المستشارة القضائية تدعو لتجنيد جميع الحريديم في الخدمة العسكرية بدءا من صيف هذا العام
مكتب المستشارة القضائية يقول إن تجنيد طلاب المعاهد الدينية "ضرورة أمنية أساسية" ويدعو إلى تعزيز الإنفاذ وفرض عقوبات مشددة ضد المتهربين

دعت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا يوم الثلاثاء الجيش الإسرائيلي إلى البدء في إرسال أوامر التجنيد لجميع الحريديم في سن الخدمة العسكرية، مع بدء دورة التجنيد التالية في يوليو، واصفة تجنيد طلاب المعاهد الدينية بأنه “ضرورة أمنية أساسية”.
وقال مكتب المستشارة إن أمر المحكمة العليا في أبريل، الذي طالب الحكومة بتفسير تقاعسها عن فرض أوامر التجنيد، يُعد “إشارة تحذيرية”، مؤكدا أن عدد المجندين من الحريديم حاليا “بعيد كل البعد عن تلبية احتياجات الجيش”.
وفي وثيقة تلخص اجتماعا عُقد مؤخرا مع مسؤولين عسكريين ومدنيين، شدد مكتب المستشارة على أنه طالما لم يُسن قانون جديد ينظم وضع طلاب المعاهد الدينية، “فمن الناحية القانونية، تُلزم الدولة بتطبيق قانون التجنيد القائم بشكل متساو وموحد على جميع المواطنين”.
في هذا السياق، رحبت بهاراف-ميارا بتعليمات رئيس الأركان الفريق إيال زمير الأخيرة إلى مديرية القوى البشرية في الجيش “لزيادة عدد أوامر التجنيد المرسلة للحريديم بشكل كبير وتعزيز إنفاذ القانون ضد المتهربين بشكل عام”.
ومن بين حوالي 19 ألف حريدي تلقوا أوامر تجنيد أولية منذ يوليو 2024، التحق فعليا فقط نحو 319 فردا، بينما تلقى 2521 متهربا أوامر استدعاء فوري تلزمهم بالحضور إلى مركز التجنيد خلال 48 ساعة أو اعتبارهم متهربين رسميين.
وقد تم إعلان 964 منهم كـ”متهربين”، وهو عدد يتوقع مكتب المستشارة أن يرتفع بشكل كبير في الأسابيع المقبلة.

وتشمل العواقب المفروضة على من يُعلن عنهم كمتهربين إصدار “أمر منع سفر” يحظر مغادرتهم البلاد، وإمكانية توقيفهم عند أي مواجهة مع الشرطة.
وفيما تختلف الفترة الزمنية بين أوامر الاستدعاء الرسمية، دعا مكتب المستشارة إلى تقصير مهلة التهرب الضرورية للإعلان عن التهرب الرسمي.
وبحسب الوثيقة، التحق حوالي ألفيّ جندي حريدي بالجيش حتى نهاية أبريل، ومن المتوقع أن يلتحق ما بين 2500-2700 جندي آخر حتى نهاية دورة التجنيد الحالية، وهو عدد أقل بكثير من هدف الجيش البالغ 4800.
ومن المتوقع أيضا إرسال 5100 أمر استدعاء إضافي قبل نهاية الدورة الحالية.
خلال جلسة للجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الأسبوع الماضي، قال العميد شاي طيّب، رئيس قسم التخطيط وإدارة القوى البشرية في الجيش، إن لدى الجيش ثلاث آليات رئيسية للإنفاذ: توقيف الأشخاص في مطار بن غوريون، تفتيشات عشوائية من قبل الشرطة، وعمليات مخصصة ضد المتهربين.
وأوضح أن هذه العمليات كانت محدودة خلال العام ونصف الماضيين، بسبب انشغال الشرطة العسكرية باحتجاز أسرى أمنيين فلسطينيين.
وقد أقر مسؤولون عسكريون بأن الجيش لم ينفذ فعليًا أوامر التجنيد الصادرة للحريديم.
وقال مسؤول للصحفيين هذا الأسبوع: “نحن لا ننفذ أوامر التجنيد للحريديم بالشكل الكافي، هناك شبه غياب تام للإنفاذ”.

وأضاف المسؤول: “نحن لا نريد أن تجتاح كتائب الشرطة العسكرية بني براك أو موديعين عيليت أو بيتار عيليت”، في إشارة إلى ثلاث مدن حريدية كبرى. “نريد زيادة الإنفاذ، لكن الأمر صعب علينا”.
رغم ذلك، أكد الجيش يوم الثلاثاء أنه بدأ حملة “روتينية” للشرطة العسكرية لاعتقال من تجاهلوا أوامر التجنيد، ما أثار تهديدات من الحريديم بإسقاط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي تواجه بالفعل ضغوطات سياسية.
لكن هذا قد لا يكون كافيا، بحسب مكتب المستشارة، الذي دعا الحكومة إلى استنفاد “أدوات الإنفاذ المتاحة”، مع التأكيد على “ضرورة تعبئة شاملة للوزارات الحكومية من أجل إطلاق، عبر قرارات حكومية وإدارية، حوافز جديدة، إيجابية وسلبية، تشجع على التجنيد”.
وفي وقت سابق من هذا العام، ناشدت بهاراف-ميارا ونائبها غيل ليمون وزيرَ الدفاع يسرائيل كاتس لتطبيق عقوبات على المتهربين، مؤكدين أن فرض العقوبات الفردية لا يتطلب تشريعا جديدا بل يقع ضمن صلاحيات الحكومة.
وجاءت رسالة باهراف-ميارا إلى كاتس بعد اجتماع مع مسؤولين حكوميين حول القضية، حيث أكد ممثلو المؤسسة الأمنية ووزارة المالية ووزارة العدل أن العقوبات الفردية على المتهربين من الخدمة — بما في ذلك سحب الامتيازات وتشديد العقوبات الإدارية والاقتصادية — تُعد ضرورية لزيادة معدلات التجنيد في الجيش.
في رسالة إلى المستشار القانوني لوزارة الدفاع في مارس، أشار ليمون إلى أن الوزارات المختلفة اقترحت عقوبات تشمل إلغاء الدعم في مجالات السكن والأعمال وخصومات ضريبية.
لكن قال مكتب المستشارة إن وزير الدفاع لم يرد على الرسالة حتى اليوم.
وقال نائب رئيس الكنيست يفغيني سوفا (يسرائيل بيتينو) لتايمز أوف إسرائيل إنه بموجب القوانين القائمة، يمكن حظر إصدار رخص القيادة وجوازات السفر وبطاقات الهوية للمتهربين من الخدمة.
وأضاف: “يمكن القيام بذلك اليوم، لكن الدولة لا تفعل ذلك. لكن لا يمكنك أن تواصل حياتك بشكل طبيعي وتستفيد من خدمات الدولة دون تسوية هذا الملف”.
وأشارت الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي عيديت شفران غيتلمان إلى أن هذه العقوبات لم تُطبق فعليًا بشكل شامل، ليس فقط على الحريديم، بل على جميع المتهربين من الخدمة.
في حديث مع تايمز أوف إسرائيل مساء الثلاثاء، قال العقيد (احتياط) ران كوهين روخفيرغر، المستشار القضائي العسكري السابق للجيش الإسرائيلي، إن إجراءات الإنفاذ التي حددها مكتب المستشارة القضائية تُعد “التقدم الأهم منذ تقديم الالتماس إلى المحكمة العليا بشأن تجنيد طلاب المعاهد الدينية”.
وأضاف إن الخلاصة هي أن “هناك حاجة ملحة لتكثيف كبير في الإنفاذ”، متفقا مع ما وصفه بانتقادات باهراف-ميارا لـ”الطريقة غير الكافية التي تعامل بها الجيش والسلطات الأخرى حتى الآن مع المتهربين من مجتمع المعاهد الدينية”.
وتأتي تصريحات روخفيرغر بعد أسبوع من ادعائه في تقرير أعده لصالح منظمة “إسرائيل حرة” بأن الجيش شدد بشكل كبير العقوبات على الفرار من الخدمة بين الجنود النظاميين والاحتياط منذ نوفمبر 2023 وحتى أبريل الماضي، دون أن يرافق ذلك تغيير مماثل في التداعيات القانونية ضد المتهربين من التجنيد.
ساهم إيمانويل فابيان في إعداد هذا التقرير