الولايات المتحدة تحث إسرائيل على التحول بأقرب وقت من الهجوم العسكري إلى الدبلوماسية في لبنان
تم إطلاق أكثر من 300 صاروخ ومسيّرة على إسرائيل خلال يوم الغفران؛ الجيش يقول إن حزب الله يستخدم سيارات الإسعاف لنقل المقاتلين؛ ماكرون يحض الجماعة على التوقف عن إطلاق النار على إسرائيل

حثت الولايات المتحدة يوم الأحد إسرائيل على تحويل التركيز من هجومها العسكري في جنوب لبنان إلى حل دبلوماسي في أقرب وقت ممكن، بينما دعت فرنسا حزب الله إلى وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وقبول وقف إطلاق النار.
جاء الضغط الدبلوماسي في الوقت الذي أطلق فيه حزب الله أكثر من 300 صاروخ وقذيفة ومسيرة على إسرائيل خلال يوم الغفران، أقدس يوم في اليهودية، والذي انتهى عند حلول الظلام يوم السبت.
في غضون ذلك، مضت إسرائيل قدما في هجومها العسكري في جنوب لبنان، وسط انتقادات دولية متزايدة بشأن عدة حوادث أصيب فيها جنود من قوات حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة.
وتحدث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، حيث أكد “على ضرورة التحول من العمليات العسكرية في لبنان إلى المسار الدبلوماسي في أقرب وقت ممكن”، وفقا لبيان البنتاغون الصادر في وقت مبكر من يوم الأحد.
وقال البيان الأميركي إن أوستن أعرب عن “قلق عميق” بشأن التقارير التي تفيد بأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على مواقع تابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان في الأيام الأخيرة وحض إسرائيل على ضمان سلامتهم وسلامة الجيش اللبناني.
وقال غالانت لأوستن إن الحوادث قيد التحقيق، واتهم حزب الله بإطلاق النار من محيط مواقع اليونيفيل عمدا، بحسب البيان الإسرائيلي.

وأكد غالانت أنه “في مواجهة هذا التحدي العملياتي الكبير، سيواصل جيش الدفاع اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب إلحاق الضرر بقوات اليونيفيل ومواقع حفظ السلام”.
في غضون ذلك، مارست فرنسا الضغط على لبنان لكبح جماح حزب الله.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم السبت خلال حديث مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري: “يجب تنفيذ وقف إطلاق النار في لبنان على الفور”، مضيفا أن هجمات حزب الله يجب أن “تتوقف فورا”.
في الأسبوع الماضي دعا ماكرون إلى فرض حظر أسلحة على إسرائيل، مما أثار إدانة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وصف الدعوة بأنها “عار”. وتحدث الزعيمان منذ ذلك الحين عبر الهاتف مباشرة.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إن حكومته ستطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إصدار قرار جديد يدعو إلى “وقف إطلاق نار كامل وفوري”.
ولقد كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية ضد حزب الله في الأسابيع الأخيرة بعد عام من المناوشات وسط هجمات بالصواريخ والمسيّرات على شمال البلاد من قبل الجماعة المدعومة من إيران. استهدفت الضربات الضاحية الجنوبية لبيروت ووادي البقاع، مما أسفر عن مقتل العديد من كبار قادة حزب الله، كما تم ارسال قوات برية عبر الحدود. من جانبه، أطلق حزب الله صواريخ على عمق أكبر داخل إسرائيل.
صواريخ ومسيّرات
استمر إطلاق حزب الله للصواريخ دون توقف.
وسُمع دوي صفارات الإنذار في العديد من البلدات في شمال إسرائيل يوم الأحد، بما في ذلك في مدينة حيفا الساحلية وبالقرب من الحدود مع لبنان. وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم إطلاق أكثر من 40 صاروخا على شمال البلاد في الصباح، وتم إسقاط خمسة صواريخ.
يأتي ذلك في أعقاب الهجمات الصاروخية الكثيفة في يوم الغفران.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان “طوال يوم الغفران في نهاية الأسبوع، عبرت حوالي 320 قذيفة أطلقتها منظمة حزب الله الإرهابية من لبنان إلى إسرائيل”. وشمل الرقم صواريخ ومسيّرات هجومية.

وقالت خدمة الإسعاف “نجمة داوود الحمراء” إن مسعفيها قدموا العلاج لثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح طفيفة جراء انفجار صاروخ في الجليل الغربي.
وأضافت خدمة الإسعاف أن 12 شخصا آخرين أصيبوا أثناء الركض إلى الملاجئ وسط الهجمات الصاروخية في يوم الغفران.
وأطلقت الصواريخ القادمة صفارات الإنذار فوق منطقة واسعة، وسقط بعضها في مناطق حضرية وتم اعتراض بعضها الآخر أو سقط في مناطق مفتوحة. وضربت مسيّرة أطلقها حزب الله دارا للمسنين في هرتسليا في وقت متأخر من يوم الجمعة، مما تسبب في أضرار ولكن دون وقوع إصابات. وسقط صاروخ واحد على الأقل على مدينة صفد الشمالية، مما تسبب في أضرار للمركبات.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه نفذ ما مجموعه نحو 280 ضربة على أهداف، بما في ذلك أكثر من 200 في لبنان، حيث قال إن الجنود قتلوا 50 مقاتلا من حزب الله في “مواجهات وجها لوجه” خلال اليوم السابق. كما نشر لقطات قال إنها تظهر كيفية قيام حزب الله بتخزين الأسلحة داخل منازل المدنيين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن فرقة اللواء القتالي الثامن ووحدة مكافحة الإرهاب “لوتار” اللتان تعملان في جنوب لبنان كشفتا عن عشرات مخازن الأسلحة في منازل المدنيين.
وأظهرت اللقطات التي نشرها الجيش مخبأ لقذائف الهاون – بعضها من أصل إسرائيلي – وألغام وبنادق كلاشينكوف ومخازن وسترات قتالية. وقال الجيش إنه عثر أيضا على صواريخ كورنيت المضادة للدبابات، وأن المخابئ كانت مخصصة لوحدة “الرضوان” التابعة لحزب الله حيث كانت تستعد لغزو مخطط له لشمال إسرائيل.
IDF footage of one of the many Hezbollah weapons warehouses uncovered in civilian homes by the 8th BCT.
(Note the mortar shells with Hebrew writing on the case) pic.twitter.com/Z4T5mOnRPG
— Lazar Berman (@Lazar_Berman) October 13, 2024
وتعمل القوات، التي نفذت عمليات كبيرة ضد حماس في غزة خلال العام الماضي، تحت قيادة الفرقة 91 على الحافة الشرقية للعمليات البرية للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي إن “القوات تخوض معارك وجها لوجه، وتقضي على الإرهابيين وتدمر البنية التحتية الإرهابية التي نشرها حزب الله على طول الحدود”.
وعثر اللواء على بنية تحتية للأنفاق داخل إحدى القرى، بما في ذلك أماكن سكن لمقاتلي حزب الله. وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات قتلت “العديد” من مقاتلي حزب الله بتوجيه ضربات جوية من الأرض.
وفي إطار العمليات في لبنان، قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب “بنية تحتية تحت الأرض” حيث كانت المنظمة المدعومة من إيران تخزن الأسلحة على طول الحدود مع سوريا.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن منطقة عسكرية مغلقة حول عدة بلدات في الجليل الغربي على طول الحدود مع لبنان، حيث تعمل القوات الإسرائيلية حاليا ضد حزب الله.
ويشدد مرسوم عسكري على حظر الدخول بشكل كامل إلى بلدات زرعيت وشوميرا وشتوله ونطوعا وإيفين مناحيم.
وقد سبقت مثل هذه الإجراءات منذ أواخر سبتمبر العمليات البرية داخل لبنان.

تخفيف القيود
ومع ذلك، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي عن تخفيف القيود المفروضة على طول الحدود الشمالية ومرتفعات الجولان، حيث يُسمح الآن بالأنشطة التعليمية في البلدات هناك. على أي حال، العديد من الطلاب في إجازة قبل عطلة عيد العرش (سوكوت) التي تبدأ مساء الأربعاء.
وقال بيان لقيادة الجبهة الداخلية إن القيود قد تم تخفيفها أيضا في بلدتي دالية الكرمل وعسفيا في شمال البلاد، حيث يمكن للسكان الآن تنظيم فعاليات تضم ما يصل عددهم إلى 2000 شخص.
يوم الأحد، أعلن حزب الله عن سلسلة من الضربات الصاروخية على مواقع عسكرية إسرائيلية وقال إن مقاتليه اشتبكوا مع وحدة مشاة إسرائيلية حاولت دخول الأراضي اللبنانية.
وقال حزب الله إنه اشتبك مع القوات الإسرائيلية التي حاولت التسلل بالقرب من قرية حدودية لبنانية يوم الأحد وأعلن مسؤوليته عن عدد من الهجمات الأخرى ليلا.
وقالت الجماعة إن مقاتليها فجروا عبوات ناسفة على جنود إسرائيليين و”اشتبكوا معهم أثناء محاولتهم التسلل” مرتين بالقرب من قرية رامية اللبنانية، كما أفادت الجماعة بقتال استمر حوالي ساعة، وأعلنت عن هجمات على قوات إسرائيلية في لبنان وعلى الجانب الإسرائيلي من الحدود.
في عام 2019، كشف الجيش الإسرائيلي عن “أطول وأهم” نفق هجومي لحزب الله يمتد عبر الحدود والذي تم اكتشافه خلال عملية “درع الشمال”، حيث بدأ بالقرب من بلدة رامية.
وقالت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) يوم السبت إن موقعها في بلدة رامية بجنوب لبنان تعرض لأضرار جسيمة بسبب الانفجارات التي أعقبت قصفا قريبا منها لكنها لم تحدد الطرف المسؤول عن الهجوم.
في غضون ذلك، قالت “المقاومة الإسلامية في العراق” في بيان إنها استهدفت موقعا عسكريا إسرائيليا في مرتفعات الجولان بمسيّرة في إطار دعمها للشعب الفلسطيني ولبنان. وقالت إنها ستواصل تصعيد الهجمات ضد إسرائيل.
وقال الجيش إن سلاح الجو اعترض بنجاح “هدفا جويا مشبوها” – على الأرجح مسيّرة – عبر من لبنان في وقت سابق من الصباح.
وأضاف الجيش إنه لم يتم تفعيل صفارات الإنذار في البلدات الإسرائيلية أثناء التسلل، الذي حدث قبالة ساحل نهاريا.
חיל האוויר יירט לפני זמן קצר מטרה אווירית חשודה שחצתה מלבנון לעבר שטח הארץ, במרחב הימי מול חופי נהריה.
לא הופעלו התרעות על פי מדיניות pic.twitter.com/QySKkE00IU— צבא ההגנה לישראל (@idfonline) October 13, 2024
سيارات الإسعاف لنقل المسلحين والأسلحة
قال الجيش الإسرائيلي أيضا إن حزب الله يستخدم سيارات الإسعاف لنقل المقاتلين والأسلحة وإن قواته ستتخذ أي إجراء ضروري.
ولقد لحقت أضرار بمستشفيين في وادي البقاع، الذي يعد معقلا لحزب الله، جراء غارات إسرائيلية يوم السبت، حسبما قال المستشفيان، اللذان أضافا أنه لم تقع إصابات.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الجوية الإسرائيلية ضربت يوم السبت مناطق متعددة في جنوب وشرق لبنان، مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص وإلحاق أضرار بالمستشفيات.
وقالت الوزارة إن تسعة أشخاص قُتلوا في قرية ميسرة في شمال شرق البلاد، وأصيب 15 آخرين. كما قُتل أربعة أشخاص وجُرح 18 آخرين في مبنى سكني على أطراف برجا جنوب بيروت.
ولم تذكر الوزارة تفاصيل عن عدد المقاتلين من بين القتلى والجرحى.
وقالت إن مستشفيي رياق وتل شيحا في وادي البقاع تضررا، بينما أصيب سبعة أشخاص في غارات على بريتال وتمنين في محافظة بعلبك الهرمل. وفي النبطية، أصيب ثمانية أشخاص.

لم تتعرض الضاحية الجنوبية لبيروت، التي واجهت قصفا عنيفا في السابق، للقصف خلال الـ 48 ساعة الماضية. ويعمل حزب الله هناك كدولة داخل الدولة.
بدأت الحرب في 7 أكتوبر 2023، عندما قادت حماس هجوما مدمرا عبر الحدود على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص. في اليوم التالي، بدأ حزب الله في الهجوم على طول الحدود الشمالية إسنادا لغزة، على حد قوله.
وفقا للوزارة، بلغ إجمالي عدد القتلى في لبنان على مدار العام الماضي من الصراع بين إسرائيل وحزب الله 2255 قتيلا وأكثر من 10 آلاف جريح. وقُتل أكثر من 1400 شخص منذ منتصف سبتمبر. ليس من الواضح عدد المقاتلين منهم.
وقد أعلن حزب الله عن مقتل 516 عنصرا من أعضائه على يد إسرائيل خلال المناوشات الجارية، معظمهم في لبنان ولكن بعضهم أيضا في سوريا. كما قُتل 94 عنصرا آخر من جماعات مسلحة أخرى وجندي لبناني وعشرات المدنيين.
لم يتم تحديث هذه الأرقام بشكل مستمر منذ بدأت إسرائيل هجوما جديدا ضد حزب الله في سبتمبر، بما في ذلك عملية برية يقول الجيش إنها أسفرت عن مقتل 450 عنصرا على الأقل من حزب الله.
وقد أسفرت هجمات حزب الله على شمال إسرائيل خلال العام الماضي عن مقتل 28 مدنيا. بالإضافة إلى ذلك، قُتل 33 جنديا إسرائيليا في مناوشات عبر الحدود وفي العملية البرية التي أعقبت ذلك والتي بدأت في جنوب لبنان في أواخر سبتمبر.