بايدن: ضغط الولايات المتحدة على المحور الإيراني ساعد في التوصل إلى صفقة الرهائن وإنهاء حرب غزة
أقر المسؤولون الأميركيون المنتهية ولايتهم بأن تعاون فريق ترامب أعطى دفعة قوية، وادعوا أن "إضعاف" إسرائيل لحزب الله أدى إلى عزل حماس بما يكفي لدفعها لقبول وقف إطلاق النار

أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن باتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار الذي ساعدت إدارته في التوسط فيه يوم الأربعاء، مؤكدا أن الاتفاق سيحقق “نهاية دائمة للحرب” في غزة بعد المرحلة الثانية من المراحل الثلاث للاقتراح.
وقال بايدن في كلمته في البيت الأبيض للإعلان عن الاتفاق الذي عمل على التوصل إليه منذ كشفه عن شروط الاقتراح قبل سبعة أشهر في 31 مايو: “إنه يوم جيد للغاية”.
وقد اعتُبر خطابه في مايو بمثابة خطوة سياسية ذكية من جانب بايدن، الذي دعا حماس إلى قبول الإطار المكون من ثلاث مراحل، والذي كشف الرئيس أنه حظي بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالفعل قبل أربعة أيام. ومن خلال الكشف عن التفاصيل علنا إلى جانب الكشف عن موافقة نتنياهو، كانت واشنطن تأمل أن تكون قد أتمت نصف العمل.
ولكن الأشهر التي تلت ذلك شهدت تعنتا كبيرا من جانب حماس، إلى جانب تراجع نتنياهو عن شروط اقتراح 27 مايو.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن للصحفيين بعد الإعلان يوم الأربعاء إن حماس شعرت خلال الصيف بالجرأة الكافية لمواصلة القتال بفضل الدعم الذي كانت تتلقاه من إيران وحزب الله، وكيل الجمهورية الإسلامية الرئيسي، حيث كان زعيمها في ذلك الوقت يحيى السنوار غير مهتم بوقف إطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، أضاف نتنياهو شروطا إلى اقتراحه الذي قدمه في 27 مايو بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وهو ما أدى إلى نسف المفاوضات في يوليو، بحسب ما أقر به المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إفادة منفصلة يوم الأربعاء.

في حين ألقى الوسطاء القطريون والمصريون إلى جانب أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي اللوم على الجانبين لعدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن في الدوائر الخاصة، فقد لامت إدارة بايدن علنا حماس لتعثر المفاوضات، وخاصة منذ أغسطس.
وقال المسؤول الأميركي الكبير للصحافيين إن الولايات المتحدة غيرت حينها نهجها تجاه حرب غزة، حيث أعطت الأولوية لدعم إسرائيل في “إضعاف” حزب الله، استناداً إلى الاعتقاد بأن ذلك سيزيد من عزلة حماس ويدفع الحركة إلى إظهار المزيد من المرونة في محادثات وقف إطلاق النار.
كما أقر مساعد بايدن بأن تعاون الإدارة المنتهية ولايتها مع فريق انتقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب – وخاصة المبعوث الجديد إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف – لعب دورا حاسما في جلب الصفقة إلى خط النهاية.
وذهب دبلوماسيون عرب كبار مطلعون على المفاوضات إلى أبعد من ذلك، فقالوا إن الضغوط التي مارسها ويتكوف على نتنياهو خلال الاجتماع الذي عقد يوم السبت في القدس هي التي ساعدت في تحقيق انفراجة في المفاوضات.
وقد هدد ترامب مرارا وتكرارا بـ”الجحيم” إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن بحلول 20 يناير، وفي حين كانت الرسالة موجهة إلى حماس، فتحقيق ذلك يتطلب تعاون إسرائيل أيضا.
وقال بايدن في خطابه في البيت الأبيض إن الضغوط التي دعتمها الولايات المتحدة على حماس وإضعاف محور المقاومة المدعوم من إيران ضد إسرائيل دفعت الحركة في النهاية إلى الموافقة على الصفقة المطروحة منذ مايو.

وقال بايدن: “لقد وصلنا إلى هذه النقطة بسبب الضغوط التي مارستها إسرائيل على حماس، بدعم من الولايات المتحدة”. وسلط بايدن الضوء على قيام إسرائيل في أكتوبر بقتل زعيم حماس يحيى السنوار إلى جانب العديد من كبار قادة الحركة وآلاف مقاتليها، بالإضافة إلى تدمير قوتها العسكرية.
وذكر كيف ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل مرتين خلال العام الماضي في إحباط هجمات صاروخية من “إيران، أقوى داعمي حماس”. ولم يذكر المليارات من الدولارات من المساعدات الأمنية إلى جانب الدعم الدبلوماسي الحاسم الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل في الوقت الذي احتج فيه المجتمع الدولي ــ والعديد من الناخبين الديمقراطيين ــ ضد اسرائيل بسبب الأزمة الإنسانية الناتجة عن الحرب في غزة.
لكن بايدن تفاخر بأنه “تمكن من صياغة رد إسرائيل القوي والمدروس، [الذي] دمر الدفاعات الجوية الإيرانية لكنه تجنب… حربًا شاملة”. وكان الرئيس قد حذر إسرائيل علنًا في ذلك الوقت من ضرب المواقع النووية أو النفطية الإيرانية.
كما سلط الضوء على التحالف الذي جندته الولايات المتحدة للدفاع ضد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر – والذي فشل في وقف الهجمات الصاروخية التي تشنها الجماعة المتمردة اليمنية المدعومة من إيران ضد إسرائيل وعلى الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن. وتعهد الحوثيون بمواصلة الهجمات حتى التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وقال بايدن: “لقد ساعدت الولايات المتحدة في تشكيل المعادلة وتغييرها، وشبكة الإرهاب التي كانت تحمي حماس وتدعمها أصبحت أضعف بكثير. وإيران أضعف مما كانت عليه منذ عقود”.

467 يوم من الفشل ويوم واحد من النجاح
ردا على سؤال، أشار الرئيس إلى أن “هذا هو بالضبط الإطار للاتفاق الذي اقترحته في مايو الماضي. ذات الإطار بالضبط. وقد حصلنا على تأييد العالم له”.
وسوف تبدأ المرحلة الأولى يوم الأحد، وسوف تشهد إطلاق سراح 33 من أصل 98 رهينة في مقابل إطلاق سراح نحو ألف أسير أمني فلسطيني وانسحاب إسرائيلي جزئي من غزة. وسوف تشهد المرحلة الثانية إطلاق سراح بقية الرهائن الأحياء، وسوف تنتهي بإنهاء الحرب بشكل دائم وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة. وسوف تشهد المرحلة الثالثة تسليم حماس لجثث الرهائن المتبقية في حوزتها.
وخلال المرحلة الأولى، ستستأنف إسرائيل وحماس المفاوضات بهدف الاتفاق على شروط المرحلة الثانية، “التي هي نهاية دائمة للحرب – اسمحوا لي أن أقولها مرة أخرى، نهاية دائمة للحرب”، أكد بايدن في خطابه.
وإذا استمرت هذه المحادثات لفترة أطول من 42 يوما المحددة في المرحلة الأولى، فسيستمر سريان وقف إطلاق النار طالما بقيت الأطراف على طاولة المفاوضات.
وقال بايدن أنه تحدث إلى زعماء قطر ومصر وتعهد الثلاثة بأن المفاوضات ستستمر في المضي قدما “طالما استغرق الأمر”.
وكان نتنياهو قد أصر لفترة طويلة على أنه لن يوافق على إنهاء الحرب بشكل دائم حتى يتم تفكيك قدرات حماس الحاكمة والعسكرية، وسعى – دون جدوى على ما يبدو – خلال المفاوضات إلى ضمان قدرة إسرائيل على استئناف القتال بعد المرحلة الأولى.

وبينما يواجه نتنياهو ضغوطا هائلة من شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف لاستئناف القتال بعد المرحلة الأولى، قال بايدن إنه “واثق” من أن إسرائيل وحماس ستصلان إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وقال بايدن إن مفاوضات الرهائن كانت واحدة من أصعب المفاوضات في حياته المهنية.
وأضاف: “أنا راضٍ للغاية لأن هذا اليوم جاء، من أجل شعب إسرائيل وعائلات [الرهائن] التي تنتظر في عذاب، ومن أجل الأبرياء في غزة الذين عانوا من دمار لا يمكن تصوره بسبب الحرب”. وأضاف “لقد مر الشعب الفلسطيني بجحيم. لقد مات الكثير من الأبرياء. ودُمرت العديد من المجتمعات”.
وقال بايدن: “لقد شهدت هذه الفترة اضطرابات حقيقية في الشرق الأوسط، ولكن بينما أستعد لمغادرة منصبي، فإن أصدقاءنا أقوياء، وأعداؤنا ضعفاء، وهناك فرصة حقيقية لمستقبل جديد”.
كما قال أن صفقة الرهائن قد تؤدي إلى إنشاء “مسار موثوق” نحو قيام الدولة الفلسطينية. ولكن هذا يتطلب موافقة إسرائيل، وقد أكدت القدس مراراً وتكراراً أنها ترفضه.
واستشهد بعد ذلك بقول السيناتور الأمريكي السابق ومفاوض السلام في أيرلندا الشمالية جورج ميتشل إن “الدبلوماسية هي 700 يوم من الفشل ويوم واحد من النجاح”، والذي قام بإعادة صياغته.
“لقد مررنا بأيام صعبة منذ بدأت حماس هذه الحرب الرهيبة. لقد واجهنا عقبات ونكسات. لكننا لم نستسلم. والآن، بعد أكثر من 400 يوم من النضال، جاء يوم النجاح”، اختتم بايدن حديثه.

عامل ترامب
قبل مغادرته، سُئل بايدن عما إذا كان ينبغي أن يحصل هو أو ترامب على الفضل في تحقيق الاتفاق.
“هل هذه مزحة؟” أجاب، شاعرا بالإهانة من السؤال على ما يبدو.
ولكن بالنسبة للعديد، بدا السؤال مشروعا.
وكتب ترامب في منشور احتفالي على موقع “تروث سوشيال”: “ما كان من الممكن أن يتحقق اتفاق وقف إطلاق النار الأسطوري دون انتصارنا التاريخي في نوفمبر، حيث أشار ذلك إلى العالم أجمع أن إدارتي ستسعى إلى السلام والتفاوض على الصفقات لضمان سلامة جميع الأمريكيين، وحلفائنا”.
واعترف بايدن في خطابه بأنه في حين تم التفاوض على الاتفاق من قبل إدارته، فسيتم تنفيذه من قبل إدارة ترامب القادمة.
وقال: “خلال الأيام القليلة الماضية، تحدثنا كفريق واحد”، وأكد على أنه أصدر تعليمات لمساعديه بعد الانتخابات بالتنسيق مع فريق ترامب.
وكان ميلر أكثر مباشرة في إشاداته بعض الشيء، حيث قال للصحافيين في وقت لاحق إن مشاركة فريق ترامب “كانت حاسمة للغاية في إتمام هذه الصفقة”.

وقال ميلر إن التعاون بين مبعوث البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط المنتهية ولايته بريت ماكغورك والمبعوث الأميركي الجديد إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، اللذين جلسا معا على طاولة المفاوضات خلال الأسبوع الماضي، ربما كان غير مسبوق وأظهر قوة التعاون الحزبي.
وقال المسؤول الأمريكي إنهما انفصلا من حين إلى آخر، حيث بقي ماكغورك في الدوحة يوم السبت لقيادة المفاوضات، بينما سافر ويتكوف إلى إسرائيل للقاء نتنياهو.
وأجرى نتنياهو اتصالين منفصلين مع بايدن وترامب مساء الأربعاء للتعبير عن امتنانه لجهودهما.
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، شكر نتنياهو ترامب على “مساعدته في دفع إطلاق سراح الرهائن ومساعدة إسرائيل في إنهاء معاناة العشرات من الرهائن وعائلاتهم”.
كما شكر نتنياهو الرئيس الأمريكي المنتخب على تعليقاته في وقت سابق اليوم بأن غزة “لن تصبح مرة أخرى ملاذًا آمنًا للإرهابيين”. وقال مكتب نتنياهو إن الزعيمين اتفقا على الاجتماع قريبًا في واشنطن. وكان البيان الإسرائيلي حول مكالمة نتنياهو مع بايدن أقصر وأقل تفصيلا.
وقال المسؤول الأمريكي في إفادة صحفية إن المكالمة بين نتنياهو وبايدن كانت ودية وإن الزعيمين تحدثا عن هجوم السابع من أكتوبر والرهائن وفرحة عودتهم إلى عائلاتهم. وأضاف أن نتنياهو أشار أيضا إلى أنه وبايدن شهدا العديد من اللحظات التاريخية طوال 44 عاما من معرفتهما ببعضهما البعض.