إسرائيل في حالة حرب - اليوم 366

بحث

الولايات المتحدة تشيد بدعوة نتنياهو للتسوية في محاولة للخفض من حدة التوتر بعد الانتقاد الذي وجهه بايدن لخطة الإصلاح القضائي

البيت الأبيض يقول إن هناك "الكثير مما يعجب" في رد رئيس الوزراء، ويقلل من أهمية الانتقادات الحادة للتدخل الأمريكي في الشؤون الإسرائيلية، حتى مع استمرار أعضاء الائتلاف الحاكم في مهاجمة واشنطن

الرئيس الأمريكي جو بايدن يلتقي بزعيم المعارضة آنذاك بنيامين نتنياهو في مقر إقامة رئيس الدولة في القدس، 14 يوليو، 2022. (GPO)
الرئيس الأمريكي جو بايدن يلتقي بزعيم المعارضة آنذاك بنيامين نتنياهو في مقر إقامة رئيس الدولة في القدس، 14 يوليو، 2022. (GPO)

واشنطن – أشاد البيت الأبيض يوم الأربعاء بتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ردا على مخاوف الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن الإصلاح القضائي الذي تدفع به الحكومة الإسرائيلية.

يبدو أن تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، تمثل محاولة من جانب إدارة بايدن لخفض حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي أثارتها تصريحات الرئيس الامريكي في اليوم السابق.

وقال كيربي في مؤتمر صحفي: “هناك الكثير مما يُعجب في [تصريحات نتنياهو]. لقد تحدث عن البحث عن تسوية. تحدث عن العمل نحو بناء اجماع فيما يتعلق بهذه الإصلاحات القضائية. ولقد تحدث عن مدى معرفته بالعلاقة غير المتزعزعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعن احترامه الكبير للرئيس بايدن – هذا احترام يبادله الرئيس بايدن أيضا”.

ظهر أحدث وأخطر تدهور في العلاقة الثنائية بين البلدين – التي تدهورت ببطء منذ عودة نتنياهو إلى السلطة قبل ثلاثة أشهر على رأس أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل – يوم الثلاثاء عندما سُئل بايدن عن حالة الديمقراطية الإسرائيلية والإصلاح القضائي المخطط له من قبل رئيس الوزراء قبل ركوب الطائرة الرئاسية.

أجاب الرئيس بأنه يأمل بأن “يتراجع” نتنياهو عن تشريعات الإصلاح القضائي الحالية، وأنه “قلق للغاية” بشأن صحة الديمقراطية الإسرائيلية. وقال بايدن “لا يمكنهم الاستمرار في هذا الطريق. لقد أوضحت ذلك. آمل أن يتصرف رئيس الوزراء بطريقة تمكنه من محاولة التوصل إلى تسوية حقيقية، لكن لا يزال يتعين رؤية ذلك”.

كما قال بايدن “لا” بشكل قاطع عندما سئل عما إذا كان سيدعو نتنياهو إلى زيارة البيت الأبيض، مضيفا: “ليس في المستقبل القريب”.

ورد نتنياهو بعد ذلك بوقت قصير بالقول إنه يقدّر صداقة بايدن والتزامه الطويل الأمد بإسرائيل وشدد على أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل “غير قابل للكسر” ويمكنه التغلب على الخلافات. كما قال رئيس الوزراء إن حكومته ملتزمة بتصحيح ما يزعم أنه اختلال في توازن القوى بين الفروع الثلاثة للحكومة الإسرائيلية، لكنها تحاول القيام بذلك بأوسع إجماع ممكن.

لكن نتنياهو اختتم أقواله برفض المخاوف التي أعرب عنها بايدن قائلا إن “إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بإرادة شعبها وليس على أساس ضغوط من الخارج، بما في ذلك من أفضل الأصدقاء”.

في حين أن كيربي سلطة الضوء فقط على الأجزاء التي حظيت بتقدير الولايات المتحدة في البيان، قال مسؤول أمريكي لـ”تايمز أوف إسرائيل” يوم الثلاثاء إن رد نتنياهو أثار غضب بعض المسؤولين في إدارة بايدن، بمن فيهم أولئك الذين فوجئوا بتصريحات الرئيس الصريحة للصحافة.

قال كيربي يوم الأربعاء إن احترام نتنياهو للرئيس متبادل وأضاف “هذان السيدان يعرفان بعضهما البعض منذ حوالي 40 عاما”.

وأضافت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: “إن الشيء الرائع بخصوص الأصدقاء – أنا متأكد أن لديكم جميعا أصدقاء. لا توافق دائما على ما يفعله أو يقوله صديقك، وما هو رائع في الصداقة العميقة هو أنه يمكنك فعل ذلك”.

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي يتحدث خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، 29 مارس، 2023، في واشنطن. (AP Photo/Patrick Semansky)

وقال كيربي إن إسرائيل هي بالفعل “دولة ذات سيادة، والدول ذات السيادة تتخذ قرارات سيادية”.

سُئل كيربي عما إذا كانت دعوة بايدن لنتنياهو “للتراجع” عن مقترحات الإصلاح الحالية تتماشى مع دعوته اللاحقة للتوصل إلى تسوية بشأن الإصلاح القضائي.

وأجاب: “إنها تتسق تماما. من الواضح أننا حثثنا القادة الإسرائيليين على التوصل إلى تسوية بأسرع وقت ممكن. إن تصريحات الرئيس في الأمس بشأن التراجع عن [خطة الإصلاح القضائي] تتفق تماما مع التوصل الى تسوية تحافظ على الضوابط والتوازنات في إسرائيل”.

سُئل بايدن يوم الثلاثاء عما إذا كان قد تحدث إلى نتنياهو عبر الهاتف “في وسط كل هذا” – في إشارة واضحة إلى الاحتجاجات التي شهدتها الشوارع في إسرائيل والتي تصاعدت في الأيام القليلة الماضية بعد أن أقال نتنياهو وزير دفاعه – وقال بايدن: “لا، لم أفعل ذلك. لقد قمت بايصال رسالة من خلال سفيرنا”.

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لتايمز أوف إسرائيل يوم الأربعاء إن الرسالة الخاصة التي بعث بها بايدن إلى نتنياهو كانت “نفس الرسالة التي سمعتموها منا طوال الوقت”.

ولم يوضح المتحدث ماهية هذه الرسالة، لكن مسؤولا أمريكيا آخر قال لتايمز أوف إسرائيل إن بايدن جعل سفيره في إسرائيل توم نايدس يحث نتنياهو “بشدة” على وقف جهود حكومته للحد بشكل جذري من سلطة محكمة العدل العليا. بعد ساعات يوم الأحد أعلن رئيس الوزراء عن وقف التشريعات مؤقتا.

الرئيس الأمريكي جو بايدن يتحدث إلى الصحافة في مطار رالي دورهام الدولي في موريسفيل بولاية نورث كارولينا، 28 مارس 2023 (Jim WATSON / AFP)

وتابع: “كما سمعتم من الرئيس أمس، وكما قال باستمرار في السر والعلن خلال الأسابيع الستة الماضية، نحن قلقون بشأن التطورات الأخيرة في إسرائيل ودعونا إلى تسوية قبل المضي قدما في هذه الإصلاحات”.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي إن “الرئيس لطالما قال إن مثل هذه الإصلاحات الأساسية تتطلب قاعدة عريضة من الدعم لتكون دائمة ومستدامة. هذا هو السبب في أنه دعا إلى تسوية حقيقية وحث رئيس الوزراء خلال مكالمته الهاتفية الأخيرة على المساعدة في صياغة واحدة كهذه في أقرب وقت ممكن”.

وأضاف: “لقد رحبنا بالقرار الذي تم اتخاذه يوم الاثنين بسحب التشريع والدخول في حوار وطني. كما قال الرئيس، فإنه يأمل في أن يتمكنوا من التوصل إلى تسوية حقيقية. نعتقد أن هذا هو أفضل طريق للمضي قدما لإسرائيل ولجميع مواطنيها “، مضيفا أن “دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل وديمقراطيتها يظل صارما”.

تصريحات بايدن أثارت ردود فعل غاضبة من مشرعين إسرائيليين متحالفين مع نتنياهو، حتى أن أحد أعضاء الكنيست من حزب “الليكود” اقترح على إسرائيل رفض مبلغ 3.8 مليار دولار من المساعدات الأمنية السنوية التي تتلقاها من الولايات المتحدة وأن تدافع عن نفسها بنفسها.

وأفادت تقارير أن نتنياهو أمر النواب من حزبه بالتوقف عن مهاجمة إدارة بايدن علنا الأربعاء لكن عضو كنيست واحد على الأقل استمر في فعل ذلك.

في وقت سابق من اليوم، حاول رئيس الوزراء بنفسه الحد من الضرر وقال في “مؤتمر الديمقراطية” الذي تنظمه وزارة الخارجية الأمريكية إن تحالف إسرائيل مع الولايات المتحدة “غير متزعزع” وإنه يحاول “تحقيق إجماع وطني واسع” بشأن خطة الإصلاح القضائي.

وقال نتنياهو عبر بث للأقمار الاصطناعية: “كانت هناك خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة من حين لآخر، لكنني أريد أن أؤكد لكم أن التحالف بين أعظم ديمقراطية في العالم وديمقراطية قوية، فخورة ومستقلة، وهي إسرائيل، في قلب الشرق الأوسط، غير قابل للتزعزع. لا شيء يمكن أن يغير ذلك”، مستهلا خطابه بشكر بايدن،” صديقه منذ 40 عاما”.

أدت الطبيعة الراديكالية لخطة الإصلاح القضائي التي تدفع بها حكومة نتنياهو إلى مزيد من التوتر في العلاقات الثنائية التي تم اختبارها بالفعل بسبب سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. ولقد حذرت المستشارة القضائية للحكومة من أن حزمة التشريعات – التي من شأنها منح الإئتلاف سيطرة شبه كاملة على جميع التعيينات القضائية، وتقييد المحكمة العليا بشكل جذري – الحكومة سلطة دون قيود تقريبا، دون توفير أي حماية مؤسسية للحقوق الفردية أو للطابع الديمقراطي لإسرائيل.

في الأسبوع الماضي، استدعت واشنطن سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة مايك هرتسوغ إلى وزارة الخارجية لتوبيخه بسبب تمرير الكنيست لقانون يسمح بإعادة استيطان مناطق شمال الضفة الغربية التي أخلتها إسرائيل في عام 2005.

جاء ذلك بعد أكثر من شهرين من تصعيد في لهجة الخطاب بشأن الإصلاح الشامل، ومصادقة إسرائيل على بناء أكثر من 10 آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية، والتصريحات والإجراءات المثيرة للجدل من قبل وزرائها اليمينيين المتطرفين.

اقرأ المزيد عن