الولايات المتحدة تستخدم حق النقض في مجلس الأمن ضد قرار يمنح الفلسطينيين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة
12 دولة تدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك فرنسا واليابان وكوريا الجنوبية، التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية بنفسها؛ مسؤول أمريكي: دعموا القرار لأنهم كانوا يعلمون أننا سنستخدم حق النقض
منعت الولايات المتحدة مجلس الأمن من الاعتراف بعضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، بعد أن تعهدت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي طرح في الهيئة الدولية يوم الخميس.
وصوت 12 عضوا في مجلس الأمن لصالح منح الفلسطينيين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بينما امتنعت المملكة المتحدة وسويسرا فقط عن التصويت.
وسعت الولايات المتحدة أولا إلى إقناع السلطة الفلسطينية بالتراجع عن الإجراء قبل التوجه إلى الأعضاء الآخرين إما للمعارضة أو الامتناع عن التصويت بعد أن رفضت رام الله طلب واشنطن، حسبما قال مسؤول أمريكي لتايمز أوف إسرائيل.
لكن الحصيلة النهائية أظهرت أن إدارة بايدن فشلت إلى حد كبير في جهودها، حيث كان نائب السفير الأمريكي روبرت وود هو المبعوث الوحيد الذي رفع يده معارضاً للقرار – في دليل رمزي على عزلة واشنطن الدولية بشأن هذه المسألة.
وصوتت كل من فرنسا واليابان وكوريا الجنوبية وسلوفينيا لصالح القرار الذي قدمته الجزائر، رغم أن أيا منها لم تعترف بالدولة الفلسطينية.
وتكهن المسؤول الأمريكي بأن تلك الدول صوتت لصالح الإجراء على الرغم من أنها لا تدعمه عمليا لأنها تعلم أنه لن تكون هناك أي عواقب للقيام بذلك، نظرا لتعهد واشنطن باستخدام حق النقض.
كما صوتت سيراليون وروسيا وموزمبيق ومالطا وغيانا والإكوادور والصين والجزائر لصالح القرار، وكل منها اعترفت بالفعل بالدولة الفلسطينية.
وكان يتعين على تسع دول على الأقل من أعضاء الهيئة المكونة من 15 عضوا دعم هذا الإجراء من أجل إجبار أمريكيا على استخدام حق النقض.
ولطالما عارضت الولايات المتحدة الجهود الفلسطينية للاعتراف من طرف واحد بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، بحجة أن ذلك يجب أن يتحقق من خلال المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.
ويقول مسؤولون أمريكيون في الآونة الأخيرة إن هذه الجهود تضر أيضًا بسعي إدارة بايدن لتحقيق حل الدولتين من خلال مبادرة إقليمية أوسع.
وتتصور الخطة الأمريكية البدء بصفقة رهائن مقابل هدنة بين إسرائيل وحماس يتبعها نهاية دائمة للحرب. ومن ثم مساعدة حلفاء إسرائيل العرب في إعادة إعمار غزة بمساعدة السلطة الفلسطينية المتجددة، والتي ستعود إلى حكم القطاع إلى جانب الضفة الغربية، لخلق طريق يؤدي إلى حل الدولتين في نهاية المطاف مع إسرائيل، والتي ستحظى في المقابل بعلاقات طبيعية مع السعودية، مما يعزز الجبهة الإقليمية ضد إيران.
وبالإضافة إلى صفقة الرهائن التي لا تزال بعيدة المنال، تتوقف الخطة الأمريكية أيضًا على استعداد إسرائيل لقبول حل الدولتين في نهاية المطاف – وهو أمر مرفوض تماما بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومعظم أعضاء ائتلافه.
وفي تفسيره لمعارضة الولايات المتحدة للقرار في وقت سابق من الخميس، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل أنه لا يوجد إجماع بين أعضاء مجلس الأمن على أن الفلسطينيين قد استوفوا المعايير اللازمة لتعريفهم كدولة.
علاوة على ذلك، قال إن السلطة الفلسطينية تحتاج إلى إجراء إصلاحات كبيرة قبل الاعتراف بها كدولة. ولطالما شابت رام الله مزاعم فساد وسوء إدارة.
وأشار باتيل أيضا إلى تشريع الكونغرس الذي من شأنه أن يجبر إدارة بايدن على قطع التمويل للأمم المتحدة إذا وافقت من جانب واحد على الطلب الفلسطيني للحصول على وضع دولة عضو – وهو أمر ترغب واشنطن في أن تتجنبه.
وبعد الحصول على وضع مراقب غير عضو في عام 2012، سعى الفلسطينيون، دون جدوى، إلى أن يصبحوا العضو رقم 194 في الأمم المتحدة.
تصويت يوم الخميس لم يكن المرة الأولى التي يرفض فيها مجلس الأمن طلب الفلسطينيين، بعد فشل الطلب في الحصول على تسعة الأصوات الضرورية في عام 2014. وكانت نتائج ذلك التصويت ثمانية أصوات مقابل صوتين مع امتناع خمسة عن التصويت، وكانت فرنسا آنذاك أيضًا من بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن التي أيدت القرار.
وشكر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إدارة بايدن “لوقوفها إلى جانب الحقيقة والأخلاق في مواجهة النفاق والسياسة”.
وقال في تصريحات عقب التصويت “لقد شرحت كيف أن السلطة الفلسطينية لا تستوفي حتى المعايير الأساسية، وأنها لا تملك أي سلطة على أراضيها، وأن السلطة الفلسطينية هي كيان داعم للإرهاب. ومع ذلك، وبغض النظر عن فشل الفلسطينيين في تلبية المعايير اللازمة لعضوية الأمم المتحدة، فقد قرر معظمكم، للأسف، مكافأة الإرهاب الفلسطيني بدولة فلسطينية”.
كما أعرب إردان عن أسفه لفشل جهوده المتكررة لإقناع مجلس الأمن بإدانة هجوم حماس في 7 أكتوبر. “لكن مع ذلك، ترفضون حتى الإدانة، وترفضون الاستماع، وترفضون التصرف، وترفضون حتى التحقق من الحقائق”.
“لذلك اليوم، لن أحاول إصلاح ما تم كسره بالفعل. التحدث إلى هذا المجلس يشبه التحدث إلى جدار من الطوب”.
كما شكر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الولايات المتحدة، قائلا إن الموافقة على قرار الاعتراف بالدولة كان سيكون بمثابة “مكافأة للإرهاب” بعد ستة أشهر فقط من هجوم حماس في 7 أكتوبر. ومثل إردان، انتقد مجلس الأمن لفشله في إدانة هجوم حماس المدمر.
“لن تكون هناك مكافآت للإرهاب. إسرائيل ستواصل القتال حتى سقوط حماس والإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين الـ 133”.
وانتقد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الفيتو الأمريكي، واصفا إياه بـ”العدوان” الذي يدفع الشرق الأوسط نحو “الهاوية”.
وقال في بيان إنه “يمثل عدوانا صارخا على القانون الدولي، وتشجّع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا… وتزيد في دفع المنطقة إلى شفا الهاوية”.
وأضاف أن التصويت الأمريكي “يكشف تناقضات السياسة الأميركية التي تدّعي من جانب أنها تدعم حل الدولتين، فيما هي تمنع المؤسسة الدولية من تنفيذ هذا الحل”.
وقال عباس إن العالم يقف “موحّدًا خلف قيم الحق والعدل والحرية والسلام التي تمثلها القضية الفلسطينية”.
وأدانت حركة حماس الموقف الأمريكي في بيان، ودعت المجتمع الدولي إلى “دعم نضال شعبنا الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير مصيره”.
ساهمت وكالة رويترز في إعداد هذا التقرير