النفط ميدان آخر للأزمة بين السعودية وإيران
قد تزيد الازمة بين القوتين الاقليميتين من الضغوط على اسعار النفط لكي تتدنى اكثر عبر عدم توصلهما الى اتفاق على خفض الإنتاج
أ ف ب – تشحذ السعودية أسلحتها قبل عودة إيران الى السوق النفطية مصممة على عدم التنازل امام خصم يحتدم معه التوتر في وقت بلغت اسعار الخام مستويات متدنية.
ورغم أن أسعار النفط ارتفعت لفترة وجيزة خشية تراجع الإمدادات إثر تصاعد حدة التوتر بين الرياض وطهران على خلفية اعدام رجل دين شيعي السبت، إلا انها عاودت الإنحفاض مع تغيير رأي المستثمرين.
وقال ابيشيك ديشبندي المحلل لدى ناتيكسيس ان “التوتر الحالي بين السعودية وإيران يمكن ان يشكل اضافة كبيرة الى المخاطر الجيوسياسية ولكن فقط في حال تصاعد العداوة بين الخصمين النفطيين إلى حد تعطيل الامدادات في المنطقة”.
ومع ذلك، فان ايران والسعودية، اللتين تنتجان على التوالي 2,8 و10,4 ملايين برميل يوميا ستحرصان على عدم تعكير صفو تدفق “الذهب الأسود” الذي يشكل قسما كبيرا من مدخولهما، بحسب قوله.
ويعرب معظم المحللين عن اعتقادهم بان الازمة بين القوتين الإقليميتين قد تزيد من الضغوط على اسعار النفط لكي تتدنى اكثر بالفعل، وذلك عبر عدم توصلهما الى اتفاق على خفض الإنتاج ضمن اطار منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك).
وبلغ سعر برميل برنت المرجعي في سوق لندن الأربعاء اقل من 35 دولارا، للمرة الأولى منذ شباط/فبراير 2009.
وقال ديفيد هافتن، المحلل في شركة “بي في ام” ان “تدهور العلاقات بين ايران والسعودية يخفض الى صفر فرص التعاون حول الإنتاج ويجعل من المعركة الشرسة في الأسواق أمرا مؤكدا”.
حرب أسعار
وقد أعلنت السعودية بالفعل حرب اسعار إثر عدم ارتياحها لإحتفاظ الأعضاء الآخرين في أوبك بحصص الانتاج عند مستواها الحالي، فقررت اليوم خفض اسعار نفطها المباع لأوروبا بهدف قطع الطريق أمام المنافسين سواء إيران أو روسيا على السواء.
والواقع أن القارة العجوز كانت تشكل السوق التقليدية لإيران قبل العام 2012 حين تم فرض العقوبات الدولية على الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي. كما انها السوق الأقرب لموسكو، العدو الآخر للرياض والتي بلغ انتاجها رقما قياسيا عام 2015 مع 10,7 ملايين برميل يوميا كمتوسط.
وأضاف ديشبندي، أن “السعودية ستفعل كل ما يلزم لحماية حصتها في السوق وقررت اتباع سياسة عدم خفض الانتاج في الاجتماع الاخير لاوبك (في كانون الأول/ديسمبر). وستبقى ايران وروسيا هدفيها الرئيسيين”.
بدوره، قال كريستوفر ديمبك المحلل لدى ساكسو بنك “من المنطقي ان تسعى السعودية الى ترك اقل مجال ممكن لعودة محتملة للنفط الايراني. ويعود قرار تغيير سياسة اسعارها جزئيا بالتأكيد الى أشهر عدة لأنه كان من المتوقع زيادة الصادرات الايرانية في وقت مبكر من هذا العام”.
ويعتقد بعض المحللين، مع ذلك، ان القفزة المتوقعة العام الحالي في الصادرات الايرانية بسبب رفع العقوبات الغربية، يمكن ان تتعرض للخطر وقد ينعكس ذلك ليونة في الخطاب الايراني بعدما اتسم بنبرة حادة حتى الان.
وفي حين كررت ايران في الأشهر الأخيرة انها لا تقبل الحد من انتاجها بشكل مطلق، رغم انخفاض اسعار النفط الخام، تبدو الآن اكثر استعدادا لقبول زيادة بشكل تدريجي لاحتواء الضغوط على الاسعار، كما كان لمح مؤخرا رئيس شركة النفط الوطنية الايرانية.
وتابع هافتن، “أن كان ذلك عائدا لكون إيران لا تريد (حرب أسعار) كما تدعي أو أنها تعترف بأن زيادة انتاجها سيكون أبطأ مما كان متوقعا في السابق، فإن الأمر متروك لكل جهة لتبت الأمر”.
وقد توقعت طهران زيادة انتاجها بحجم 500 الف برميل يوميا فور رفع العقوبات عنها، على أن يزيد الرقم ليصبح مليون برميل يوميا.