النيابة العامة تنشر تفنيدا نادرا لـ”المعلومات المضللة” المتعلقة بقضية تسريب وثائق استخباراتية من مكتب رئيس الوزراء
هذا ليس "تسريبا" عاديا لوسائل الإعلام، كما تقول النيابة العامة في وثيقة أصدرتها بعد أن أن أكد رئيس الوزراء وأنصاره على وجود تنفيذ انتقائي، وتنديدهم باحتجاز المتهمين وانتقادهم للتهم
في خطوة غير عادية للغاية، نشر مكتب المدعي العام للدولة يوم الجمعة دحضا للادعاءات التي تفيد بأنه ينفذ القانون بشكل انتقائي من خلال التهم الخطيرة التي وجهها إلى المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجندي احتياط لم يُذكر اسمه في الجيش الإسرائيلي، فيما يتعلق بتسريب وثيقة مسروقة وسرية لصحيفة “بيلد” الألمانية.
في وثيقة أسئلة وأجوبة من ثلاث صفحات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، قال مكتب المدعي العام إنه ينشر معلومات أكثر مما ظهر في لائحة الاتهام التي وجهت يوم الخميس إلى مساعد نتنياهو إيلي فيلدشتاين، ردا على “الأسئلة والادعاءات في وسائل الإعلام والخطاب العام بشأن قضية فيلدشتاين، فضلا عن المعلومات المضللة المنتشرة التي يروج لها أصحاب المصالح الخاصة”.
فيلدشتاين متهم بتسريب الوثيقة، التي سرقها المتهم الآخر من قاعدة بيانات للجيش الإسرائيلي، في محاولة للتأثير على الرأي العام ضد صفقة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة. ووجهت إليه تهمة نقل معلومات سرية بقصد الإضرار بالدولة، وهي تهمة يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، فضلا عن حيازة معلومات سرية بشكل غير قانوني وعرقلة العدالة.
المتهم الآخر، وهو ضابط صف احتياطي في الجيش الإسرائيلي لم يتم الكشف عن اسمه، اتُهم بنقل معلومات سرية، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات، بالإضافة إلى السرقة من قبل شخص مخول وعرقلة العدالة.
ويتم احتجاز المتهمين منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، دون إمكانية التواصل مع مستشار قانوني في جزء من هذا الوقت، مما أثار غضب مكتب رئيس الوزراء الذي قال في بيان أصدره في الأسبوع الماضي، “في بلد ديمقراطي، لا يتم احتجاز الناس لمدة 20 يوما في قبو بسبب تسريب بينما يتم منعهم من مقابلة محام لأيام متتالية، فقط من أجل انتزاع ادعاءات كاذبة منهم ضد رئيس الوزراء”.
وقد أشاد حلفاء نتنياهو بالمشتبه بهما باعتبارهما كاشفي فساد حاولا تنبيه رئيس الوزراء إلى محتوى الوثيقة وغيرها من الوثائق التي يُزعم أن الضابط الذي لم يُكشف عن هويته أخرجها بشكل غير قانوني من الجيش الإسرائيلي، وهاجموا النيابة العامة متهمين اياها بالانخراط في “حملة مطاردة ساحرات” ضد رئيس الوزراء.
وقالت تالي غوتليف، وهي مشرعة من حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو والتي حضرت جلسة المحكمة في تل أبيب التي تم فيها توجيه الاتهامات إلى المشتبه بهما، على منصة “اكس”، إن حذف اسم في لائحة الاتهام يظهر أن النيابة العامة تخفي هوية ضابط مخابرات أدت خيانته، كما زعمت دون دليل، إلى هجوم حماس الذي أشعل فتيل الحرب.
وقد زعمت غوتليف في الماضي، دون دليل، أن هناك علاقات بين حماس والمحتجين المناهضين للحكومة قبل الهجوم، الذي اقتحم خلاله آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل وقتلوا نحو 1200 شخص واحتجزوا 251 آخرين كرهائن.
وفي وثيقة الأسئلة والأجوبة، قالت النيابة العامة إن التنقيح الذي أشارت إليه غوتليف في لائحة الاتهام المنشورة لم يكن يشير إلى “شخص أو منظمة، بل إلى جهة فاعلة أجنبية”.
ومن بين الادعاءات الأخرى التي سعت الوثيقة إلى دحضها: أن المدعي العام للدولة ينفذ القانون بشكل انتقائي من خلال التحقيق في التسريب من مكتب رئيس الوزراء، في حين لم يتم التحقيق في “تسريبات إجرامية فظيعة أخرى، تلحق ضررا هائلا بإسرائيل”، كما زعم نتنياهو؛ وأن فيلدشتاين يخضع للتحقيق “من قبل الشاباك كما لو كان إرهابيا” وليس من قبل الشرطة؛ وأن التسريب الذي قام به كان بسيطا ويهدف إلى حماية إسرائيل، على عكس التهمة بأنه كان ينوي المساس بالدولة.
وفيما يلي بعض المقتطفات من وثيقة النيابة العامة:
“لماذا التحقيق في هذا التسريب بينما لم يتم التحقيق في تسريبات أخرى؟”
تقول النيابة العامة إن “هذا ليس تسريبا عاديا لوسائل الإعلام”. يواجه فيلدشتاين والمشتبه به الثاني، وهو ضابط صف، “اتهاما بإنشاء قناة مباشرة تتجاوز النظام العسكري المسؤول عن فحص المعلومات ونقلها إلى المستوى السياسي، دون أن يكون أي منهما مخولا بذلك”.
وأضافت النيابة العامة “لا يمكن لشعبة الاستخبارات أن تقبل وضعا يتم فيه إخراج معلومات استخباراتية بالغة السرية والحساسية من النظام دون الإشراف على المكان الذي تصل إليه. لقد تم الحصول على المعلومات المنشورة في صحيفة بيلد من خلال أداة استخباراتية سرية. وقد قرر مسؤولون أمنيون أن الكشف عن وجود هذه الأداة وقدراتها وكيفية استخدامها من شأنه أن يلحق ضررا خطيرا بمصالح إسرائيل الأمنية، وخاصة في جمع المعلومات الاستخبارية وحماية مصادر الاستخبارات التي تنقذ الأرواح”.
“صحافيون يقولون إن تجاوز الرقابة من خلال نشر المعلومات في وسائل الإعلام الأجنبية ممارسة شائعة”.
تقول النيابة العامة “إذا كانت مثل هذه الممارسة موجودة، فهي بلا شك غير مقبولة. وفي كل الأحوال، يتم فحص كل حالة على حدة. وفي هذه الحالة، حظرت الرقابة العسكرية نشر المعلومات تماما، حتى بعد نشرها في وسائل الإعلام الأجنبية، مما يشير إلى حساسيتها العالية للغاية”. (غالبا ما تسمح الرقابة لوسائل الإعلام المحلية بالاقتباس من التقارير الأجنبية حتى عندما لا تستطيع هي نفسها نشر المعلومات).
“لماذا خضع فيلدشتاين للاستجواب من قبل جهاز الأمن العام (الشاباك) وكأنه إرهابي وليس من قبل الشرطة؟”
حسب النيابة العامة “عادة ما يتم إجراء التحقيقات في الجرائم التي تضر بأمن الدولة بشكل مشترك من قبل الشاباك والشرطة. الشاباك مسؤول عن الجانب الأمني من التحقيق. ولا يتم احتجاز فيلدشتاين في ’زنزانات الشاباك’. وبمجرد انتهاء استجوابه من قبل الشاباك، تم احتجازه في منشأة تابعة لمصلحة السجون”.
“لماذا يتهم فيلدشتاين بالتعمد في المساس بأمن الدولة؟ فهو يعتقد أنه كان يتصرف لصالح الدولة وليس ضدها”.
تقول النيابة العامة “أولا، نشر فيلدشتاين المعلومات السرية ليس لصالح الدولة بل للتأثير على الخطاب الإعلامي. ومع ذلك، فإن نواياه ليست الأساس للتهم الموجهة إليه.
“ينص قانون العقوبات على مبدأ ’إمكانية التوقع’. وفي الجرائم التي تتطلب نية المتهم التسبب في ضرر، ينص المبدأ على أنه إذا توقع الفرد على وجه اليقين أن أفعاله ستؤدي إلى المساس بأمن الدولة، فيمكن إدانته، حتى لو لم يكن يقصد النتيجة أو إذا لم يحدث ذلك بالفعل.
“بعبارة أخرى، فإن الدافع وراء تصرفات فيلدشتاين غير ذي صلة. ما يهم هو أن فيلدشتاين كان يجب أن يتوقع العواقب المحتملة لأفعاله. إن إدراكه أن الرقابة العسكرية حظرت نشر المعلومات يثبت أنه كان يدرك احتمال المساس بأمن الدولة”.
فيلدشتاين هو المشتبه به الرئيسي في القضية. وقد اتُهم بنقل معلومات سرية بقصد المساس بالدولة، وهي التهمة التي يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، فضلا عن حيازة معلومات سرية بشكل غير قانوني وعرقلة العدالة.
اشتكى المحامي الذي يمثل فيلدشتاين في مقتطفات من مقابلة تلفزيونية تم بثها يوم الجمعة من أن مكتب رئيس الوزراء تخلى عن موكله.
وقال المحامي عوديد سافوري للقناة 12، في تعليقات مقتطفة من مقابلة سيتم بثها بالكامل يوم السبت: “لم يتصرف إيلي فيلدشتاين نيابة عن نفسه. لقد قدم خدمات استشارية في مكتب رئيس الوزراء”.
وتابع سافوري: “إذا كانت هناك ادعاءات، فيجب توجيهها إلى مكتب رئيس الوزراء. مكتب رئيس الوزراء هو الذي تصرف هنا. لقد تصرف عن طريق فيلدشتاين. واليوم تُرك فيلدشتاين وحده”.
وجهت اتهامات إلى مشتبه به ثان في القضية، وهو ضابط صف احتياطي في الجيش الإسرائيلي لم يتم الكشف عن اسمه، يوم الخميس بنقل معلومات سرية، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة سبع سنوات، بالإضافة إلى السرقة من قبل شخص مخول وعرقلة العدالة.
نتنياهو نفسه ليس مشتبها به في القضية.
وبحسب أخبار القناة 13، فإن ممثلي الادعاء يدرسون أيضا توجيه اتهامات إلى يوناتان أوريخ، وهو متحدث آخر باسم نتنياهو استجوبته الشرطة بشأن قضية الوثائق الأمنية.
وقال مسؤول كبير في النيابة العامة للشبكة: “لا يوجد سبب لعدم توجيه التهم إليه”.
ويُشتبه في أن أوريخ ساعد فيلدشتاين في إرسال الوثيقة السرية إلى سروليك إينهورن، وهو مستشار حملات كبير سابق في حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو ويقيم في الخارج، والذي سلمها بدوره إلى صحيفة بيلد. وتقول لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين إنه بعد نشر المقال، كتب إليه أوريخ “الرئيس مسرور”، في إشارة واضحة إلى نتنياهو، الذي قام أوريخ بإطلاعه ظاهريا.
ساهم في هذا التقرير جيريمي شارون