الولايات المتحدة تبدأ إجلاء موظفي السفارات وقواعد الجيش في الشرق الأوسط مع انهيار المحادثات النووية مع إيران
قائد القيادة المركزية الأمريكية يؤجل شهادته أمام مجلس الشيوخ مع مغادرة موظفي السفارات غير الأساسيين وعائلات الجنود للمنطقة؛ وزير الدفاع الإيراني يهدد بضرب قواعد أمريكية وسط تعثر المحادثات

تقوم الولايات المتحدة بتقليص وجود الأشخاص غير الأساسيين في عملياتها في الشرق الأوسط بسبب احتمال وقوع اضطرابات إقليمية، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية والجيش الأمريكي يوم الأربعاء، مع تصاعد التوترات مع إيران المجاورة وسط تدهور المحادثات النووية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”: “الرئيس ترامب ملتزم بالحفاظ على سلامة الأمريكيين، سواء في الداخل أو الخارج. ووفقاً لهذا الالتزام، نقوم باستمرار بتقييم الوضع المناسب للموظفين في جميع سفاراتنا. وبناءً على أحدث تقييماتنا، قررنا تقليص حجم بعثتنا في العراق”.
وأكد ترامب لاحقا أنه يتم نقل بعض الموظفين الأمريكيين من الشرق الأوسط “لأنه قد يكون مكانا خطيرا”.
وقال للصحفيين قبل حضوره عرض “البؤساء” في مركز كينيدي في واشنطن: “سنرى ماذا سيحدث… لقد أبلغنا الجميع… لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي”.
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، قال مسؤولان أمريكيان لوكالة “أسوشيتد برس” إن وزارة الخارجية تستعد لإصدار أمر بمغادرة جميع الموظفين غير الأساسيين من السفارة الأمريكية في بغداد بسبب احتمال حدوث اضطرابات إقليمية.
كما سمحت الوزارة بمغادرة الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من البحرين والكويت، وأتاحت لهم خيار مغادرة البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، منح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث الإذن بالمغادرة الطوعية لأفراد عائلات العسكريين من مواقع عدة في الشرق الأوسط، بحسب مسؤول أمريكي. وقال مسؤول أمريكي آخر إن ذلك يتعلق بشكل أساسي بأفراد العائلات الموجودين في البحرين، حيث يتمركز معظمهم.
وقد تصاعدت التوترات في المنطقة خلال الأيام الأخيرة مع وصول المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامجها النووي المتسارع إلى طريق مسدود.

وفي ضوء تصاعد التوترات، أجل مايكل كوريلا، الذي يقود القوات الأمريكية في الشرق الأوسط بصفته رئيس القيادة المركزية الأمريكية، شهادته أمام المشرعين الأمريكيين والتي كان من المقرر أن يدلي بها يوم الخميس، وفق لمسؤولين اثنين.
وكان من المقرر أن يدلي كوريلا بشهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. ولم ترد القيادة المركزية الأمريكية فوراً على طلب للتعليق.
تهدف المحادثات إلى الحد من برنامج إيران النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية الإسلامية. وتصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي.
وكان من المقرر عقد الجولة السادسة من المحادثات في نهاية هذا الأسبوع في عمان، بحسب ما ذكره مسؤولان أمريكيان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة مسائل دبلوماسية. إلا أن المسؤولين قالا الأربعاء إن عقد المحادثات مستبعد بشكل متزايد.
مع ذلك، قال مسؤول أمريكي لاحقاً لوكالة “رويترز” إن المبعوث الخاص ستيف ويتكوف يعتزم لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عمان يوم الأحد ومناقشة رد إيران على الاقتراح الأمريكي الأخير بشأن الاتفاق النووي.
وقد سبق أن هدد ترامب باستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا فشلت المفاوضات، وقد عبر عن تشاؤمه حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق، قائلاً في بودكاست “بود فورس وان” التابع لصحيفة نيويورك بوست إنه “أصبح أقل ثقة أكثر فأكثر” بشأن التوصل إلى اتفاق.

وقال في المقابلة التي تم تسجيلها يوم الاثنين: “تراجعت ثقتي الآن عما كانت عليه قبل شهرين. حدث لهم شيء ما… وثقتي في إمكانية التوصل إلى اتفاق تراجعت كثيرا”.
من جانبه، قال نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس خلال تصريحاته يوم الأربعاء في مركز كينيدي إنه لا يعرف ما إذا كانت إيران تريد الحصول على سلاح نووي. إلا أن السيناتور الجمهوري توم كوتون من أركنساس قال إن هيغسيث “أكد يوم الأربعاء أن نظام إيران الإرهابي يعمل بنشاط على تطوير سلاح نووي”.
وأضاف كوتون، الذي يترأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: “من أجل أمننا القومي، وأمن حلفائنا، وملايين المدنيين في المنطقة، لا يمكن السماح بحدوث ذلك”.
ونشرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على مواقع التواصل الاجتماعي أن “التهديدات باستخدام القوة الساحقة لن تغير الحقائق”.
وكتبت البعثة: “إيران لا تسعى للحصول على سلاح نووي، والعسكرة الأمريكية لا تؤدي إلا إلى تغذية عدم الاستقرار”.
وقال وزير الدفاع الإيراني الجنرال عزيز نصير زاده للصحفيين يوم الأربعاء إنه يأمل أن تسفر المحادثات مع الولايات المتحدة عن نتائج، رغم أن طهران مستعدة للرد بضربات على القواعد الأمريكية في المنطقة.
وأضاف: “إذا فُرض علينا صراع، ستكون خسائر الخصم بالتأكيد أكثر من خسائرنا، وفي تلك الحالة، يجب على أمريكا أن تغادر المنطقة، لأن جميع قواعدها في متناولنا. لدينا القدرة على الوصول إليها، وسنستهدفها جميعاً في الدول المستضيفة بلا تردد”.

وفي مؤشر منفصل على تصاعد التوترات، أصدر مركز عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة، وهو جهد مقره الشرق الأوسط تشرف عليه البحرية البريطانية، تحذيراً للسفن في المنطقة يوم الأربعاء بأنه “تلقى معلومات حول تصاعد التوترات في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تصعيد النشاط العسكري الذي سيؤثر بشكل مباشر على البحارة”.
وحث على توخي الحذر في الخليج، وخليج عمان، ومضيق هرمز. ولم يذكر إيران تحديدا، رغم أن هذه الممرات المائية شهدت في السابق عمليات استيلاء وهجمات على السفن من قبل إيران.
ويمر عبر ممرات الملاحة المزدحمة في المنطقة جزء كبير من نفط العالم وسلع أساسية رئيسية مثل الحبوب.

وفي بيان منفصل الأربعاء، قالت شركة الأمن البحري البريطانية “أمبري” إن “السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل معرضة بشكل متزايد لخطر عمل عسكري انتقامي”.
وجاء في البيان: “الدعم الأمريكي الكبير للعمل الهجومي الإسرائيلي سيزيد من المخاطر على السفن الأمريكية والسفن التي تحمل بضائع أمريكية”.
وقال مصادر في قطاع الشحن والتأمين البحري إن هناك قلقاً متزايداً من امتداد أي عمل بين إسرائيل وخصمها اللدود إيران، خاصة في المياه المحيطة بالخليج والمناطق المجاورة.
وكانت إيران قد أطلقت العام الماضي مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، وردت إسرائيل بشن غارات جوية على أهداف داخل إيران.
وقال ياكوب لارسن، مدير السلامة والأمن في رابطة الشحن “بيمكو”: “أي هجوم له احتمال معين للتصعيد والتأثير على الشحن، بالإضافة إلى إقحام القوات العسكرية لدول أخرى تعمل في المنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة”.
وأضاف: “نزاع مسلح شامل بين إسرائيل/الولايات المتحدة وإيران سيؤدي بالتأكيد إلى إغلاق مضيق هرمز فعلياً على الأقل لفترة من الزمن ورفع أسعار النفط”.
وفي الوقت نفسه، كان مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يستعد للتصويت على قرار لتوبيخ إيران. وقد يؤدي ذلك إلى بدء جهود لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران عبر آلية في الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية، والذي لا يزال سارياً حتى أكتوبر. وكان ترامب قد انسحب من ذلك الاتفاق في ولايته الأولى.