بايدن يستبعد دعم عملية رفح، في أول اتصال مع رئيس الوزراء منذ أكثر من شهر
بعد الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد تدعم الهجوم إذا ضمن الجيش الإسرائيلي سلامة المدنيين، الرئيس يقول إنه يريد عملية مستهدفة أكثر؛ البيت الأبيض يقول إن رئيس الوزراء وافق على إرسال فريق لمناقشة الأمر
كشف مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن الرئيس الأمريكي جو بايدن استبعد فعليا أي دعم محتمل لهجوم بري إسرائيلي كبير في رفح خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الاثنين، في تغيير للموقف بعد أن أشارت الإدارة لعدة أشهر إلى أنها يمكن أن تدعم عملية عسكرية إسرائيلية هناك في ظل ظروف معينة.
وقال سوليفان في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض تعليقا على المكالمة الهاتفية التي استمرت 45 دقيقة إن “عملية برية كبيرة هناك ستكون خطأ. سيؤدي ذلك إلى مقتل المزيد من المدنيين الأبرياء، وتفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل، وتعزيز الفوضى في غزة وزيادة عزلة إسرائيل دوليا”.
وكانت المكالمة بين نتنياهو وبايدن هي العشرين بينهما منذ اندلاع الحرب في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، ولكنها الأولى منذ 15 فبراير. وجاءت بعد أربعة أيام من خطاب غير مسبوق من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ المؤيد منذ فترة طويلة لإسرائيل تشاك شومر، والذي دعا فيه إلى إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل لاستبدال نتنياهو، الذي قال أكبر مشرع يهودي في الكونجرس إنه “ضل طريقه” ووصفه بأنه عقبة أمام السلام إلى جانب حماس واليمين الإسرائيلي المتطرف ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وأشاد بايدن يوم الجمعة بالخطاب وقال إن العديد من الأمريكيين يشاركون شومر هذا الشعور، على الرغم من أن البيت الأبيض أوضح أن الانتخابات هي مسألة يقررها الشعب الإسرائيلي. وأثارت تصريحات شومر غضب نتنياهو، الذي اتهم الولايات المتحدة بمحاولة التدخل في السياسة الداخلية لإسرائيل.
ورد سوليفان يوم الاثنين متهما أن إسرائيل تتدخل في السياسة الأمريكية أكثر من العكس.
ولكن هدف مؤتمره الصحافي كان عرض الموقف الأميركي الجديد والمتشدد من العملية الإسرائيلية واسعة النطاق في رفح.
وقد أشارت الولايات المتحدة لعدة أشهر إلى أنها يمكن أن تدعم الهجوم إذا – وفقط إذا – قدمت إسرائيل خطة ذات مصداقية لحماية أكثر من مليون مدني يحتمون في المدينة بجنوب غزة.
وقال نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي سيقوم بإجلاء المدنيين إلى مناطق شمال رفح قبل بدء العملية، وأعلن يوم الجمعة أنه وافق على خطط الجيش للهجوم. وتحدث مسؤولون أمريكيون بشرط عدم الكشف عن هويتهم للتايمز أوف إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، وأعربوا بشكل متزايد عن شكوكهم في إمكانية تنفيذ مثل هذا الإخلاء واسع النطاق، لكن الإدارة امتنعت حتى يوم الاثنين عن معارضة العملية الإسرائيلية المخطط لها تماما.
وأكد سوليفان أن “الأهداف الرئيسية التي تريد إسرائيل تحقيقها في رفح يمكن تحقيقها بوسائل أخرى”، وكشف أن بايدن طلب من نتنياهو خلال المكالمة إرسال فريق مشترك بين الوكالات إلى واشنطن “لوضع نهج بديل يستهدف عناصر حماس الرئيسية في رفح وتأمين الحدود بين مصر وغزة دون غزو بري كبير”. وقال سوليفان إن نتنياهو وافق على طلب الرئيس بإرسال وفد.
وأضاف مستشار الأمن القومي الأمريكي: “من الواضح أن لدى نتنياهو وجهة نظر خاصة بشأن عملية رفح، لكنه وافق على إرسال فريق إلى واشنطن لإجراء هذه المناقشة، ونحن نتطلع إلى تلك المناقشات”.
وأوضح سوليفان أن بايدن رفض مرة أخرى خلال المكالمة “الادعاء الضعيف بأن إثارة التساؤلات حول رفح هو بمثابة إثارة التساؤلات حول هزيمة حماس. هذا مجرد هراء. موقفنا هو أنه لا ينبغي منح حماس ملاذ آمن في رفح أو في أي مكان آخر”.
وبعد عدة ساعات من حديث سوليفان، أصدر بايدن بيانا على موقع إكس حول المكالمة الهاتفية مع نتنياهو.
وقال بايدن “واصلت التأكيد على أن لإسرائيل الحق في ملاحقة حماس، وهي مجموعة من الإرهابيين المسؤولين عن أسوأ مذبحة للشعب اليهودي منذ المحرقة. وكررت الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار كجزء من اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، يستمر لعدة أسابيع، حتى نتمكن من إعادة الرهائن إلى ديارهم وزيادة المساعدات للمدنيين في غزة”.
وأكد بايدن أيضا أنه طلب من نتنياهو “إرسال فريق إلى واشنطن لبحث سبل استهداف حماس دون عملية برية كبيرة في رفح”.
وتشكل العملية الإسرائيلية المحتملة في رفح نقطة خلاف في العلاقات مع الولايات المتحدة منذ عدة أشهر. المدينة الواقعة جنوب غزة هي الجزء الأخير من القطاع الذي لم تتوغل فيه القوات البرية الإسرائيلية، بعد أن بدأت في شمال غزة وشقت طريقها عبر القطاع. وتقول القدس إن الهجوم في رفح ضروري لتفكيك كتائب حماس الأربع هناك، لكنها تتطلع أيضًا إلى السيطرة على محور فيلادلفيا بين مصر وغزة لمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع بعد الحرب.
وبدأت الإدارة الأمريكية في تشديد موقفها في الأسابيع الأخيرة، وقال بايدن في وقت سابق من هذا الشهر إن الهجوم الإسرائيلي على رفح سيكون “خطًا أحمر”، مضيفا أنه “لا يمكن أن يكون هناك 30 ألف قتيل فلسطيني إضافي نتيجة ملاحقة حماس”. لكنه بدا وكأنه يتراجع بعد ذلك، وأصر على أنه “ليس هناك خط أحمر سأقطع فيه جميع الأسلحة بشكل يسلبهم من القبة الحديدية لحمايتهم”.
وكان رد سوليفان غاضبا إلى حد ما على سؤال آخر يوم الاثنين حول ما إذا كان بايدن قال لنتنياهو إن عملية رفح هي “خط أحمر” بالنسبة للولايات المتحدة. ووصف السؤال بأنه “هوس” لدى وسائل الإعلام وقال أن الموقف “لم يتم الإعلان عنه كسياستنا، وقد أوضحنا ذلك”.
وبغض النظر، لا يبدو أن العملية وشيكة، نظراً لأن إسرائيل سحبت معظم قوات الاحتياط من غزة، ومن المرجح أن تحتاج إلى استدعاء الآلاف مرة أخرى قبل أن يبدأ أي هجوم كبير في رفح. وبحسب ما ورد قال نتنياهو لوزراء المجلس الأمني المصغر يوم الجمعة أنه لم يقل أبدا أن العملية ستتم خلال شهر رمضان، الذي ينتهي في 9 أبريل.
ويبدو أن حديث القادة الإسرائيليين عن عملية قادمة في رفح يهدف للضغط على حماس للموافقة على صفقة الرهائن التي يتم التفاوض عليها حاليًا أو المخاطرة بقيام الجيش الإسرائيلي بتفكيك معقلها الأخير.