الوزراء يفوضون نتنياهو وغالانت بإصدار أوامر بالرد على الضربة القاتلة في مجدل شمس
بحسب تقارير، ترك عناصر حزب الله مواقعهم في الوقت الذي يستعد فيه لبنان والمنطقة لرد متوقع في أعقاب الهجوم الصاروخي على ملعب لكرة القدم في مجدل شمس والذي أسفر عن مقتل 12 طفلا
فوض الوزراء الإسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوم الأحد لاتخاذ قرار بشأن “طريقة وتوقيت” الرد على ضربة صاروخية في مرتفعات الجولان أدت إلى مقتل 12 طفلا وفتى، والتي ألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم فيها على منظمة حزب الله اللبنانية.
ولقد تعهدت إسرائيل بالرد على حزب الله في لبنان، وضربت طائرات إسرائيلية أهدافا في جنوب لبنان خلال نهار الأحد، وذكرت تقارير أنها قصفت مواقع هناك يوم الإثنين بعيّد منتصف الليل، بينما يستعد لبنان لرد إسرائيلي متوقع ويسارع دبلوماسيون إلى منع الصراع من التفاقم.
أقام أبناء الطائفة الدرزية يوم الأحد جنازات لـ 11 من الأطفال والفتيان الـ 12 ضحايا الضربة على ملعب كرة القدم في بلدة مجدل شمس، وسط غضب وحزن على المأساة، التي وقعت على بعد خطوات من ملجأ، والتوترات المرتفعة بالفعل التي أشعلتها 10 أشهر من الهجمات الصاروخية شبه اليومية على شمال إسرائيل والضربات الانتقامية في جنوب لبنان.
اجتمع نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت مساء الأحد مع أعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) رفيع المستوى لمناقشة رد إسرائيل على الهجوم الذي وقع يوم السبت.
وفقا لمكتب رئيس الحكومة، وافق الوزراء خلال الاجتماع الذي استمر أربع ساعات على منح نتنياهو وغالانت سلطة اتخاذ القرار بشأن نطاق وتوقيت رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي القاتل الذي وقع في الجولان في اليوم السابق.
وامتنع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، كلاهما من اليمين المتطرف واللذان يدفعان إلى تشديد الإجراءات الانتقامية، عن التصويت، حسبما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
خلال الجلسة، مُنح جميع الوزراء الوقت الكافي للتحدث بعد أن اشتكى الكثيرون منهم بشأن الطريقة السريعة التي تم فيها المصادقة على الضربة على اليمن في الأسبوع الماضي، وفقا للصحيفة.
كما ناقش الوزراء المحادثات الجارية بشأن الرهائن مع حركة حماس، والتي من المتوقع أن تتأثر بالرد الإسرائيلي، لكن اجتماعا آخر حول هذه القضية لا يزال مخططا له، بحسب يديعوت.
يوم السبت، قال حزب الله إنه أطلق صاروخا من طراز “فلق” على قاعدة للجيش الإسرائيلي بالقرب من مجدل شمس، ولكن بعد ظهور التقارير عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين في مجدل شمس، غيرت المنظمة روايتها ونفت تورطها في الهجوم.
لكن إسرائيل قالت إن الصاروخ كان صاروخا إيراني الصنع وتم إطلاقه من جنوب لبنان، وألقت باللوم بشكل كامل على حزب الله المدعوم من إيران.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن “الصاروخ الذي قتل أولادنا وبناتنا كان صاروخا إيرانيا وحزب الله هو المنظمة الإرهابية الوحيدة التي تمتلكه في ترسانتها”.
بينما احتشد الآلاف من سكان مجدل شمس للمشاركة في جنازات 10 من بين الأطفال الاثني عشر ضحايا الهجوم الصاروخي يوم الأحد، نشر الجيش الإسرائيلي أدلة تظهر شظايا تم العثور عليها في ملعب كرة القدم تطابق صاروخ “فلق-1” إيراني الصنع، والذي يستخدمه حزب الله حصريا في لبنان.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن صاروخ “فلق-1” إيراني الصنع يحمل رأسا حربيا يزن 50 كيلوغراما، ويبلغ مداه 10 كيلومترات.
ونشر الجيش الإسرائيلي مسار تحليق الصاروخ الثقيل، مبينا أنه أُطلق من منطقة شبعا في جنوب لبنان.
وصل نتنياهو، الذي كان في زيارة إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماعات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، إلى إسرائيل ظهيرة يوم الأحد بعد تقديم موعد رحلة عودته في أعقاب الضربة القاتلة يوم السبت، واجتمع مع الكابينت لاتخاذ قرار بشأن رد إسرائيل على الهجوم.
كما عاد في وقت مبكر إلى إسرائيل رئيس الموساد دافيد برنياع، الذي كان في روما لإجراء محادثات لكنه حضر اجتماع الكابينت. وحضر الجلسة أيضا مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، وكبير موظفي نتنياهو تساحي برافرمان، ومدير جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتس هليفي وآخرون.
يوم الأحد، أشار مسؤولون وتقارير مختلفة إلى أنه من المتوقع أن تصادق الحكومة على رد كبير. وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة “هآرتس” إن رد حزب الله على مثل هذا الرد الانتقامي قد يحدد مدى التصعيد في منطقة الشمال.
وقال المسؤول، بعد وقت قصير من انعقاد الكابينت، “سيتعين علينا الانتظار لنرى”.
وقال دبلوماسيون غربيون للصحيفة العبرية إن جهودا كبيرة تُبذل لتجنب رد فعل إسرائيلي من شأنه إشعال حرب شاملة مع لبنان.
وقالت الولايات المتحدة إن واشنطن تجري مناقشات مع نظرائها الإسرائيليين واللبنانيين منذ الهجوم “المروع” يوم السبت وأنها تعمل على التوصل إلى حل دبلوماسي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن واشنطن لا تريد المزيد من التصعيد للصراع الذي يشهد مناوشات يومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على طول الحدود.
وقال بلينكن: “من المهم للغاية أن نساعد في نزع فتيل هذا الصراع، ليس فقط منعه من التصعيد، ومنع انتشاره، ولكن نزع فتيله لأن هناك الكثير من الناس في كلا البلدين، في كل من إسرائيل ولبنان، الذين نزحوا من منازلهم”.
كما ألقى البيت الأبيض باللوم على حزب الله في هجوم مجدل شمس، وقال في بيان: “لقد نفذ هذا الهجوم حزب الله اللبناني. الصاروخ كان صاروخهم، ولقد أُطلق من منطقة يسيطرون عليها”.
وقالت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، من خلال مستشارها للأمن القومي إن “دعمها لأمن إسرائيل صارم”.
كما أعربت بريطانيا عن قلقها إزاء المزيد من التصعيد بينما قالت مصر إن الهجوم قد يمتد “إلى حرب إقليمية شاملة”.
وعلى الأرض، تجمع الآلاف للمشاركة في جنازات ضحايا هجوم مجدل شمس في القرية الواقعة في مرتفعات الجولان.
يشكل أتباع الطائفة الدرزية، التي ترتبط بالإسلام والمسيحية واليهودية، أكثر من نصف سكان مرتفعات الجولان البالغ عددهم 40 ألف نسمة. وتجمعت حشود كبيرة من المعزين، ارتدى الكثيرون منهم أغطية الرأس الدرزية التقليدية البيضاء والحمراء، حول النعوش أثناء حملها عبر القرية.
وقال رئيس المجلس المحلي مجدل شمس، دولان أبو صالح، في تصريحات بثها التلفزيون الإسرائيلي “مأساة ثقيلة، يوم أسود جاء إلى مجدل شمس”.
وبدا أن الجانبين يتجنبان التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة قد تجر إلى الصراع قوى أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران، لكن ضربة يوم السبت هددت بتحويل المواجهة إلى مرحلة أكثر خطورة. وحث مسؤولون من الأمم المتحدة الجانبين على ضبط النفس إلى أقصى حد، محذرين من أن التصعيد قد “يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها”.
وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب لوكالة “رويترز” إن لبنان طلب من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس. وقال بو حبيب إن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة اللبنانية نقل رسالة إلى حزب الله لإظهار ضبط النفس أيضا.
وقال مصدران أمنيان في لبنان لرويترز إن حزب الله في حالة تأهب قصوى وقد أخلى بعض المواقع الرئيسية في جنوب لبنان ووادي البقاع الشرقي في حالة وقوع هجوم إسرائيلي.
يتمتع حزب الله بحضور قوي في وادي البقاع بشرق لبنان، والذي يحد سوريا، وفي جنوب لبنان، حيث يهاجم البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود بشكل شبه يومي، بدعوى دعمه لغزة وسط الحرب الجارية هناك.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن جماعات مؤيدة لإيران ومقاتلين تابعين لحزب الله “أخلوا مواقعهم” جنوب العاصمة السورية وفي ريف دمشق يوم الأحد، وكذلك في أجزاء تسيطر عليها سوريا في هضبة الجولان، تحسبا لـ “غارات إسرائيلية محتملة”.
وفقا للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، والذي يعتمد على شبكة من المصادر على الأرض، كان حزب الله قد أخلى بالفعل مواقعه في سوريا في أوائل يونيو بعد غارات إسرائيلية.
وقالت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية إنها أرجأت وصول بعض الرحلات من مساء الأحد إلى صباح الاثنين، دون أن توضح السبب. ثم أرجأت لاحقا المزيد من الرحلات القادمة إلى بيروت والمنطلقة من هناك، قائلة إن التحركات جاءت “لأسباب تقنية تتعلق بتوزيع مخاطر التأمين على الطائرات بين لبنان ووجهات أخرى”.
ولقد تعرض مطار رفيق الحريري في بيروت، المنشأة الدولية الوحيدة في لبنان، للقصف في وقت مبكر من الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت لقناة “الجديد” المحلية: “لا معلومات تفيد بضربة تستهدف المطار ولا خوف من ذلك”.
يوم الأحد، قال الوزير السابق في كابينت الحرب بيني غانتس، رئيس حزب “الوحدة الوطنية” الوسطي المعارض، إنه يتعين على إسرائيل الرد على هجوم مجدل شمس بشكل مكثف، مؤكدا أن هذا قد يشمل “ضرب لبنان بقوة وتمزيقه أيضا”.
متحدثا لأخبار القناة 12، أضاف غانتس: “جيش الدفاع جاهز.أفترض أن هذا ما سنراه”.
منذ 8 أكتوبر، هاجمت قوات بقيادة حماس بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية على طول الحدود بشكل شبه يومي، حيث تقول المنظمة إنها تفعل ذلك لدعم غزة وسط الحرب الدائرة هناك.
حتى الآن، أسفرت المناوشات عن مقتل 24 مدنيا على الجانب الإسرائيلي، ومقتل 18 جنديا إسرائيليا. كما وقعت عدة هجمات من سوريا دون وقوع إصابات.
وأعلن حزب الله مقتل 381 من عناصره على يد إسرائيل خلال المناوشات المستمرة، معظمهم في لبنان ولكن بعضهم في سوريا أيضا. في لبنان، قُتل 68 مسلحا آخر من جماعات مسلحة أخرى، وجندي لبناني، والعشرات من المدنيين.
ساهم في هذا التقرير لازار بيرمان وإيمانويل فابيان