الولايات المتحدة تنضم إلى حرب إسرائيل في إيران وتقصف موقع فوردو المحصن ومرافق نووية أخرى
الموقع تحت الأرض يتعرض لقصف بقنابل خارقة للتحصينات، بينما تم استهداف نطنز وأصفهان بصواريخ غواصات في ضربات منسقة مع إسرائيل؛ الجيش الإسرائيلي يعيد فرض قيود مشددة على التجمعات المدنية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت مبكر من يوم الأحد أن الولايات المتحدة شنت ”هجوما ناجحا“ على مواقع فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران، بعد ساعات من إشارته إلى أن مسألة مشاركة الولايات المتحدة في الحملة الإسرائيلية ضد برنامج إيران النووي لم تحسم بعد.
جاء قرار انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب بعد أكثر من أسبوع من الضربات الإسرائيلية التي ألحقت أضرارا بمرافق إيران النووية، ودمرت دفاعاتها الجوية، وقضت على العديد من قادتها العسكريين وكبار علماءها النوويين. وردت إيران بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية على إسرائيل.
وكتب ترامب على موقع ”تروث سوشيال“ (Truth Social) قائلا: ”أُلقيت حمولة كاملة من القنابل على الموقع الرئيسي في فوردو“، في إشارة إلى الموقع تحت الأرض الذي يصعب تدميره، والذي يُعتبر الجزء الأكثر أهمية في برنامج إيران النووي.
وكتب ”جميع الطائرات الآن خارج المجال الجوي الإيراني [وهي]… في طريقها بأمان إلى ديارها“، مضيفا ”تهانينا لأبطالنا الأمريكيين العظماء. لا يوجد جيش آخر في العالم كان بإمكانه القيام بذلك“.
وأضاف ترامب ”حان وقت السلام الآن!“.
ثم شارك منشورا من حساب استخبارات مفتوح المصدر زعم فيه أن ”فوردو انتهى“.
وقدم مزيدا من التفاصيل حول العملية في خطاب متلفز من البيت الأبيض في الساعة 10 مساء بالتوقيت المحلي (5 صباحا بتوقيت إسرائيل)، يرافقه نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث.
وقال ترامب: ”كان هدفنا تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي الذي تشكله الدولة الراعية للإرهاب الأولى في العالم“.
وأضاف ”يمكنني أن أعلن للعالم الليلة أن الضربات كانت نجاحا عسكريا مذهلا. لقد تم تدمير منشآت تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران بشكل كامل وتام“.

وقال مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه لموقع “أكسيوس” الإخباري إن الولايات المتحدة استخدمت قاذفات شبح من طراز B-2 لمهاجمة المواقع النووية.
وتشتهر هذه الطائرات المتطورة بقدرتها على حمل قنابل GBU-57 (الذخيرة الضخمة المخترقة) التي يبلغ وزنها 30 ألف رطل. ويُعتقد أن هذه القنبلة ”الخارقة للتحصينات“ قادرة على تدمير منشأة فوردو، التي ظلت سليمة خلال الأيام الثمانية الماضية، حتى مع إلحاق إسرائيل أضرارا جسيمة بالمنشآت النووية في نطنز وأصفهان.
ويُعتقد أن القنبلة قادرة على اختراق حوالي 61 مترا تحت السطح قبل أن تنفجر، ويمكن إسقاطها واحدة تلو الأخرى على التوالي، مما يؤدي إلى حفر أعمق وأعمق مع كل انفجار متتالي.

وفقا لشون هانيتي من قناة “فوكس نيوز”، الذي قال إنه تحدث إلى ترامب، تم استخدام ست قنابل خارقة للتحصينات في منشأة فوردو.
وكان هناك تكهنات سابقة بأن تدمير الموقع لن يتطلب سوى قنبلتين خارقتين للتحصينات.
وقال هانيتي إن موقعي نطنز وأصفهان تعرضا لضربة من 30 صاروخ “توماهوك” أطلقتها غواصات أمريكية على بعد حوالي 640 كيلومتر.
التنسيق مع إسرائيل
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب تحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد وقت قصير من انتهاء الضربات الأمريكية، وأفاد أكسيوس أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل مسبقا قبل شن الضربات. وأكدت القناة 12 الإسرائيلية هذه المعلومات، حيث أفادت أن مجموعة صغيرة من كبار الوزراء الإسرائيليين اجتمعت من حوالي الساعة 10 مساء بالتوقيت المحلي حتى وقت قصير بعد إعلان ترامب.
في بيان مصور نُشر قبل وقت قصير من موعد إلقاء ترامب لخطابه، شكر نتنياهو الرئيس الأمريكي على قراره ضرب المواقع النووية للجمهورية الإسلامية.
وقال نتنياهو: ”تهانينا، الرئيس ترامب. قرارك الجريء باستهداف المنشآت النووية الإيرانية بالقوة الهائلة والعادلة للولايات المتحدة سيغير مجرى التاريخ“.
وأضاف “في عملية ’الشعب كالأسد’، قامت إسرائيل بأشياء مذهلة حقا. لكن في العملية التي شُنت الليلة ضد المنشآت النووية الإيرانية، كانت أمريكا حقا لا تُضاهى. لقد فعلت ما لا يستطيع أي بلد آخر على وجه الأرض فعله“، وتابع قائلا ”سوف يسجل التاريخ أن الرئيس ترامب تصرف لحرمان النظام الأكثر خطورة في العالم من الأسلحة الأكثر خطورة في العالم“.
President Trump and I often say: ‘Peace through strength.’
First comes strength, then comes peace.
And tonight, @realDonaldTrump and the United States acted with a lot of strength. pic.twitter.com/7lTWCZkgw7
— Benjamin Netanyahu – בנימין נתניהו (@netanyahu) June 22, 2025
ومضي نتنياهو بالقول “لقد أوجدت قيادته اليوم محورا تاريخيا يمكن أن يساعد في قيادة الشرق الأوسط وما وراءه نحو مستقبل من الازدهار والسلام. كثيرا ما نقول أنا والرئيس ترامب إن السلام يتحقق بالقوة. القوة أولا، ثم السلام. والليلة، تصرف الرئيس ترامب والولايات المتحدة بقوة كبيرة”.
وختم نتنياهو بالقول “الرئيس ترامب، أنا أشكرك. شعب إسرائيل يشكرك. قوى الحضارة تشكرك. بارك الله أمريكا. بارك الله إسرائيل وبارك الله تحالفنا الراسخ وإيماننا الراسخ”.
وفي مقطع فيديو ثان باللغة العبرية، قال نتنياهو إن وعده بتدمير المنشآت النووية الإيرانية قد “تحقق”.
من جهته، شكر ترامب في كلمته نتنياهو وهنأه، قائلا إن الاثنين ”عملا كفريق واحد – ربما لم يسبق لأي فريق أن عمل بهذه الطريقة من قبل“.
وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت رسائل متضاربة إلى إسرائيل وبدت مترددة، حتى إعلان الضربات، بشأن ما إذا كانت ستنضم إلى الحملة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وكان ترامب قد قال يوم الخميس إنه سيقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستضرب إيران في غضون الأسبوعين المقبلين. وذكرت تقارير أن هذا الأمر أثار استياء إسرائيل، حيث أفادت تقارير أن مسؤولين أبلغوا الولايات المتحدة أن القدس قد تتحرك بمفردها قبل انتهاء المهلة.
إيران تتحدى وتقول إن العمل لن يتوقف
وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) الهجوم على موقع فوردو النووي، وأقرت بأن ضربات منفصلة استهدفت نطنز وأصفهان.
ونقلت إيرنا عن بيان صادر عن محافظ قم الإيرانية قوله: ”قبل ساعات قليلة، عندما تم تفعيل الدفاعات الجوية في قم وتحديد أهداف معادية، تعرض جزء من موقع فوردو النووي لهجوم من قبل الأعداء“.
ونقلت الوكالة الإخبارية عن أكبر صالحي، نائب محافظ أصفهان المسؤول عن الشؤون الأمنية، قوله إن هجمات وقعت حول الموقع. ولم يذكر صالحي مزيدا من التفاصيل.

وأكدت الوكالة الذرية الإيرانية هذه الضربات، قائلة إن البلاد ستواصل أنشطتها النووية على الرغم من الهجمات الأمريكية على منشآت رئيسية.
وقالت الوكالة في بيان نشرته وسائل الإعلام الحكومية: ”تؤكد منظمة الطاقة الذرية الإيرانية للأمة الإيرانية العظيمة أنه على الرغم من المؤامرات الشريرة لأعدائها… فإنها لن تسمح بإيقاف مسيرة تطوير هذه الصناعة الوطنية (النووية)، التي هي ثمرة دماء شهداء النووي“.
كما زعمت أن الهجمات على مواقعها النووية تنتهك القانون الدولي، دون توضيح حجم الأضرار التي لحقت بها.
ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية في وقت لاحق عن بيان صدر عن المركز الوطني للسلامة النووية في البلاد إن أجهزة الكشف عن الإشعاع لم تسجل أي تسرب إشعاعي بعد الضربات.
وقال البيان: ”لا يوجد أي خطر على السكان الذين يعيشون حول المواقع المذكورة“.
وأعلن معلق على إذاعة جمهورية إيران الإسلامية الحكومية (IRIB) عقب الضربات أن كل مواطن وجندي أمريكي في المنطقة أصبح الآن ”هدفا مشروعا“.
وبثت القناة خريطة تظهر القواعد الأمريكية في المنطقة، وأعلن المعلق: ”أنتم من بدأتم، ونحن من سننهي الأمر“.
אחרי העבודה האמריקנית בפורדו בטלוויזיה האיראנית מציגים את מפת הבסיסים האמריקניים באזור ואומרים לטראמפ: אתה התחלת ואנחנו נסיים pic.twitter.com/R8krFnXGZa
— roi kais • روعي كايس • רועי קייס (@kaisos1987) June 22, 2025
الاستعداد للرد
بدت الولايات المتحدة حريصة على تجنب مزيد من التصعيد مع إيران، وسعت إلى إيصال هذه الرسالة في رسالة بعثت بها إلى الجمهورية الإسلامية في أعقاب الضربات.
وذكرت أخبار CBS، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن واشنطن أبلغت طهران أن الضربات اقتصرت على برنامجها النووي فقط، وأن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تغيير النظام.
وأكد ترامب في خطابه أن إيران لا تزال بإمكانها اختيار السلام، لكنه حذر من أن ”مأساة“ تنتظرها إذا لم تفعل ذلك.
وقال الرئيس الأمريكي: ”لا يمكن أن يستمر هذا الوضع. إما أن يسود السلام أو أن إيران ستشهد مأساة أكبر بكثير مما شهدناه خلال الأيام الثمانية الماضية“، قبل أن يضيف: ”تذكروا، لا يزال هناك العديد من الأهداف“.
وأضاف ”إذا لم يتحقق السلام بسرعة، فسوف نلاحق تلك الأهداف الأخرى بدقة وسرعة ومهارة – يمكن القضاء على معظمها في غضون دقائق“.
وفي إسرائيل، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي أنها قامت بتحديث الإرشادات المدنية، وبأثر فوري، تم حظر جميع التجمعات في جميع أنحاء البلاد، وستظل جميع المدارس مغلقة، ولن يُسمح إلا للأعمال الأساسية بالعمل.
الإرشادات الجديدة هي بمثابة عودة إلى أشد مستوى من القيود التي فرضت في بداية الحرب مع إيران. وقد تم تخفيفها في الأيام الأخيرة، مما سمح باستئناف العمل في أماكن العمل والسماح بالتجمعات الصغيرة.
وفي ما بدا أنه إجراء احترازي إضافي، أعلنت سلطة المطارات الإسرائيلية إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي.
وأفادت سلطة الموانئ أن المعابر البرية إلى مصر والأردن لا تزال مفتوحة.
تقول إسرائيل إن هجومها الشامل، الذي بدأ يوم الجمعة الماضي، على كبار القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين ومواقع تخصيب اليورانيوم وبرنامج الصواريخ الباليستية ضروري لمنع الجمهورية الإسلامية من تحقيق خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية.
وردت إيران بإطلاق أكثر من 470 صاروخا باليستيا وحوالي 1000 طائرة مسيرة على إسرائيل.
ووفقا لمسؤولي الصحة والمستشفيات، أسفرت الهجمات الصاروخية الإيرانية حتى الآن عن مقتل 24 شخصا وإصابة الآلاف في إسرائيل. وأصابت بعض الصواريخ مبان سكنية، مما تسبب في أضرار جسيمة.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل في التقرير