إسرائيل في حالة حرب - اليوم 570

بحث

الولايات المتحدة تشدد من لهجتها ضد السلطة الفلسطينية، لكن تمويل قواتها الأمنية مستمر

بعد ترحيبها بمرسوم عباس لإنهاء الدفعات امنفذي الهجمات، وزارة الخارجية تطالب بـ"أعمال"؛ وكالة الاستخبارات الأمريكية لا تزال ترسل الأموال إلى قوات الأمن، والولايات المتحدة تؤكد أن بقية المساعدات ستعود إلى رام الله بعد مراجعة شاملة

قوات الأمن الفلسطينية تتجمع في موقع احتجاج ضد المواجهات بين قوات الأمن الفلسطينية وفصائل مسلحة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية في 21 ديسمبر 2024. (Jaafar Ashtiyeh/AFP)
قوات الأمن الفلسطينية تتجمع في موقع احتجاج ضد المواجهات بين قوات الأمن الفلسطينية وفصائل مسلحة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية في 21 ديسمبر 2024. (Jaafar Ashtiyeh/AFP)

صعدت إدارة ترامب من لهجتها ضد السلطة الفلسطينية، لكنها تواصل تمويل قواتها الأمنية في الضفة الغربية، بحسب ما قاله مسؤول أمريكي وآخر فلسطيني لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

وفي 12 فبراير، رحبت وزارة الخارجية الأمريكية بمرسوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإلغاء تشريع كان يربط دفعات الرعاية الاجتماعية للأسرى الأمنيين الفلسطينيين بمدة محكوميتهم في السجون الإسرائيلية. وجاء في بيان واشنطن أن الخطوة التي اتخذها عباس بربط دفعات الرعاية الاجتماعية لجميع الفلسطينيين بالحاجة المالية فقط “تبدو خطوة إيجابية ومكسبا كبيرا للإدارة الأمريكية”.

ولكن في بيان محدّث أُرسل إلى صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الأسبوع الماضي، اتخذت وزارة الخارجية الأمريكية نهجا أكثر تشددا.

“يجب إنهاء هذه الممارسة البغيضة الآن. نحن نريد أن نرى أفعالا – وليس أقوالا. سوف نراقب عن كثب تنفيذ القانون بشكل كامل وسنتشاور مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بشأن التطورات”.

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق عندما طُلب منه تفسير هذا التحول.

وفي حين يبدو أن واشنطن بدأت تفقد صبرها مع سلطة رام الله، كشف المسؤول الأمريكي والمسؤول الفلسطيني أن التمويل الأمريكي لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مستمر في ظل الإدارة الجديدة. وقال المسؤولان إن الأموال تأتي من وكالة الاستخبارات المركزية، بينما رفضا الكشف عن المبلغ.

قوات الأمن الفلسطينية تحرس تجمع لأنصار حركة فتح في مدينة نابلس بالضفة الغربية، 5 يناير 2025. (Nasser Ishtayeh/Flash90)

تم تعليق مجموعة منفصلة من الأموال من مكتب المراقبة الدولية للمخدرات وشؤون إنفاذ القانون التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، ولكن هذا جزء من وقف الإدارة الأمريكية للمساعدات الخارجية على مستوى العالم، والذي تم استثناء دولتين فقط منه: مصر وإسرائيل.

وقال المسؤولان اللذان تحدثا إلى صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن واشنطن أكدت للسلطة الفلسطينية أنها ستسلم أموال مكتب المراقبة الدولية – المقرر أن تبلغ 47 مليون دولار للسنة المالية 2025 – في غضون شهر، عندما تنتهي الإدارة من المراجعة المستمرة 90 يوماً لجميع برامج المساعدات الخارجية.

وفي غضون ذلك، زادت عدة دول أوروبية مؤخراً من مساعداتها لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لتعويض وقف التمويل الأمريكي، بحسب المسؤول الفلسطيني.

تمويل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومكتب المراقبة الدولية لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هو المساعدات الأمريكية الوحيدة التي تُقدم مباشرة إلى الحكومة في رام الله، بعد أن حظر تشريع أصدره الكونغرس خلال فترة الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مثل هذه المساعدات بسبب نظام مدفوعات السلطة الفلسطينية، والذي أطلق عليه المنتقدون اسم “الدفع مقابل القتل”.

وقد استثنت إدارات ترامب وأوباما وبايدن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية من أجل السماح بتقديم المساعدات لها – بناء على طلب إسرائيل في كثير من الأحيان – بسبب الدور الذي تلعبه في مكافحة الهجمات والحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية.

في وقت سابق من هذا العام، أمر عباس قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بشن عملية غير مسبوقة في شمال الضفة الغربية لتضييق الخناق على الجماعات المسلحة التي كانت تنفذ هجمات على القوات الإسرائيلية والمدنيين الإسرائيليين. وتم تنفيذ مئات الاعتقالات، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر هذا الجهد غير كافٍ وأمر الجيش الإسرائيلي بشن عمليته الخاصة في عدة بلدات ومخيمات للاجئين في شمال الضفة الغربية ووسطها.

قوات إسرائيلية خلال عملية عسكرية في مدينة جنين بالضفة الغربية، 22 يناير، 2025. (Nasser Ishtayeh/Flash90)

أدت الحملة إلى تشريد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وفي حين أن إسرائيل دافعت عن العملية باعتبارها ضرورية لاستعادة الأمن في الضفة الغربية، اتهم المسؤول الفلسطيني الذي تحدث إلى التايمز أوف إسرائيل نتنياهو بالموافقة على العملية من أجل ضمان بقاء وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش في الحكومة بعد أن وافق رئيس الوزراء في يناير على اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مع حماس، وهو ما عارضه سموتريتش.

في غضون ذلك، تم دفع مبالغ شهرية لعائلات الأسرى الأمنيين وعائلات منفذي الهجمات الجرحى والقتلى مرتين منذ توقيع عباس على المرسوم في 10 فبراير، بحسب ما قاله مصدران فلسطينيان مطلعان لتايمز أوف إسرائيل.

وأوضح المسؤول الفلسطيني أن السبب في ذلك هو أن الدفعات تعود إلى أشهر قبل توقيع المرسوم. ومع محدودية أموال رام الله بسبب حجز إسرائيل لمئات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب، لم تتمكن السلطة الفلسطينية من تحويل المدفوعات لمستحقي الرعاية الاجتماعية عن شهر ديسمبر إلا في فبراير، بينما تم تسليم مخصصات يناير في وقت سابق من هذا الشهر.

وبناءً على ذلك، من المرجح أن يستغرق الأمر شهرًا أو شهرين آخرين حتى يبدأ العمل بنظام الدفع الجديد، بحسب المسؤول الفلسطيني.

وتكهن المسؤول الفلسطيني بأن التحول في لهجة الإدارة الأمريكية تجاه إصلاح السلطة الفلسطينية نابع على الأرجح من التوقع بتنفيذ سياسة الدفع الجديدة في وقت أقرب.

وقال المسؤول الفلسطيني: “ما زلنا نخطط للتمسك بالمرسوم الذي تم توقيعه”.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يصغي إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حديثه مع الصحافيين قبيل اجتماع في فندق بالاس خلال الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر 2017 ، في نيويورك. (AFP/Brendan Smialowski)

وبدا في البداية أن العلاقات بين الإدارة الأمريكية ورام الله إيجابية، حيث أجرى ترامب وعباس ما وصفته مصادر مطلعة بمكالمة “دافئة” بعد أيام من فوز الأول في انتخابات نوفمبر.

والتقى المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مع كبير مساعدي عباس حسين الشيخ في الرياض، بعد فترة وجيزة من تولي ترامب منصبه في يناير.

وبعد أيام، أعلن ترامب عن خطته للسيطرة على غزة ونقل جميع سكانها.

ومع ذلك، وقّع عباس مرسوم إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية بعد أقل من أسبوع.

وقد نقل المرسوم جميع مخصصات الرعاية الاجتماعية – للأسرى وغيرهم – من السلطة الفلسطينية إلى هيئة غير حكومية تُدعى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي التي يرأسها وزير الرعاية الاجتماعية السابق في السلطة الفلسطينية أحمد مجدلاني، وهو أحد المقربين من عباس.

المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف (الثاني من اليسار) يلتقي مع وزراء خارجية السعودية، الإمارات، قطر، مصر والأردن، إلى جانب كبير مساعدي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حسين الشيخ، في الدوحة، قطر في 12 مارس 2025. (Qatari foreign ministry)

في مقابلة مع صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الشهر الماضي، حث مجدلاني المجتمع الدولي على تقديم الدعم المالي للنظام الجديد، معترفاً بأنه لا يحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين وأن رام الله ستواجه المزيد من المعارضة إذا لم تتمكن من تحمل تكاليف البرنامج.

كما انتقد مجدلاني أيضاً خطة ترامب للاستيلاء على غزة وحذر من أن السلطة الفلسطينية ستقطع علاقاتها مع واشنطن إذا ما تقدمت الولايات المتحدة بالمقترح.

وكان المسؤولون الفلسطينيون الآخرون أكثر حرصا على تجنب انتقاد ترامب علنا، حيث يسعون إلى تجنب انهيار العلاقات على غرار انهيارها خلال ولاية ترامب الأولى.

لكن في هذا الوقت، لم يتلق عباس اتصالاً من ترامب منذ تنصيبه، وتجنب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو زيارة رام الله خلال رحلته إلى المنطقة الشهر الماضي، ولم يوافق ويتكوف على لقاء الشيخ إلا بحضور وزراء خارجية عرب آخرين.

وقال المسؤول الفلسطيني: “كان هناك أمل في أن يلقى هذا الإصلاح استجابة أكثر دفئًا في واشنطن، لكننا ما زلنا ننتظر”.

اقرأ المزيد عن