إسرائيل في حالة حرب - اليوم 494

بحث

انتخاب يتسحاق عميت رئيسا للمحكمة العليا وليفين يتوعد بمقاطعته

التصويت الذي فرضته المحكمة العليا ينهي 16 شهرا من غياب رئيس دائم؛ وزير العدل يصف العملية بأنها "غير شرعية في صميمها"، الملتمسون يعلنون القرار "انتصارا للديمقراطية"

وزير العدل ياريف ليفين (يسار) يحضر جلسة للهيئة العامة في الكنيست في 13 نوفمبر 2024. (Chaim Goldbergl/Flash90)؛ رئيس المحكمة العليا بالإنابة القاضي إسحاق أميت في المحكمة العليا في القدس، 14 نوفمبر 2024. (Chaim Goldberg/Flash90)
وزير العدل ياريف ليفين (يسار) يحضر جلسة للهيئة العامة في الكنيست في 13 نوفمبر 2024. (Chaim Goldbergl/Flash90)؛ رئيس المحكمة العليا بالإنابة القاضي إسحاق أميت في المحكمة العليا في القدس، 14 نوفمبر 2024. (Chaim Goldberg/Flash90)

بعد ستة عشر شهرا غير مسبوقة بدون رئيس دائم للمحكمة العليا وفي مواجهة معارضة مستمرة من وزير العدل ياريف ليفين، تم انتخاب القاضي يتسحاق عميت رئيسا للمحكمة العليا في إسرائيل مساء الأحد في تصويت من قبل لجنة اختيار القضاة فرضته المحكمة.

تم تعيين عميت بعد جلسة استماع للجنة استمرت خمس ساعات تم خلالها الاستماع إلى ومناقشة مزاعم سوء السلوك الأخيرة ضد القاضي، الذي خدم خلال الأشهر الأربعة الماضية كرئيس بالنيابة للمحكمة العليا.

وقاطع ليفين، إلى جانب ممثلي الائتلاف الآخرين في اللجنة، وزيرة المستوطنات أوريت ستروك والنائب عن حزب “عوتسما يهوديت” يتسحاق كرويزر، الجلسة احتجاجا على قرار المحكمة العليا – التي تعقد جلساتها كمحكمة عدل عليا – بأمره بإجراء تصويت في اللجنة، وهو ما رفضه لمدة عام ونصف تقريبا.

وبعد التصويت مباشرة، وصف ليفين عملية التعيين بأنها “غير شرعية في صميمها” وأعلن أنه لا يعترف بعميت كرئيس للمحكمة العليا، مضيفا أنه لن يعمل معه في أعمال أساسية للسلطة القضائية تتطلب التعاون بين وزير العدل ورئيس المحكمة العليا.

لقد شهدت العملية برمتها، والتي اتسمت بالتوتر، سلسلة من الأحداث غير المسبوقة التي كادت أن تشكل أزمة دستورية، من رفض وزير العدل ملء منصب رئيس المحكمة العليا لفترة وصولا إلى تدخل المحكمة العليا وإصدار أمر بتعيينه.

وقال خبراء قانونيون إن الأحداث التي وقعت يوم الأحد – والتي لم يقم فيها ليفين فعليا بعقد اجتماع للجنة اختيار القضاة بنفسه، بل بدا وكأنه سمح لأمين اللجنة بعقد الاجتماع – كانت بلا سابقة في التاريخ الإسرائيلي.

قاضي المحكمة العليا يتسحاق أميت يصل إلى مكاتب إدارة المحاكم الإسرائيلية في القدس لحضور اجتماع لجنة اختيار القضاة التي عينته لاحقا رئيسًا للمحكمة العليا، 26 يناير، 2025. (Chaim Goldberg/Flash90)

إن إعلان ليفين بأنه لا يعترف بعميت رئيسا هو أمر غير مسبوق أيضا. يتمثل تأثير موقف الوزير المتشدد في أن التعيينات الرئيسية داخل جهاز القضاء، مثل رؤساء المحاكم الجزئية والمناصب الإدارية المهمة التي تتطلب تعاون وزير العدل ورئيس المحكمة العليا، سوف تكون مستحيلة طالما استمر ليفين في مقاطعة عميت.

ولقد كان رفض ليفين المتحدي والعنيد لتعيين عميت مصحوبا بجهوده لتغيير عملية تعيين القضاة في إسرائيل من خلال أجندته لإصلاح القضاء، والتي يسعى من خلالها إلى تأكيد سيطرة الحكومة بشكل أكبر على اختيار القضاة في إسرائيل.

معركة استمرت 16 شهرا

على مدى الأشهر الستة عشر الماضية، منذ تقاعدت رئيسة المحكمة العليا السابقة إستر حايوت في أكتوبر 2023، رفض ليفين إجراء تصويت لاختيار رئيس قضاة جديد لأنه كان يرغب في تنصيب قاض محافظ في المنصب بدلا من عميت الليبرالي، لكنه افتقر إلى الأصوات في لجنة اختيار القضاة للقيام بذلك.

بعد ما يقرب من عام من مثل هذه التأخيرات، قضت المحكمة العليا بصفتها محكمة العدل العليا في سبتمبر أنه على الرغم من أن وزير العدل بصفته رئيسا للجنة يتمتع ببعض السلطة التقديرية بشأن موعد الدعوة إلى التصويت، إلا أنه لا يمكنه رفض التعيين إلى أجل غير مسمى، وهو ما كان سيعطي الوزير حق النقض على المنصب الذي لم يكن القانون يقصد منحه إياه أبدا.

وفي ذلك الوقت، قضت المحكمة العليا بأن التعيين يجب أن يتم “في وقت قصير”، ثم أمرت ليفين في ديسمبر بالقيام بذلك بحلول 16 يناير. وفي وقت سابق من هذا الشهر، منحته المحكمة تمديدا حتى 26 يناير بعد أن طلب ليفين مزيدا من الوقت لتوضيح مزاعم جديدة بسوء السلوك ضد عميت، ثم أمرته مرة أخرى يوم الجمعة بإجراء التصويت في 26 يناير، رافضة طلبا جديدا لمزيد من التأخير.

وقد ادعى ليفين مرارا وتكرارا أن أوامر المحكمة العليا ضده، والتي أصدرها اثنان من القضاة المحافظين وواحد ليبرالي، كانت “غير قانونية” و”صادرت” بشكل غير شرعي سلطاته على لجنة اختيار القضاة بصفته رئيسها.

مزاعم ضد عميت

قبل ثلاثة أيام فقط من الموعد النهائي المحدد في السادس عشر من يناير، ظهرت مزاعم في العديد من وسائل الإعلام بأن عميت ترأس العديد من القضايا التي كان لديه فيها تضارب في المصالح. دفع هذا ليفين إلى طلب تأخير إضافي في إجراء التعيين، ومنحته المحكمة 10 أيام إضافية للقيام بذلك.

عندما طلب ليفين تأخيرا ثانيا يوم الجمعة بسبب تقارير جديدة ضد عميت، قالت له المحكمة العليا أن الهيئة المختصة بمراجعة المزاعم هي لجنة اختيار القضاة وأمرته بتقديم شكواه إلى تلك الهيئة.

لكن ليفين لم يدع إلى عقد جلسة للجنة يوم الأحد على الرغم من أمر المحكمة، فيما يبدو أنه تجاهل آخر للمحكمة العليا.

وزير العدل ياريف ليفين يتحدث في جلسة للهيئة العامة للكنيست، 4 ديسمبر، 2024. (Chaim Goldbergl/Flash90)

ولكن يبدو أنه سمح لمدير إدارة المحاكم الإسرائيلية، القاضي تساحي عوزيئل، الذي يشغل منصب سكرتير اللجنة، بعقد اجتماع اللجنة، رغم أنه لم يشرح هو ولا المتحدث باسم السلطة القضائية الآلية القانونية لهذا الإجراء.

حضر اجتماع لجنة اختيار القضاة يوم الأحد عميت نفسه، حيث كان يخدم في اللجنة منذ عدة أشهر بالفعل، إلى جانب زميليه القاضيين في المحكمة العليا نوعم سولبيرغ ودافني باراك إيرز، وعضوة الكنيست عن حزب “يش عتيد” كارين إلهرار ممثلة للمعارضة، ومحاميان يمثلان نقابة المحامين في إسرائيل.

ولم يشارك عميت في التصويت على انتخابه، ولم يكن حاضرا فيه، بسبب وجود تضارب مصالح واضح. وتم انتخاب سولبيرغ نائبا لرئيس المحكمة، ولم يشارك هو أيضا في التصويت لنفس السبب.

وبحسب تقارير إعلامية عبرية، تم استجواب عميت مطولا خلال الاجتماع حول كل من التهم الموجهة إليه.

وقال عميت علنا إن التهم تتجاهل حقائق رئيسية تستبعد احتمال وجود تضارب في المصالح بشأنها، وزعم أن سلسلة التقارير الإعلامية حول شؤونه هي جزء من “حملة تشويه منظمة” ضده.

وقال ليفين بعد التصويت في رسالة إلى عوزئيل، رئيس إدارة المحاكم:، “أعلن بشكل لا لبس فيه أنني لا أعترف بالقاضي يتسحاق عميت رئيسا للمحكمة العليا، وأن العملية التي ’انتخب’ بموجبها غير شرعية في صميمها وغير قانونية”.

رئيس المحكمة العليا بالوكالة إسحاق عميت في جلسة استماع بشأن التماس قدمته عائلات الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، 28 أكتوبر 2024. (Chaim Goldberg/Flash90)

وتابع ليفين: “إنه يوم حزين للديمقراطية، ويوم حزين لنظامنا القانوني”، مؤكدا أن عميت لن يحظى بثقة الجمهور، وتعهد “بعدم التوقف عن العمل حتى نصلح هذا الوضع المشين من جذوره”.

كما زعم وزير العدل أن التعيين، دون “فحص شامل لجميع الاتهامات” ضد عميت، هو “عار أخلاقي وعمل يتعارض تماما مع الإدارة السليمة، فضلا عن المعايير التي وضعتها المحكمة العليا نفسها فيما يتعلق بالمرشحين للمناصب العامة”.

دعم رئاسي

كما استنكر عدد من الوزراء الآخرين تعيين عميت، ومن بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الاتصالات شلومو قرعي.

ورحب زعيم المعارضة يائير لبيد بانتخاب عميت، ووصفه بأنه “انتصار للديمقراطية والإدارة السليمة”، مضيفا أن “التأخير غير الضروري” في التعيين “تسبب في أضرار جسيمة لسيادة القانون في إسرائيل”.

كما رحب الرئيس يتسحاق هرتسوغ بتعيين عميت، وقال إن عميت “ساهم بشكل كبير على مدى عقود في النظام القانوني الإسرائيلي”، وأضاف أنه “على يقين من أن مواهبه العديدة وخبرته الغنية” ستساعده “في قيادة القضاء بمسؤولية، وبحكمة وتفان لصالح دولة إسرائيل”.

ووصفت حركة جودة الحكم في إسرائيل، التي أدى التماسها إلى تدخل المحكمة العليا، تعيين عميت بأنه “انتصار للديمقراطية وسيادة القانون على الجهود غير المشروعة لإلحاق الضرر باستقلال السلطة القضائية”.

اقرأ المزيد عن