الولايات المتحدة تشير إلى انفتاحها على حل وسط في محادثاتها مع إيران: ”الخط الأحمر“ هو التسلح النووي
ترامب يقول إنه يريد "أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة. لكن لا يمكن أن يكون لديهم سلاح نووي"؛ ويتكوف يقول إن اجتماع السبت في عُمان مع وزير الخارجية الإيراني “يتعلق ببناء الثقة"

أشارت الولايات المتحدة يوم الجمعة إلى استعدادها للتوصل إلى حل وسط قبل محادثات حاسمة مع إيران في نهاية الأسبوع، مع إصرارها على أن طهران لا يمكن أن تمتلك سلاحا نوويا، في الوقت الذي زعمت فيه الجمهورية الإسلامية أنها تسعى إلى اتفاق ”حقيقي وعادل“ بشأن برنامجها النووي.
ومن المقرر أن يلتقي الخصمان القديمان يوم السبت في عُمان، بعد أسابيع من رسالة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بعث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سعى إلى الدبلوماسية لكنه حذر من احتمال القيام بعمل عسكري في حال رفضت إيران.
كما كتب مستشار خامنئي علي شمخاني على منصة ”إكس“: ”بعيدا عن الاستعراض والحديث أمام الكاميرات، تسعى طهران إلى اتفاق حقيقي وعادل، مقترحات مهمة وقابلة للتنفيذ جاهزة“.
وأكد أن وزير الخارجية عباس عراقجي سيتوجه إلى عُمان ”بصلاحيات كاملة لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع أمريكا“، مضيفا أنه إذا أبدت واشنطن حسن النية فإن الطريق إلى الأمام سيكون ”سلسا“.
وقبيل المحادثات، كرر ترامب معارضته لحصول إيران على سلاح نووي.
وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، قبل ساعات من لقاء مبعوثه ستيف ويتكوف مع عراقجي، “أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة. ولكن لا يمكن أن يكون لديهم سلاح نووي”.

وأبدى ويتكوف، صديق ترامب الذي يشغل منصب مبعوثه المتجول حول العالم، مرونة قبل المحادثات.
وقال ويتكوف لصحيفة ”وول ستريت جورنال“ إن ”موقفنا اليوم“ يبدأ بمطالبة إيران بتفكيك برنامجها النووي بالكامل – وهي وجهة نظر المتشددين المحيطين بترامب والتي لا يتوقع سوى القليلين أن تقبلها إيران.
“هذا لا يعني، بالمناسبة، أننا لن نجد على الهامش طرقا أخرى لإيجاد حل وسط بين البلدين“.
وأضاف: ”أين سيكون خطنا الأحمر، لا يمكن أن يكون هناك تسليح لقدراتكم النووية“، مشددا على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن إجراءات رقابية واسعة النطاق لضمان عدم تطوير إيران لسلاح نووي.
وفي وقت سابق، قال السكرتيرة الصحفية لترامب للصحفيين إن الرئيس الأمريكي يريد أن تعرف إيران أن ”كل الخيارات مطروحة على الطاولة“ لمنعها من تطوير أسلحة نووية.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت إن ”الهدف النهائي لترامب هو ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي“، وأن ترامب يؤمن بالدبلوماسية.
وأضافت ”لكنه أوضح للإيرانيين وفريقه للأمن القومي أيضا، أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، وعلى إيران أن تختار. يمكنكم الموافقة على مطلب الرئيس ترامب، أو سيكون هناك جحيم سيُدفع ثمنه، وهذا ما يشعر به الرئيس. لديه شعور قوي حيال ذلك“.
وأصرّت ليفيت على أن المحادثات مع إيران ستكون مباشرة – وهو ما نفته طهران. وقال ويتكوف في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة ”وول ستريت جورنال“ إنه يأمل في حل هذه المسألة و”تحديد المعايير“ لإجراء مزيد من المفاوضات.
وأضاف ويتكوف أن اجتماع يوم السبت ”يتعلق ببناء الثقة. إنه يتعلق بالحديث عن أهمية التوصل إلى اتفاق، وليس عن الشروط الدقيقة للاتفاق“. وسينضم إليه في المحادثات خبراء نوويون في وزارة الخارجية الأمريكية، وفقا لموقع “أكسيوس” الإخباري.

فاوض الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما على اتفاق في عام 2015 سعى إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي دون الإصرار على التفكيك الكامل لبرنامجها المتنازع عليه.
وقد ندد ترامب بالاتفاق ووصفه بأنه ضعيف للغاية وانسحب منه بعد توليه الرئاسة في ولايته الأولى، وفرض بدلا من ذلك عقوبات شاملة على قطاع النفط الإيراني.
والتزمت طهران بالاتفاق لمدة عام قبل أن تتراجع عن التزاماتها.
“خطاب عدائي”
قبيل المحادثات، كرر ترامب التأكيد على أن العمل العسكري ممكن ”بالتأكيد“ إذا فشلت المحادثات.
وردّت إيران بالقول إن طهران قد تطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما دفع الولايات المتحدة بدورها إلى التحذير من أن ذلك سيشكل ”تصعيدا“.
وتنفي إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي يوم الجمعة إن إيران ”تعطي فرصة حقيقية للدبلوماسية بحسن نية ويقظة تامة“.
وأضاف ”على أمريكا أن تقدّر هذا القرار الذي تم اتخاذه رغم خطابهم العدائي“.
يوم الخميس، فرضت واشنطن عقوبات جديدة على إيران، استهدفت من خلالها شبكتها النفطية وبرنامجها النووي.

وقلل رئيس الوكالة النووية الإيرانية محمد إسلامي من تأثير العقوبات.
وقال ”لقد مارسوا أقصى قدر من الضغط بالعقوبات المختلفة، لكنهم لم يتمكنوا من منع البلاد من التقدم“.
وأضاف “ما زالوا يعتقدون أن بإمكانهم وقف هذه الأمة بالتهديدات والترهيب والعمليات النفسية أو التصرفات الغبية”.
وقبيل محادثات عُمان، زار ويتكوف – الذي يسعى أيضا إلى إنهاء الحرب الأوكرانية – روسيا التي تربطها علاقات تعاون وثيقة مع إيران.
وقال الاتحاد الأوروبي، الذي دعم الاتفاق الذي أبرم في عهد أوباما، يوم الجمعة إنه ”لا بديل عن الدبلوماسية“ بشأن القضية النووية الإيرانية.
المناخ الإقليمي المتغير
وكان ترامب قد أعلن عن المحادثات يوم الإثنين خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي حذر من أن العمل العسكري سيكون ”حتميا“ إذا استمرت الدبلوماسية أكثر مما ينبغي، لواشنطن.
أطلقت إيران العام الماضي في مناسبتين مئات الصواريخ والمسيّرات على إسرائيل، في أول هجمات مباشرة للجمهورية الإسلامية على إسرائيل على الإطلاق، وسط الحرب في غزة التي أثارها هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023. وأدت الهجمات إلى ردود إسرائيلية أفادت تقارير أنها أدت إلى إضعاف دفاعات طهران الجوية وقدراتها على إنتاج الصواريخ، مما أثار مخاوف إيرانية من ضربة أمريكية إسرائيلية ضد برنامجها النووي.
وقد تكبدت حركة حماس المدعومة من طهران في غزة خسائر فادحة، وكذلك جماعة حزب الله المدعومة من إيران في لبنان. كما تمت الإطاحة بحليف إيران الرئيسي بين القادة العرب، الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر.
ويواجه قادة الجمهورية الإسلامية أيضا ضغوطا داخلية حيث أدت سنوات من العقوبات الدولية إلى خنق الاقتصاد.

وبينما يريد الغرب إدراج برنامج إيران للصواريخ الباليستية ونفوذها الإقليمي في المفاوضات، تصر طهران على أنها ستتحدث فقط عن برنامجها النووي.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي: ”إذا لم يطرح الجانب الأمريكي قضايا ومطالب غير ذات صلة بالموضوع ووضع التهديدات والترهيب جانبا، فهناك إمكانية جيدة للتوصل إلى اتفاق“.
وتشكك وسائل الإعلام الإيرانية المتشددة في المحادثات.
وحذرت صحيفة ”كيهان“ من أن الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة في محاولة لرفع العقوبات ”استراتيجية فاشلة“.