المستشارة القضائية: ليس تحذيرا، بل واقع – تسارع وتيرة تغيير النظام تحت غطاء الحرب
بهاراف-ميارا تُعلن خلال مؤتمر نقابة المحامين أن تغييرات الحكم باتت ملموسة، وتنضم إلى رئيس المحكمة العليا في تسليط الضوء على تقويض استقلالية القضاء

حذرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا يوم الإثنين من أن الحكومة تنفذ بسرعة تغييرات جذرية في نظام الحكم تُشكل “تغييراً للنظام”، بينما ينشغل الرأي العام بالحرب في غزة، لتنضم بذلك إلى رئيس المحكمة العليا في التحذير من الهجمات على استقلالية القضاء.
تصريحات بهاراف-ميارا ورئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت خلال مؤتمر نقابة المحامين السنوي في مدينة إيلات سلطت الضوء مجددا على انهيار العلاقات بين الحكومة والجهات القضائية العليا في الدولة. ورد وزير العدل ياريف ليفين بالادعاء بأن “السيادة” تتعرض لهجوم، وزعم أن عميت في تضارب مصالح.
وخلال كلمتها أمام المؤتمر، اتهمت بهاراف-ميارا الحكومة بدفع تغييرات بعيدة المدى في نظام الحكم الإسرائيلي بهدوء، بما في ذلك تشريعات تم تمريرها مؤخراً تعزز من نفوذ السياسيين في عملية تعيين القضاة.
وقالت: “تحت غطاء الحرب وانشغال انتباه الجمهور، تسارع تغيير نظام [الحكم] بشكل كبير”، مشيرة إلى أن “الاستخفاف بالقانون والتحدي الصريح له يحدث وبات ملموسًا”.
وأضافت: “هذا ليس تحذيراً مما قد يحدث مستقبلاً، بل صورة لواقع قائم. شكل نظام الحكم في إسرائيل يتغير أمام أعيننا بوتيرة سريعة”.
وانتقد كل من بهاراف-ميارا وعميت الذي تحدث قبلها على وجه الخصوص التشريع الذي تم تمريره في مارس، والذي غيّر تركيبة لجنة اختيار القضاة بشكل يقلّص من تأثير القضاة الحاليين لصالح السياسيين.
وقالت بهاراف-ميارا إن “تقليص قيمة المعايير المهنية وجعل الاعتبارات السياسية هي الحاسمة في اختيار القضاة سيغيّر من صورة إسرائيل كديمقراطية ذات جهاز قضائي مستقل – وربما بشكل لا رجعة فيه”، محذّرة من أن القضاة الساعين للترقية قد يصبحون خاضعين للمصالح السياسية.
وربط عميت هذا التشريع بالأجندة الأوسع للحكومة الهادفة إلى تغيير النظام القضائي، مؤكدا أن “محاولة تقويض مبدأ استقلالية القضاء لن تنجح”.

وأضاف أن “النسيج الديمقراطي” في إسرائيل يفتقر إلى آليات توازن مثل الدستور أو مجلس تشريعي مزدوج لضبط السلطات الحكومية.
وقال: “من دون استقلالية قضائية، سيتوقف القضاء عن كونه عاملاً موازنًا لباقي السلطات، وقد يتحول إلى أداة في أيديها”.
ورد ليفين باتهام عميت بانتهاك قواعد تضارب المصالح من خلال مشاركته في المؤتمر أثناء نظره في التماس ضد قانون خفض رسوم العضوية في النقابة.
وكان عميت قد انتقد مرارا رفض ليفين عقد جلسة للجنة اختيار القضاة.
وقال رئيس المحكمة العليا يوم الإثنين إن المحاكم مثقلة بالقضايا وتحتاج إلى تعيين ما لا يقل عن 50 قاضيا وقاضية لمعالجة القضايا المتراكمة، متهماً وزير العدل ياريف ليفين بمواصلة التقاعس في عقد لجنة اختيار القضاة، ومؤكدا أنه “لا يوجد أي مبرر” لذلك.
وقال عميت إن “امتناع وزير العدل عن عقد اللجنة يزيد من أزمة التراكم في المحاكم، ويضر أولا وأساسا بالجمهور الإسرائيلي”.
“ظل قاتم” يخيم على ترشيح رئيس الشاباك الجديد
ويواصل ليفين الدفع نحو إقالة بهاراف-ميارا، التي انتقدت علناً بعض أجزاء خطة الحكومة لإصلاح النظام القضائي، وتتهما الحكومة بعدم التعاون مع سياساتها.
وقالت المستشارة القضائية للمؤتمر إن الخلافات العالقة مع الحكومة كانت نادرة، وإن المزاعم بأنها لا تتعاون مع القيادة السياسية “منفصلة عن الواقع”، بينما دافعت عن معارضتها لبعض خطوات الحكومة.
وأضافت: “واجبنا المهني في مساعدة الحكومة على تنفيذ سياساتها لا يُلغي مسؤوليتنا في التأكد من قانونية أفعالها”.
ومع ذلك، انتقدت بهاراف-ميارا ترشيح اللواء دافيد زيني لرئاسة الشاباك، مشيرة إلى أنها كانت قد نصحت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سابقا بعدم إقالة الرئيس المنتهية ولايته رونين بار لأسباب تتعلق بالإجراءات ومخاوف من تضارب مصالح.

وقالت إن “مشاكل في إجراءات الترشيح، وبالتأكيد المخاوف من تأثير جهات خارجية، تُلقي بظل قاتم على مسألة ثقة الجمهور”.
كما انتقدت المستشارة القضائية قرار وزير الدفاع يسرائيل كاتس بمنع المدعية العسكرية العامة اللواء ييفعات تومر-يروشالمي من المشاركة في المؤتمر.
وقالت: “صوتها مهم. لا أحد مؤهل أكثر منها في دحض الادعاءات ضد إسرائيل في المحافل الدولية”.

وكان كاتس قد ادعى أن “تسييس” المؤتمر يحظر مشاركة تومر يروشالمي، مثيرًا انتقادات من الجيش الإسرائيلي ورئيس نقابة المحامين عميت بيخر.
وفي مؤتمر النقابة عام 2024، كشفت تومر-يروشالمي فتح نحو 70 تحقيقا بحق جنود في الجيش الإسرائيلي على خلفية عملياتهم في قطاع غزة خلال الحرب الجارية.
وبحسب قوانين المحكمة الجنائية الدولية، لا يُفتتح تحقيق دولي في جرائم حرب إلا إذا امتنعت الدولة المعنية عن التحقيق داخلياً في الانتهاكات المزعومة.