إسرائيل في حالة حرب - اليوم 566

بحث

اليمين السياسي يحتل مركز الصدارة في المؤتمر الإسرائيلي المثير للجدل حول معاداة السامية

في خضم المقاطعة بسبب إشراك مشرعين من اليمين المتطرف في الاتحاد الأوروبي، يشهد الحدث المنعقد في القدس ظهور زعيم بوسني يواجه مذكرة اعتقال ورئيس باراغواي السابق الخاضع للعقوبات

زعيم حزب التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلا (على يمين الصورة) ووزير الشتات عميحاي شيكلي في المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية في القدس، 27 مارس، 2025. (Yonatan Sindel/Flash90)
زعيم حزب التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلا (على يمين الصورة) ووزير الشتات عميحاي شيكلي في المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية في القدس، 27 مارس، 2025. (Yonatan Sindel/Flash90)

لم يكن هناك نقص في الجدل في المؤتمر الدولي الأول من نوعه للحكومة الإسرائيلية حول مكافحة معاداة السامية يوم الخميس في القدس، حيث شن متحدثون معظمهم من اليمين هجوما لاذعا على المنظمات اليسارية ووسائل الإعلام التي زعموا أنها تمكّن معاداة السامية.

تم تسليط الأضواء على المؤتمر الذي عُقد في مركز المؤتمرات الدولي الأسبوع الماضي بعد أن قال العديد من القادة اليهود البارزين إنهم لن يحضروا المؤتمر بسبب مشاركة سياسيين أوروبيين من اليمين المتطرف الذين طالما واجهت أحزابهم مزاعم بمعاداة السامية.

وقد افتتح وزير الشتات عميحاي شيكلي، الذي نظمت وزيرته المؤتمر، الحدث بكلمة إلى السياسيين الأوروبيين من اليمين المتطرف حول الضجة التي أحاطت بمشاركتهم في المؤتمر.

وقال شيكلي ”أعتذر عن الأكاذيب التي ينشرها ضدكم أولئك الذين يفترون على دولة إسرائيل في جميع أنحاء العالم“، قبل أن يبدأ في خطبة عصماء متهمًا صحيفة “هآرتس” اليسارية الإسرائيلية باختلاق هذا الجدل. واصفًا الصحيفة بأنها ”منارة للأكاذيب والدعاية المعادية للصهيونية“، وأصر على أن ”هآرتس وأمثالها لا يمثلون الشعب اليهودي“.

وكان الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير جوناثان غرينبلات والفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي – وكلاهما كان من المقرر أن يلقي كلمة رئيسية – إلى جانب الحاخام البريطاني الأكبر إفرايم ميرفيس، من بين الذين ألغوا مشاركتهم في الحدث بسبب مخاوف من أن يؤدي إدراج مشرعين من اليمين المتطرف إلى إضفاء الشرعية على حركاتهم التي لها تاريخ طويل من معاداة السامية وإنكار الهولوكوست والعنصرية.

وكحل وسط يهدف إلى تخفيف حدة التوترات، استضاف رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ الزعماء اليهود في اجتماع خاص ليلة الأربعاء قبل المؤتمر، دون حضور الشخصيات اليمينية.

وفي حديثه إلى الصحافيين بعد المؤتمر، دافع شيكلي عن قراره بدعوة أعضاء البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف، قائلاً إنه تحدث مطولاً مع كل واحد منهم بشأن معتقداتهم حول إسرائيل.

وزير الشتات عميحاي شيكلي يتحدث في المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية في القدس، 27 مارس، 2025. (Yonatan Sindel/Flash90)

وقال شيكلي ”الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الأقوال”، مشيرا إلى أن مارين لوبان من حزب الاتحاد الوطني الفرنسي – الذي حضر زعيمه جوردان بارديلا المؤتمر – قد أظهر اهتمامًا حقيقيًا بالجالية اليهودية الفرنسية. وقال شيكلي إن ممثلي حزب “البديل لألمانيا” (AFD) الألماني لم تتم دعوتهم بسبب الأصوات المتطرفة داخله، على الرغم من موقفه المؤيد لإسرائيل.

وقال هيرمان تيرتش، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب ”فوكس“ اليميني المتشدد في إسبانيا، لـ”تايمز أوف إسرائيل“ إنه شعر بأنه مضطر للمشاركة في المؤتمر على الرغم من الجدل.

وقال تيرتش: ”أنا هنا لأن مكافحة معاداة السامية مسألة مهمة للغاية تؤثر علينا جميعًا”، مشيرا إلى أنه تم تكريمه من قبل الجالية اليهودية في مدريد لعمله في مكافحة معاداة السامية. وأضاف: ”نحن نخوض معركة خطيرة للغاية، وما نقوم به يزعج الأطراف الأخرى التي لا ترى الخطر“.

رئيس الوزراء: كثيرون اعتقدوا أن إسرائيل على وشك الانقراض

كما خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المؤتمر يوم الخميس، واصفا معاداة السامية بـ”المرض“ الذي يهدد جميع المجتمعات المتحضرة.

وقال نتنياهو إنه قبل الهولوكوست، أدرك الكثيرون أن تنامي معاداة السامية الأوروبية لن يدمر اليهود فحسب، بل سيدمر الحضارات المحيطة بهم.

”اليوم نطلق تحذيرا مماثلا – مصير المجتمعات الحرة مرتبط باستعدادها لمحاربة آفة معاداة السامية“.

والآن، كما قال نتنياهو، عادت هذه الكراهية إلى الظهور في شكل حماس والإسلام الراديكالي في اليمن وإيران ولبنان وغزة. وأضاف أنه على عكس ما حدث أثناء الهولوكوست، أصبح لدى اليهود الآن جيش للدفاع عن أنفسهم والقتال.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحدث في المؤتمر الدولي حول مكافحة معاداة السامية في القدس، 27 مارس، 2025. (Yonatan Sindel/Flash90)

وقال نتنياهو: ”في السابع من أكتوبر، فوجئنا. كانت لدينا مذبحة فظيعة ورهيبة. واعتقد الكثيرون أن إسرائيل كانت على وشك الانقراض. قالها [الأمين العام السابق لحزب الله حسن] نصر الله بوضوح شديد. قال ’الدولة اليهودية، والجيش اليهودي – إنهما ليسا أكثر من بيت العنكبوت، ويمكن أن يتم كنسهما بسهولة’“.

وتابع: ”حسنًا، بعد عام ونصف، رحل نصر الله، ورحل [الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل] هنية. ورحل [زعيم حماس السابق يحيى] السنوار. ورحل [الرئيس السوري السابق بشار] الأسد. لقد ضربنا حماس. وأركعنا حزب الله على ركبتيه. دمرنا بقايا الجيش السوري. ضربنا الحوثيين بمساعدة كبيرة من حلفائنا الأمريكيين. وكشفنا ضعف إيران“.

الصمت تواطؤ

في جلسة لاحقة بعنوان ”لا تربكوني بالحقائق“، اتهم المتحدثون الحركات اليسارية بتأجيج نيران معاداة السامية من خلال ترويج الأكاذيب.

وانتقد المؤرخ اليميني المتطرف غادي توب الحركات التقدمية في إسرائيل بسبب ما وصفه تقويضها للصهيونية، وضاعف من هجومه على صحيفة هآرتس – التي كان يعمل بها سابقًا – قائلًا إنها ”تقوض الصهيونية بشكل منهجي“.

ووصف جوردان بارديلا، رئيس حزب الاتحاد الوطني اليميني المتطرف في فرنسا، حركته بأنها ”أفضل درع لمواطنينا اليهود“. وقال إن فرنسا يجب أن تعمل مع إسرائيل لمكافحة معاداة السامية، كما هو محدد في تعريف عمل التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA).

وقال: ”في مواجهة العودة المقلقة للكراهية المعادية لليهود في جميع أنحاء أوروبا والعالم، وفي مواجهة الإرهاب الذي ينوي تدمير حياتنا وقيمنا، نحن الفرنسيين نؤمن أكثر من أي وقت مضى أن على شعوبنا توحيد أصواتها وتوحيد قواها في المعركة“.

جوردان بارديلا، رئيس حزب الاتحاد الوطني اليميني المتطرف في فرنسا، في المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية في القدس، 27 مارس، 2025. (GPO)

وأضاف ”أنا مدرك للأهمية الرمزية لدعوتي هنا، ومسؤولية حزبي … في الحرب ضد البربرية، التي هي أيضًا حربنا“.

وقال الرئيس السابق لباراغواي هوراسيو كارتيس للحضور إن الصمت في مواجهة معاداة السامية ”ليس حيادًا، بل تواطؤًا“.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة ”هآرتس“، فقد تمت دعوة كارتس، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب علاقاته المزعومة مع حزب الله، وكذلك الفساد، إلى المؤتمر من قبل مكتب رئيس الوزراء.

رئيس صرب البوسنة ميلوراد دوديك في مدينة بانيا لوكا البوسنية، شمال غرب سراييفو، 26 فبراير، 2025. (Radivoje Pavicic/AP)

وقد حضر المؤتمر زعيم أجنبي آخر، وهو رئيس صرب البوسنة ميلوراد دوديك، لكنه غادر المؤتمر لفترة وجيزة بعد أن تم إخطاره بأن محكمة في البوسنة أصدرت مذكرة دولية باعتقاله بسبب دعواته لانفصال نصف البوسنة الذي يديره الصرب عن بقية البلاد.

وقال منظمو الحدث إن دوديك غادر المؤتمر طواعيةً ثم عاد لاحقًا. وباعتبارها دولة موقعة على الاتفاقية الأوروبية لتسليم المجرمين، فإن إسرائيل ملزمة بتسليم المواطنين المطلوبين في دول أخرى. وليس من الواضح ما إذا كانت البوسنة قد أصدرت طلب تسليم إلى إسرائيل خلال الحدث.

اقرأ المزيد عن