الولايات المتحدة تُدخل إسرائيل برنامج الإعفاء من التأشيرة في تعزيز كبير للعلاقات الثنائية
سيتمكن الإسرائيليون من السفر إلى الولايات المتحدة بدون تأشيرة في غضون شهرين بعد استيفاء الدولة لجميع المتطلبات، بما في ذلك تخفيف القيود المفروضة على الأمريكيين من أصل فلسطيني
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأربعاء أنه تم قبول إسرائيل في برنامج الإعفاء من تأشيرة الدخول (VWP)، بعد سنوات من الجهود التي بذلتها الحكومتان، مما أعطى دفعة كبيرة للعلاقات الثنائية.
بعد اضطرارهم للانتظار لفترة طويلة لعدة أشهر للتقدم بطلب للحصول على تأشيرة وتأمينها، سيُطلب من الإسرائيليين في المستقبل القريب، فقط ملء نموذج النظام الإلكتروني لترخيص السفر (ESTA) قبل عدة أيام من الشروع في رحلة سياحية أو رحلة عمل إلى الولايات المتحدة تصل مدتها إلى 90 يوما.
ولا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى الوقت لإعداد أنظمتها الإلكترونية لانضمام إسرائيل إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة، لكن مسؤولي إدارة بايدن الذين تحدثوا مع الصحفيين يوم الثلاثاء قبل الإعلان الرسمي قالوا إنهم يتوقعون أن تكون هذه الأنظمة جاهزة بحلول 30 نوفمبر.
أصدر وزير الأمن الداخلي الأمريكي أليخاندرو مايوركاس ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الإعلان الرسمي يوم الأربعاء.
وفي مؤتمر صحفي للصحفيين الإسرائيليين في وقت سابق من اليوم، هنأت القائمة بالأعمال بالسفارة الأمريكية ستيفاني هاليت إسرائيل لكونها الدولة رقم 41 التي تدخل برنامج الإعفاء من التأشيرة، واصفة الخطوة بأنها “انعكاس آخر لقوة علاقاتنا الأمنية والثقافية والاقتصادية الثنائية”.
وبينما سعت إسرائيل للانضمام إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة لعدة عقود، كانت السنة المالية الماضية واحدة من أولى المرات التي استوفت فيها مطلبا رئيسيا – وهو أن يكون معدل رفض طلبات التأشيرة أقل من ثلاثة بالمائة.
جاء هذا الانجاز بعد حملة مكثفة قادها السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل توم نايدس والسفارة الأمريكية في القدس بهدف إعلام المسافرين الإسرائيليين بكيفية ملء نماذج طلب التأشيرة بشكل صحيح، ولكن دعمته أيضا أرقام السفر المنخفضة بشكل غير معتاد بسبب جائحة كورونا.
ومع ذلك، استغرق الأمر حتى اللحظة الأخيرة حتى قام البلدين بتسوية تفاصيل عنصر رئيسي آخر في برنامج الإعفاء من التأشيرة – وهو أن تمنح إسرائيل حقوق سفر متبادلة لجميع المسافرين الأمريكيين على غرار تلك التي تقدمها الولايات المتحدة لمواطني الدول المشاركة في البرنامج.
وأوضح مسؤولو بايدن في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة امتثال إسرائيل لمتطلبات برنامج الإعفاء من التأشيرة وتحتفظ بالحق في تعليق أو إنهاء عضوية إسرائيل في البرنامج.
وقالت هاليت مرددة التحذيرات من مسؤولي الإدارة: “الدخول في البرنامج ليس نهاية العملية، بل بداية تعاون وثيق ومستمر للحفاظ على جميع متطلبات البرنامج، بما في ذلك التمديد المستمر للامتيازات المتبادلة من قبل دولة شريكة”.
Israel is now the 41st member of the Visa Waiver Program. This important achievement represents a critical step forward in our strategic partnership that will enhance freedom of movement for U.S. citizens.
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) September 27, 2023
ولطالما واجه الأمريكيون الفلسطينيون والأمريكيون من أصول عربية وإسلامية التمييز من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء سفرهم من وإلى إسرائيل.
ويُمنع الفلسطينيون إلى حد كبير من استخدام مطار بن غوريون، ويضطرون إلى السفر جوا من وإلى عمّان قبل عبور معبر اللنبي الحدودي بين الضفة الغربية والأردن سيرا على الأقدام، مما يجعل تجربة السفر أطول وأكثر تكلفة.
وتبرر إسرائيل بشكل عام استخدامها للتنميط العرقي، والفحوصات الأمنية المكثفة، والقيود المفروضة على الفلسطينيين كجزء من جهودها لإحباط الإرهاب.
لكن إدارة بايدن أوضحت أنها لن تقبل إسرائيل في البرنامج حتى تخفف الأخيرة قيود السفر، على الأقل بالنسبة للذين يحملون الجنسية الأمريكية.
في 19 يوليو، وقّعت إسرائيل والولايات المتحدة مذكرة تفاهم، تتضمن تفاصيل شروط شرط المعاملة بالمثل، والتي تختلف عن تلك الخاصة بأي عضو آخر في برنامج الإعفاء من التأشيرة.
والتزمت إسرائيل بمعاملة جميع المسافرين الأمريكيين على قدم المساواة، بما في ذلك الذين لديهم أصول إسلامية وعربية، مع الاحتفاظ بالحق في رفض دخول أولئك الذين تعتبرهم تهديدا أمنيا كبيرا.
ووافقت أيضا على السماح لنحو 70 ألف أمريكي من أصل فلسطيني تم تحديدهم في سجل السكان التابع للسلطة الفلسطينية على أنهم يعيشون في الضفة الغربية بالتقدم بطلب للحصول على تصريح شبيه بالنظام الإلكتروني لتصاريح السفر (ESTA)، مما يسمح لهم بدخول إسرائيل لمدة تصل إلى 90 يوما، بما في ذلك السفر بالطائرة من مطار بن غوريون.
ووافقت إسرائيل في وقت لاحق على منح امتيازات مماثلة لنحو 700 مواطن أمريكي مدرجين في سجل السكان التابع للسلطة الفلسطينية كمقيمين في قطاع غزة. ومع ذلك، ستظل هذه المجموعة الفرعية تواجه شروطا أكثر صرامة من تلك التي يواجهها المواطنون الأمريكيون في الضفة الغربية، نظرا لأن الولايات المتحدة لا تزال تنصح مواطنيها بعدم السفر إلى غزة، التي تديرها حركة حماس – التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
Congratulations Israel for becoming part of the Visa Waiver Program! We are proud of this joint success, bringing the American and Israeli people even closer together. pic.twitter.com/loPRY7leh5
— Chargé d’Affaires a.i. Stephanie Hallett (@USAmbIsrael) September 27, 2023
بدأت إسرائيل في تخفيف قيود السفر في اليوم التالي لتوقيع مذكرة التفاهم، ونجح أكثر من 100 ألف مواطن أمريكي، بما في ذلك عشرات الآلاف من الأمريكيين الفلسطينيين، في دخول إسرائيل بدون تأشيرة منذ ذلك الحين، حسبما قال مسؤول في الإدارة الأمريكية للصحفيين يوم الثلاثاء، مضيفا أن النتائج التي رأتها الولايات المتحدة خلال الفترة التجريبية كانت “مثيرة للإعجاب”.
وأوضحت هاليت أن “المعلومات التي جمعناها، كان هناك الكثير من البيانات والمعلومات الشخصية – ليس فقط من الحكومة الإسرائيلية، ولكن البيانات الشخصية التي جمعناها – أظهرت أن إسرائيل تنفذ التزاماتها في سياسات السفر الجديدة الخاصة بها وتسمح لجميع المواطنين الأمريكيين بالتقدم بطلبات لدخول إسرائيل بدون تأشيرة لإقامة قصيرة بغرض العمل أو السياحة أو العبور لمدة تصل إلى 90 يوما”.
لاستخدام برنامج ESTA، يجب أن يكون عمر الإسرائيليين فوق 18 عاما وأن يكون لديهم جواز سفر بيومتري ساري المفعول لمدة عشر سنوات. وإلا فلا يزال يتعين عليهم التقدم بطلب للحصول على تأشيرات في تل أبيب أو القدس.
وأشارت هاليت إلى أن الإسرائيليين الذين لديهم موعد قائم لمقابلة تأشيرة يجب ألا يلغوا الموعد، لأن تأشيرات الزيارة B-1 وB-2 سارية المفعول لمدة عشر سنوات، وتسمح لحاملي التأشيرات بالبقاء في البلاد لمدة ستة أشهر. بموجب ESTA، يمكن للمسافرين الإقامة لمدة 90 يوما فقط.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأولئك الذين يدخلون بتأشيرة زائر تغيير فئة التأشيرة الخاصة بهم، وهو ما لا يمكن القيام به بموجب ESTA.
وأشارت هاليت أيضا إلى أن الإسرائيليين الذين يتطلعون إلى البقاء في الولايات المتحدة لفترات طويلة للدراسة أو العمل ما زالوا بحاجة إلى تأشيرات من السفارة ولا يمكنهم الدخول بموجب برنامج الإعفاء من التأشيرة.
وحذرت الإسرائيليين من مخاطر المحتالين، وقالت “ينبغي على المواطنين الإسرائيليين استخدام تطبيق ESTA فقط على موقع وزارة الأمن الداخلي. لا يحتاج أحد إلى أن يدفع لطرف ثالث للقيام بذلك، ولا ينبغي له ذلك. ESTA سهل الاستخدام للغاية”.
حرصت الولايات المتحدة على تحذير إسرائيل من رفض دخول المواطنين الأمريكيين الذين أعربوا عن دعمهم لمقاطعة إسرائيل أو مستوطناتها، حسبما قال مصدر إسرائيلي مطلع على الأمر لـ”تايمز أوف إسرائيل”، موضحا أن القدس لم تلتزم بالاستجابة للطلب . في عام 2019، منع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو النائبتين الديمقراطيتين رشيدة طليب وإلهان عمر من زيارة البلاد، بحجة دعمهما لمقاطعة إسرائيل.
وفي حين يتمتع برنامج الإعفاء من التأشيرة بدعم ساحق من الإسرائيليين، فإنه لا يزال يقع فريسة للاقتتال السياسي الداخلي. رفضت الأحزاب التي تشكل الآن الائتلاف اليميني الحالي دعم التشريعات اللازمة أثناء جلوسها في المعارضة العام الماضي. وأشار حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو آنذاك إلى المخاوف الأمنية المتعلقة بتخفيف القيود المفروضة على المسافرين الفلسطينيين الأمريكيين كمبرر لعرقلة مشاريع القوانين التي قام بتمريرها بعد عدة أشهر عند عودته إلى السلطة.
كما سعى مشرعون أمريكيون إلى عرقلة المبادرة، حيث قال العشرات من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين التقدميين إن التحسينات التي أجرتها إسرائيل في معاملتها للأمريكيين الفلسطينيين كانت أقل من معيار المعاملة بالمثل المستخدم في الدول الأخرى الأعضاء في برنامج الإعفاء من التأشيرة.
وكتبت مجموعة من 15 عضوا في مجلس الشيوخ رسالة إلى بلينكن في وقت سابق من هذا الشهر، تشير إلى أنه سيُطلب من الأمريكيين من أصل فلسطيني حتى العام المقبل التقدم بطلب للسفر من خلال تطبيق صممته وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (كوغات) – بينما سيتمكن جميع المواطنين الأمريكيين الآخرين من الدخول إلى إسرائيل دون القيام بتلك الخطوة. وقد التزمت إسرائيل بتركيب نظام شبيه بنظام ESTA لجميع المواطنين الأمريكيين، بما في ذلك الأمريكيين من أصل فلسطيني، بحلول مايو 2024.
وقال مسؤول الإدارة خلال حديثه مع الصحافيين يوم الثلاثاء إن تطبيق كوغات المنفصل المخصص للأمريكيين الفلسطينيين لا يرقى إلى مستوى “اختلافات منهجية فيما يتعلق بمعاملتهم”.
“نحن نحترم ونتفهم آراء الكونغرس، ولكن بناء على المعلومات التي جمعناها، توصلنا إلى نتيجة مختلفة فيما يتعلق بالوفاء بمتطلبات [المعاملة بالمثل]”.
ومع ذلك، قبل ساعات من إعلان يوم الأربعاء، رفعت اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز (ADC) دعوى قضائية فدرالية ضد وزارتي الأمن الداخلي والخارجية، مدعية أنهما أعادتا “بشكل تعسفي ومتقلب” متطلبات المعاملة بالمثل المحددة قانونا لإسرائيل وطلبت من محكمة المنطقة الشرقية في ميشيغان وقف الإجراءات الرامية إلى قبول إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة.
وقالت منظمة ADC في بيان: “حتى ضمن السياسات الجديدة التي أعلنتها إسرائيل، هناك عدد لا يحصى من الطرق التي يتم التمييز فيها ضد المواطنين الأمريكيين، وهذا النظام المنفصل وغير المتكافئ ليس له مكان في برنامج أمريكي”، مشيرة إلى استمرار التمييز ضد الأمريكيين من أصل فلسطيني من غزة، والقيود المفروضة على كيفية عبور الفلسطينيين الأمريكيين الحواجز في الضفة الغربية، وعدم قدرة الأمريكيين الفلسطينيين على استئجار السيارات، والإجراءات الاجتياحية التي يخضع لها الأمريكيون الفلسطينيون عند عودتهم من إسرائيل إلى الولايات المتحدة.
وقد حددت إدارة بايدن هذه القضايا نفسها في الأسابيع الأخيرة، لكنها اكتفت في إنشاء مجموعة عمل ثنائية مع إسرائيل لمعالجة هذه المسائل بدلا من منع انضمام إسرائيل تماما إلى البرنامج.
في حين أن الدعوى القضائية التي رفعتها اللجنة العربية لمكافحة التمييز قد تنجح في تأخير قبول إسرائيل مؤقتا في برنامج الإعفاء من التأشيرة، فمن غير المتوقع أن تمنعها تماما.
وأقرت هاليت بأن قضية قيادة الفلسطينيين الأمريكيين للسيارات إلى داخل إسرائيل لم يتم حلها بالكامل بعد: “نتوقع من مجموعة العمل هذه تحديد حل يضمن فرصا متساوية للقيادة وعبور المركبات لجميع المواطنين الأمريكيين الذين يحملون جواز سفر أمريكي ساري المفعول”.
وفي شرح أهمية برنامج الإعفاء من التأشيرة، قال مسؤول الإدارة الذي تحدث مع الصحافيين بأن البرنامج هو “أولا وقبل كل شيء شراكة أمنية تسهل أيضا التجارة والسفر المشروع وتقوي العلاقات بين الناس”.
وتابع المسؤول: “تضمن متطلبات البرنامج في مجال مكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون وإنفاذ قوانين الهجرة وأمن الوثائق وإدارة الحدود وجود سياسات وممارسات شاملة لتبادل المعلومات وفحص المسافرين ومنع الاحتيال والفساد وتأمين الحدود. إنها أيضا إحدى أدوات الحكومة الأمريكية الأكثر فعالية لمكافحة الإرهاب”.
وأضاف أن “قرار قبول إسرائيل لم يُتخذ كخدمة بل لأنه يفيد المصالح الأمريكية والإسرائيلية”.
وأقر المسؤول بأن انضمام إسرائيل إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة لن يعالج المعاملة المتباينة للفلسطينيين الذين ليسوا مواطنين أمريكيين، لكنه تعهد بمواصلة العمل من خلال قنوات أخرى لمعالجة سلامة وحرية الحركة للفلسطينيين.
وأشار المسؤول أيضا إلى أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي أخبر نظراءه الأمريكيين أن معايير برنامج الإعفاء من التأشيرة “حسنت بشكل كبير الأمن القومي [الإسرائيلي]”.