهودية هجومًا واسعًا ضد الجمهورية الإسلامية، استهدفت فيه مواقع نووية ومنشآت عسكرية وقواعد صواريخ وقيادات عليا.

وقالت القدس إنها نفذت “ضربة دقيقة واستباقية” ضد إيران، معلنة عن وجود تهديد وشيك من برنامجها النووي، وأعلنت حالة طوارئ في الداخل بينما يستعد المواطنون لهجوم انتقامي. وحذر كبار المسؤولين من احتمال نشوب صراع طويل الأمد، مشيرين إلى أن طهران تملك القدرة على إلحاق أذى كبير بإسرائيل.

وأُفيد عن وقوع عدة موجات من الغارات الإسرائيلية في أنحاء إيران استمرت عدة ساعات، بدءًا من حوالي الساعة الثالثة فجرًا وحتى الصباح.

وأطلق على العملية اسم “الأسد الصاعد”، واستهدفت البرنامج النووي الإيراني — حيث قدّر الجيش أن لدى إيران حاليًا ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع 15 قنبلة نووية — بالإضافة إلى مصانع الصواريخ الباليستية وقدراتها العسكرية، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجيش.

وقالت إسرائيل إنه لم يكن أمامها خيار سوى مهاجمة إيران، مضيفة أنها جمعت معلومات استخباراتية تشير إلى أن طهران تقترب من “نقطة اللاعودة” في سعيها لامتلاك سلاح نووي.

وقال الجيش في بيان: “لقد عمل النظام الإيراني لعقود من أجل الحصول على سلاح نووي. لقد حاول العالم بكل السبل الدبلوماسية الممكنة إيقافه، لكن النظام رفض التوقف”.

صورة نشرتها قناة سباه نيوز الرسمية التابعة للحرس الثوري الإيراني على تليغرام في 13 يونيو 2025، تظهر تصاعد الدخان من موقع يبدو أنه استهدف بضربة إسرائيلية في العاصمة الإيرانية طهران فجر اليوم. (SEPAH NEWS / AFP)

وتم تأكيد مقتل قائد الحرس الثوري الإسلامي حسين سلامي في الغارات. كما أفادت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية بمقتل رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري. وقدرت القدس أن قادة كبارًا آخرين وعلماء نوويين بارزين قُتلوا أيضًا.

وأُبلغ عن انفجارات في نطنز، موقع المنشأة النووية الرئيسية، وكذلك في طهران وحولها.

ومن المتوقع أن تستمر العملية الإسرائيلية لأيام، بحسب مسؤولين عسكريين، الذين أضافوا أن الجيش الإسرائيلي يستعد لنيران كثيفة من إيران، لكنه أكد أن “بنهاية العملية، لن يكون هناك تهديد نووي” من الجمهورية الإسلامية.

وقبيل الساعة الثالثة فجرًا، وردت تقارير عن انتشار مكثف للطائرات الحربية فوق العراق. ثم سُمعت صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل، وتلقت هواتف الإسرائيليين تحذيرات عاجلة تُخطرهم ببدء هجوم كبير، وتوقع رد إيراني. ولم تأتِ الصفارات ردًا على إطلاق صواريخ، بل طُلب من المواطنين البقاء بالقرب من الأماكن المحمية.

وفي غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس حالة الطوارئ، بينما عقد نتنياهو اجتماعًا للحكومة وأغلقت إسرائيل مجالها الجوي.

وقال الجيش الإسرائيلي إن العشرات من الطائرات شاركت في “الضربة الافتتاحية، التي شملت غارات على عشرات الأهداف العسكرية، بما فيها مواقع مرتبطة بالبرنامج النووي في مناطق مختلفة من إيران”.

وزير الدفاع إسرائيل كاتس يجتمع مع رئيس أركان الجيش الجنرال إيال زمير وأعضاء القيادة العسكرية العليا قبيل العملية الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، 13 يونيو 2025. (Defense Ministry)

وفي بيان مصور، قال قائد الجبهة الداخلية اللواء رافي ميلو إنه من المتوقع أن تُسمع صفارات الإنذار في مناطق واسعة من إسرائيل فور بدء إيران هجومها المضاد المتوقع.

وقال رئيس الأركان الجنرال إيال زمير إن الجيش “يستدعي عشرات الآلاف من الجنود ويستعد على جميع الحدود”.

“شعب إسرائيل، لا أستطيع أن أعدكم بنجاح مطلق. النظام الإيراني سيحاول مهاجمتنا ردًا على ذلك. التكلفة المتوقعة ستكون مختلفة عما اعتدنا عليه”، قال زمير، لكنه شدد: “نحن نعد لهذه العملية منذ وقت طويل”.

وفي الضفة الغربية، فُرض إغلاق كامل على جميع المدن الفلسطينية حتى إشعار آخر. وفي الشمال، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحشد قواته للاستعداد للدفاع أو الهجوم عند الحاجة.

موقع التخصيب في نطنز “تعرّض لعدة ضربات”

أكد نتنياهو والتلفزيون الرسمي الإيراني أن أحد أهداف الغارات كان منشأة التخصيب في نطنز، وهي واحدة من منشأتين نوويتين تحت الأرض في البلاد، والأخرى تقع في فوردو.

صورة نشرتها قناة سباه نيوز الرسمية التابعة للحرس الثوري الإيراني على تليغرام في 13 يونيو 2025، تظهر تصاعد الدخان من موقع يبدو أنه استهدف بضربة إسرائيلية في العاصمة الإيرانية طهران فجر اليوم. (SEPAH NEWS / AFP)

وذكرت القناة الرسمية الجمعة صباحًا أن “منشأة التخصيب في نطنز تعرضت لعدة ضربات”، وعرضت لقطات لدخان كثيف يتصاعد من الموقع.

ولم يتضح بعد حجم الأضرار — إذ عرض التلفزيون الرسمي الإيراني بث مباشر للموقع لفترة وجيزة فقط وبحضور مراسل.

كما أفادت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) بسقوط عدد من القتلى في طهران، وحددت أسماء أحياء في مواقع متعددة من العاصمة، بعد استهداف مبانٍ سكنية بالغارات.

وبالتزامن مع غارات سلاح الجو الإسرائيلي، أفاد مراسل “أكسيوس” باراك رافيد على قناة سي إن إن أن جهاز الموساد الإسرائيلي نفذ سلسلة عمليات تخريب سرية “عميقة” داخل إيران ضد الدفاعات الجوية ومنشآت الصواريخ التابعة للجمهورية الإسلامية، مستندًا إلى مسؤول إسرائيلي رفيع لم يُكشف اسمه.

مقتل قائد الحرس الثوري وعلماء نوويين في الضربات

أكدت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية مقتل قائد الحرس الثوري حسين سلامي في ضربة إسرائيلية. ويعد الحرس الثوري أحد مراكز القوة الرئيسية داخل نظام الحكم في إيران ويسيطر على ترسانة الصواريخ الباليستية الإيرانية.

كما أكدت القناة الرسمية مقتل العالِمين النوويين فريدون عباسي دواني ومحمد مهدي طهرانجي.

وقال مسؤول دفاعي لـ”تايمز أوف إسرائيل” بعيد الساعة الرابعة فجرًا بتوقيت إسرائيل إن القدس تعتقد أنه تم تصفية رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري وعلماء نوويين كبارًا، مشيرًا إلى أن احتمال مقتلهم “يتزايد”.

أرشيف: رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد حسين باقري يلقي كلمة خلال عرض عسكري بمناسبة ذكرى اندلاع حرب العراق-إيران (1980-1988)، أمام ضريح المرشد الأعلى الراحل آية الله روح الله الخميني، خارج طهران، إيران، 22 سبتمبر 2022. (AP Photo/Vahid Salemi)

وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي آخر لإذاعة الجيش ليلًا: “شملت الضربة الافتتاحية أهدافًا للدفاع الجوي، و[ضربات على] صواريخ أرض-أرض، وموجة واسعة من تصفية كبار المسؤولين الإيرانيين، تم توقيتها بدقة بالغة — حيث جرت تصفية هيئة الأركان العامة الإيرانية وعلماء نوويين في جميع أنحاء إيران في وقت واحد”.

وأضاف: “إذا نجحت هذه الضربة الافتتاحية — فإن ما فعلناه لكبار مسؤولي حزب الله خلال 10 أيام، فعلناه لإيران في 10 دقائق”.

رجل إطفاء في موقع انفجار بمجمع سكني في شمال طهران، إيران، 13 يونيو 2025. (Vahid Salemi/AP)

واشنطن: الولايات المتحدة ليست متورطة ويجب ألا تُستهدف في الرد

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المقرر أن يعقد اجتماعًا لمجلس الأمن القومي يوم الجمعة الساعة 11 صباحًا بتوقيت واشنطن (6 مساءً في إسرائيل) لمناقشة الهجوم.

وجاءت الضربات قبل أيام فقط من جولة المفاوضات التالية المتوقعة بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي الإيراني.

وقد كرر ترامب مرارًا على ضرورة منع إيران من تطوير قنبلة نووية، لكنه شدد على أنه يفضل تجنب هذا السيناريو عبر الدبلوماسية بدلًا من العمل العسكري، وناشد إسرائيل علنًا ألا تهاجم في ظل استمرار المحادثات، آخرها مساء الخميس.

وتقول الجمهورية الإسلامية إن برنامجها النووي لأغراض مدنية. ولكنها تقوم مع ذلك بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60% — وهي نسبة ليس لها أي غرض مدني وتقترب من عتبة 90% اللازمة لبناء رأس نووي — كما أنها أعاقت عمل المفتشين الدوليين في منشآتها النووية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث في البيت الأبيض في واشنطن، 12 يونيو 2025. (Saul Loeb/AFP)

وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مباشرة بعد بدء الهجوم إن إسرائيل قامت “بعمل أحادي الجانب ضد إيران”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لم تشارك في الهجوم، ومحذرًا طهران من استهداف الولايات المتحدة ردًا عليه.

وقال في بيان: “أولويتنا القصوى هي حماية القوات الأمريكية في المنطقة. إسرائيل أبلغتنا بأنها تعتقد أن هذا الإجراء ضروري لدفاعها عن النفس”.

وأضاف: “الرئيس ترامب والإدارة اتخذا كل الخطوات اللازمة لحماية قواتنا، ونحن نبقى على تواصل وثيق مع شركائنا في المنطقة. أود أن أكون واضحًا: لا يجب لإيران أن تستهدف المصالح أو الأفراد الأمريكيين”.

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة إن هناك حوارًا مستمرًا بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن قرار إسرائيل شن الهجوم على إيران كان قرارًا إسرائيليًا مستقلًا.

وعندما سُئل في مقابلة مع CNN عما إذا كانت إسرائيل تتوقع من الولايات المتحدة مساعدتها في حال جاء رد إيراني، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون: “لا أعتقد أنه ينبغي لنا الدخول في تكهنات”.

رئيس الوزراء: “إذا لم نتحرك الآن، فلن نكون هنا ببساطة”

في بيان مصور صدر باللغتين العبرية والإنجليزية فجر الجمعة، قدّم نتنياهو الغارات الجوية باعتبارها ردًا استباقيًا على تهديد وجودي وشيك.

وقال نتنياهو: “لا يمكننا ترك هذه التهديدات للجيل القادم، لأنه إذا لم نتحرك الآن، فلن يكون هناك جيل آخر. إذا لم نتحرك الآن، فلن نكون هنا ببساطة”.

وأوضح أن إيران قامت بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لتسع قنابل نووية، وأنها اتخذت في الأشهر الأخيرة خطوات غير مسبوقة نحو التسلح النووي.

وأضاف أن إيران بنت أيضًا “مخزونًا هائلًا” من الصواريخ الباليستية. “هذه الصواريخ تصل إلى إسرائيل من إيران خلال دقائق. وكل صاروخ يحمل طنًا من المتفجرات”.

وزعم نتنياهو أن إيران كانت تخطط لإنتاج 20 ألف من هذه الصواريخ خلال ست سنوات، “ولذا فإننا نعمل لإزالتها أيضًا”.

“‘لن يتكرر’ يحدث الآن”، قال نتنياهو، مستخدمًا الشعار الذي صدر بعد المحرقة. “لقد استوعبنا دروس التاريخ: عندما يعلن عدو نيته تدميرك — صدّقه. عندما يطور العدو قدرات لتدميرك — أوقفه”.

وشكر رئيس الوزراء ترامب “على موقفه الحازم”، قائلًا إن “ترامب أوضح مرارًا وتكرارًا: يجب ألا يُسمح لإيران أبدًا بامتلاك أسلحة نووية”.

شقة متضررة بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية في طهران، إيران، 13 يونيو 2025 (AP Photo/Vahid Salemi)

وقال مسؤول دفاعي إن نتنياهو وكاتس كانا قد وقّعا بالفعل يوم الاثنين توجيهًا يأمر الجيش بالاستعداد للعملية ضد إيران. وبالتنسيق مع زمير، قرر نتنياهو وكاتس “تحديد موعد العملية — اليوم”، حسب ما أضاف المسؤول.

نتنياهو يوجّه رسالة للشعب الإيراني: “أنتم لستم أعداءنا”

وفي بيانه المصور، توجه نتنياهو أيضًا مباشرة إلى الشعب الإيراني: “نحن لا نكرهكم. أنتم لستم أعداءنا. لدينا عدو مشترك: نظام استبدادي يدوسكم. على مدى نحو 50 عامًا، حرمكم هذا النظام من فرصة العيش حياة جيدة”.

“ليس لدي شك أن يوم تحرركم من هذا الطغيان أقرب من أي وقت مضى. وعندما يأتي ذلك اليوم، سيجدد الإسرائيليون والإيرانيون التحالف بين شعبينا القديمين. معًا، سنبني مستقبلًا من الازدهار، مستقبلًا من السلام، مستقبلًا من الأمل”، تابع نتنياهو.

ساهم ليون كرايم، نافا فرايبرغ، وشارون فروبل في إعداد هذا التقرير.

اقرأ المزيد عن