الولايات المتحدة تجري بمشاركة دول عربية محادثات مع إيران بشأن وقف إطلاق النار على جميع الجبهات
بحسب قناة تلفزيونية إسرائيلية فإن اسرائيل أبلغت بالمبادرة لكنها ليست جزءا منها؛ حزب الله تخلى كما يبدو عن مطلب الهدنة في غزة بينما يدعم نائب زعيمها جهود وقف إطلاق النار في لبنان

بدأت الولايات المتحدة والدول العربية محادثات سرية مع إيران للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار يهدف إلى تهدئة جميع جبهات الحرب دفعة واحدة، بحسب تقرير بثته قناة تلفزيونية إسرائيلية.
وأفادت القناة 12 أن إسرائيل غير منخرطة حاليا في المبادرة، ولكن تم إبلاغ مسؤولين إسرائيليين كبار بشأنها.
وأشارت الشبكة التلفزيونية إلى أنه ليس من الواضح كيف ستؤثر الجهود على قطاع غزة، التي تُعتبر أكثر تعقيدا من بقية الجبهات بسبب رغبة إسرائيل في مواصلة القتال حتى بعد صفقة رهائن محتملة، وذلك لضمان إلا تشكل حماس تهديدا مرة أخرى، ومطالبة الحركة بالانسحاب الإسرائيلي الكامل في أي صفقة.
وأضاف التقرير أن إسرائيل لم تبلغ الولايات المتحدة بعد بموقفها من المبادرة.
ونقل التقرير عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله “نحن الآن في موقع قوة، وسيكون وقف إطلاق النار بشروطنا، بما في ذلك انسحاب [حزب الله] إلى ما بعد نهر الليطاني وتفكيك جميع مواقع حزب الله العسكرية في المناطق القريبة من الحدود”.
وجاء التقرير في الوقت الذي يبدو فيه أن حزب الله قد تخلى عن مطلبه بالهدنة في غزة كشرط للتوصل إلى وقف إطلاق نار في لبنان، متراجعا عن وعده المتكرر بمواصلة إطلاق الصواريخ والمسيرات حتى توقف إسرائيل هجومها ضد حليف الجماعة اللبنانية المدعوم من إيران، حركة حماس.
منذ أن بدأ حزب الله في إطلاق الصواريخ عبر حدود لبنان بعد يوم واحد من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى اندلاع الحرب في غزة والقتال لاحقا في جميع أنحاء المنطقة، قال مسؤولو حزب الله باستمرار إنهم لن يتوقفوا حتى تنهي إسرائيل الصراع في القطاع.

لكن نعيم قاسم، نائب زعيم حزب الله، كسر هذا الرابط في خطاب متلفز يوم الثلاثاء، حتى عندما وعد بمواصلة الوقوف إلى جانب حماس والفلسطينيين في معركتهم مع إسرائيل.
وقال قاسم، الذي أصبح الآن أكبر مسؤول في حزب الله بعد مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله في غارة إسرائيلية، إنه يدعم جهود رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، حليف حزب الله، لتأمين هدنة – دون وضع شروط مسبقة.
وقال قاسم: “نحن ندعم النشاط السياسي الذي يقوده بري تحت عنوان وقف إطلاق النار… إذا واصل العدو (إسرائيل) حربه فإن ساحة المعركة هي التي ستقرر”.
وقبل ذلك بيومين، تحدث مسؤولان من المستوى الأدنى في حزب الله أيضا عن هدنة في لبنان دون ربطها بغزة.
ولم يقل حزب الله صراحة أنه سيغير موقفه. ولم تعلق الجماعة على هذه الأنباء.

وقال سامي أبو زهري المسؤول الكبير في حماس لوكالة “رويترز” إن حركته لا تزال “واثقة في موقف حزب الله الذي يربط أي اتفاق بوقف الحرب في غزة” مستشهدا بتصريحات سابقة لحزب الله.
لكن مسؤولا حكوميا لبنانيا طلب عدم نشر اسمه قال لرويترز إن حزب الله عدل موقفه بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك النزوح الجماعي للأشخاص من الدوائر الانتخابية الرئيسية حيث يعيش أنصار الجماعة الشيعية في جنوب لبنان والضواحي الجنوبية لبيروت.
وقال المسؤول إن الدافع وراء ذلك أيضا هو الحملة البرية الإسرائيلية المكثفة والاعتراضات على موقف حزب الله من بعض الجهات السياسية اللبنانية.
وقد دعا كبار المشرعين من الطوائف الأخرى في خليط السياسة اللبناني في الأيام الأخيرة إلى اتخاذ قرار لإنهاء القتال الذي لا يربط مستقبل لبنان – الدولة التي كانت مصابة أصلا بالشلل بسبب أزمة اقتصادية قبل الصراع الأخير – بحرب غزة.
وقال الزعيم الدرزي اللبناني المخضرم وليد جنبلاط يوم الاثنين “لن نربط مصيرنا بمصير غزة”.
وقال السياسي اللبناني المسيحي سليمان فرنجية، الحليف الوثيق لحزب الله، للصحفيين يوم الاثنين إن “الأولوية” هي وقف الهجوم الإسرائيلي “وأن نخرج موحدين من هذا الهجوم وأن يخرج لبنان منتصرا”.
وقبل هذه التعليقات، كانت هناك مؤشرات من مسؤولين آخرين على أن حزب الله قد يغير موقفه.
وقال أحدهم، وهو محمود قماطي، المسؤول في حزب الله، للتلفزيون العراقي الرسمي يوم الأحد إن الجماعة ستكون “مستعدة للبدء في دراسة الحلول السياسية بعد وقف العدوان على لبنان”، ومرة أخرى دون أن يذكر غزة.

وقال دبلوماسيون لاحظوا هذا التحول أيضا إن حزب الله قد يكون تأخر في حشد أي زخم دبلوماسي. وكثفت إسرائيل هجومها بإرسال قوات برية عبر أجزاء أخرى من الحدود اللبنانية الإسرائيلية يوم الثلاثاء وتواصل غاراتها الجوية على بيروت وأماكن أخرى.
وقال أحد الدبلوماسيين العاملين في لبنان إن “المنطق الحاكم” الذي تتبعه إسرائيل أصبح الآن عسكريا وليس دبلوماسيا.
وقال دبلوماسي غربي كبير أنه لا توجد علامة على أي وقف لإطلاق النار في الأفق وأن الموقف الذي يعبر عنه المسؤولون اللبنانيون “تطور” من موقفهم السابق، الذي ركز بشكل كامل على وقف إطلاق النار في غزة، عندما بدأت القنابل تسقط على بيروت.
وقال مهند الحاج علي، الخبير في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن إسرائيل تمكنت من اكتساب التفوق من خلال تكثيف الضغط على حزب الله عسكريا.
وأضاف: “حزب الله يمارس ألاعيب سياسية… لكن هذا ليس كافيا بالنسبة للإسرائيليين. الأمور لا تسير بهذه الطريقة”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن دعوة حزب الله لوقف إطلاق النار تظهر أنه “يتعرض للضرب”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر خلال مؤتمر صحفي: “لمدة عام، كان العالم يدعو إلى وقف إطلاق النار هذا، وكان حزب الله يرفض الموافقة على ذلك، والآن بعد أن أصبح حزب الله في موقف دفاعي ويتعرض للضرب، فجأة غيروا لهجتهم ويريدون وقف إطلاق النار”.
وأضاف ميلر: “ما زلنا نريد في نهاية المطاف حلاً دبلوماسيا لهذا الصراع”.
وقتلت إسرائيل معظم قادة حزب الله والعديد من قادة قوة “الرضوان” الخاصة في غارات جوية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، واستهدفت العديد من مواقع الصواريخ والقذائف التابعة لها، بعد أن حددت رسميا حتمية العودة الآمنة لنحو 60 ألفا من سكان شمال إسرائيل الذين نزحوا لمدة عام بسبب صواريخ حزب الله كأحد أهداف الحرب. وكان الجيش الإسرائيلي قد شن هجوما بريا محدودا على جنوب لبنان في بداية الشهر الجاري.
وكثف حزب الله من إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل في الأيام الأخيرة، بما في ذلك إطلاق أكثر من 100 صاروخ على حيفا يوم الثلاثاء.