واشنطن: لا ينبغي للجيش الإسرائيلي تهجير سكان غزة في الجنوب كما فعل في الشمال
قال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تحث إسرائيل على تحديد عدة مواقع بالقرب من ملاجئ الأمم المتحدة تكون آمنة من عمليات الجيش الإسرائيلي؛ أضافوا أن طائرات أمريكية سوف تجلب لقاحات لمنع تفشي الأمراض

قال مسؤولون أمريكيون كبار يوم الاثنين إن إدارة بايدن تعارض تهجير الفلسطينيين لمرة ثانية في غزة، بينما حددت واشنطن الشروط لمواصلتها دعم توسيع توغل الجيش الإسرائيلي البري في الجزء الجنوبي من القطاع الذي تديره حماس عند انتهاء الهدنة المؤقتة في الأيام المقبلة.
وقال أحد المسؤولين الرفيعين في الإدارة الأمريكية تحدثا مع صحفيين شريطة عدم الكشف عن هويتهما أن “حجم النزوح الذي وقع في الشمال لا يمكن أن يتكرر في الجنوب”.
وجاءت هذه التصريحات بعد يوم من قول مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن إدارة بايدن تريد من إسرائيل أن “تستخلص العبر” من توغلها البري في شمال غزة وألا تبدأ العمليات في جنوب غزة حتى تتمكن من ضمان قدرة المدنيون الفلسطينيون على تجنب القتال.
وجاءت عملية الجيش الإسرائيلي بعد قيام عناصر حماس وفصائل مسلحة أخرى في غزة بقتل 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز حوالي 240 آخرين كرهائن في غزة.
وبعد قصف جوي دام ثلاثة أسابيع، شنت إسرائيل توغلا بريا على مراحل، ابتداء من 27 أكتوبر في شمال غزة.
وقُتل أكثر من 14 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. ولم يتم التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ويعتقد أنها تشمل المسلحين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، بالإضافة إلى المدنيين الفلسطينيين الذين قُتلوا بصواريخ طائشة سقطت داخل غزة.
واتفقت إسرائيل وحماس على هدنة مؤقتة دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة، شهدت إفراج حماس عن عشرات الرهائن مقابل إطلاق إسرائيل سراح ثلاثة أسرى أمنيين فلسطينيين مقابل كل رهينة.

وفي حين تم تمديد الهدنة، التي كانت من المقرر أن تستمر أربعة أيام في البداية، لمدة يومين إضافيين ويهدف الوسطاء إلى تمديدها أكثر، فقد أوضحت إسرائيل أنها ستستأنف حربها ضد حماس بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار المؤقت وأن قواتها البرية ستتحرك قريبا من شمال غزة إلى جنوبها.
وقبل دخول القوات البرية شمال القطاع، طالب الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة بالتحرك جنوبا لتجنب الوقوع في مرمى النيران. واستجاب أكثر من مليون فلسطيني للدعوة، و80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يمكثون الآن في جنوب ووسط القطاع، حسبما قال مسؤول أمريكي كبير يوم الاثنين.
وحذر المسؤول من أن شبكة الدعم الإنساني، التي شهدت زيادة في المساعدات خلال الهدنة، لن تكون قادرة على دعم نزوح جماعي آخر للفلسطينيين داخل غزة. وأوضحت الولايات المتحدة أيضًا أنها تعارض بشدة تهجير الفلسطينيين خارج غزة، على الرغم من دعوات بعض الوزراء والمشرعين الإسرائيليين للمجتمع الدولي لدعم الفكرة.
وبدلا من ذلك، تحث إدارة بايدن إسرائيل على تحديد مواقع متعددة في جنوب غزة بالقرب من الملاجئ الموجودة بالفعل والمرافق الأخرى التي تديرها منظمات الإغاثة “حيث لن يكون هناك نشاط حركي [للجيش الإسرائيلي]”، قال المسؤول الأمريكي الكبير.
واعترف المسؤول بأنه لا بد من وقوع بعض النزوح، لكنه أوضح أنه “لن يُجبر أحد على مغادرة منزله عمداً”.
وأعلنت إسرائيل خلال الأسبوع الثاني من الحرب عن إنشاء منطقة إنسانية في المواصي قرب الساحل الجنوبي لقطاع غزة. لكن لم يتم ترسيم حدودها بشكل واضح وهي صغيرة جدا ولا يمكنها استيعاب جميع سكان القطاع، مما يجعلها غير كافية، قال مسؤول أمريكي كبير لتايمز أوف إسرائيل الشهر الماضي.
The IDF calls on #GazaCity residents to evacuate south for their protection.
Al-Mawasi is where international #HumanitarianAid will be provided as needed. pic.twitter.com/HT4PGtzNre
— COGAT (@cogatonline) October 18, 2023
وقال المسؤولان يوم الاثنين إن ما تطلبه الولايات المتحدة الآن من إسرائيل يتجاوز تلك المنطقة الآمنة الضيقة.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة: “هذه المناطق [الإضافية ستكون]… مخصصة مسبقا كأماكن يذهب إليها الناس”.
وأضاف أن الحملة العسكرية الإسرائيلية يجب أن تتم “بطريقة تساعد بقدر الإمكان في تجنب الاشتباك مع المرافق الإنسانية – الطاقة والمياه والمستشفيات وغيرها من المرافق، بما في ذلك العديد من الملاجئ التي تدعمها الأمم المتحدة والموجودة في جميع أنحاء جنوب ووسط غزة”.
وقال مبعوث إدارة بايدن للوضع الإنساني في غزة ديفيد ساترفيلد الأسبوع الماضي إن إسرائيل استجابت لطلب أمريكي لإنشاء “آلية تفادي الاشتباك” لضمان حماية أفضل للعاملين في المجال الإنساني والمدنيين خلال ضربات الجيش الإسرائيلي المستمرة في غزة.
وقال مسؤول إسرائيلي لتايمز أوف إسرائيل في الأسبوع الماضي إنه سيتم تكليف ضابط في الجيش الإسرائيلي بالتنسيق بين المنظمات الإنسانية والقوات على الأرض حتى لا تستهدف الأخيرة المناطق التي يعمل فيها عمال الإغاثة.
وقال مسؤول أمريكي الأسبوع الماضي إن جهود تفادي الاشتباك لم تكن ناجعة حتى الآن، مما أدى إلى عدة حالات تعرض فيها عمال الإغاثة والمدنيون لأذى غير ضروري.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة للصحفيين يوم الاثنين إن الولايات المتحدة تناقش هذه القضايا باستمرار مع النظراء الإسرائيليين الذين يفهمون الآن “أنه يجب شن حملة مختلفة في الجنوب عن الحملة في الشمال”.
وأوضح المسؤول الكبير أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم “القضاء على حماس كقوة حاكمة ومهددة في غزة”، ولكن “طريقة إدارة الحملة، خاصة في الجنوب، أمر في بالغ الأهمية بسبب الوضع الهش” الناجم عن النزوح الجماعي لسكان شمال غزة.
تدفق المساعدات
سلط المسؤولان في حديثهما للصحفيين الضوء على الزيادة في المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة، خاصة منذ تنفيذ الهدنة يوم الجمعة، والتي أدت إلى دخول 200 شاحنة من المساعدات يوميًا منذ ذلك الحين.
وساعدت الجهود الدبلوماسية الأمريكية في اقناع إسرائيل على التراجع عن موقفها الأولي المتمثل في “لا قطرة واحدة من ماء، ولا قطرة واحدة من الوقود، ولا قلم رصاص واحد سيمر عبر الحدود”، والانتقال إلى السماح بدخول أكثر من 2000 شاحنة، بما في ذلك الوقود، قال المسؤول في الإدارة الأمريكية.
واعترف المسؤول بأن المساعدات لا تزال غير كافية، نظراً للأزمة الإنسانية المتضخمة. لكنه قال إن هناك تعزيزات إضافية في طريقها إلى القطاع، بما في ذلك “رحلة إغاثة” نظمها الجيش الأمريكي، والتي ستصل إلى مطار العريش في سيناء المصرية يوم الثلاثاء محملة بمواد طبية ومساعدات غذائية ومعدات شتوية. وستصل طائرتان إضافيتان في الأيام المقبلة.
وقال المسؤول في الإدارة إن الطائرات ستحمل أيضًا لقاحات لمنع انتشار الأمراض، مضيفًا أن أفضل طريقة لمنع تفشي الأمراض هي ضمان وجود إمدادات من المياه الصالحة للشرب في غزة. وبناءً على ذلك، نجحت الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل للبدء في السماح بدخول الوقود في وقت سابق من هذا الشهر من أجل تشغيل البنية التحتية الحيوية، مثل المستشفيات ومحطات تحلية المياه والآبار وأنظمة الصرف الصحي. ولطالما أكدت إسرائيل أن لدى حماس مخزونات من الوقود ترفض أن يتم استخدامها لتلبية احتياجات السكان المدنيين.
لكن مطار العريش هو المطار الوحيد الذي يستقبل شحنات المساعدات، التي يتم نقلها بعد ذلك إلى غزة عبر رفح. لكن يوجد في المطار مدرج واحد فقط ومواقف سيارات محدودة للغاية، مما يجعله غير مناسب لعمليات الشحن الضخمة اللازمة للقطاع الساحلي، حسبما قال مسؤول أمريكي لتايمز أوف إسرائيل في الأسبوع الماضي.
وفي غضون ذلك، قال المسؤول الأمريكي إن إدارة بايدن تجتمع أيضًا مع الدول المانحة لحثها على ضمان التمويل الكامل للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة العاملة على الأرض، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة هي بالفعل أكبر دولة مانحة وقد أعلنت عن مساعدات إضافية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بقيمة 100 مليون دولار الشهر الماضي.