نتنياهو وغالانت يوجهان رسالتين متحديتين وسط غضب إسرائيلي من تهديدات بايدن بتجميد إرسال الأسلحة
نتنياهو يعيد نشر خطابه قبل أيام والذي رفض فيه الضغوط الخارجية؛ بن غفير: حماس تحب بايدن؛ ترامب: "جو الممخادع" يقف إلى جانب الإرهابيين؛ الجماعات اليهودية الأمريكية، والحزب الجمهوري، وبعض الديمقراطيين يشجبون الخطوة
قوبل تهديد الرئيس الأمريكي جو بايدن بتجميد بعض شحنات الأسلحة إذا شنت إسرائيل هجوما مخططا له في رفح، بإدانة سريعة من شخصيات حكومية في القدس يوم الخميس، التي أشارت إلى أن الجيش سيمضي قدما بغض النظر.
كما أثارت تصريحات بايدن انتقادات شديدة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من زعيم المعارضة يائير لبيد الذي اتهم الحكومة بـ”إدارة فاشلة” للعلاقات مع واشنطن.
في الولايات التحدة، انتقدت بعض الجماعات اليهودية والنواب الأمريكيين الخطوة في حين أشار آخرون إلى أنها لن تتجاوز الكلمات على الأرجح. واتهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بايدن بالانحياز إلى الإرهابيين.
في ما يبدو أنه رد على قرار بايدن تعليق شحنات الأسلحة الرئيسية إلى إسرائيل وتهديده بإمكانية اتخاذ المزيد من الخطوات، نشر نتنياهو يوم الخميس لقطات من خطابه في “ياد فاشيم” في وقت سابق من هذا الأسبوع، والذي قال فيه إن إسرائيل ستقف بمفردها ضد حماس إذا لزم الأمر.
وقال نتنياهو في المقطع الذي نشره على منصة “اكس”، تويتر سابقا، من كلمة ألقاها خلال حدث لإحياء ذكرى المحرقة النازية في القدس “اليوم، نواجه مرة أخرى أعداء مصممين على تدميرنا. أقول لقادة العالم – إن أي قدر من الضغوط أو أي قرار من أي منتدى دولي لن يمنع إسرائيل من الدفاع عن نفسها”.
وتعهد قائلا: “إذا أُجبرت إسرائيل على الوقوف بمفردها، فإن إسرائيل ستقف وحدها”، مضيفا: “سنهزم أعداءنا الذي يسعون لتنفيذ جريمة إبادة جماعية. أبدا مرة أخرى هي الآن”
— Benjamin Netanyahu – בנימין נתניהו (@netanyahu) May 9, 2024
يوم الخميس أيضا، تعهد وزير الدفاع يوآف غالانت بأن إسرائيل “ستحقق أهدافها في الشمال والجنوب”، في رسالة موجهة إلى “أعداء إسرائيل وأفضل أصدقائها”.
وقال غالانت خلال مراسم أقيمت قبل إحياء إسرائيل ليوم الذكرى “لا يمكن إخضاع دولة إسرائيل – لا جيش الدفاع، ولا وزارة الدفاع، ولا مؤسسة الدفاع، ولا دولة إسرائيل، سنقف وسنحقق أهدافنا وسنضرب حماس، وسندمر حزب الله، وسنحاول جلب الأمن”.
وأضاف “أيا كان الثمن، سوف نضمن وجود دولة إسرائيل وسنذكر جيدا المبدأ التوجيهي الذي تعهدنا به قبل أسبوع واحد فقط خلال مراسم يوم ذكرى المحرقة، الكلمات ’أبدأ مرة أخرى’. بالنسبة لي، هذه الكلمات ليست مجرد مبدأ توجيهي، إنها خطة عمل”.
وكتب وزير الخارجية يسرائيل كاتس على منصة “اكس” أن “إسرائيل ستواصل محاربة حماس حتى تدميرها”.
وأضاف “لا توجد حرب أكثر عدلا من هذه”، دون أن يشير مباشرة إلى تصريحات بايدن.
وصرح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بصراحة أن المعارضة الأمريكية القوية لن تؤدي إلا إلى تنشيط حملة إسرائيل للقضاء على حماس.
وقال سموتريتش في بيان “يجب أن نواصل هذه الحرب حتى النصر، على الرغم من، وإلى حد ما على وجه التحديد بسبب، معارضة إدارة بايدن ووقف شحنات الأسلحة. لا يوجد لدينا ببساطة خيار آخر لا يعرض وجودنا وأمننا للخطر”.
وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهو زعيم مثير للجدل يقود حزب اليمين المتطرف “عوتسما يهوديت”، كتب في تغريدة “حماس [تحب] بايدن”.
Hamas ❤️Biden
— איתמר בן גביר (@itamarbengvir) May 9, 2024
وفي نيويورك، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة غلعاد أردان تصريحات بايدن بأنها “صعبة ومخيبة للآمال للغاية” وأعرب عن مخاوفه من أن يتم تفسيرها من قبل خصوم إسرائيل، إيران وحماس وحزب الله، على أنها “شيء يمنحهم الأمل في النجاح”.
في مقابلة أجرتها معه شبكة CNN مساء الأربعاء، أعلن بايدن أن إدارته ستعلق تزويد إسرائيل بالأسلحة الهجومية إذا شنت اجتياحا بريا في المناطق المأهولة بالسكان في مدينة رفح بجنوب غزة في إطار حملتها العسكرية للإطاحة بحركة حماس.
وقال بايدن “لقد أوضحت لبيبي (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) والمجلس الحربي أنهم لن يحصلوا على دعمنا إذا ذهبوا إلى هذه المراكز السكانية”.
التصريحات التي أدلى بها بايدن في المقابلة كانت بمثابة التعليقات العلنية الأكثر حدة لبايدن حتى الآن بشأن هذه المسألة، وجاءت في أعقاب قراره بتعليق إرسال قنابل تزن 2000 و500 رطل إلى إسرائيل بسبب مخاوف من أن الجيش الإسرائيلي قد يستخدمها في رفح المكتظة بالسكان، كما فعل في أجزاء أخرى من غزة.
وقال بايدن: “لقد أوضحت أنهم إذا دخلوا رفح… فلن أقوم بتزويدهم بالأسلحة التي استخدمت تاريخيا للتعامل مع رفح، للتعامل مع المدن، للتعامل مع هذه المشكلة”.
وتزايد القلق في الإدارة الأمريكية من أن إسرائيل لا تخطط للاستجابة للتحذيرات الأمريكية ضد هجوم كبير يرى البيت الأبيض أنه لن يأخذ في الاعتبار ما يزيد عن مليون فلسطيني يحتمون في المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع.
وأصبحت هذه القضية نقطة خلاف رئيسية بين بايدن ونتنياهو، الذي يصر على أن الهجوم البري على رفح ضروري لتحقيق هدف الحرب المتمثل في إزالة حماس من السلطة في أعقاب مذبحة 7 أكتوبر. ويطالب شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتشدد بالمضي قدما في الهجوم، مهددين بإسقاط الحكومة إذا أعطت الأولوية بدلا من ذلك لاتفاق هدنة لتحرير الرهائن ووقف القتال.
وتساءل إردان، متحدثا لهيئة البث الإسرائيلية “كان”: “إذا كانت إسرائيل ممنوعة من دخول منطقة مهمة ومركزية مثل رفح حيث يوجد هناك آلاف الإرهابيين والرهائن وقادة حماس، فكيف يفترض بنا أن نحقق أهدافنا بالضبط؟”
كما حذر من أن الخطوة قد تمس بالرئيس الأمريكي في صناديق الاقتراع في نوفمبر المقبل.
وقال إردان: “هناك الكثير من اليهود الأمريكيين الذين صوتوا للرئيس وللحزب الديمقراطي، والآن هم مترددون”.
واتهم وزير التراث عميحاي إلياهو، من حزب “عوتسما يهوديت” المتشدد، بايدن باتباع طريق رئيس الوزراء البريطاني السابق نيفيل تشامبرلين، الذي حاول استرضاء الدكتاتور الألماني النازي أدولف هتلر عام 1938.
وكتب باللغتين العبرية والإنجليزية على منصة “اكس”: يمكن لجو بايدن أن يكون [وينستون] تشرتشل لكنه يختار أن يكون تشامبرلين ويختار العار، وسيحصل على العار وعلى الحرب”.
وقال لبيد، الذي أشار مرارا إلى العلاقات المتوترة مع أهم حليف لإسرائيل كسبب للإطاحة بنتنياهو من السلطة، إن القيادة الإسرائيلية مخطئة لأنها سمحت للاحتكاك بالوصول إلى هذه النقطة.
وقال لإذاعة 103FM: “الفشل المتمثل في تحول هذا الخلاف إلى خلاف علني خلال فترة الحرب يقع على عاتق الحكومة بالكامل”.
واستشهد لبيد بتصريحات أدلى بها نتنياهو خلال يوم ذكرى المحرقة النازية تعهد فيها بأن تمضي إسرائيل قدما بمفردها إذا لزم الأمر، والتي جاءت بعد أيام من توقيع بايدن على مشروع قانون تم التوصل إليه بشق الأنفس ليصبح قانونا يخصص مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية للجيش الإسرائيلي.
وقال زعيم المعارضة “لم يكن من المفترض أن تصل الأمور إلى هذا الحد”، مضيفا “رئيس الوزراء، بعد دقيقة واحدة من قيام الأمريكيين بمنحنا 14 مليار دولار، وقف في ياد فاشيم في يوم ذكرى المحرقة وقال ’إذا اضطرت إسرائيل للوقوف وحدها، فإنها ستقف وحدها’. لقد شعر الأمريكيون بالإهانة من هذا”.
كما دعا لبيد نتنياهو إلى إقالة بن غفير بسبب تغريدته “حماس تحب بايدن”، إلا ان رسالة بن غفير رددت تعليقات بعض السياسيين الجمهوريين والقادة اليهود الأمريكين.
ترامب، الذي يخوض الانتخابات ضد بايدن لولاية أخرى في البيت الأبيض، كتب على منصة “تروث سوشال”: “إن جو المحتال يقف إلى جانب هؤلاء الإرهابيين تماما مثلما وقف إلى جانب الغوغاء المتطرفين الذين يسيطرون على جامعاتنا، لأن مانحيه يمولونهم”.
وقال السيناتور الجمهوري ميت رومني من ولاية يوتا على منصة “اكس”: “نحن نقف إلى جانب الحلفاء، ولا نشكك فيهم. إن تردد بايدن بشأن أسلحة إسرائيل هو سياسة سيئة ورسالة رهيبة لإسرائيل وحلفائنا والعالم”.
قبل وقت قصير من تحدث بايدن إلى شبكة CNN، كتب رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل رسالة مشتركة إلى الرئيس انتقدوا فيها قراره الأسبوع الماضي بوقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
وكتب الاثنان أن الخطوة ““تتعارض مع الضمانات المقدمة بشأن تسليم المساعدة الأمنية لإسرائيل في الوقت المناسب” و”تثير الشك في تعهدك بأن التزامك بأمن إسرائيل سيظل صارما”.
I joined @LeaderMcConnell today in calling on the Biden Administration to immediately expedite security assistance to Israel: pic.twitter.com/uXKlSkeMld
— Speaker Mike Johnson (@SpeakerJohnson) May 8, 2024
وقّع بايدن على تعليق إرسال الأسلحة المؤقت في أمر تم إرساله الأسبوع الماضي إلى البنتاغون، وفقا لمسؤولين أمريكيين غير مخولين بالتعليق على الأمر. أبقى مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض القرار بعيدا عن أعين الجمهور لعدة أيام حتى يكون لديه فهم أفضل لنطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في رفح وحتى يتمكن بايدن من إلقاء خطاب مخطط له منذ فترة طويلة يوم الثلاثاء بمناسبة يوم ذكرى المحرقة.
وعلى الجانب الآخر، أشاد الديمقراطيون التقدميون، الذي يدعون منذ أشهر إلى وقف ارسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل أو ربطها بالمزيد من القيود، بالخطوة التي اعتبروا أنها تأخرت كثيرا.
وقال السيناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت “ما كان ينبغي أن يحصل نتنياهو على سنت واحد طالما استمر في هذه الحرب المدمرة بشكل لا يصدق. أنا سعيد بأن الرئيس بدأ بالسير في هذا الاتجاه”.
لكن البعض في حزب بايدن رفضوا علنا فكرة وقف إمدادات الأسلحة لإسرائيل، من بينهم السيناتور الأمريكي جون فيترمان من ولاية بنسلفانيا، الذي علق قائلا: “لا أوافق بشدة ومخيب للآمال للغاية”.
وقال النائب ريتشي توريس من نيويورك لموقع “أكسيوس” إنه يشتبه في أن بايدن يحاول “استرضاء أقصى اليسار”.
وأضاف: “يبدو أن سياسات عام الانتخابات هي التي تقود ذلك. هذا انطباعي. أود أن يفعل الرئيس الصواب تجاه إسرائيل وأن يدرك أن اليسار المتطرف لا يمثل بقية البلاد”.
وأعرب تيد دويتش، عضو الكونغرس الديمقراطي المخضرم والذي يرأس الآن اللجنة اليهودية الأمريكية، عن استيائه من اتخاذ بايدن إجراءات ضد إسرائيل أثناء قتالها لحركة حماس.
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي “لا ينبغي للرئيس بايدن أن يتخذ خطوات من شأنها أن تضعف قدرة إسرائيل على منع حماس من مهاجمتها مرارا وتكرارا – كما وعد قادتها”، وأضاف أن “الولايات المتحدة تدرك أن هزيمة حماس أمر بالغ الأهمية لأمن إسرائيل على المدى الطويل ولهزيمة التهديد العالمي الذي يشكله النظام الإيراني ووكلائه”.
وقالت لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك) المؤيدة لإسرائيل إن تصريحات بايدن “خطيرة وتتعارض مع المصالح الأمريكية”.
في حين أشار خبراء إلى أن تعليق إرسال الأسلحة وتصريحات بايدن من المرجح أن تكون رمزية في الغالب.
وقال النائب الديمقراطي براد شيرمان من كاليفورنيا لموقع “جويش إنسايدر”: “جاء (بايدن) إلى هذا الكونغرس وقال مرروا التشريع… لا يمكنك أن تأتي إلى الأعضاء وتحثهم على التصويت لصالح مشروع القانون الخاص بك ولصالح حزمتك، وأن تلقي بعد ذلك بجزء من الحزمة”، في إشارة إلى حزمة المساعدات البالغة 14 مليار دولار.
وأضاف: “يبدو أن بايدن يعبّر عن استيائه، وأنا أعتبر هذه التصريحات بمثابة تفاعل تواصلي، وليس خطوة استراتيجية”.
وقال إيتمار ياعر، وهو نائب سابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إنه حتى لو كانت رمزية، فإن الخطوة الأمريكية هي علامة على وجود مشكلة ويمكن أن تصبح مشكلة أكبر إذا استمرت.
وأضاف: “هذا ليس نوعا من الحظر الأمريكي على الدعم الأمريكي في مجال الذخائر، لكنني أعتقد أنه نوع من الرسالة الدبلوماسية إلى السيد نتنياهو مفادها أنه ينبغي عليه أن يأخذ في الاعتبار المصالح الأمريكية أكثر مما فعل خلال الأشهر القليلة الماضية. على الأقل في الوقت الحالي لن يؤثر ذلك على القدرة الإسرائيلية ولكنه نوع من الإشارة، ’كن حذرا‘”.
وتقول الولايات المتحدة منذ أشهر إنها لا تستطيع دعم هجوم كبير على رفح دون وضع خطة ذات مصداقية لضمان حماية المدنيين هناك. وحتى الآن، لم تقدم القدس مثل هذه الخطة الكاملة إلى واشنطن، الأمر الذي ساهم في التحول في نهج بايدن يوم الأربعاء، بحسب مسؤول أمريكي.
في المقابلة التي أجرتها معه CNN، وضح بايدن أن الولايات المتحدة ستواصل تزويد إسرائيل بصواريخ اعتراضية لمنظومة “القبة الحديدية” وأسلحة دفاعية أخرى لضمان قدرة إسرائيل على الرد على هجمات من خصومها في المنطقة، مثل الهجوم الكبير الذي شنته إيران في الشهر الماضي بواسطة صواريخ ومسيّرات.
وقال: “نحن لا نتخلى عن أمن إسرائيل، إننا نتخلى عن قدرة إسرائيل على شن حرب في مناطق [مأهولة]”.
ساهم في التقرير جيكوب ماغيد وطاقم تايمز أوف إسرائيل ووكالات