بعد ترامب… الأخبار الكاذبة تهيمن على الإنتخابات عبر العالم
من الولايات المتحدة إلى البرازيل مرورا بإسرائيل، طبعت حملات التضليل الاعلامي الانتخابات التي نظمت في 2022 مع أن الكثير من الناخبين لم ينجروا إلى هذه التكتيكات
أ ف ب – من الولايات المتحدة إلى البرازيل مرورا بإسرائيل، طبعت حملات التضليل الاعلامي الانتخابات التي نظمت في 2022، مع أن الكثير من الناخبين لم ينجروا إلى هذه التكتيكات التي تهدف إلى زرع الشك بالمسارات الديمقراطية.
اجتاحت أخبار كاذبة تويتر وفيسبوك وتيك توك ويوتيوب مع صور معدلة تهدف إلى التلاعب بالناخبين، فضلا عن مقاطع فيديو تعتمد “التزييف العميق” (deepfake) وهي تقنية ذكاء اصطناعي تقوم على استبدال وجه بوجه آخر. وتُتهم المنصات المختلفة بالتخاذل في مكافحة هذه التهديدات.
لجأ الكثير من المرشحين الأميركيين إلى تكتيات دونالد ترامب المنافية للديمقراطية، مثل تأكيدات بحصول تزوير انتخابي من دون تقديم أدلة. لكن خلافا لتوقعات الجمهوريين الذين كانوا يعولون على “موجة حمراء” في انتخابات منتصف الولاية، لحقت هزيمة نكراء بغالبية المرشحين الذين دعمهم الرئيس السابق.
ويقول مايك كولفيلد الباحث في “المركز من أجل رأي عام مطلع” في جامعة واشنطن لوكالة فرانس برس، إن قادة الحزب الجمهوري “باتوا مقتنعين على ما يبدو بفكرة أن تبني نظرية المؤامرة أفضى إلى اختيارات سيئة على صعيد المرشحين، وإلى تعبئة محدودة للناخبين وإلى زرع عدم الثقة بينهم وإلى آفات أخرى كثيرة”.
“سيحاول كثيرون الآن إبعاد انصارهم من فرضيات المؤامرة حول التزوير الانتخابي”.
في البرازيل، حيث شهدت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية منافسة بين الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو والمرشح اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، زخرت الحملة الانتخابية بالتضليل الإعلامي إذ إن الرئيس المنتهية ولايته ندد على غرار دونالد ترامب بحصول تزوير انتخابي من دون أن يبرز أي دليل.
وفاز لولا في نهاية المطاف في حين أظهرت استطلاعات للرأي أن غالبية الناخبين البرازيليين لا يزالون يثقون بالتصويت الإلكتروني. إلا أن محللين حذروا من أن مكافحة التضليل الإعلامي لا تزال تحتاج إلى جهود حثيثة.
خطاب “خادع”
في إٍسرائيل أيضا، باشر حزب الليكود بزعامة بنيامين نتانياهيو حملة “اوقفوا التزوير” ما أن أعلن اجراء انتخابات جديدة. وقد أكد الحزب ومناصروه مرارا وتكرارا هذه الاتهامات لتحسين فرص تحقيق الفوز على ما أفاد محللون.
ويقول آشيا شاتس من مجموعة مكافحة التضليل الاعلامي “فايك ريبورتر”، “روج الليكود لادعاءات مفادها أن الاقتراع مزور وأن اللجنة الانتخابية في إسرائيل تتحكم بها +الدولة العميقة+” أي أن مسؤولين كبارا يسيطرون سرا على مفاصل الحكم.
وفاز الليكود وحلفاؤه اليمينيون بغالبية المقاعد في البرلمان ما فتح الباب أمام عودة محتملة لنتانياهو إلى السلطة. ولم يعترض نتانياهو على نتيجة الاقتراع.
ويخيم طيف دونالد ترامب كذلك على السياسة في المجر حيث ساند الرئيس الأميركي السابق رئيس الوزراء اليميني المتشدد فيكتور أوربان قبل انتخابات نيسان/أبريل التي تخللها تضليل إعلامي كبير.
وجاء في دراسة لمركز الابحاث المجري “بوليتيكال كابيتال” أن حزب فيكتور أوربان فيديس “استفاد إلى الحد الأقصى من سيطرته على وسائل الاعلام لنشر ادعاءات غير صحيحة أو خادعة واتهامات ضد معارضيه”.
وقبيل الاقتراع أكد فيكتور أوربان الحليف الكبير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دون أي دليل أن خصومه “أبرموا اتفاقا مع الأوكرانيين” لتقديم الأسلحة والمساعدات لهم في حال فوزهم. وحقق حزب فيديس فوزا ساحقا.
أداة فاعلة
يشهد العالم عموما ميلا متزايدا للتضليل الاعلامي على صعيد الانتخابات ما يقلص ثقة الرأي العام بالمؤسسات الديموقراطية وقد يؤدي إلى فوضى إذ قد يسعى البعض إلى التلاعب بالنتائج.
في الفيليبين، بلغ التضليل الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي مستويات “غير مسبوقة” خلال الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو على ما تقول رايتشل خان من شبكة “تسيك-ف” للتدقيق في صحة الخبار.
وتعرب عن أسفها لكون عمليات التحقق من صحة الأخبار “لا تأثير كبيرا لها”، مشيرة إلى وجود “مشكلة كفاءات في وسائل الاعلام. فحتى الذين يقولون إنهم يدركون طريقة كشف التضليل الإعلامي لا يعرفون ذلك”.
في كينيا اتهم المرشحان الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية وليام روتو ورايلا أودينغا بتوظيف “مقاتلين” رقميين. وبدأت الأخبار الكاذبة بالانتشار قبل نحو عام من الانتخابات في اغسطس الماضي ولا سيما فيديوهات “تزييف عميق”.
وأكدت محكمة كينيا العليا انتخاب وليام روتو، إلا أن الكثير من أنصار رايلا أودينغا لا يزالون مقتنعين بحصول عمليات تزوير.
ومن المقرر إجراء انتخابات العام المقبل في نيجيريا، وبدأت من الآن تظهر تكتيكات مماثلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في الولايات المتحدة، حذر محللون من أن الحملات التي تزرع الشك حول نزاهة العملية الانتخابية قد تنتعش مع اقتراب انتخابات 2024 خصوصا بعدما أعلن دونالد ترامب ترشحه.
وتقول باميلا سميث من مجموعة “فيريفايد فوتينغ” المستقلة: “يبقى التضليل الإعلامي أداة فاعلة وسيستمر باستخدامها كل الأطراف الذين لا يعترفون بنتائج الانتخابات التي لا يفوزون بها”.