الولايات المتحدة “تشعر بقلق عميق” إزاء سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى الفلسطينيين خلال مداهمة نابلس
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تدرك مخاوف إسرائيل الأمنية لكنها ما زالت تشعر بالقلق إزاء ارتفاع عدد الضحايا بعد مقتل 11 وإصابة أكثر من 100؛ الدول العربية والإسلامية تصدر انتقادات حادة أكثر
أعربت إدارة بايدن يوم الأربعاء عن “قلقها العميق” بشأن عدد الفلسطينيين الذين أصيبوا وقتلوا خلال مداهمة عسكرية إسرائيلية لمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لتنضم إلى العدد المتزايد من الحكومات في الخارج التي تنتقد علنا ما وصفه الجيش الإسرائيلي بأنها عملية ضرورية لمكافحة الهجمات الفلسطينية.
وقُتل 11 فلسطينيا في المداهمة في نابلس، من بينهم ثلاثة أفراد من جماعة “عرين الأسود” المسلحة التي مقرها شمال الضفة الغربية، واللذين كانوا مستهدفين في العملية.
كما قُتل عدد من المسلحين الفلسطينيين الآخرين خلال تبادل إطلاق النار الكثيف الذي اندلع، لكن عدد القتلى شمل أيضًا ثلاثة مدنيين تتراوح أعمارهم بين 61 و66 و72 عامًا، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.
كما أصيب أكثر من 100 فلسطيني في المعركة النارية. وأصيب جنديان إسرائيليان بجروح طفيفة جراء إصابتهما بشظايا.
وتحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس عن المداهمة في افتتاح مؤتمره الصحفي، مشيرًا إلى أن الإدارة “تشعر بقلق بالغ إزاء مستويات العنف في إسرائيل والضفة الغربية” وأشار إلى أن “المسلحين والمدنيين” كانوا من بين القتلى والجرحى. “نتمنى الشفاء العاجل للمصابين وقلوبنا مع عائلات الأبرياء الذين قتلوا اليوم”.
وقال برايس إن الولايات المتحدة “تدرك بالمخاوف الأمنية الحقيقية للغاية التي تواجه إسرائيل” ولكنها “تشعر بقلق عميق من العدد الكبير للإصابات والخسائر في أرواح المدنيين”.
وأشار إلى أن إدارة بايدن أجرت “محادثات مثمرة” مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين في الأيام الأخيرة، اتفق خلالها الطرفان على اتخاذ خطوات لتهدئة التوترات.
وقال “نشعر بقلق عميق من أن تأثير مداهمة اليوم قد يؤدي إلى تعطيل الجهود الرامية إلى إعادة الهدوء لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وكان برايس يشير إلى قرار السلطة الفلسطينية يوم الأحد بسحب دعمها لقرار دولي يدعو إلى وقف فوري للنشاط الاستيطاني. وفي المقابل، وافقت إسرائيل على تأجيل إضفاء الشرعية على بؤر استيطانية وبناء منازل استيطانية جديدة في الضفة الغربية لعدة أشهر – على الرغم من أنها مستمرة هذا الأسبوع في خطواتها لإضفاء الشرعية على تسعة بؤر استيطانية على الأقل والتقدم في خطط لبناء حوالي 10 آلاف منزل جديد في المستوطنات كانت قد أعلنت عنها في وقت سابق من هذا الشهر.
ووافقت إسرائيل أيضًا على الحد من عمليات الجيش الإسرائيلي في المنطقة A الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مثل مداهمة الأربعاء، إلى جانب هدم منازل الفلسطينيين وإخلاء عائلات فلسطينية، بحسب ما قاله مسؤول فلسطيني لتايمز أوف إسرائيل.
وأضاف برايس أن “أحداث اليوم تؤكد الحاجة الملحة لكلا الجانبين للعمل معًا لتحسين الوضع الأمني في الضفة الغربية”، داعيًا السلطة الفلسطينية إلى الامتناع عن التحريض على العنف وإسرائيل لوقف عمليات الإخلاء والهدم والتقدم الاستيطاني وشرعنة البؤر الاستيطانية.
وجاء البيان الأمريكي بعد صدور إدانات حادة أكثر من الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر وتركيا.
كما دانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان “استمرار الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية المحتلة والاعتداءات المتكررة عليها، وآخرها العدوان على مدينة نابلس”.
وجددت عمان دعوتها لإسرائيل لوقف مثل هذه الأعمال “لتجنب المزيد من التدهور” الذي يضر بآفاق حل الدولتين.
وانتقدت وزارة الخارجية المصرية غارة الجيش الإسرائيلي وأعربت عن “قلقها العميق” من أن العملية ستؤدي إلى تصعيد التوترات، مما يضر بجهود القاهرة لإرساء الهدوء.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية “رفض المملكة التام لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة للقانون الدولي” في انابلس، وحثت المجتمع الدولي على وقف هذا التصعيد.
وأصدرت وزارة الخارجية الإماراتية – التي واجهت انتقادات من الولايات المتحدة لعدم ادانتها التحركات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية الأسبوع الماضي – بيانا في وقت متأخر من يوم الأربعاء يدين مداهمة الجيش الإسرائيلي، ويدعو إسرائيل “إلى خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”.
ووصفت وزارة الخارجية القطرية المداهمة بأنها “امتدادا لجرائمها المتواصلة والممنهجة بحق الشعب الفلسطيني”.
وحذرت الدوحة من انفجار التوترات في الأراضي الفلسطينية نتيجة التصعيد الإسرائيلي، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف هذه “الاعتداءات الإسرائيلية” و”توفير الحماية” للشعب الفلسطيني.
وقالت وزارة الخارجية التركية أنه “من الضروري أن تضع السلطات الإسرائيلية على الفور حدا لهذه الاستفزازات والعدوان لمنع تصاعد العنف في المنطقة”.
وقال مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينيسلاند في بيان إنه “قلق للغاية من استمرار دورة العنف ومنصدم من الخسائر في أرواح المدنيين”.
“أواصل تواصلي مع جميع الأطراف المعنية لتهدئة الوضع. إنني أحث جميع الأطراف على الامتناع عن الخطوات التي يمكن أن تزيد من تأجيج الوضع المتقلب بالفعل”.
وفي وقت سابق الأربعاء، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إن قيادة السلطة الفلسطينية قررت اللجوء مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي للتدخل بعد المداهمة. وتم إرسال الطلب الرسمي إلى رئيس مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق من اليوم.
وجاءت مداهمة الأربعاء بعد ما يقرب من شهر بعد عملية نهارية مماثلة في جنين الشهر الماضي قُتل فيها 10 فلسطينيين، من بينهم سيدة مسنة، وسط اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية ومسلحين أثناء سعي الجيش الإسرائيلي اعتقال مشتبه بهم.
وأثارت تلك المداهمة فيض من الإدانات الدولية ودعوات فلسطينية للتدخل الخارجي. كما عقد مجلس الأمن جلسة طارئة حول هذا الموضوع. وبعد يوم من المداهمة، قُتل سبعة أشخاص في إطلاق نار نفذه مسلح فلسطيني في حي “نيفيه يعكوف” في القدس في هجوم يعد الأكثر دموية منذ عام 2008.
في العام الأخير، نفذ الجيش مداهمات ليلية شبه يومية في الضفة الغربية وسط سلسلة من هجمات نفذها فلسطينيون وأسفرت عن مقتل 32 شخصا في عام 2022، و11 آخرين منذ بداية العام.
وأسفرت عمليات الجيش عن اعتقال أكثر من 2500 فلسطينيا، كما خلفت 171 قتيلا فلسطينيا في عام 2022، و60 آخرين منذ مطلع العام، العديد منهم خلال تنفيذهم هجمات أو في مواجهات مع القوات الإسرائيلية، لكن بعضهم كانوا مدنيين غير متورطين.