بعد أن سئم مما يراه، عباس يقرر العمل لوحده
رئيس السلطة الفلسطينية اغلق امكانية المفاوضات مع اسرائيل، ولكن هذا لا يسبب الفرحة لحماس

بعد أن سئم مما يراه كمماطلة أمريكية، عناد إسرائيلي، وخداع من حماس، قرر محمود عباس أن يعمل وحده.
وقف رئيس السلطة الفلسطينية أمام أعضاء الجامعة العربية في القاهرة يوم السبت ليقدم خطاب مفصليا عن خيبة أمله. تحدث فيه عن عدة خطوات أحادية التي سيقوم بها في الأسابيع القريبة: الإنضمام إلى معاهدات دولية؛ تطبيق مبادئ إتفاقية جنيف الرابعة في الأراضي الفلسطينية، منع الإستيطان وفقا للقوانين الدولية للإحتلال؛ الحصول على قرار من مجلس الأمن للأمم المتحدة الذي يعترف بدولة فلسطين في حدود 1967، والذي يضع جدول للإنسحاب الإسرائيلي؛ ومطالبة النائب العام للأمم المتحدة بان كي مون “لوضع تصور شامل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني”.
في تغيير كبير في سياساته، قال عباس بأنه “سنبدأ بتحديد العلاقات مع إسرائيل، من خلال وقف التنسيق الأمني“، تنسيق الذي قال أنه “مقدس” في شهر مايو وقال أنه سوف يستمر به بدون صلة لنتائج المفاوضات. وبعدها قام بطلب الدعم السياسي والمادي من الدول العربية لخطته، بصورة 100$ مليون.
“إنني أدرك ما قد يترتب على تنفيذ خطتنا من تبعات ونتائج، لكنني أصدقكم القول أن أخطر ما تواجهه القضية الفلسطينية ومشروعنا الوطني هو إبقاء الوضع على ما هو عليه”، قال عباس، بما قد يكون أكثر وصف دقيق للشرخ الدبلوماسي بينه وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. “قد اعطيت الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري كل فرصة ممكنة، ومارست الإنتظار والتريث، إلى درجة أطلق الناس على سياستنا ’الإنتظار والتريث إلى متى؟’”.
خلال خطابه، أشار عباس إلى ما لا يقل عن خمس محادثات أجراها مع كيري منذ بداية شهر سبتمبر – إن كانت مباشرة أو من خلال مندوبين – والتي قال أنه تحدث خلالها عن نيته بالتوجه إلى الساحة الدولية. وقال أن كيري حذره مرة تلو الأخرى بعدم القيام بهذا.
وقال عباس أنه عرض شرطه النهائي خلال لقائهم الأخير في عمان في 13 نوفمبر: في حال إعتراف إسرائيل بفلسطين في حدود 1967، ووقفها بناء المستوطنات، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، وإعادة المنطقة إلى السيادة الفلسطينية الكاملة (في الوقت الحالي، الجيش الإسرائيلي يجري عمليات أمنية في البلدات الفلسطينية بشكل يومي)، إذا يمكن العودة الى المفاوضات. غير هذا، قال عباس سوف يقوم بالتوجه فورا إلى مجلس الأمن والإنضمام إلى عدة معاهدات دولية. الموعد النهائي للرد الإسرائيلي كان يوم السبت، يوم إجتماع الجامعة العربية.
سيتوجه الفلسطينيون إلى مجلس الأمن الدولي، مع أو بدون مباركة أمريكية، بحسب تأكيد عباس خلال خطابه. وقال أن الولايات المتحدة، مثل دول غربية أخرى، موضع ترحيب للمشاركة في صياغة التوجه إلى مجلس الأمن الدولي. “نحن لا نريد ان نستبعد أحدا، ولا نريد ان يكون احد خارج الدائرة وبالذات الولايات المتحدة الأميركية”، كما قال.
وأضاف عباس: “لم يعد لدينا شريك في إسرائيل، ولم يعد أمامنا سوى تدويل القضية الفلسطينية عبر تنفيذ الخطة التي إتفقنا عليها، وانا على ثقة أننا سنحصل على دعمكم وتأييديكم، راجيا ان تضعوا قراركم بتوفير شبكة أمان مالية بقيمة مئة مليون دولار، سبق أن تحدثنا عنها، موضع التنفيذ، حرصا على إستمرارنا في تعزيز صمود شعبنا على أراضي دولة فلسطين المحتلة في الضفة والقدس الشريف وقطاع غزة”.
في هذه الأثناء على جبهة التوافق الفلسطينية
قضى عباس خلال خطابة على تحليل قانون “الدولة اليهودية” وقتا أكثر من الوقت الذي خصصه لمعالجة الأزمة السياسية المتفاقمة مع حماس، التي وصلت إلى نقطة الغليان هذا الأسبوع.
ولكن في مقابلة مع قناة “القاهرة والناس” المصرية يوم السبت، إتهم عباس حماس بالتوصل إلى إتفاقات وتفاهمات “سرية” مع إسرائيل. وقال أن حماس قبلت بفكرة إسرائيلية “دنيئة” كان قد رفضها بشدة عام 2003 – فكرة الدولة الفلسطينية على حدود مؤقتة.
“أنا أتحدى حماس أن يقولوا أنهم لم يوافقوا على ذلك. فهم فعلوا ذلك. ما معنى ذلك؟ هذا يعني أنهم أعطوا الإسرائيليين شيئا رفضت أن أعطيه. هناك إحتمال أنه في حال لو كانت المفاوضات مع حماس، فسيكونون أكثر تساهلا مني”.
ونفت حماس بغضب إدعاءات عباس.
وكتب موسى أبو مرزوق، قيادي حماس المقيم في القاهرة، أن “حماس لم تفاوض يوما العدو الصهيوني، وليس للحركة أي أجندة سرية كما حصل في أوسلو”، وأضاف: “نحن لن نخدع شعبنا بأي شعارات كاذبة، كما أن مواقف الحركة وسياساتها وتصريحاتها الرسمية، تعبر بالضرورة عن مصالح شعبنا. هذا عهدنا مع شعبنا وأمتنا ولن نتطابق أو تتشابه مع عدونا”.
وإتهم قيادي آخر في حماس، وهو خليل الحية، عباس وحركة فتح التي يقودها بالمماطلة بإجراء إنتخابات عامة واصفا هذه الخطوة بأنها “أهم بند في إتفاق المصالحة”.
ونص إتفاق التوافق الذي توصلت إليه حماس وفتح في شهر يونيو على إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية خلال 6 أشهر، أو بحلول نهاية عام 2014.