رونين بار: نتنياهو طالب بالولاء الشخصي والطاعة له وليس للمحكمة العليا
في إفادة للمحكمة، رئيس الشاباك يقول إن رئيس الوزراء أراد من الجهاز أن يعمل ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، ويرفض الاتهامات بعدم تحذيره نتنياهو قبل 7 أكتوبر، ويعبّر عن "قلق عميق على دولة إسرائيل"

قال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار للمحكمة العليا يوم الإثنين أنه تم فصله من منصبه بسبب توقعات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالحصول على ولاء شخصي له، وأوضح أنه قيل له صراحة إنه ملزم بطاعة نتنياهو وليس المحكمة العليا في حال نشوب أزمة دستورية.
وفي بيان رسمي للمحكمة بشأن الالتماسات ضد قرار الحكومة إقالته، أصرّ بار على أن فصله جاء نتيجة رفضه لهذه التوقعات، مستشهدًا بقرارات اتخذها تتعلق بتحقيقات ضد مساعدي نتنياهو، ورفضه مساعدته على تجنب الإدلاء بشهادته في محاكمته الجنائية، والانعكاسات السياسية لهجوم حماس في 7 أكتوبر.
كما رفض بار الاتهامات التي وجهها له نتنياهو وآخرون بشأن امتلاك الشاباك لمعلومات مسبقة عن هجوم حماس في 7 أكتوبر وفشله في تحذير رئيس الوزراء، وقدّم تفاصيل دقيقة عن الخطوات التي اتخذها هو والجهاز في الساعات التي سبقت الهجوم.
وأشار بار إلى أنه سيعلن قريبا عن موعد استقالته، لكنه أكد أن قرار المحكمة بشأن الالتماسات ضد إقالته أهم من ظروفه الشخصية.
ورفض نتنياهو إفادة بار واعتبرها “تصريحا كاذبا”، وقال مكتب رئيس الوزراء إن اعتراف بار نفسه بإخفاقات الشاباك يبرر قرار فصله. وقد طُلب من نتنياهو تقديم رد رسمي على تصريحات بار للمحكمة.
وقد أُقيل بار في قرار حكومي في 21 مارس بناء على توصية نتنياهو الذي قال إنه فقد الثقة بقدرة بار على أداء مهامه، لكن عدة منظمات رقابة حكومية ادعت ان القرار يشوبه ضارب مصالح بسبب تحقيقات الشاباك مع مساعدي نتنياهو، بالإضافة إلى وجود مشاكل كبيرة في إجراءات الإقالة.

وجمدت المحكمة العليا قرار الإقالة وطلبت من الحكومة ومكتب المستشارة القضائية التوصل إلى حل لمعالجة الإخفاقات الإجرائية، كما دعت بار لتقديم روايته للأحداث.
وقدم بار بيانا عاما من 8 صفحات عن طريق مكتب النيابة العامة، إلى جانب إفادة سرية من 31 صفحة مرفقة بخمسة ملاحق تضم توثيقا موسعا لإدعاءاته.
في بيانه العلني، أصرّ بار على أن علاقته بنتنياهو لم تبدأ بالتدهور إلا في نهاية عام 2024، رغم ادعاءات نتنياهو وممثليه القانونيين.
أسباب الإقالة
كتب بار أن سبب التدهور “لم يكن مهنيا، بل نابع من توقع الولاء الشخصي مني لرئيس الوزراء”، مضيفا أن نتنياهو أثنى على الشاباك خلال الحرب لدوره في تحرير رهائن وتصفية مسؤولين كبار في غزة والضفة الغربية ولبنان وخارجها.
وقال بار أن نوفمبر 2024 كان نقطة التحول، وأشار إلى موافقته على فتح تحقيق في تسريب وثائق سرية من مكتب رئيس الوزراء، ورفضه طلب نتنياهو لإبلاغ محكمة القدس أن رئيس الوزراء لا يمكنه الإدلاء بشهادة لأسباب أمنية، وتأكيد الشاباك أن القيادة السياسية مسؤولة جزئيًا عن هجوم 7 أكتوبر، ودعوة الشاباك لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الكارثة، وموافقة بار على التحقيق في فضيحة “قطرغيت” التي يُشتبه فيها بأن مساعدي نتنياهو عملوا لصالح قطر الداعمة لحماس.
وكتب بار، “هذا التسلسل من الأحداث هو ما تسبب في تغير موقف رئيس الوزراء تجاهي، وهو وحده أساس المطالبة بإنهاء ولايتي”.
وفيما يتعلق بـ”قطرغيت”، كتب بار أن الاشتباه بأن أشخاصًا يعملون لصالح دولة قطر، التي تدعم حماس، ويعملون في “قدس أقداس اتخاذ القرار في إسرائيل” ويشاركون في حملات تأثير، يستوجب التحقيق بلا شك، “خاصة وأن هذه الدولة تتوسط في المفاوضات بين إسرائيل وحماس”.
كما أشار إلى أن خطورة المزاعم ضد مساعدي نتنياهو، والاشتباه في تسببهم في الإضرار بالأمن القومي وجهود تحرير الرهائن، تجعل من غير المعقول إقالة رئيس الشاباك وسط التحقيق.
طلب استخدام صلاحياته ضد المتظاهرين
كما زعم بار أن نتنياهو طلب منه عدة مرات اتخاذ إجراءات ضد مواطنين إسرائيليين يشاركون في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وطالبه بتقديم معلومات شخصية عن نشطاء “يراقبون” الأشخاص الذين يرافقهم حراس أمن، في إشارة على ما يبدو إلى وزراء ومسؤولين.
ومن المرجح أن بار كان يشير إلى نشطاء مناهضين للحكومة تتبعوا تحركات الوزراء، وأحيانًا أفرادًا من عائلة رئيس الوزراء، ودعوا نشطاء آخرين إلى التظاهر ضدهم عند ظهورهم في الأماكن العامة.
وقال بار: “وُضّح لي بجلاء التوقع بمراقبة ‘مُمولي الاحتجاجات’”، مؤكدا أنه رفض الاستجابة لمثل هذه الطلبات.
وأوضح أن نتنياهو قدم هذه الطلبات بعد انتهاء الاجتماعات الرسمية وبعد مغادرة السكرتير العسكري وكاتب المحضر، حتى لا يتم توثيقها.
وكتب بار، “توجه إليّ رئيس الوزراء عدة مرات بطريقة أوضحت توقعه بأن يتخذ الشاباك إجراءات ضد المواطنين المشاركين في احتجاجات وتظاهرات مناهضة للحكومة”.
كما أشار إلى أن نتنياهو ذكر في رده للمحكمة أن أحد أسباب تدهور الثقة بينهما كان رفض بار اتخاذ إجراءات ضد منظمي رفض الخدمة الجماعي لجنود الاحتياط عام 2023، والذي كان ركيزة أساسية في الاحتجاجات ضد خطة إصلاح القضاء.
وأضاف بار: “هذا يدل على كيف يرى رئيس الوزراء وظيفة رئيس الشاباك، وتوقعه بأن يستخدم صلاحيات الجهاز في مواجهة مظاهرات علنية ضد الحكومة وسياساتها لا تنطوي على أنشطة سرية أو تهديد بالعنف”.
الولاء المطلق
“بالمثل، وُضّح لي، في سياق الحوار حول [حركة] الاحتجاج، أنه في حال اندلاع أزمة دستورية، فعلي أن أطيع رئيس الوزراء لا المحكمة العليا”، قال بار دون أن يذكر من أوضح له ذلك.
وأضاف أنه سيقدم تفاصيل إضافية في إفادته السرية.
وتشهد إسرائيل تهديدات بأزمة دستورية شاملة منذ بداية ولاية هذا الائتلاف، بسبب محاولات الحكومة فرض مزيد من السيطرة على الجهاز القضائي.
وفي إفادته، كرر بار كذلك مزاعم سابقة بأن نتنياهو حاول دفعه لإبلاغ محكمة القدس المركزية، حيث يُحاكم رئيس الوزراء بتهم فساد، بأنه لا يستطيع الإدلاء بشهادته بسبب اعتبارات أمنية.
وقال بار إن نتنياهو مارس ضغوطا “متكررة” عليه لإصدار تعليمات تقضي بتجنب رئيس الوزراء الظهور العلني والتعرض لهجمات صاروخية، “بحيث لا يكون من الممكن عمليا إجراء محاكمته”.
وأضاف رئيس الشاباك أنه تسلّم مسودة لوثيقة مهنية تعبّر عن هذا الموقف، قال إنها كُتبت إما من قبل نتنياهو أو أحد مساعديه، “وطُلب مني تقديمها على أنها ورقة موقف صادرة عن رئيس الشاباك”.
وقال بار إنه سيورد التفاصيل الكاملة لهذا الحادث في إفادته السرية.

تفاصيل التقرير حول الجزء السري
أفادت قناة “كان” الإخبارية مساء الإثنين أن إفادة بار السرية تضمّنت تفاصيل حول عدة فضائح مرتبطة بمكتب رئيس الوزراء وسلوك غير لائق من نتنياهو نفسه.
وقدم بار للمحكمة تفاصيل سرية تتعلق بتحقيق “قطرغيت”، وتسريب وثائق سرية من قبل مساعد لنتنياهو إلى صحيفة “بيلد” الألمانية، وطلبات نتنياهو المزعومة من بار لاستخدام الجهاز ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، وطلب نتنياهو المزعوم من بار مساعدته على تأجيل الإدلاء بشهادته في محاكمته الجنائية.
كما تضمّن الملف السري تفاصيل عن مناقشات بين مسؤولين أمنيين وسياسيين “حول المعركة ضد حماس”، بحسب التقرير.
إخفاقات 7 أكتوبر
رفض رئيس الشاباك بشدة الاتهامات التي وجّهها نتنياهو وآخرون في محيطه، والتي زعمت أن الجهاز تلقى تحذيرًا مسبقًا عن هجوم حماس في 7 أكتوبر وفشل في إبلاغ رئيس الوزراء والأجهزة الأمنية الأخرى. كما قدم تفاصيل دقيقة عن الخطوات التي اتخذها مساء 6 أكتوبر وساعات الفجر الأولى من 7 أكتوبر.
أقرّ بار بوجود إخفاقات من جانب الشاباك، لكنه قال إن الادعاءات بأنه لم يُبلغ رئيس الوزراء كانت جزءًا من “تحريض مؤسسي” ضده وضد الجهاز.
كمقدمة، أشار بار إلى أن جهاز الشاباك “حذر بشدة” الحكومة من أن أعداء إسرائيل يفسرون الانقسامات المجتمعية التي تفجرت في أعقاب خطة الحكومة لإصلاح القضاء في عام 2023 على أنها فرصة للهجوم، وأن الجهاز أوصى بتنفيذ سلسلة من “الضربات المستهدفة” لـ”منع انهيار ميزان الردع”.
وقال بار أيضًا إنه حذر نتنياهو في يوليو 2023 من خطورة الوضع الأمني ومن “تحذير حرب”، وهو ما وصفه بأنه تصريح غير مألوف وغير مسبوق من رئيس للشاباك.
وأوضح أنه مساء 6 أكتوبر، وبعد تلقيه “مؤشرات غير عادية لكن غير قاطعة”، تم إبلاغ قائد فرقة غزة في الجيش ووحدة الاستخبارات التابعة لها، بالإضافة إلى القيادة الجنوبية للجيش، عبر الهاتف بشأن النشاط غير المعتاد الذي تم رصده عند الساعة 11 مساء.
وفي الساعة 3:03 فجر 7 أكتوبر، تم إصدار إنذار لجميع الأجهزة الأمنية بشأن “تحضيرات غير معتادة وإمكانية وجود نوايا هجومية لدى حماس”، رغم أن بار أقر بأن مستوى هذا التحذير لم يكن دقيقًا واعتبره فشلًا من قبل الشاباك.
وقال بار إنه وصل إلى مقر الشاباك في الساعة 4:30 فجرًا، وفي الساعة 5:15 أعطى تعليمات لإباغ السكرتير العسكري لرئيس الوزراء بالأحداث الجارية.
وكتب بار، “أشدد بألم أن لا أحد قدّر أن هجوما كهذا سيندلع، وبالتأكيد ليس في ذلك الصباح”.
وأضاف مؤكدا “لكن الهجوم ’لم يتم بتنسيق منا’، وفرقنا ‘لم تُرسل لإنقاذ عناصر الشاباك’، وفي تلك الليلة ‘لم يُخف أي شيء عن المؤسسة الأمنية أو عن رئيس الوزراء’”.
قلق على إسرائيل
كتب بار في ختام إفادته: “بدافع القلق العميق على دولة إسرائيل عموما وعلى قدرة جهاز الشاباك على أداء مهامه خصوصًا، رأيت أنه من واجبي تقديم تسلسل الأحداث أمام المحكمة بشكل كامل وعلني”.
“هذا واجبي تجاه من سيخلفني، حتى يتمكن من أداء دوره بمهنية، وبالتزام تجاه الدولة، ومع الحرص على استخدام صلاحيات الجهاز وأدواته لغرضها المحدد فقط، وبما يرسم بوضوح الفرق بين الثقة المطلوبة في الأنظمة الديمقراطية والولاء الذي يميز أنظمة أخرى”.
رد نتنياهو
قال مكتب رئيس الوزراء إن إفادة بار “مليئة بالأكاذيب”، وأضاف أن رئيس الشاباك لم يتصل بالسكرتير العسكري لنتنياهو إلا في الساعة 6:13 صباحًا.
وأضاف المكتب إن “بار يؤكد ما قاله جميع وزراء الحكومة: لقد فشل فشلا ذريعا في 7 أكتوبر. وهذا سبب كافٍ لفصله”.
كما زعم مكتب نتنياهو أن بار قال قبل يومين فقط من هجوم حماس إن “تجديد التفاهمات بين إسرائيل وحماس على قاعدة الهدوء مقابل التسهيلات يكشف عن إمكانية الحفاظ على الاستقرار في قطاع غزة”.
ووجّهت النائبة المعارضة من حزب “الديمقراطيين” نعمة لازيمي يوم الإثنين رسالة إلى المستشارة القضائية غالي بهاراف-ميارا، دعتها فيها إلى فتح تحقيق جنائي فوري مع نتنياهو للتحقق من المزاعم التي وردت في إفادة بار. وكانت لازيمي قد قدمت طلبًا مشابهًا قبل أسبوعين بشأن فضيحة “قطرغيت” وإقالة بار.
ساهم لازار بيرمان في إعداد هذا التقرير