الولايات المتحدة تحث الحلفاء العرب على عدم تحديد موعد نهائي لحل الدولتين بعد الحرب
الوثيقة التي حصل عليها "تايمز أوف إسرائيل" توضح بالتفصيل المبادئ التي تخطط الولايات المتحدة للدفع بها عند تأمين وقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك دولة فلسطينية على خطوط 1967 "على النحو المتوخى في مبادرة السلام العربية"
تسعى إدارة بايدن إلى منع شركائها العرب من تقديم رؤية بعيدة المدى لتسوية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين عندما تنتهي الحرب في غزة، وبدلا من ذلك تعمل على تقديم إطار مقلص لا يزال من المؤكد أن ترفضه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحسب وثائق حصل عليها “تايمز أوف إسرائيل”.
منذ بداية العام، تقود الولايات المتحدة مجموعة اتصال تضم وزراء كبار من المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية بهدف دفع بخطة لإدارة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
ويجري الوزراء العرب أيضا اجتماعات ا للتنسيق كمجموعة مستقلة عن الولايات المتحدة. وفي أبريل، انتهوا من صياغة رؤيتهم لما بعد الحرب، والتي تضمنت الاعتراف الدولي الفوري بالدولة الفلسطينية، وإنشاء قوة لحفظ السلام في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وإطلاق محادثات سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على أن تكتمل في غضون عامين من شأنها أن تؤدي إلى نقل السيطرة الإسرائيلية على معابر الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، بحسب فقرات مسربة من الاقتراح الذي حصلت عليه الولايات المتحدة.
لكن المسؤول العربي قال إنه مع إدراكها أنها لا تستطيع ببساطة رفض الاقتراح العربي دون تقديم بديل، صاغت وزارة الخارجية الأمريكية سلسلة من المبادئ التي يمكن استخدامها كأساس لمواصلة المحادثات مع الشركاء في الشرق الأوسط.
وأقر المسؤول بأن المبادرة لم تكن أولوية قصوى لإدارة بايدن، التي تضع وزنا أكبر في المقام الأول لتأمين صفقة الرهائن التي ستضع حدا للحرب بين إسرائيل وحماس التي أشعلها الهجوم الذي شنته الأخيرة في 7 أكتوبر.
ومع ذلك، قال مسؤول أمريكي إن وثيقة وزارة الخارجية التي تحمل عنوان “بيان مشترك بشأن مبادئ لدعم مستقبل السلام للإسرائيليين والفلسطينيين” حصلت على موافقة البيت الأبيض، مضيفا أن واشنطن تستخدمها كأساس لمواصلة المحادثات مع حلفائها العرب، بما في ذلك اجتماعات سيعقدها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مصر وقطر والأردن مطلع الأسبوع المقبل.
وتشبه الوثيقة (باللغة الانجليزية) إلى حد كبير مبادئ ما بعد الحرب التي طرحها بلينكن في طوكيو في 8 نوفمبر، على الرغم من إدخال بعض الإضافات عليها في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى الوصول إلى حل وسط مع حلفائها العرب.
تتضمن الوثيقة التي حصل عليها “تايمز أوف إسرائيل” عشرة مبادئ:
1. دعوة المجتمع الدولي لدعم إعادة إعمار غزة، مع فتح المعابر إلى القطاع لضمان تدفق المساعدات دون عوائق.
2. رفض استمرار حكم الفصائل المسلحة في غزة. “يجب على جميع المنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة نزع سلاحها ونبذ العنف. إن آلية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج ستسهل هذه العملية في غزة”، حسبما جاء في الوثيقة.
3. انسحاب إسرائيلي كامل من غزة دون أي تقليص في أراضيها، أو احتلال عسكري أو تهجير قسري للفلسطينيين، الذين سيسمح لهم بالعودة إلى البلدات في القطاع التي نزحوا منها خلال الحرب.
4. إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية، والتي ستتلقى المساعدة من الشركاء الدوليين خلال الفترة الانتقالية بعد الحرب حتى تصبح جاهزة لاستئناف الحكم بشكل كامل في القطاع.
5. الدعوة إلى استئناف مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على أساس أنه “لا يمكن تحقيق نهاية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإنهاء الاحتلال إلا من خلال المفاوضات المباشرة”.
6. دعم قيام دولة فلسطينية “مستقلة ومتصلة جغرافيا وقابلة للحياة” على أساس خطوط الرابع من يونيو 1967 مع مقايضات متفق عليها بشكل متبادل وحل عادل ومتفق عليه للاجئين الفلسطينيين، على النحو المتوخى في مبادرة السلام العربية. (سبق أن أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن دعمه لحدود 1967، ولكن يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي تدعم فيها الولايات المتحدة أيضا مبادرة السلام العربية. ومع ذلك، فإن الاقتراح العربي قائم على حل الدولتين الذي من شأنه أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب، في حين تقدم الوثيقة الأميركية نهجا معاكسا).
7. “إمكانية التطبيع بين المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى وإسرائيل مع تقدم ملموس نحو حل الدولتين هي وسيلة واعدة لتحقيق السلام والأمن والتكامل الإقليمي الذي سيفيد الجميع”، بحسب الوثيقة.
8. رفض الإجراءات الأحادية الجانب من الجانبين، “بما في ذلك توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية وتمجيد الإرهاب والعنف”. كما أن هناك دعوة للجانبين إلى دعم سيادة القانون ورفض التحريض من قبل المسؤولين والأفراد من الجمهور.
9. الدعوة إلى الامتثال للالتزامات التي تم التوصل إليها خلال قمتي العام الماضي في العقبة وشرم الشيخ، والتي رفضت أيضا المضي قدما في الإجراءات الأحادية. وتحث الوثيقة الأمريكية أيضا على الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، “اعترافا بالارتباط العميق لأشخاص من العديد من الأديان بالقدس وأن الحدود في القدس تخضع لمفاوضات الوضع النهائي”.
10. حض السلطة الفلسطينية على تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى “تركز على الحكم الرشيد والشفافية ومكافحة الفساد وإصلاح التربية التعليم والرعاية الاجتماعية”.
وخلصت الوثيقة الأمريكية إلى أنه “نحن متفقون على تركيز جهودنا الدبلوماسية على تعزيز هذه المبادئ، وتهيئة الظروف للسلام والأمن الدائمين في المنطقة”.
وردا على طلب للتعليق على الأمر، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “هذا جزء من جهد أكبر لتبادل الأفكار قمنا به خلال الأشهر الماضية مع شركائنا العرب”.
تجدر الإشارة إلى أن الرؤية الأمريكية لا تدعو إلى “مسار محدد زمنيا ولا رجعة فيه لدولة فلسطينية”، وهو ما أصر بلينكن مرارا على أنه سيكون ضروريا حتى توافق السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ولكن حتى المسار غير المحدد زمنيا إلى دولة فلسطينية لا يبد نتنياهو أي نية للقبول به، بحجة أنه سيكون بمثابة “جائزة” لحماس بعد أن نفذت أكبر هجوم ضد اليهود منذ المحرقة.