بايدن يعلن أن الجيش الأمريكي سيقوم بإسقاط مواد غذائية وإمدادات إلى قطاع غزة جوا
بحسب البيت الأبيض فإن عملية التسليم الأولى للمساعدة ستتم في الأيام القريبة وستستمر خلال الأسابيع القادمة؛ الولايات المتحدة تدرس أيضا إنشاء "ممر بحري" لتوصيل المساعدات الإنسانية
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة عن خطط لتنفيذ أول عملية إسقاط جوي أمريكي للأغذية والإمدادات في غزة، بعد يوم من مقتل عشرات الفلسطينيين خلال تدافع حشد من الناس أثناء تجمهرهم حول قافلة مساعدات، مما سلط الضوء على الوضع الإنساني الذي يتكشف للكارثة الانسانية في الجيب الساحلي الذي مزقته الحرب.
وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض في بداية اجتماع مع رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني: “علينا القيام بالمزيد، والولايات المتحدة ستفعل المزيد”.
وقال بايدن: “إن المساعدات المتدفقة إلى غزة ليست كافية على الإطلاق. الآن، لا توجد [مساعدات] كافية على الإطلاق. حياة الأبرياء على المحك وحياة الأطفال على المحك. لن نقف مكتوفي الأيدي حتى نقوم بإدخال مساعدات إلى هناك. يجب أن ندخل مئات الشاحنات، وليس بضعة [شاحنات] فقط”.
وقال البيت الأبيض في وقت لاحق إن الإنزال الجوي سيتم “في الأيام المقبلة” وسيتم تكرار العملية في الأسابيع التالية.
أصبح تسليم المساعدات إلى غزة نقطة خلاف في الحرب المدمرة المستمرة منذ خمسة أشهر، والتي أشعل فتيلها الهجوم الصادم وغير المسبوق الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، عندما اجتاح آلاف المسلحين بلدات إسرائيلية في جنوب البلاد، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين كرهائن.
وألقت إسرائيل، التي تقوم بتفتيش جميع الشاحنات التي تدخل غزة من كلا المعبرين، باللوم على الأمم المتحدة لعدم تسليم المساعدات بالسرعة الكافية بعد السماح لها بالدخول، ولأنها تسببت بانخفاض عام في عمليات التسليم خلال الشهر الماضي.
وقالت الأمم المتحدة إن توزيع المساعدات داخل غزة أصبح أكثر صعوبة. وقد توقف تدفق المساعدات من مصر تقريبا خلال الأسبوعين الماضيين، كما أدى انهيار الأمن إلى زيادة صعوبة توزيع المواد الغذائية التي تصل، وفقا لبيانات الأمم المتحدة ومسؤولين.
وفي حين وصلت المزيد من الشاحنات عبر معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) الإسرائيلي، فقد تم تعطيلها في الآونة الأخيرة من قبل أقارب الرهائن الإسرائيليين ومتظاهرين الذين يسعون إلى منع دخولها. وقالت إسرائيل مرارا إنها مستعدة لتسريع عملية منح الأذونات للمساعدات.
قبل الحرب مع حماس، كانت غزة تعتمد على 500 شاحنة محملة بالإمدادات التي تدخل يوميا.
وقد مارست الولايات المتحدة ضغوطا مستمرة على إسرائيل لحملها على زيادة توزيع المساعدات منذ بدء الحرب، في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر.
يوم الجمعة، قالت منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنه خلال فبراير تمكن ما يقارب من 97 شاحنة في المتوسط من دخول غزة يوميا، مقارنة بحوالي 150 شاحنة يوميا في يناير، مضيفة أن “عدد الشاحنات التي تدخل غزة لا يزال أقل بكثير من الهدف المتمثل بـ 500 يوميا”.
وقال بايدن يوم الجمعة: “في الأيام القريبة، سننضم إلى أصدقائنا في الأردن وغيرهم في توفير عمليات إسقاط جوي لأغذية وإمدادات إضافية”.
وأجرت الأردن وبريطانيا عمليات إسقاط جوي للمساعدات الأسبوع الماضي في شمال غزة.
وقال بايدن إن الولايات المتحدة ستنظر أيضا في إنشاء “ممر بحري” محتمل لتوصيل كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة، حيث يواجه السكان نقصا حادا في الغذاء والماء والدواء بسبب الحرب. وقال مسؤول أمريكي إنه يجري النظر في مساعدة الشحن عن طريق البحر من قبرص، على بعد حوالي 210 أميال بحرية قبالة ساحل غزة على البحر الأبيض المتوسط.
كما قال الرئيس الأمريكي أيضا أنه “سيصر” على أن تسمح إسرائيل بدخول المزيد من شاحنات المساعدات. “لا توجد أعذار، لأن الحقيقة هي أن المساعدات المتدفقة إلى غزة ليست كافية على الإطلاق. حياة الأبرياء على المحك وحياة الأطفال على المحك”.
خلال تصريحاته، ذكر بايدن أوكرانيا مرتين، لكن البيت الأبيض أكد أنه كان يقصد غزة.
وقال البيت الأبيض إن بايدن كان يخطط لعمليات إسقاط جوي لبعض الوقت، ولكن تم التأكيد على الحاجة إليها بسبب حادث التدافع على قافلة المساعدات في غزة يوم الخميس، حيث تزعم سلطات حماس في القطاع أن 112 فلسطينيا على الأقل قُتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي أثناء تسليم المساعدات.
وقد نفى الجيش بشدة هذه المزاعم، وقال إن معظم الضحايا نتجوا عن التدافع عندما تجمهر الحشود حول الشاحنات، وتعرضوا للدهس من قبل مركبات الإمداد. كما فتح مسلحون النار في المنطقة أثناء نهبهم الإمدادات.
وقال الجيش أنه لم يطلق النار على الحشد الذي تجمهر حول قافلة المساعدات الرئيسية، لكنه أقر بأن القوات فتحت النار على عدد من سكان غزة الذين تحركوا باتجاه جنود ودبابة عند حاجز تابع للجيش الإسرائيلي، مما عرض الجنود للخطر، بعد أن جرى الفلسطينيون باتجاه الشاحنة الأخيرة في القافلة التي كانت متجهة إلى الجنوب.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الجمعة عن شهود عيان قولهم إن الدبابات الإسرائيلية وقوات أخرى أطلقت النار على الأشخاص الذين كانوا يحاولون الحصول على الإمدادات من القافلة. وقال المتحدث باسم الجيش دانيئل هغاري يوم الخميس إن الجيش الإسرائيلي “لم يطلق النار على طالبي المساعدة، على الرغم من الاتهامات”.
يوم الجمعة أيضا، قال رئيس مستشفى في مدينة غزة، حيث يتلقى بعض الجرحى من حادث التدافع العلاج، إن أكثر من 80٪ منهم أصيبوا بطلقات نارية. وقال الدكتور محمد صالحة، القائم بأعمال مدير مستشفى العودة، إن بقية المرضى، 34 من أصل 176، أصيبوا في تدافع ناجم عن إطلاق النار.
وقالت الأمم المتحدة في وقت لاحق إن فريقا زار مستشفى في غزة يوم الجمعة أبلغ عن “عدد كبير من الجروح الناجمة عن أعيرة نارية” بين المصابين في الكارثة التي وقعت يوم الخميس.
بالإضافة إلى القتلى الـ112، تقول سلطات حماس إن أكثر من 750 آخرين أصيبوا في الحادث.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن “ما يؤكده حدث [يوم الخميس]، وبالتأكيد للرئيس، هو الحاجة إلى مواصلة البحث عن طرق بديلة” للمساعدات.
تعتزم الولايات المتحدة تنفيذ عمليات إسقاط جوي متعددة قد تستمر لأسابيع، وقال كيربي للصحفيين في المؤتمر الصحفي أنه “لن يكون ذلك لمرة واحدة”.
وقال كيربي إن أول إسقاط جوي أمريكي للمساعدات الإنسانية على غزة سيتم “في الأيام المقبلة” وسيتم تكرار العملية في الأسابيع التالية، مضيفا “لن تكون [عملية الإسقاط الجوي] الثالثة والرابعة والخامسة مثل الأولى والثانية”.
وأضاف أن الإسقاط الجوي الأول سيتكون من مواد غذائية، التي ستضم على الأرجح وجبات جاهزة للأكل يستخدمها الجيش الأمريكي، مضيفا أن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل المتعلقة بمن سيوزع المساعدات بمجرد وصولها إلى الأرض.
وفي حين أن الإسقاط الجوي هو وسيلة إيصال أسرع من الشاحنات في غزة، أشار كيربي إلى أن التكتيك الجديد يهدف فقط إلى استكمال الشحنات البرية، بالنظر إلى أن الأخيرة يمكنها تسليم الإمدادات على نطاق أوسع بكثير.
ولكن الاسقاط الجوي هو أيضا “عملية عسكرية صعبة” تتطلب تخطيطا دقيقا من قبل البنتاغون من أجل سلامة المدنيين في غزة والعسكريين الأمريكيين. وقال كيربي “من الصعب للغاية القيام بعملية إنزال جوي في مثل هذه البيئة المزدحمة مثل غزة”.
ومضى كيربي بالقول: “هذا ليس شيئا تريد القيام به بلحظة. ينبغي التفكير في الأمر بعناية”، مضيفا “هناك عدد قليل من العمليات العسكرية الأكثر تعقيدا من عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية”.
وأضاف أن الولايات المتحدة على اتصال بإسرائيل بشأن هذه الجهود، وأشار إلى أن إسرائيل قامت مؤخرا بإسقاط جوي خاص بها وأنها تدعم المبادرة الأمريكية.
وأكد مسؤول إسرائيلي في واشنطن لوكالة “رويترز”: “نحن على علم بعملية الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية”. ولم يجب المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد طلبت موافقة إسرائيل مقدما على عمليات الإنزال الجوي أو أنها تنسق الجهود معها.
وبعد الضغط عليه مرارا حول ما إذا كان قرار الإعلان عن عمليات الإنزال الجوي الوشيكة له علاقة بالحادث الدامي الذي وقع يوم الخميس في شمال غزة، أصر كيربي على أنه يجري العمل على الفكرة منذ “بعض الوقت”، وأضاف أن حادث التدافع على المساعدات سلط الضوء على ضرورة دخول المزيد من المساعدات إلى غزة عبر طرق إضافية.
وشدد كيربي في تصريحاته يوم الجمعة على أن الطرق البرية ستظل مستخدمة لإيصال المساعدات إلى غزة، وأن عمليات الإنزال الجوي هي جهد تكميلي.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل لفتح معابر إضافية إلى غزة لتسهيل توصيل المزيد من المساعدات.
وترفض إسرائيل الاستجابة للدعوات لفتح معبر إيرز إلى شمال غزة حيث تسعى إلى منع عودة نشاط حماس.
وتتزايد الضغوط على بايدن للتحرك بقوة أكبر لتخفيف معاناة الفلسطينيين، بما في ذلك من مشرعين في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن. وحتى قبل حادث التدافع يوم الخميس، كتب السناتور جاك ريد، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إلى بايدن هذا الأسبوع لحث الإدارة على نشر سفينة مستشفى عسكرية ووحدات دعم للمساعدة في علاج جرحى غزة وفتح طريق بحري إلى غزة لتوصيل المساعدات الإنسانية.
وذكرت شبكة NBC News يوم الجمعة، نقلا عن مسؤولين أمريكيين لم تذكر أسماءهم، أنه على الرغم من الضغوط المتزايدة، لا يزال بايدن غير راغب في تغيير سياسته بشكل أساسي لدعم إسرائيل من خلال وضع شروط على المساعدات العسكرية للقدس. وبحسب ما ورد أضاف المسؤولون أن الرئيس لن يغير قراره طالما أنه يعتقد أن صفقة الرهائن لا تزال ممكنة.
وبينما قال بايدن يوم الخميس إن حادث التدافع على المساعدات في غزة سيعقّد مفاوضات الرهائن الجارية، قال كيربي للصحفيين يوم الجمعة أنه “من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت حادثة الأمس ستؤثر على المحادثات”.
وقال كيربي: “مع توقف القتال، سيكون بالإمكان تدفق المساعدات بحرية أكبر وعلى مستوى متزايد، ويمكن إطلاق سراح الرهائن – بدءا بالنساء والمسنين والجرحى – على مراحل. سنبذل قصارى جهدنا في هذه المسألة وسنعمل بجد في الأيام المقبلة”.